يحتوي فيلم موسى، الذي بدأ عرضه منذ أيام، على كثير من العناصر الفنية الجذابة، والتي لفتت الأنظار لها ومنها الموسيقى الخاصة بالعمل، ويقدم الفيلم عددا من الشخصيات والأبطال الخارقين، وأحدهم الروبوت موسى، وهو من بطولة كريم محمود عبدالعزيز وإياد نصار وصبري فواز وأسماء أبو اليزيد وسارة الشامي وتأليف وإخراج بيتر ميمي. تدور أحداث الفيلم حول "يحيى" شاب يعاني من اضطرابات نفسية نتيجة لتعرضه إلى السخرية والعنف والضرب أحيانا ممن حوله، ويعيش مع والده في منزل عتيق، يدرس هندسة الميكاترونكس، يتعرض يحيى لهجوم عنيف يؤدي إلى مقتل والده أمام عينيه على يد بلطجي واحتراقه، فيقرر استغلال قدراته في صنع روبوت يسميه موسى لينتقم. لم تكن موسيقى الفيلم هامشية أو غير معبرة عن أحداثه وشخصياته، بل كانت فاعل رئيسي ومؤثر في الحدث، وعن تفاصيل تأليفها واختيار اللحن الروسي "بليوشكا بولي" كأحد التيمات الأساسية في موسيقى الفيلم، يروي الموسيقار خالد الكمار التفاصيل ل"الشروق"، قائلا: "في البداية كان أكثر ما يشغلني توضيح الجزء الخاص بتوظيف تيمة اللحن الروسي الشهير بليوشكا بولي، للموسيقار الروسي ليف كنيبر، لأن اللحن الروسي تم توظيفه باحترافية في العمل ولم يكن اختياره نوعا من الاستسهال، ولكن كان لهدف محدد قد تحقق بالفعل، لأن كون الأغنية الأصلية مُستخدمة في الحرب كان مفيدا لأجواء الفيلم، وأيضا هي تجمع بين الجانب الملحمي والجانب الشاعري الحزين". وأضاف أن استخدام موسيقى كلاسيكية في عمل قائم على الأكشن كان إضافة للعمل ولم ينتقص منه، لأن الهدف الأساسي كان عدم طغيان الجانب المادي، باعتبار أنه غالبا في هذه النوعية من الأعمال تكون المشاعر باردة نسبيا، مستطردا: "كنا نتمنى ألا يحدث ذلك في موسى، لأننا نحتاج لأجواء أكثر دفء وتعبر عن المشاعر الإنسانية، لذلك كان توظيف أغنية فيروز في مشهد مقتل والد يحيى ضروريا". https://m.facebook.com/story.php?story_fbid=1452691301735537&id=91753888816 وأوضح الكمار، أن توظيف أغنية فيروز في المشهد كان من ترشيح المخرج بيتر ميمي، ورأى أنها مناسبة للغاية لأن صوتها أضاف حميمية ودفئا للحالة العامة، ونوع من الشجن للمشهد ذاته، مشيرا إلى قلقه الشديد لأن هذه المرة الأولى التي يكون فيها أحد التيمات الرئيسية للموسيقى التي يضعها ليست خاصة به. وأكد أن الغالبية العظمة للموسيقى في الفيلم أو الشخصيات الأخرى بعيدة عن اللحن الروسي، لأن اللحن كان يستخدم فقط في مشاهد معينة، وأن المخرج بيتر ميمي طمأنه بشدة، وما زاد شعوره بالراحة ردود الفعل الإيجابية التي تلقاها منذ عرض الفيلم وحتى الآن سواء من الجمهور العادي أو النقاد. ويعد مشهد مقتل والد يحيى محركا رئيسيا للأحداث ونقطة تحول للبطل، ففي مشهد درامي غلب عليه الطابع الحزين، تبدأ أغنية فيروز "كانوا يا حبيبي"، صادرة من جرامافون قديم، والأغنية يقوم لحنها بشكل أساسي على نفس اللحن الروسي الذي وظفه خالد الكمار، وأثناء ذلك يدخل البلطجية ويحرقون كل شيء في المنزل، يلجأ "يحيى" إلى الاختباء في المطبخ، ويخفت صوت فيروز بالتزامن مع ارتفاع الموسيقى التصويرية، ولا يتحرك يحيى وهو يرى والده يحترق بل يجلس باكيا خلف جدار يفصل بينه وبين النار التي تلتهم غرفة المعيشة في الخارج. پوليوشكا پوليي، هي أغنية شعبية روسية، ألفها عام 1934 الملحن الروسي ليف كنيبر، وكتب كلمات الأغنية فيكتور جوسيف، وأعيد استخدامها خلال الحرب العالمية الثانية، من طرف جلين ميلر وجيري جراي تحت عنوان فرسان مارس الحمر، وأعيد نسخها في أكثر من قالب موسيقي، وُوضع هذا اللحن في أفلام عديدة مثل فيلم الروس قادمون، وأيضا استخدمه اللبنانيان الأخوان رحباني في أغنية "كانوا يا حبيبي" التي غنتها المطربة الشهيرة فيروز في مسرحية لولو. تحدث الكمار فيما بعد عن بداية وضع الموسيقى الخاصة بالعمل، وذكر أنهم شرعوا في التفكير فيها والعمل عليها منذ عام وشهرين على فترات متقطعة، حتى تم الانتهاء منها، قائلا: "لم يكن هناك تعديلات كثيرة من بيتر واعتبره من حسن حظي، لأن في تعاون سابق معه كان يوجد تعديلات بشكل مستمر ما سبب إرهاقا لنا، أما هذه المرة فهو مشكورا تركني أضع الموسيقى كاملة تقريبا، ثم استمع لها، هذا الأمر ساعدني جدا لأنه ليس في استطاعتي دائما شرح الرؤية الموجودة في خيالي". نظرا لأن هذه النوعية من الأفلام يتم إنتاجها بكثافة في أمريكا، كان من الضروري معرفة مدى تأثر الكمار بالموسيقى المصاحبة لها أثناء تفكيره في "موسى"، ولكنه أكد عدم محبته أو متابعته لهذه النوعية من الأعمال السينمائية، وأنه غير متابع جيد لها مطلقا، ولكنه شاهد بعض الأفلام قبل العمل في موسيقى الفيلم، لفهم الطبيعة الموسيقية التي توضع لهذه الأفلام، مع حرصه على عدم التأثر بها مطلقا لسعيه نحو خلق طابع خاص ومميز للعمل المصري. وتابع الكمار: "أرى أن الموسيقى ملائمة جدا للفيلم، وتتصاعد مع أحداثه بشكل منضبط ولكن شخصيا أنا لا أرضى عن أي عمل أقوم به ودائما أشعر أنه يحتاج المزيد، وإذا أتيحت لي الفرصة العمل عام آخر على الموسيقى سوف أجري تعديلات وأضيف لها تفاصيل أخرى".