لطالما كان الإنسان صاحب عزيمة وإصرار، ويضع نصب عينيه هدفا محددا يتمنى تحقيقه، فإنه حتما سيذلل كل العقبات ويطوع كل شيء حوله لخدمته ويجعله طريقا للوصول إلى الهدف المنشود. وفي هذا السياق، كان إبراهيم صلاح صاحب ال28 عاما، ابن مركز ملوي بمحافظة المنيا، الذي شق طريقه في ناحية مختلفة وجديدة وهي فن النحت وعمل المجسمات من الخردة. و«الشروق» تواصلت مع إبراهيم ليروي لنا التفاصيل الكاملة عن عمل المجسمات من الخردة، نرصد ذلك في السطور التالية. وبدأ إبراهيم قائلا: "هذا العمل الفني له بصمه مع أغلب الفئات العمرية المختلفة، من كرتون وأفلام، ولذلك تواصلت معي إدارة مول في الإسكندرية، وأخبرني أنه محب لأفكار المجسمات التي أقوم بعملها، وهي عبارة عن فكر إعادة التدوير وتحويلها لعمل فني، وطلبت إدارة المول أن نتعاون في تنفيذ عمل فني مميز ومختلف من نوعه، واخترنا أن يكون في جزء عن الإسكندرية". وتابع صلاح: "فكرة أن أنفذ عمل من خردة السيارات لشخصية المتحولون المشهورة لتاكسي الإسكندرية واشتغلت عليه بكل مجهودي من حبي للفكرة وشغفي في ظهور أعمالي في كل محافظة في مصر بميزة وعمل مميز". وأضاف صلاح: "استغرقت وقتا قياسيا جدا حوالي 28 يوما بمعدل 10 ساعات كل يوم، بجمع القطع وانتقل من مكان لآخر، وارسم النسب والأبعاد، واقطع الخامات، كما أني اتعرضت لبعض الإصابات أثناء العمل، ومن الممكن أن تكون سببا في وقف الشغل فترات كبيرة". واستكمل صلاح: "سعدت كثيرا بعدما نال المجسم الأخير شخصية «المتحولون» إعجاب الكثيرين من مختلف الفئات العمرية، من حيث الفكرة والعمل والتصوير، على عكس أعمالي السابقة، ولذلك قررت أن أقوم بعمل مجسم في كل محافظة في مصر، ليكون نموذجا يروج للمحافظة بشكل مختلف ومناسب". ويقول صلاح: "مهنتي هي النحت على خامات الأسمنت والجبس في نحت مجسمات وصخور صناعية وجداريات حوائط، وهي موهبة وهواية أمتلكها منذ الصغر، ونميتها بالممارسة والمتابعة على الانترنت، كذلك بدراسات حرة فنون جميلة نظام كورسات، ولكن لظروف الماديات انقطعت عن الدراسة". وأشار صلاح، إلى أنه يمارس النحت كمهنة أساسية منذ 6 سنوات، قائلا: "اشتغلت في أماكن كثيرة، وكنت أذهب لزيارة الأماكن الأثرية والمتاحف، لكي أدقق في الأعمال المنحوتة وأكتسب رؤية المنحوتات المصرية القديمة". وأكمل: "في بعض الفترات يكون شغل النحت غير مطلوب بشكل كبير، فقررت أضيف لهوايتي أعمال فنيه أقدر أبيعها بحيث أكمل في نفس المجال ولا أتركه، وانجذبت لشغل إعادة تدوير المعادن الصلبة مثل المواسير الحديد ونفذت منها أشكال". وأوضح أنه ومع المتابعة ظهر له فن الخردة الحديد، ونال إعجابه لأنه من النحت الصعب، مضيفا أنه بحث عنه ووجد أعمال لكبار الفنانين في مصر كبار، ومن هنا قرر تنفيذه وإضافته إلى موهبته، وبدأ بأول عمل فني وهو قط المصريين القدماء باستيت ارتفاع 6 أمتار ووزن نص طن من الخردة الحديد وجمعه من التروس واستغرق تصميمه 30 يوما". وذكر صلاح، أنه بعد هذه العمل لم يتوقف وقرر أن تكون أعماله عن الحضارة المصرية القديمة؛ لأنها حضارة عظيمة وحبيت أضم أعمالي الحاضر مع الماضي وبمستوى عالٍ. كما نفذت عمل للملكة كليوباترا ونفذت رقم جديد ارتفاع 6 أمتار ونص، للإله حورس، وهو أكبر تمثال لعام 2021 أخذ وقت 40 يوما، وزنه وصل 550 كيلو، وكان صعب جدا كحجم وخامة؛ لأن الصاج القديم والأجزاء المتبقية من الورش الخاصة بالحدادة كنت أذهب يوميا إلى الورش، لتشتري البواقي من الصاج وكان عالٍ التكلفة. وتابع: "كان الصاج من الصعب توافره كل يوم، فكنت انتظر يوم أو يومين باتفاق مع أصحاب الورش، وأعاود رحلة البحث مره أخري، علاوة على الأسئلة التي كانت تتطرح عن سبب أخذ هذه الأجزاء، فكنت أجد البعض يرحب بالفكرة والبعض الآخر يرى أنها شئ لا فائدة منه وإهدار للمجهود والأموال". وواصل: "أتمنى أن تكون هذه الأعمال لها مكان يليق بها، وأسعى لتحويل مكاني البسيط إلى متحف لفن الخرده الحديد، خاص بالحضارة المصرية القديمة، تضم تماثيل بأحجام كبيرة ومميزه لتظهر للناس". واختتم إبراهيم صلاح قائلا إن النحات المصري يستطيع أن يطوع أي خامه مهما كانت من قبح إلى جمال ومن مخلفات لكنز له دور مفيد وسعر كبير.