يقول الله تعالى في كتابه العزيز "لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب"، من هذا المنطلق تستعرض «الشروق» مجموعة قصصية عن سيرة أنبياء الله، خلال شهر رمضان الكريم، بهدف استخلاص الموعظة والحكمة. ونتحدث في الحلقة ال18 من هذه السلسلة، عن قصة نبي الله يوشع بن نون عليه السلام من أنبياء بني إسرائيل، وذلك من خلال كتاب "البداية والنهاية" عن قصص الأنبياء، لمؤلفه الإمام الحافظ أبي الفدا إسماعيل ابن كثير القرشي، المتوفى عام 774 هجريا. * نسب النبي يوشع يوشع بن نون، هو من نسل سيدنا يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل عليهم السلام، وتقول التوراه إنه بن عم النبي هود عليه السلام، وهو وجميعهم من أنبياء بني إسرائيل. ويعتقد أن يوشع أول من فتح القدس لبني إسرائيل بعد «التية» في الصحراء لأربعين عاما كعقاب من الله لرفضهم دخول المدينة المقدسة (القدس) وفتحها، في عهد سيدنا موسى وأخيه هارون عليهما السلام. * يوشع فتى موسى الذي أصبح نبيا من بعده كان يوشع عليه السلام من تلاميذ النبي موسى عليه السلام، وقد ورد ذكره في سورة البقرة، وبالتحديد في قصة سيدنا موسى مع الخضر، الرجل الصالح الذي أرسله الله إلى موسى ليعلمه، وكان يوشع وقتها فتى موسى يقضي له حاجته، يقول الله في كتابة العزيز: "(59) وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّىٰ أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا (60) فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61) فلما جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَٰذَا نَصَبًا (62) قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ۚ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63)". اقرأ أيضا: نبي الله (17).. موسى عليه السلام.. عندما فرط بنو إسرائيل في القدس وأرسل الله الخضر معلما له https://www.shorouknews.com/mobile/news/view.aspx?cdate=29042021&id=bf03ea8b-e9f7-494f-9323-f34920684221 * يوشع يفتح بيت المقدس دخل بنو إسرائيل أرض فلسطين لأول مرة بعد خروجهم من فترة «التية» على يد نبي الله يوشع بن نون، فكان قائدا لجنود بني إسرائيل، ويذكر أهل الكتاب والمؤرخون أنه قطع ببني إسرائيل نهر الأردن، وانتهى إلى أريحا، وكانت من أحصن المدائن، وأعلاها قصورًا وأكثرها أهلًا فحاصرها 6 أشهر. ويذكر في التوراه أنهم أحاطوها يومًا وضربوا بالقرون، أي الأبواق، وكبروا تكبيرة رجل واحد، فتفسخ سورها، فدخلوها وأخذوا ما وجدوا فيها من الغنائم، وقتلوا 12 ألفًا من الرجال والنساء، وحاربوا ملوكًا كثيرة، حسبما ذكر أمام الإسلام ابن كثير في كتابه. ويقال إن يوشع عليه السلام حارب 31 ملكًا من ملوك الشام، فلما حانت المعركة الأخيرة التي بدأت في يوم الجمعة، وأوشك اليهود على تحقيق الانتصار، قاربت الشمس على المغيب، وكان الله حرم العمل والحرب على اليهود في يوم السبت، فخشى يوشع ألا يستكمل القتال ويذهب النصر، فنظر إلى الشمس وقال: "إنك مأمورة، وأنا مأمور، اللهم احبسها"، فأذن الله بتوقف الشمس عن الغروب، إلى أن فتح يوشع بيت المقدس، وفي ذلك قال النبي محمد صلى الله عليه وسلم: "ما حُبِسَتِ الشمسُ على بَشَرٍ قطُّ ، إلَّا على يُوشَعَ بنِ نُونَ لَيالِي، سارَ إلى بَيتِ المَقْدِسِ". * دخول بني إسرائيل إلى بيت المقدس يذكر في القرآن الكريم أنه ما دخل بهم يوشع باب القرية التي يعتقد أنها بيت المقدس، أمرهم الله أن يدخلوها سجدًا أي ركعًا متواضعين شاكرين لله عز وجل على ما من به عليهم من الفتح العظيم، الذي كان الله وعدهم إياه، وأن يقولوا حال دخولهم حطة، أي حط عنا خطايانا التي سلفت، لكنهم خالفوا ما أمروا به قولًا وفعلًا، يقول الله في سورة البقرة: "وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ، فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ". * الله يعاقب بني إسرائيل ذكر الله تعالى في كتابه العزيز، أنه عاقب بني إسرائيل على هذه المخالفة، بإرسال الرجز عليهم وهو الطاعون. وثبت في (الصحيحين)، من حديث الزهري، عن عامر بن سعد، عن أسامة بن زيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:" إن هذا الوجع أو السقم رجز عذب به بعض الأمم قبلكم". * هل فتح يوشع بيت المقدس حقا أم النبي داوود؟ يقول المركز الفلسطيني للإعلام، التابع للحكومة الفلسطينية، إن سيدنا يوشع لم يفتح بيت المقدس ولكنه فتح مدينة أريحا واستقر فيها، غير أن الله لم يوضح في القرآن الكريم أنها بيت المقدس لكنه قال: "ادخلوا القرية". ويضيف الموقع أنه بعد وفاة يوشع بن نون، اشتعلت الخلافات الداخلية بين أسباط اليهود المقيمين في أريحا، وضعف بنيانهم بضعف إيمانهم، فتمكن منهم العمالقة، وهم كنعانيون فلسطين، فسلطوا عليهم ألوان الاضطهاد والعذاب، وظهر في صفوف العمالقة ملك قوي يدعى جالوت، وكان في هذا الوقت يحكم الأرض المقدسة فلسطين، وكان مقرّه في القدس، وفق المصادر اليهودية والتاريخية، وهو ما يدعّم الرأي القائل بأن اليهود استقروا فعلاً في أريحا ولم تطأ أقدامهم القدس أبداً في عهد النبي يوشع. ثم يأتي نبي الله داوود وتنتهي المعركة بقتله قائد العمالقة، ممهداً لأول دخول يهودي في التاريخ إلى مدينة القدس، ثم يقيم فيها مملكته التي تشير المصادر التاريخية إلى أنها كانت في قرية سلوان قرب عين الماء على الأطراف الخارجية لمدينة القدس القديمة. ويقول الرسول محمد (ص)، في الحديث المذكور سابقا، إن الشمس حُبست للنبي يوشع عندما سار إلى بيت المقدس ولم يقل عندما فتح بيت المقدس. * قبر النبي يوشع قُبضت روح نبي الله يوشع، وهو ابن 127 عاما، حيث عاش بعد سيدنا موسى 27 سنة، ويعتقد أن مقامه وضريحه قرب مدينة السلط في الأردن، وهو عبارة عن مسجد حديث فيه قبرٌ يُنسب أنه يضم جثمان يوشع عليه السلام.