ارتفع استهلاك العالم من الطاقة، بجميع مصادرها التجارية، خلال الفترة 1965 2008 من نحو 4121 مليون طن نفط مكافئ Toe إلى نحو 11295 مليون Toe بمعدل نمو 2.4% سنويا فى المتوسط. أما استهلاك الغاز الطبيعى فكان أسرع نموا حيث قفز خلال نفس الفترة من نحو 647 مليون Toe إلى نحو 2726 مليون Toe بمعدل نمو 3.4% سنويا فى المتوسط. ولا يدخل فى تلك الأرقام ما يتم انتاجه من الغاز الطبيعى ويجرى التخلص منه بالحرق Flared لعدم وجود استخدام مناسب له، أو ما يعاد حقنه فى حقول النفط للمحافظة على مستوى الضغط فيها مما يساعد على رفع معامل الاستخلاص Recovery factor الذى يعرف بأنه نسبة ما يستخلص من البترول الموجود فى الحقل على مدى عمره الانتاجى. كما لا يدخل فى أرقام انتاج الغاز ما يستخدم منه فى عمليات الحقول والشوائب التى تستبعد من الغاز فى وحدات التنقية. وقد ترتب على تلك القفزة فى استهلاك الغاز الطبيعى ارتفاع نصيبه من الاستهلاك العالمى للطاقة خلال الفترة 1965 2008 من نحو 15.7% إلى نحو 24% من استهلاك عالمى ارتفع حجمه خلال الفترة المذكورة إلى ما يقرب من ثلاثة أمثاله. وقد واكبت الاحتياطيات المؤكدة للغاز الطبيعى ذلك النمو السريع فى استهلاكه، إذ ارتفعت خلال الفترة 1970- 2008 من نحو 38 تريليون متر مكعب Tcm إلى نحو 185 Tcm (أو 6534 تريليون قدم مكعبة Tcf)، بمعدل نمو 4.3% سنويا فى المتوسط على مدى 38 عاما. وإذ يعادل برميل من النفط حراريا نحو 152 مترا مكعبا من الغاز ، كما يعادل طن من النفط نحو 1111 مترا مكعبا من الغاز، فإن احتياطيات الغاز فى نهاية 2008 صارت تعادل حراريا نحو 1217 مليار برميل أو 167 مليار طن من النفط. بذلك تعادلت احتياطيات الغاز الطبيعى مع احتياطيات النفط التى بلغت فى نهاية 2008 نحو 1258 مليار برميل أو 171 مليار طن. وللمقارنة فإن احتياطيات الغاز فى عام 1970 لم تكن تتجاوز 45% من احتياطيات النفط. ويختلف التوزيع الجغرافى لاحتياطيات الغاز اختلافا ملحوظا عن نمط توزيع الاحتياطيات العالمية للنفط. فعلى حين يضم الخليج العربى فى نهاية 2008 نحو 60% من احتياطيات العالم النفطية فإن نصيبه من احتياطيات الغاز يقدر بنحو 41%، يتركز أغلبه فى دولتين هما ايران (16%) وقطر (14%)، ثم السعودية والامارات كل بنحو 4%. وبينما يبلغ نصيب روسيا من الاحتياطى العالمى للغاز نحو 24% فإن نصيبها من الاحتياطى العالمى للنفط يتضاءل إلى نحو 6%. بذلك تسيطر ثلاث دول (روسياوإيران وقطر) على أكثر من نصف الاحتياطيات العالمية للغاز، وتفيض قدرتها الإنتاجية على احتياجاتها المحلية منه مما يجعلها تلعب دورا رئيسيا فى الصادرات العالمية من الغاز. وبالفعل فقد قام هذا الثلاثى عام 2001 بإنشاء منتدى الدول المصدرة للغاز Forum of the Gas Exporting Countries (FGEC) كخطوة أولى فى الاتجاه نحو إقامة منظمة لمصدرى الغاز على نهج منظمة أوبك بالنسبة لمصدرى النفط. أما باقى احتياطيات الغاز فيتوزع بنسب ضئيلة بين عدد كبير من الدول، منها ما يعانى عجزا فى احتياجاته من الغاز فيعتمد على الاستيراد كما هو الحال بالنسبة للولايات المتحدة التى استهلكت عام 2008 نحو 657 مليار متر مكعب Bcm بينما لم يتجاوز انتاجها 582 Bcm وبذلك لم تعد احتياطياتها من الغاز تغطى انتاجها المحلى منه لأكثر من 11 عاما مع استمرار اعتمادها على الاستيراد لتغطية العجز. وثمة دول أخرى يفيض انتاجها من الغاز على