حار نهارًا ومعتدل ليلًا.. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس الأربعاء 8 أكتوبر 2025    عاجل - محاولة اغتيال رئيس الإكوادور    مواعيد مباريات اليوم في تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم 2026 والقنوات الناقلة    عاجل - ترتيب مجموعة منتخب مصر قبل مواجهة جيبوتى فى تصفيات كأس العالم    أسعار الحديد في الشرقية اليوم الأربعاء 8102025    مواقيت الصلاة في الشرقية اليوم الأربعاء 8102025    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 8-10-2025 في بني سويف    في اليوم العالمي للفتاة.. كوبتك أورفانز تحتفي بفتياتها المُلهمات    هل يجوز اتخاذ إجراءات تأديبية ضد عضو مجلس النواب العامل في الدولة؟    سعر الموز والتفاح والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم الأربعاء 8 أكتوبر 2025    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الجديد.. أسعار الذهب اليوم الأربعاء بالصاغة محليًا وعالميًا    رسميًا بعد الهبوط الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأربعاء 8 أكتوبر 2025    الخريطة الكاملة لأماكن ومواعيد قطع الكهرباء عن محافظة الدقهلية «اعرف منطقتك»    تفاؤل إسرائيلي حذر بشأن محادثات شرم الشيخ وسط تخوّف من موقف حماس    أوكرانيا تقر بفشل «باتريوت» في التصدي للصواريخ الروسية    مشاهد مروعة، انهيار أرضي يبتلع حافلة ركاب في الهند ويسفر عن مصرع 18 شخصا    أوقاف المنيا تعقد 45 ندوة علمية ضمن برنامج المنبر الثابت    بشرى للمعلمين 2025.. موعد صرف حافز 1000 جنيه الجديد بعد اجتماع الرئيس    «خيار مناسب».. ميدو يعلق على اقتراب ثورب من تدريب الأهلي    منتخب مصر المشارك في كأس العرب يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة المغرب وديًا    36 عضو فقط حضروا اجتماع الجمعية العمومية لنادي المنيا    «صحح مفاهيمك» تنشر الوعي وتتصدى للظواهر السلبية بالمنوفية    «الداخلية» تكشف ملابسات فيديو تعدي شخص على طفل بالضرب في القليوبية    درجات أعمال السنة والتقييمات الأسبوعية في المرحلة الثانوية 2025-2026.. تفاصيل كاملة    مباحث أسوان تكثف جهودها لكشف ملابسات مقتل أم وابنتها داخل منزلهن    الجهات الامنية تكشف لغز العثور على جثة طفل متغيب في مقابر الكرنك بقنا    بسبب مشاجرة بالأسلحة النارية.. توقف قطار في دشنا بقنا    باسم يوسف: بحس إني في مكان مش بتاعي.. أنا الراجل الغلط في المكان الغلط    «تعابين متعرفش تمسكها».. 3 أبراج بارعة في الكذب    عطل مفاجئ في أحد الأجهزة.. حظك اليوم برج الدلو 8 أكتوبر    افتتاح أول نادي للفتيات بالرزيقات قبلي بالأقصر.. خطوة جديدة نحو تمكين المرأة في الصعيد    مستقبل وطن يدفع بعدد 5 مرشحين على المقاعد الفردية بالمنوفية    الشيخ أحمد عمر هاشم.. حياة حافلة بالعلم والمواقف ورؤية مباركة للنبي صلى الله عليه وسلم    مخاطر انخفاض حمض المعدة وطرق العلاج    لمنع احتراق البقايا والحفاظ على طعم المأكولات.. خطوات تنظيف الفرن بلا مجهود    الأكثر العادات الغذائية ضررًا.. كيف يفتك هذا المشروب بصحتك؟    