مع دخول المفاوضات في الصميم الثلاثاء بحثا عن اتفاق لوقف ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي شهدت كواليس مؤتمر كوبنهاجن مناقشات محتدمة. فقد أثار تسرب نص اقتراحات للدنمرك التي تترأس مؤتمر المناخ غضب الدول النامية التي نددت ب"انتهاك خطير يهدد نجاح عملية التفاوض" وفقا للمندوب السوداني لومومبا ستانيسلاس ديا بينج الذي تحدث باسم مجموعة ال77 (تحالف 130 دولة نامية) والذي استبعد مع ذلك الانسحاب من المؤتمر. وقد نفت الرئاسة الدنمركية وجود "نص دنمركي سري" بشان اتفاق جديد وقالت أن الأوراق التي تسربت مجرد "مسودات عمل تشكل الأساس لمشاورات غير رسمية" كما أكدت وزيرة المناخ الدنمركية كوني هيديجارد. وفي نيويورك أكد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون الثلاثاء تفاؤله متوقعا "اتفاقا قويا (...) سيصبح ساريا على الفور". وفيما لا يزال الجدل محتدما بشأن "كلايمتجيت" ClimateGate، أي قضية خبراء المناخ المتهمين بالتلاعب بمعلومات بعد نشر رسائلهم الالكترونية المقرصنة، حذرت منظمة الأرصاد العالمية من أن العقد الأول للقرن الحادي والعشرين يعد "الأكثر حرارة" منذ بدء العمل بأجهزة قياس درجات الحرارة عام 1850. وكانت الولاياتالمتحدة أثارت أجواء من التفاؤل الاثنين عندما اعتبرت الوكالة الأمريكية لحماية البيئة أن ثاني أكسيد الكربون من الملوثات التي تهدد الصحة العامة فاتحة بذلك للمرة الأولى الطريق أمام ضبط هذا النوع من الإنبعاثات. من جانبها لا تزال الدول الأوروبية منقسمة بشان جدوى زيادة وعودها بخفض إنبعاثات غازات الدفيئة وهو الخفض الذي قد يرتفع من 20% إلى 30% قبل 2020 (مقارنة بعام 1990) إذا تم التوصل إلى اتفاق عالمي طموح في نهاية القمة خلال عشرة أيام. كما جرت مناقشات مطولة حول مسالة التمويلات التي ستقدمها الدول المتقدمة لمساعدة الدول الأكثر عرضة للتأثر بالتغير المناخي على مواجهة تبعاته. وقال برونو سيلكولي مندوب مملكة ليسوتو الصغيرة المحاصرة داخل جنوب أفريقيا والذي يرأس مجموعة الدول الأقل تقدما "نحن بحاجة إلى تعهدات قوية وأرقام وجدول زمني" مشيدا مع ذلك بالمفاوضات التي قال أنها "صريحة وفاعلة وديناميكية". من جانبه حذر المدير العام للوكالة الدولية للطاقة نوباو تاناكا الثلاثاء من أن أي فشل في كوبنهاجن سيكلف الاقتصاد العالمي 500 مليار دولار سنويا للعودة إلى هدف قصر ارتفاع درجة حرارة الأرض على درجتين مئويتين مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية. وتخضع قضية خفض الإنبعاثات لمناقشات شاقة مغلقة مع التذكير كل لحظة بالحاجة الملحة للتحرك اليومي وأحيانا بصورة طريفة. فعلى مخارج مترو الأنفاق لا أحد ينجو من الشارة التي يوزعها شبان دنمركيون لشكر الركاب على أنهم "استقلوا المترو واقتصدوا بنسبة 85% من إنبعاثات ثاني أكسيد الكربون". وكان من دواعي سرور العاصمة الدنمركية اختيارها الثلاثاء المدينة الأكثر "خضارا" من بين 30 مدينة أوروبية كبرى خضعت لاختبار بيئي جرى لحساب مجموعة بيئية ألمانية.