الاستهلاك السريع للأخبار.. والكثيف للأغانى والأفلام والصور.. التعارف والتواصل عبر النقل والشكر المتبادلين.. البحث عن البروز الشخصى وبعض السلطة.. هذه هى خلطة وقود الكثير من المنتديات العامة، والمساحات الأكثر شعبية على الشبكة العنكبوتية. قبيل منتصف عام 2009 وفى إحدى الكافيهات الحديثة فى مدينة طنطا، نظم أحمد مصطفى الطالب بكلية التجارة حفلا لمجموعة كبيرة من أصدقائه. الحفل كان بمناسبة تجاوز عدد أعضاء المنتدى الذى أسسه أحمد المليون عضو. تورتة كبيرة مرسوم عليها شعار منتدى «أصحاب كول» ومكتوبا عليها الاسم المستعار لأحمد (Mr.Having Fun)، التف حولها هو وأصدقاؤه والتقطوا الصور ثم أجهزوا عليها. فى عام 2004 عندما أسس أحمد المنتدى كان عمره يتجاوز السادسة عشرة بقليل. بعد سنتين بدأ نجم المنتدى يعلو وتأتيه بعض الإعلانات، والآن تجاوزت عضويته المليون و115 ألف عضو ليحتل المركز 41 بين المواقع التى يزورها المصريون وفق إحصاءات موقع ألكسا Alexa.com بداية يناير 2010 والمراكز الأربعون المتفوقة عليه تضم 24 موقعا عالميا مثل جوجل وياهو وفيس بوك وغيرها. المنتدى يلى مباشرة موقع جريدة الأهرام العريقة وينافس مواقع الصحف الخاصة الجديدة ويتفوق على معظمها، لا وجود لأى مدونة فى المراكز المتقدمة، مدونة «الوعى المصرى» ذات الشعبية الكبيرة تحتل المركز 2678، ورغم ذلك منتدى «أصحاب كول» ليس المنتدى الأول فى التصنيف، تسبقه ثلاثة منتديات أخرى. هذه المؤشرات المبدئية تقول إنه إذا شبهنا الإنترنت بمدينة واحدة كبيرة، فإن مواقع الشركات والمؤسسات هى تجمعات لبعض النخب لها حضور بين الملايين بواسطة سلطتها وقوتها، فى حين تشكل المدونات وبعض التطبيقات الاجتماعية التى يستخدمها الناشطون تجمعا لنخب أخرى مختلفة وإن كانت أوسع من سابقتها، ولكن المنتديات العامة هى التى تمثل فعلا «المساكن الشعبية» الأكثر ازدحاما ونشاطا. يتابع الإعلام المتخصص أخبار الشركات والمواقع الكبرى، وتتابع الصحافة الخاصة والمعارضة باهتمام شديد نشاط «النخبة الأخرى» على المدونات وتويتر ومجموعات الفيس بوك التى تناقش الشأن العام. ولكن المنتديات يصعب متابعتها، أولا لأن ما يحدث فيها يتميز بقدر من الكثافة والغزارة يكاد يقارب كثافة الأحداث اليومية فى الشارع، وثانيا لأن ما يحدث فيها يعبر عن «العادى» فى حياة معظم الناس وما يتداولونه من أخبار وأفكار، بشكل قد يكون محبطا لتصورات كل نخبة عن «الشعب» و«الجماهير»، تماما كما تعبر هذه النخب، كل واحدة بأسلوبها، عن قلقها من «عشوائية» الأحياء الشعبية فى رأيها مكانا وسلوكا. التكوين قبل أن يؤسس أحمد مصطفى المنتدى، قضى فترة تقترب من الثلاثة أعوام كما يقول منجذبا لعالم المنتديات والدردشة، وبدأ فى الاهتمام بتصميم المواقع، وما دفعه لتأسيس المنتدى هو الرغبة فى امتلاك موقع مشهور بغض النظر عن محتواه: «المنتدى مثل أى قناة تليفزيون تريد أن تشتهر وتجذب الإعلانات». هناك قوالب مجانية متاحة على الإنترنت للمنتديات العربية، يمكن لكل مستخدم أن يعدلها ويغير فى تصميمها لتلائم غرضه، ومعظم الشباب يستخدمون هذه