حكاية ضريح مسجد سيدي عمر الإفلاقي في دمنهور بالبحيرة (صور)    رئيس الوزراء: مشروع تلال الفسطاط في مراحله النهائية وسيكون أكبر حديقة عامة على مستوى الشرق الأوسط    فيريرا يخطر أجانب الزمالك بموعد الانتظام في التدريبات تجنبا للعقوبات    الأسهم الأمريكية تتراجع بعد سبع جلسات من المكاسب والذهب يتجاوز 4000 دولار للأوقية    حررت 21 محضرا.. مديرة مدرسة بالبحيرة: طليق بنتي ضربني وسح لني وعايزة حقي (فيديو)    مقتل شخصين وفقدان آخرين إثر انهيار مبنى وسط العاصمة الإسبانية    وزير داخلية الأردن وسوريا يبحثان آفاق التعاون الثنائي بين البلدين    وزير البترول يكشف تفاصيل الزيادة المقبلة في أسعار الوقود    "هزم السرطان".. سائق بالبحيرة باكيًا: ربنا نجاني بدعوات الأهالي وقررت أوصل المواطنين أسبوع بالمجان (فيديو)    محمد عز: فوز الأهلي 2009 على بيراميدز جاء عن جدارة واستحقاق    اللوتري الأمريكي 2027.. خطوات التقديم الصحيحة والشروط الكاملة    د. عمرو عبد المنعم يكتب: الإخوان والمزايدة الرخيصة على حماس    صراع ثلاثي على صدارة هدافي الدوري الإيطالي قبل التوقف الدولي    هاتف Realmi K9 Pro.. نقلة جديدة بتقنيات تتحدى الكبار    حفل إطلاق النسخ المترجمة لكتابى أحمد أبو الغيط «شهادتي» و«شاهد على الحرب والسلام»    حكايات يرويها - سامح قاسم: النصر في عيون السينما والأدب والفن التشكيلي    وجبات عشاء صحية في لمح البصر.. حضّرها في 10 دقائق فقط    "لهذا السبب "انقطاع مفاجئ للمياه عن مدينة أسيوط مساء اليوم    المؤلفان زاك بايلين وكيت سوسمان يكشفان ل"اليوم السابع" كواليس مسلسل Black Rabbit    مواقيت الصلاة فى أسيوط غدا الأربعاء 8102025    حركة حماس: المسعى الإسرائيلي الحصول على الرهائن ثم استئناف الحرب    بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم: أحمد عمر هاشم خدم كتاب الله وساند المسابقة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«ميتافيرس» تستلهم إبداع توفيق الدقن
نشر في الشروق الجديد يوم 24 - 01 - 2022

نحو مدى أعمق فى غياهب العالم الموازى،وصوب مرتقى أعلى فى آفاق الفضاء الافتراضى، يأبى الخيال المُلهِم إلا استدراج إنسان هذا الزمان. فقبل أن يطوى سجلاته، أتحفنا العام المنصرم بواحدة من أكثر مستحدثاته عجبا. تلك المنبعثة من تجليات الاقتصاد الجديد للعوالم الافتراضية، Virtual Economy، والقائمة على تسويق السلع والخدمات افتراضيا، استنادا على تقنية سلاسل الكتل. فنتيجة لما بلغته البشرية من تطور تقنى ومعلوماتى،وما أدركته من تحول رقمى، سيغدو بمقدور المرء الاتجار بالأراضى والعقارات الافتراضية، عبر الشبكة العنكبوتية، بوصفها رموز غير قابلة للاسترداد. ومن داخل منصات «ميتافيرس»، أو المساحات الافتراضية التشاركية؛ وعبر خاصية NonFungible Token، أو «الرمز غير القابل للاستبدال»(NFT)، سيتسنى للإنسانية محاكاة الممارسات الواقعية من خلال التجارب الافتراضية.
على وقع تحول شركة «فيس بوك» إلى «ميتافيرس»، شخصت أبصار العالم تلقاء اقتصاد العقارات الافتراضية؛ تلكم المساحة ثلاثية الأبعاد على الإنترنت، التى يتسنى للمستخدمين خلالها ممارسة حياة افتراضية كاملة. وترتكز التجربة الوليدة وغير المسبوقة،على حزمة من المرتكزات التقنية؛ أبرزها: أجهزة الواقعين الافتراضى والمُعزز، التى يعتمد عليها المستخدم فى تنفيذ تجربته «الميتافيرسية». إضافة إلى وجود اتصال مستقر وقوى عبر شبكة الإنترنت. فضلا عن توفر تكنولوجيا ووسائط البرمجيات، والجرافيكس، والأنظمة، التى تسمح للمستخدم بمحاكاة الموقف، أو النشاط، الذى ينتوى ممارسته أو التعرض له. علاوة على إتاحة حيز ملائم على الشبكة العنكبوتية، ليكون بمثابة الميدان الافتراضى، الذى يتم على صعيده بناء النظم والبرمجيات والعناصر،التى سيستخدمها الأفراد لمحاكاة تجاربهم داخل فضاء «الميتافيرس». فيما هو إلى حجز مساحة عبر خدمات الحوسبة السحابية، أقرب.
