«وأنا مسافر للولايات المتحدة، كنت أخشى على سلامتى الشخصية والتمييز ضدى لأننى مسلم»، كما يقول سامى متولى، خريج الأزهر قسم دراسات إسلامية باللغة الإنجليزية، وهو يدرس الآن بكلية هارتفورد الدينية بولاية كونتيكيت. سامى، 36 سنة، كان يعمل فى مصر مترجما للكتب، وهو واحد من 4 طلاب فى برنامج «الدراسات الإسلامية» الذى تنظمه هيئة فولبرايت، ويستهدف إرسال باحثين من خريجى الأزهر لدراسة الإسلام فى الولاياتالمتحدةالأمريكية. فكرة المنحة قد تداولتها هيئة فولبرايت الأمريكية للتبادل الثقافى وجامعة الأزهر ووزارة التعليم العالى لسنوات، قبل أن تقرر فولبرايت تنفيذ الفكرة هذا العام. قدم سامى أوراقه للهيئة وخاض أكثر من مقابلة شخصية. «وجهوا لى أثناء المقابلات أسئلة كثيرة، عن رأيى فى قتل المرتد عن الإسلام، وجواز تعدد الزوجات فى الدول الغربية التى تمنع هذه الزيجات قانونا، وغيرها». وكان رد سامى أنه لا يرجح قتل المرتد، إلا فى حالات الخيانة العظمى أو محاولة نشر الردة فى المجتمع الإسلامى، وأنه يرى أن المسلم فى الغرب لا يجب أن يتزوج أكثر من واحدة فى بلد لا يبيح ذلك. خوف سامى تبدد بعد أن وصل إلى الولاياتالمتحدة. «هنا أناقش وأعبر عن رأيى بمنتهى الحرية»، حيث يتعلم فى كليته على يد أساتذة سنة وشيعة ومسيحيين ويهود. ولا يرى فى ذلك مشكلة لأن «الإسلام يحث على احترام أهل الديانات السماوية الأخرى». يشعر سامى بالرضا حين يصحح بعض الصور المسيئة للإسلام فى الغرب، «فمثلا أوضحت لإحدى مدرسات الإنجليزية أن منع ركوب المرأة للسيارة فى السعودية له علاقة بطبيعة المتجمع، وليس بالإسلام، فزوجتى فى مصر تقود سيارتها دون اعتراض». كان المفروض أن تبادر جامعة الأزهر وليس فولبرايت بتقديم هذه المنحة، فى رأى إيمان جمال، إحدى طالبات المنحة، وخريجة الشريعة الإسلامية قسم بنات جامعة الأزهر. سافرت إيمان إلى شيكاغو لتبدأ دراساتها الإسلامية، يصاحبها زوجها الذى بدأ يحضر رسالة ماجستير فى العلوم السياسية بجامعة شيكاغو. «فى شيكاغو لا يعاملنى أحد كأجنبية، فهنا اختلاط كبير بين الأجناس والثقافات بشكل من الصعب معه أن تميز الأمريكى من المهاجر». وربما كان ذلك الاختلاط والتجانس الثقافى هو السبب فى «أن الدارسين هناك أكثر وعيا بالتنوعات داخل الإسلام، أكثر من المسلمين فى مصر، فهنا عرفت عن الفارق بين الإسلام فى مصر والإسلام فى المغرب وفى أفريقيا». لاحظت إيمان أن قيمة الفردية هى السمة الأساسية للمجتمع الأمريكى، وفى رأيها هى أحد المظاهر السلبية لهذا المجتمع، بعكس المجتمع المصرى الذى مازال يحافظ على قيمه الأسرية. «لكن اللى بيعوض عندهم أنانية الفردية هو سطوة القانون وسريانه على الكبير والصغير، بعكس ما يحصل عندنا فى مصر». محمد أبوالعز هو خريج أزهرى آخر فى ذات المنحة. بعد التخرج فى قسم الدراسات الإسلامية باللغة الإنجليزية، وهو الآن يدرس الإسلام فى جامعة جورجيا. «الكثيرون يسألوننى لماذا ندرس الإسلام فى أمريكا، رغم أننا نعيش فى بلد مسلم؟» ويرد محمد دائما على السؤال بقائمة من أسماء مشاهير خريجى الأزهر الذين تعلموا فى الغرب، من الطهطاوى إلى د. محمد أبوليلة، مرورا بالدكتور طه حسين والشيخ عبدالحليم محمود وغيرهم. أكثر ما أعجب محمد فى الولاياتالمتحدة هو الحرية الدينية. «هنا قد تجد شابا ملحدا مع أن والدته مسيحية متدينة، هنا يوجد تسامح وحرية»، إلا أنه لا يتمنى أن تنتقل تلك الحرية بحذافيرها إلى مصر، «يعنى ما ينفعش نعمل حرية فى مجتمعاتنا ونقبل البهائيين والباطنية وغيرهم من الفرق». ويرى أن لمصر مرجعية دينية إسلامية «أعطت الحرية لليهود والنصارى، وأمرت بعدم إيذاء الذميين». لذلك فالإسلام فى رأيه يقدم إطارا لا يجب أن تحيد مصر عنه وتنقل عن الغرب، مؤكدا أن المسلمين عليهم «أن ينقلوا عن الغرب ما يفيدهم فقط». العرى كان أكبر صدمة واجهها محمد فى المجتمع الأمريكى الذى يتحدث عن تحرره بلهجة استنكارية. «هنا الطلبة يتبادلون القبلات فى الطرقات، دا غير الخمرة والشرب». لذلك فمحمد يرى أن التمسك بالهوية ضرورة لكل مسلم يعيش بشكل دائم فى الولاياتالمتحدة «لأن المسلم هنا ما حافظش على هويته، فبناته حيسيبوا الحجاب ويلبسوا بادى، ويا ريت بادى، ده حاجة قليلة مقارنة باللى هنا».