القوالب وينشئون المنتديات بسهولة. وتشترك معظم المنتديات العامة على الإنترنت فى أنها تحتوى على أقسام نمطية معتادة تمثل الساحات الأساسية والاهتمامات الأكثر شعبية التى يريد مؤسس المنتدى أن يجذب المهتمين بها. أولا قسم عام للحوار أو للتعارف ثم القسم الإسلامى الذى قد يأتى أولا أحيانا وهناك أقسام تحميل الأغانى بأنواعها المختلفة ثم أقسام تحميل الأفلام والمسرحيات والمسلسلات ثم أقسام تحميل الصور المختلفة ثم قسم للشكاوى والاقتراحات. هذه الأقسام هى السمات الرئيسية للطراز المعمارى الأشهر للمساكن الشعبية على الإنترنت. مالك المنتدى ومؤسسه يحظى بالسلطة المطلقة فى إدارته مهما اتسعت العضوية، وهو يختار مشرفين على المنتدى وعلى الأقسام ويحدد صلاحياتهم، وهو الذى يضع قوانين المنتدى ولوائحه ومحاذيره ويحدد سقف الحرية ويقرر ما هو مقبول وما هو غير مقبول. تصميم شكل المنتدى فيه حس شعبى شبابى، بعيد عن الاحترافية فى أغلب الأحيان، يميل للألوان الفاتحة وأحيانا الفاقعة ومملوء بالإعلانات ذات الألوان الصارخة أو التى تضم أشكالا تتحرك بسرعة تجذب الانتباه. يعلق أحمد مصطفى على تشابه المنتديات: «شباب كثيرون يفتحون مواقع ومنتديات ويقلدون بعضهم. وبسبب الكثرة أصبح من الصعب أن تجنى مكاسب مادية، يجب أن تكون متميزا. ولذلك حرصت على أن يكون تصميم منتداى جاذبا وأن أضيف محتوى جديدا وروش، أن أتعاون مع مواقع أخرى وأتبادل الخبرات. كما حرصت على وجود أقسام جديدة تغطى كل المجالات التى تهم كل الناس». فى منتدى «أصحاب كول» بالفعل قسم لكل اهتمام يحظى بشعبية ما: أخبار الرياضة والمصارعة وصور السيارات وقسم الألعاب وتحميل البرامج مجانا وقسم تعلم مهارات القرصنة الإلكترونية «الهاكينج» وأقسام أخبار الفنانين وفضائحهم وقسم للحوار حول العلاقات العاطفية وأقسام لتبادل أفلام البلوتوث ونشر نصوص قصصية مختلفة. منقول ومشكور السمة العامة للنشاط فى المنتدى هو نقل المحتوى، سواء كان فيلما أو ألبوما غنائيا أو برنامجا أو خبرا أو صورة، ونشرة. الإضافات قليلة ومعظمها فى أقسام الحوار حول المشكلات العاطفية أو نشر القصص، ولكن فى هذه الأقسام أيضا هناك نقل من منتديات ومواقع أخرى. أصبح من تقاليد المنتديات الإشارة إلى ذلك بكلمة «منقول» وربما بغير إشارة إلى المصدر، لأن ذلك ربما يساهم فى الدعاية لمنتدى آخر منافس. بعد الانتشار الكبير للقوالب السهلة للمواقع والمدونات أصبحت الأخيرة أكثر جاذبية لمن لديه إنتاج جديد خاص به، ولكن تظل المنتديات سوقا لاستهلاك المواد المنقولة وبناء عالم من العلاقات حول هذا الاستهلاك. الردود التى تهنىء على الموضوع الجميل وتشكر وتحيى، لا النقاشات والجدل، هو الطابع الأكثر شيوعا فى المنتديات. أصبحت كلمة «مشكور» تقليدا آخر نمطيا بفعل التأثير الخليجى، الذى كان نشطا جدا فى المنتديات التى تكسر عزلة بعض المجتمعات المغلقة قبل أن تظهر الفضائيات. بين النقل والشكر يستمر نشاط شباب المنتديات لتخلل ذلك حوارات شخصية بينية تشهدها الساحات العامة أو الرسائل الخاصة.