من بين عديد منصات تتصدى لتقديم خدمات تجارة العقارات الافتراضية، برأسها تطل منصة Decentraland، التى تسمح للمتسوقين بالدخول إلى موقعها، وزيارة الأصعدة والأبنية، والتجول، والتعرف على أشخاص رمزيين، واختيار قطعة أرض افتراضية مقسمة إلى أجزاء محددة المساحة. فهنالك، يتم استخدام تقنيات «البلوك تشين» لبيع الأراضى والعقارات، على شكل رموز غير قابلة للاستبدال، كنوع من الأصول المشفرة. وبعدما تقوم الشركة الافتراضية ببناء مقرها الافتراضى، ومن ثم تحديده بالعنوان، والمكان، والموقع، بما يهيئ الأجواء لاستقبال العملاء، يجرى تخصيص أماكن لالتئام اجتماعات العمل، من خلال «الميتافيرس» داخل إحدى القاعات الافتراضية المجهزة. فبمجرد أن تقوم الشركة بشراء قطعة أرض افتراضية عبر إحدى المنصات، يتولى فريق التصميم والتطوير الخاص بها بناء مقرها الافتراضى، بمختلف محتوياته، فوق هذه الأرض. وعبر تكنولوجيا وأدوات الواقعين الافتراضى والمُعزز، يتقاطر الموظفون أو العملاء فى الدخول إلى هذا المبنى، ثم يرتدون النظارات الافتراضية، ويباشرون التجول فى ربوعه، لممارسة جميع المهام والخدمات التى يبتغونها. ولإتمام عملية البيع، يجرى الدفع عبر عملة «الإيثيريوم» المُشفرة التى تستند إلى خاصية (NFT)؛ وهى بمنزلة عقد غير قابل للاستبدال، يتم تسجيله من خلال نظام «البلوك تشين»، الذى يضمن الملكية لصاحب الأرض. وبمجرد أن يسدد المستخدم قيمة الأرض لمنصة البيع بعملة «الإيثيريوم»، تغدو الأرض ملكية مسجلة لصالحه، وبناء عليه، يحق له الشروع فى استغلالها بالطريقة التى يرتضيها.
فى وسع تلك المنصة أن تتيح للمستخدم مشاهدة موقع القطعة التى يود شراءها. كما يمكنها السماح له بالتعرف على المواقع المحيطة بها، وكذا جيرانه من المستثمرين الآخرين الذين امتلكوا أراضى بجوار قطعته الافتراضية، إضافة إلى الخدمات والمرافق القريبة منها. علاوة على المناطق الأكثر جذبا للزائرين وراغبى الشراء، نظرا لمواقعها المميزة، وقربها من المراكز الحيوية، بما يرفع من قيمتها السعرية، مثلما هو الحال فى سوق العقارات الحقيقية. وعادة ما يتم تقويم ثمن الأرض الافتراضية، التى سيتم شراؤها، بناءً على مساحتها، وموقعها، ومدى قربها من المناطق الاستراتيجية وذات الكثافة المرورية العالية. فضلا عن مدى شهرة المنصة، أو اللعبة التى سيتم شراء قطعة الأرض فى ثناياها، أو من خلالها.
