تحولت إشكالية الرقابة الدولية على الانتخابات، إلى حالة من الجدل الدائر بين النخبة السياسية، فالمعارضون لها يعتبرونها تدخلا فى شئون الدولة ومن المحرمات السيادية ومنهم من ذهب لرفضها لانعدام ثقته فى قدرتها الرقابية، بينما ذهب المؤيدون إلى أنها تحقق شكلا من أشكال الهدوء المطلوب فى إدارة العملية الانتخابية، ولكن لا يعنى ذلك أنها ستمثل الضمانة الوحيدة بل يجب أن ترافقها رقابة منظمات المجتمع المدنى التى صارت فى نظرهم بديلا ولو مؤقتا عن غياب الإشراف القضائى الكامل على الانتخابات. النائب محمد مصطفى شردى، عضو مجلس الشعب عن حزب الوفد، روى تجربته فى الإشراف الدولى على الانتخابات الأخيرة بأمريكا ل«الشروق» وقال: «لا مجال للمقارنة بين انتخابات أمريكا الأخيرة والانتخابات التى سبقتها بنفس الدولة». وأوضح شردى أنه تم ترشيحه من قبل منظمة الأمن والاتحاد الأوروبى كأول أفريقى عربى مسلم للإشراف على الانتخابات الأمريكية الماضية، مؤكدا أنه تم السماح للمراقبين بالوجود داخل لجان الانتخابية. وأشار إلى أنه تم تقسيم المراقبين البالغ عددهم «300» مراقب على 12 ولاية بمعدل 14 مراقبا لكل ولاية، وتم توزيع المراقبين على أجزاء الولاية المختلفة من شمالها إلى جنوبها، ويتم العمل الإشرافى داخل اللجان من الساعة الرابعة إلى التاسعة مساء. وأضاف «أن التوزيع يتم حسب عدد المراقبين وليس عدد سكان الدولة وبالتنسيق مع المحليات لأنها المسئولة عن إدارة الانتخابات فى مختلف الدول». وتابع «أن الدولة تطلب الرقابة الدولية من الجمعيات والهيئات الدولية، التى بدورها تختار أسماء وعدد المراقبين الدوليين، ومن ثم ترسل قائمة بأسمائهم إلى الدولة والتى يرجع لها حق القبول والرفض». كما أكد شردى أن الرقابة الدولية لا تحل محل الإشراف القضائى، لكونها لا تستطيع أن تذهب لكل دائرة وصندوق لضمان نزاهة الانتخابات. المفكر السياسى عبدالغفار شكر أكد أن الحكومات التى تسعى لطلب الرقابة الدولية على الانتخابات هى الحكومات التى تجرى انتخابات نزيهة يكون العالم كله شاهدا عليها، معتبرا أن الدول التى ترفضها هى التى تزور النتائج. وعرض شكر لمجمل المعايير الدولية التى تحكم العملية الانتخابية، وقال أولا تشرف على الانتخابات لجنة محايدة مستقلة غير قابلة للعزل، يعينها إما رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الشعب أو غيرهما. ونفى شكر أن تشمل الرقابة كل الدوائر، وقال: «تذهب لجنة الرقابة إلى الدائرة التى يتوقع أفراد المجتمع المدنى أن تحدث بها تجاوزات نظرا لقوة المرشحين بها». وحول عدد المراقبين أكد شكر أن العدد تحدده الجهة المراقبة من هناك، لأنها لا تراقب كل الدوائر واللجان، معترفا بأن ذلك أحد أوجه القصور فى أداء الرقابة الدولية، لكنه أضاف: «المراقبون لن يكونوا وحدهم بل سيكونون برفقة رجال المجتمع المدنى لأن الرقابة الخارجية وحدها لا تكفى». واعتبر نجاد البرعى، رئيس جماعة تنمية الديمقراطية، أن الرقابة الدولية على الانتخابات داخل مصر لا تمثل أية قيمة لأنها تأتى يوم الانتخابات فقط ولا تراقب كل الدوائر الانتخابية، وقال: «لضمان نزاهة العملية الانتخابية لابد من متابعة المراقبين للانتخابات بدءا من وضع الجدوال الانتخابية مرورا بمرحلة التصويت وانتهاء بمرحلة الفرز ثم إعلان النتائج». وأضاف «إن الدول تطالب بالرقابة الدولية للتزوير من خلالها يعنى تبقى الحكاية تزوير خواجاتى».