«التفاؤل وحب الحياة والحنين إلى الوطن».. هكذا اشتهرت فلسفة الشاعر إيليا ابو ماضي، وهو شاعر عربي لبناني، لٌقب ب«شاعر المهجر»، ويعد من أهم شعراء المهجر في أوائل القرن العشرين، والذي تمر اليوم ذكرى وفاته، حيث توفى في مثل هذا اليوم عام 1957. ويعد إيليا من الشعراء المهجريين الذين تفرغوا للأدب والصحافة، وقد اشتهر بفلسفته التي تطغى عليها نزعة التفاؤل وحب الحياة والحنين إلى الوطن، ويلاحظ غلبة الاتجاه الإنساني على سائر أشعاره، ولاسيما الشعر الذي قاله في ظل الرابطة القلمية وتأثر فيه بمدرسة جبران. ♦ النشأة وُلد إيليا ضاهر أبو ماضي في قرية المحيدثية في المتن الشمالي اللبناني، حيث تلقى أول تعليمه، وسرعان ما ترك التعليم لفقر عائلته، حيث ترك مدرسته في سن الحادية عشر. هاجر إلى الإسكندرية عام 1900 طلبًا للعمل، وعمل هناك مع عمه الذي كان تاجرًا في بيع السجائر نهاراً، وكان يطالع الكتب ويتعلم النحو والإعراب ليلاً، ويقول في هذا الصدد: "وفي الإسكندرية تعاطيت بيع السجائر في النهار في متجر عمي، وفي الليل كنت أدرس النحو والصرف تارة على نفسي وتارة في بعض الكتاتيب". ♦ مسيرة ثرية بدأ مسيرته الشعرية بمجموعةٍ من القصائد المتفرقة، وقد أصدر ديوانه الأول "تذكار الماضي" في الإسكندرية عام 1911، وقد اعتاد نشر قصائده في بعض المجلات اللبنانية التي تصدر في مصر. التقى أنطون الجميل الذي كان قد أنشأ برفقة أمين تقي الدين مجلة "الزهور"، فأعجبا به وقررا دعمه، ونشر بعض قصائده في المجلة، ونتيجة لكتاباته السياسية اضطر إلى الهجرة إلى أمريكا، فهاجر برفقة مجموعة من الأدباء الآخرين من أبناء جيله إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية، وتمت تسميتهم بأدباء المهجر. في بداياته اعتمد أسلوب القصيدة العمودية والموضوعات التي شملتها أغلب قصائد سابقيه، إلّا أنه غير من نمطه بشكلٍ كبير بعد هجرته إلى الولاياتالمتحدة. انتقل إلى نيويورك في 1916، ورأس تحرير "المجلة العربية" ثم تركها ليسهم في تحرير مجلة الفتاة التي كان يصدرها شكري البخاش، ومنذ 1918 تحول بعد ذلك ليعمل في تحرير مجلة "مرآه الغرب" نجيب دياب وحتى 1928. ♦ الرابطة القلمية شارك ايليا أبو ماضي عام 1920 في تأسيس الرابطة القلمية، وهي عبارة عن جمعية أدبية قام مجموعة من الأدباء أمثال جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة ونسيب عريضة وإيليا أبو ماضي بإنشائها، وضمت مجموعة أخرى من ادباء المهجر اللبنانيين والسوريين. وقام أعضاء الرابطة بإصدار مجموعةٍ من المجلات وهي "مجلة الفنون" لنسيب عريضة، و"مجلة السائح" لعبد المسيح حداد، بالإضافة إلى "مجلة السمير" في بروكلين التي تولاها إيليا أبو ماضي والتي بدأت كمجلةٍ أسبوعية لتطرح بعدها بشكلٍ يومي. بوفاة جبران خليل جبران عام 1932 تم تفكيك الرابطة القلمية حيث كان جبران يشغل منصب عميد الرابطة. ♦ فلسفته اعتمد الشاعر ايليا أبو ماضي، على أن تكون فلسفته الشعرية تتسم باتفاؤل والواقعية،، وكان يجسد هذه الفلسفة القائمة على التفاؤل والتشبت بالحياة في خواطر وأشعار بهيجة، وظف فيها الخيال الإبداعي الجمالي في رسم الحياة الاجتماعية الواقعية. ♦ أهم الأعمال تفرغ إيليا أبو ماضي للأدب والصحافة، وقد تميز شعره بطبعة التفاؤل، فكان يسمو بكل شيء نحو الجمال، وكان من أشهر دواوينه: "الخمائل" و"تبر وتراب" والجداول" بالإضافة إلى "ديوان إيليا أبو ماضي". كما لا تخلو مجموعاته من بعض الكتب النثرية، وقد أصدر عدة دواوين رسمت اتجاهه الفلسفي والفكري أهمها: "تذكار الماضي"، "إيليا أبو ماضي"، "الخمائل"، "الجداول". أما قصائده فقد تميز العديد منها ولاقت نجاحًا مبهرًا نذكر منها: "فلسفة الحياة"، و"قصيدة المساء"، "الغابة المفقودة"، "ابتسم". ♦ تكريمات ونصب تذكارية منحته الحكومة اللبنانية وسامي الأرز ووسام الاستحقاق، كذلك أقيمت له في دمشق حفلات تكريم، ومنحه هاشم الأتاسي رئيس الجمهورية السورية وسام الاستحقاق الممتاز في 1949. تم إطلاق اسم الشاعر إيليا أبو ماضي على احد الشوارع في الأردن، كما تم إطلاق اسمه أيضا على أحد الشوارع بمدينة القاهرة الجديدة، مصر.