المشاركة النشطة هى طريق أيضا إلى التميز والبروز وبالتالى صورة شخصية أفضل وعلاقات أقوى. وفى معظم المنتديات تكون مكافأة ذلك ألقاب تخص العضو وتصفه بأنه عضو نشط أو ذهبى أو مميز أو تتم ترقيته من قبل مالك المنتدى إلى منصب مشرف ليمارس بعض السلطات على أقسام معينة، يقول أحمد مصطفى: «معظم الشباب يحب السلطة والريادة وأن يقال عنه إنه مشرف فى منتدى شهير مثل أصحاب كول. ولذلك أختار المشرفين من موضوعاتهم المميزة ونشاطهم البارز». ذلك يفسر لماذا يقوم الشباب بتكبد مشقة تسجيل بعض الأفلام من السينما بالمحمول أو نسخها من أسطوانات إلى الإنترنت ونقلها للمنتدى. بعض المنتديات أيضا تتبع سياسة تجعل بعض المواد المميزة حصريا للأعضاء المميزين ممن لهم نشاط وإضافات بقدر معين، وفى بعض المنتديات الخليجية يتم دفع مقابل مادى للاشتراك فى المنتدى الجماهيرى أو للتمتع بمحتويات أقسامه المميزة، التى تكون فى الغالب كلها منقولات من السينما أو التليفزيون أو مواد إباحية. ولكن فى النهاية هناك دائما حافز للنشاط فى النقل والشكر هو ما يجعل المنتديات مستمرة ولو بدون أى إضافات حقيقية من إنتاج أعضائها، كل عضو يريد جذب النظر إليه ويتمنى أن يحصل موضوعه على أكبر عدد من الردود. نادرا ما تكون الجدية هى الطريق إلى ذلك، البحث عن الغريب والطريف أحد أهم الطرق التى تحظى بشعبية كبيرة. يأتى بعد ذلك الفضائح أو الإيهام بها. يكتب أحمد مصطفى مؤسس المنتدى موضوعا عنوانه: «تقبل حبيبها فى الطريق.. فى الشارع بلا خجل»، وفى التفاصيل نجد صورة لزوج من الشمبانزى فى قبلة طريفة أمام جمهور، موضوع آخر: «فضيحة زوج وزوجته فى الحمام بالصور» وفى التفاصيل صورة لقط وقطة بملابس الحمام. هذا أو أن يكون الموضوع فضائحيا بالفعل. ينقل موضوعا وصورا ملتقطة من شاشة تليفزيون لفتاة مشاركة فى ستار أكاديمى بملابس اعتبرها ناقل الموضوع فاضحة. المشاركات كلها تسجل الشكر والإعجاب مع إدانة وشتم الفتاة صاحبة الصورة والقائمين على البرنامج مع التباكى على الأخلاق والدين فى هذا الزمان السىء! بسبب هذه الروح الفضائحية يظل معظم الأعضاء مستترين تحت أسماء مستعارة وصور رمزية، كما أن طريقة نقل المحتوى «الإباحى» لا تتم باعتباره ممتعا أو لذيذا، ولكنه ينقل تحت عنوان «فضيحة»، وربما يبرر الناقل نقله بكلمات صارخة ومعترضة على هذه المسخرة التى تحدث فى بلاد المسلمين! العناوين الفضائحية بجانب أسماء أحدث الأفلام والألبومات الغنائية لها أهمية استراتيجية فى المنتديات، لأن ما يجذب القادمين من محركات البحث الذين يتطلعون إلى الفيلم أو الألبوم الجديد أو إلى فضيحة سمع عنها أو يتمناها. ولهذا يحرص مؤسسو المنتديات على تطعيمها بهذا المحتوى أوحتى مجرد عناوين وهمية وخادعة. ولذلك من المهم دائما أن يتناثر اسم هيفاء وهبى بكم كبير فى كل منتدى عام يطمح فى أن يكون جماهيريا! ما يقال فى القسم الإسلامى يظل فى القسم الإسلامى، حتى لو كان المنتدى ذا طابع فضائحى، فإن وجود المنتدى الإسلامى فى أوله أصبح من قبيل البروتوكول المتعارف عليه. طبيعة القسم الإسلامى لا تختلف كثيرا عن غيره، معظمه منقول ومشكور، النقل هذه المرة لكتابات وصوتيات ومرئيات