لاقت تجارة العقارات الافتراضية إقبالا لافتا من المطورين العقاريين حول العالم. فلطالما هرعت شركات كبرى إلى تخصيص ملايين الدولارات لشراء أراضٍ افتراضية، طمعا فى اغتنام إيرادات سنوية تناهز تريليون دولار. وقبل عدة أشهر، كشفت تقارير إعلامية غربية عن تخطى حصيلة بيع عقارات وأراض داخل العالم الافتراضى، عبر منصة « Decentraland»، مئات الملايين من الدولارات. حيث ناهز سعر المتر المربع الواحد بها فى بعض الأحيان، أربعة آلاف دولار. وقد وصف المؤسس المشارك لمؤسسة The Sandbox، سيباستيان بورجيت، النشاط التجارى داخل العوالم الافتراضية، بأنه «دولة جديدة تتشكل»، وتوقع أن يتجاوز حجم الاقتصاد القائم على NFT، نظيره بالعالم الواقعى، فى غضون عقد من الزمن. بدوره، ارتأى، أناند فينكيتسوارن، مدير صندوق «ميتابورص»، والمعروف افتراضيا باسم «تووبادور»، أن الأراضى الافتراضية هى الوسيلة الأنجع والأسرع لجنى المكاسب، عبر طرائق شتى. وفى السياق ذاته، يؤكد رئيس قسم المجتمع والفعاليات بمؤسسة Decentraland، صمويل هاميلتون، أن بعض مستثمرى الأراضى الافتراضية الأوائل، الذين كان لهم السبق بالشراء فى وقت مبكر، يبيعون الآن للشركات بأسعار فلكية، ومن ثم يحققون أرباحا طائلة. ورغم الإشادات المتوالية بعمليات تجارة العقارات الافتراضية، لا يفتأ، بن نولان، مؤسس العالم الافتراضى المسمى Cryptovoxels، يحذر من احتمالات انفجار ما أسماه «فقاعة الأصول غير القابلة للاستبدال» برمتها، وانهيار قيمتها كلية، فى مدى ليس بالقصير.
غير بعيد عن عالم الخيال الملهم، تخبرنا ذاكرتنا الدرامية الثرية بأن «ميتافيرس»، لم تكن المنتزعة لقصب السبق فى تأسيس شركة افتراضية، أو بالأحرى وهمية، عبر الإنترنت، لتجارة الأراضى فى الفضاء. فقبل ستة عقود خلت، سبقها إلى تلك الفانتازيا الاقتصادية، ولو من دون تقنيات الواقع الافتراضى المعزز، ثعلب الدراما المصرية والعربية، الفنان القدير توفيق الدقن. فعبر خيال سردى درامى، مبهر وملهم فى آن، غازلت ألباب متابعى السينما المصرية فكرة مشابهة، طرحها أبو السعود الإبيارى، عام 1963، من خلال رائعته السينمائية الروائية الخالدة «المجانين فى نعيم». ذلك الفيلم الذى أخرجه، المتألق حسن الصيفى عام 1963، وشارك فى نسج حواره المبهر، لوسيان لاميير، فيما تصدر بطولته نجم الكوميديا الراحل إسماعيل يس، بمشاركة الدنجوان، رشدى أباظة، ورهط من نجوم زمن الفن الجميل.
ففى تلك التحفة الميلودرامية المتميزة، الأقرب إلى الكوميديا السوداء، والتى تجاوزت سرديتها الحوارية تقاليد عصرها الدرامى، بتحليقها فى آفاق الخيال الملهم، أدى العبقرى الراحل توفيق الدقن، شخصية «كمال»، صاحب شركة «الفضاء الخارجى». ذلكم المخادع، الذى كان يمارس النصب على الناس، من خلال شركته السوريالية، التى عكفت على الترويج لإمكانية ابتياع راغبى الاستثمار ذى العائد الضخم السريع، مساحات خالية من الأراضى فى الفضاء، جاهزة لأغراض البناء عليها، فى العالم البعيد. وكأننا بصناع الفيلم، لاسيما مبدعنا، بعيد النظر، توفيق الدقن، الذى دأب على تعظيم أدواره الثانوية المحدودة، عبر تحريرها من ربقة التهميش والنمطية المقولبة، وتطعيمها بابتكاراته الفذة من الأفكار اللامعة، وترصيعها بالإفيهات الجذابة والنادرة، وقد استشرفوا ما سيئول إليه عالم اليوم، من مستحدثات «ميتافيرس» فيما يخص المعاملات الاقتصادية الافتراضية. فلعل فى تناولهم لتلك الفكرة المجنونة، قبل ستين عاما مضت، ولو من خلال الفانتازيا الدرامية، ما يدعو إلى اعتبار الدقن والذين معه، مبُشرين بها، أو، إن شئت، مُلهمين لمبتدعيها الميتافيرسيين فى أيامنا هذه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.