احتياجاتها المحلية، وتتمتع باحتياطيات وفيرة، فتساهم فى أسواق الغاز بكميات يتفاوت حجمها وفقا لحجم الفائض. وأهم تلك الدول الجزائر ونيجيريا (وهما من أعضاء أوبك) ثم كندا وهولندا والنرويج وماليزيا واندونيسيا التى جمدت عضويتها فى أوبك لعجز انتاجها من النفط عن مواجهة استهلاكها المحلى منه. ويوجد اغلب احتياطيات الغاز فى حقول لا تحتوى غيره، باستثناء كمية ضئيلة من السوائل، مما يجعل فى الامكان انتهاج سياسات لإنتاج الغاز مستقلة عن سياسات انتاج النفط. اما حيثما يوجد الغاز مقترنا بالنفط Associated gas، كما هو الحال فى اغلب دول اوبك، فإن انتاجه يصبح رهنا بالسياسة المستخدمة فى انتاج النفط الخام، اذ لا يمكن استخراج النفط مستقلا عن الغاز المصاحب له. وقد ترتب على ذلك ان جانبا كبيرا من الغازات المصاحبة ظل لعشرات السنين يبدد بإحراقه فى الجو نظرا لعدم وجود استخدامات كافية لاستعماله فى الدول المصدرة للنفط، وأيضا لتقاعس الشركات الأجنبية العاملة فى أراضى تلك الدول عن تنفيذ برامج لإعادة حقنه فى الحقول حفاظا على الضغط فيها. وكمثال، فقد بلغت الكميات التى تم تبديدها على هذا النحو فى دول اوبك عام 1977 نحو 140 مليار متر مكعب، وهو ما يعادل نحو 2.5 مليون برميل نفط مكافئ يوميا Boe/d على امتداد العام المذكور. أما بالنسبة لاحتمالات المستقبل المنظور، فيتوقع ان يرتفع الاستهلاك العالمى من الغاز من نحو 2726 مليون طن نفط مكافئ Toe عام 2008 إلى نحو 4007 مليون Toe عام 2030 بمعدل نمو 1.7% سنويا فى المتوسط، وذلك بافتراض أن امدادات النفط سوف تزداد ندرة وأن أسعاره سوف تعاود ارتفاعها كما هو متوقع ، وهو ما يجعل الغاز بديلا أفضل من النفط، سواء من حيث انخفاض سعره عن سعر النفط كما جرت العادة (بدون مبرر)، أم من حيث أفضليته استخداما وبيئيا مقارنا بالنفط والفحم. وتبدو تلك الأفضلية بصفة خاصة فى استخدام الغاز فى محطات توليد الكهرباء التى تنفرد بنحو 35% من الاستهلاك العالمى من الغاز. وفى عام 2008 تعادل استهلاك الغاز فى مجموعة الدول الغربية أعضاء OECD مع استهلاكه فى باقى العالم، كما توزع نحو ثلثى الاستهلاك العالمى من الغاز على النحو التالى: الولاياتالمتحدة (22%) والاتحاد الأوروبى (16%) وروسيا (14%)، وبلغ نصيب الدول الواقعة حول الخليج العربى، وبخاصة إيران، نحو 10%، بينما تقاسمت اليابان والصين نحو 6%. أما عبر المستقبل المنظور فيتوقع ان ينمو استهلاك الغاز فى المجموعة الصناعية الغربية OECD بمعدل 0.9% سنويا فى المتوسط نتيجة لبدايتها المبكرة فى استخدامه وارتفاع نصيبها من الاستهلاك العالمى. أما بالنسبة لباقى دول العالم، والتى تأخر أغلبها فى استخدام الغاز ولا تزال أنصبتها منه ضئيلة الحجم، فيتوقع ان ينمو استهلاكها من الغاز كمجموعة بنحو 2.2% سنويا فى المتوسط. واذ يبلغ نصيب المجموعة الصناعية الغربية عام 2008 نحو 37% من الانتاج العالمى من الغاز ونحو 50% من استهلاكه العالمى، فإن اعتمادها على استيراده من خارج المجموعة يقدر بنحو 25% فى المتوسط، على تفاوت بين الدول، حيث يبلغ اعتماد اليابان على استيراد الغاز 100% بينما لا يتجاوز اعتماد الولاياتالمتحدة على الاستيراد نحو 11% تغطيها بالكامل تقريبا بالاستيراد من جارتها كندا عبر شبكة للأنابيب، ويجرى الاعداد لاستقبال كميات كبيرة من الغاز الطبيعى المسال LNG بالتوسع فى بناء موانئ وناقلات متخصصة لهذا الغرض.