أشهر المشايخ من الشعراوى إلى الدعاة الجدد، مرورا بالدعاة السلفيين الأكثر تشددا. والباقى محاولات للوعظ المتبادل ورواية قصص مكررة عن الالتزام والتوبة. فى القسم الإسلامى فى أصحاب كول، يتغير شكل المنتدى تماما، فله تصميم مستقل، لأن التصميم الأساسى للمنتدى به صور شباب وبنات كول وهو ما لا يناسب قدسية هذا القسم. ولكن ظلت هناك بعض المشاكل، منها مشكلة التوقيع. يختار كل عضو فى المنتدى توقيعا يذيل كل موضوعاته أوتوماتيكيا. وعادة يحب الأعضاء وضع صور لنجومهم فى التوقيع مع كلمات أغانى يحبونها. ولذلك فلا يصح أن يضع عضو صورة لإليسا بفستان مكشوف مع كلمات أغنية «عايشالك» توقيعا له. ثم يشارك بمنقول أو مشكور فى القسم الإسلامى فيظهر توقيعه هناك. نجح مشرفو المنتدى فى وضع آلية ما توقف ظهور التوقيعات عند المشاركة فى هذا القسم. المشكلة الأخرى المتوقعة هى أن يعترض البعض داخل النقاشات الدينية على محتويات المنتدى الفضائحية الأخرى. ولذلك تحمل قائمة قوانين القسم الإسلامى تحذيرا صارما من أن القسم الإسلامى بالإضافة إلى أنه لا يجوز فيه انتقاد أى عالم دينى أوفتوى أو مناقشة أمر دينى متفق عليه، فإنه لا يجوز أيضا مناقشة سياسات إدارة المنتدى العام! يقول أحمد مصطفى عن هذا الأمر وهو يستشعر بعض الحرج: «يكون هناك أحيانا بعض المشكلات. ولكن أصحاب كول موقع ترفيهى لجميع المجالات. نحاول أن نرضى الجميع ولكن أيضا فى حدود الأدب». وضع القسم الإسلامى الموازى للمنتدى والمنفصل عنه وغير المتوائم ولا المتجانس معه، يشبه نمط التدين الشعبى الذى يسير بالتوازى مع الحياة وينتج أفكارا تدين معظم جوانبها، بينما ضرورات الحياة أو متعها تقتضى أن نبقى هذه الأفكار داخل إطار التدين ولحظاته الخاصة. وفى هذا الإطار، يمكنه أن يتبنى بلا قلق أكثر الأفكار تشددا باعتبارها الأصح والأفضل. وفى النهاية تبقى المساحة الدينية تحت حراسة «قانون طوارىء» لأن «السلطة» تراه قابلا للانفجار فى وجه باقى المجتمع إن خرج الدين وناقش «السياسات».. ولو كانت سياسة منتدى شبابى! سياسة الفتور وعدم الاكتراث تكتب «منى» مشرفة القسم السياسى موضوعا تقترح مناقشته خلال الأسبوع: تعديل الدستور ليتمكن البرادعى من الترشح لرئاسة الجمهورية، وسألت: «ما رأيكم؟». بخلاف الأعضاء المبرمجين الذين ردوا كما اعتادوا «جهد مشكور أختى» أو «تسلم إيدك» باحثين عن زيادة فى رصيد مشاركاتهم، فإن بعض التعليقات التى انتبهت إلى غرضها ردت منددة بترشيح البرادعى وتراوح منطقها: «ماذا يعرف هذا الرجل عن الحكم ومنصب رئيس الجمهورية؟» أو أنها ترى أنه «مالأ اليهود على حساب المسلمين فى وكالة الطاقة الذرية»! على خلاف الميل العام فى المدونات والمجموعات السياسية على الفيس بوك المتعاطف على الأقل مع حقه فى الترشيح، فإن الروح العامة الفاترة تجاه هذا الموضوع أو المنددة به فى هذا المنتدى قد تسبب الإحباط لمن يعتقد أن هناك تجاوبا «شعبيا» مع الفكرة بينما قد لا يعدو الأمر تحمس النخبة الأخرى الساخطة والمعارضة. قسم الأخبار السياسية هو القسم الوحيد الذى تجد فيه معظم الموضوعات بدون ردود. من فى النهاية الشاب الكول الذى سيدخل إلى منتدى أصحاب كول للنقاش فى السياسة؟ الفتور وعدم الاكتراث قد يختفيان ويظهر بعض النشاط فى الموضوعات التى تقترب من الدين وتكون فرصة جيدة لإظهار بعض الحماسة تجاه حماس أوضد اليهود، تعاطفا مع شهيدة الحجاب وإدانة لأى تصريح ضد الحجاب والنقاب. الاختلاف فى الرأى وسط الفتور المتراخى لا يسفر غالبا عن جدل محتدم أو نقاش. يسجل الطرفان آراءهم فى كلمات قليلة ولا ينفقان الكثير من الكلمات لتوضيح الرأى، يقفزان بسرعة إلى الشكر والتحيات. فى النهاية كل شىء منقول يجب أن يكون مشكورا وتستمر العلاقات والتواصل وهذا هو الهدف. المشاكل التى تحدث أحيانا كما يقول أحمد هى الخلافات الشخصية بين الأعضاء بسبب استخدام ألفاظ مهينة أوقاسية، أوبسبب تذمر البعض من سلطة المشرفين أوطريقتهم فى استخدامها. فى النهاية مالك المنتدى هو المرجع ومصدر السلطات ومن لا يعجبه ذلك يمكنه أن يصرخ فى قسم الشكاوى بلا مجيب أو أن يتلقى ردودا حاسمة من مشرف، فإما أن يرضى أو أن ينهى نشاطه فى المنتدى. الروح السلطوية التى تحكم إدارة معظم المنتديات لا تترك الخيار لأعضائها: إما أن تنصاع وتتحرك فى الحدود أو أن تخرج من اللعبة. الذين يرفضون هذا الشكل من السلطة فى السياسة تركوا المنتديات بكل أنواعها من زمن واتجهوا إلى المدونات أو إلى صفحاتهم على الفيس بوك للتعبير بحرية. وتظل المنتديات ساحة خالصة للكتلة الكبيرة الغامضة التى ترضى بدفء المجموع ولو كان «شلة افتراضية» وتذعن للقيود وتتحرك داخلها. الكتلة التى يتحدث الجميع عنها، يودون معرفتها ويشكون من سلوكها، يخطبون ودها ويعلقون عليها الأمل. ليست شبكة واحدة! اكتب اسم أى فيلم حديث أو ألبوم غنائى فى محرك بحث على الإنترنت، ستجد فى صدارة النتائج نسخا مقرصنة منها فى المنتديات ذات الشعبية الكبيرة. رغم أن ذلك يمثل نقمة كبيرة على المنتجين، إلا أنه يمثل خدمة كبرى لمعظم مستخدمى الإنترنت وربما يمثل لهم أهمية الإنترنت بشكل كامل. استطلاع رأى الشباب حول الإنترنت الذى أعده مركز المعلومات التابع لمجلس الوزراء فى 2008 يقول إن 68% من مستخدمى الإنترنت من الشباب يستخدمونه بشكل أساسى فى تحميل الأغانى والأفلام، بينما 39% فقط من الشباب سمعوا عن المدونات و23% ممن سمعوا عنها قرأوا أو علقوا على مدونة. فى تقرير «شبكة اجتماعية واحدة ذات رسالة خالدة» الصادر عن «الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان» نهاية 2009، لا ذكر للمنتديات ضمن أدوات النشطاء العرب التى تضم المدونات، تويتر، فيس بوك، يوتيوب وفليكر. ولا ذكر لدورها أوتأثيرها فى ساحة النشاط فى مصر إلا فى سياق اشتراكها فى الاحتجاج خلال أغسطس الماضى ردا على قرار وزارة الاتصالات بتطبيق سياسة الاستخدام العادل للإنترنت والذى يحدد حدا أقصى للتحميل. المنتديات وأصحابها وروادها هم الأكثر تضررا من هذه السياسة بسبب الحجم الكبير للأفلام والأغانى التى تمثل مادة جذبها الرئيسى، بينما يرى خبراء الاتصالات أن التحميل المجانى المقرصن لها وشيوعه وكثافته هو ما يسبب مشكلة تقنية لشبكة الإنترنت فى مصر.