كان الكاتب والمصور الفوتوغرافى شريف عبدالمجيد يجلس برفقة صديقته المصورة الأسترالية ريتشل ناجو فى مقهى التكعيبة، عندما سألته، هى، عن الجدار المقابل للمقهى، فقال لها شريف إنه السور الخلفى لقصر الأمير سعيد حليم، المعروف باسم قصر شامبليون، وحكى لها المعروف عن تاريخ القصر. القصر صممه المعمارى الإيطالى الفذ أنطونيو لاشياك عام 1822، للأمير سعيد حليم. ثم اشتراه أحد الأجانب وقام بتأجيره إلى وزارة المعارف التى حولته حسب الكاتب الصحفى شريف عارف إلى واحدة من أهم المدارس فى تاريخ التعليم المصرى، وهى مدرسة «الناصرية». أغلقت المدرسة، وتم تسجيل القصر أثرا منذ عامين تقريبا، ولكنه فى الحقيقة يستخدم فى تخزين صناديق انتخابات مجلس الشعب، كما استخدم عمال الورش فى الشوارع المجاورة بعض الحجرات لتخزين قطع غيار السيارات، وتحولت الحمامات الرخامية البديعة إلى مراحيض عمومية. اقترحت ريتشل تحويل القصر شريف عبدالمجيد إلى مزار سياحى. ولكن قابلتهما كوميديا محزنة، فرغم استهتار الدولة بالقصر التاريخى، إلا أن الحكومة أوقفت حارسا على بابه لمنع دخول المارة إليه. وبطريقة ما استطاع شريف وصديقته التسلل إلى القصر لتصويره، ومن ضمن نحو خمسمائة صورة فوتوغرافية اختارا مجموعة قليلة وأقاما بها معرضهما الأول فى قاعة «كونست»، وكان ناجحا، ثم عادت ريتشل إلى وطنها، ولكن قبل سفرها اتفقت مع شريف على أن يقيم كل منهما معرضا لصور القصر فى بلده وفى نفس التوقيت. وهذا الأسبوع يقيم شريف معرضه بمكتبة البلد، وأقامت صديقته الأسترالية معرضها فى «ملبرن». ويحوى معرض شريف صورة لنحت حجرى لحيوان مجهول الفصيلة، كان يصرخ، ولكن الزاوية التى التقطته منها كاميرا شريف حولت صرخته إلى أنين، جاء طلبا للنجدة، أو حزنا على ما آل إليه بيته. سيدة ترتكن إلى أحد الجدران، تتأمل ما يحدث. نحت معدنى لوجه شخص يعانى من ألم ما، ولكن مع التركيز فى صورة أخرى تكتشف أن هذا الشخص تفصيلة صغيرة فى نقش أكبر يضم مجموعة كبيرة من المنحوتات الصغيرة تمثل درابزين سلم القصر.