تستخلص الحكومة الفيدرالية من نتائج التصويت الشعبي على مبادرة حظر بناء مآذن جديدة في سويسرا أن "ما تم هو تعبير عن رعب وتخوف شامل وتعبير عن انكماش على الذات وعبارة عن إشارة إنذار ووسيلة دفاع، في مواجهة عالم مُعولم وفي إطار أزمة اقتصادية عالمية"، حسب تصريحات أدلت بها وزيرة الخارجية ميشلين كالمي ري عشية الأحد 29 نوفمبر في جنيف. واعتبرت وزيرة الخارجية أنه "في جو مماثل، كان من السهل التلاعب بمشاعِر الخوف لدى الناس" مضيفة بأن "هذه المبادرة قد تمّ استِغلالها وتسخيرها لذلك". وقد عبّرت الوزيرة في ردِّها على أسئلة عدد من ممثلي الصحافة الدولية من بينهم swissinfo.ch التقت بهم في جنيف، عن "إصابتها بالصّدمة للنتائج" التي أظهرت تأييد 57،5% من الناخبين لحظر المآذن. وما زاد من إحساسها بالصّدمة، تقول الوزيرة "هو أن حزبا مشاركا في الحكومة دعَم هذه المبادرة"، في إشارة إلى حزب الشعب السويسري (يمين متشدد)، الذي دعمها إلى جانب حزب مسيحي صغير (الإتحاد الديمقراطي الفيدرالي). وفي معرض تقييمها لدلالة النتائج التي أسفر عنها هذا التصويت، قالت كالمي ري "إن فيه رسالة موجّهة للحكومة الفدرالية وإشارة إنذار يجِب على الحكومة أن تأخذها مأخذ الجِد". مواصلة الحوار وتعزيز الاندماج وفي رسالة موجهة إلى الجالية المسلمة في سويسرا، قالت الوزيرة إن نتائج التصويت "ليست رفضا للجالية المسلمة في سويسرا، لأن المسلمين مندمِجون في المجتمع السويسري وبإمكان أفرادها مواصلة أداء شعائرهم وأداء صلاة الجُمعة في مختلف المراكز الدِّينية، التي تتجاوز 200 في سويسرا". وفي ردِّها عن سؤال ل swissinfo.ch من أن النقاش الذي رافق مبادرة حظر بناء المآذن استهدف بالخصوص المسلمين والإسلام في سويسرا، ترى الوزيرة بأن "النقاش عبّر عن المخاوف من التيارات الإسلامية المتطرِّفة، لذلك، يجب تعزيز الحوار من جهة مع الجالية المسلمة في سويسرا، ومواصلة سياسة الانفتاح والتسامح في سياستنا الخارجية من جهة أخرى"، وهذا ما شدّدت عليه وزيرة العدل والشرطة إيفلين فيدمر شلومبف في بيان أصدرته عشية الأحد، بوصفها المسئولة عن هذا الحِوار مع الجالية المسلمة. وعمّا إذا كان هذا النقاش قد تجاوز الخطوط الحُمر لحدّ تعريض أصحابه لعقوبات بموجب قوانين مناهضة العنصرية، تعترف الوزيرة بأنه "لم يتم بالشكل الصحيح وتخللته تصريحات مغالطة وتمّ تلويثه بمُعطيات خاطئة تساوي بين الإسلام والعنف أو أن الإسلام يعني اضطهاد المرأة، وحتى ولو كان ذلك يدعو للأسف، فإن الخطوط الحُمر لم يتم تجاوزها". وعن مكانة السّلم الديني في حياة الكونفدرالية، قالت الوزيرة "إن الذي سمح لسويسرا المتعدِّدة الثقافات أن تقوم، هو هذا السلم، سواء الديني أو بين اللغات أو الثقافات، وهذا يعني أن المجلس الفدرالي (أي الحكومة الفيدرالية) سيلتزم أكثر ممّا قام به لحدِّ الآن في مجال الحِوار بين الطوائف الدينية". فيما يتعلّق بتطبيق ما تنُص عليه المبادرة، ترى الوزيرة أنها "قد تخلق بعض المشاكل العويصة، وبالأخص في حال التقدّم بشكوى أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورج، نظرا لكون هذه المبادرة مُخالفة لِما تنُص عليه المعاهدة الأوروبية لحقوق الإنسان". "نتائج التصويت لن تؤثر في علاقاتنا مع العالم الإسلامي" وفي خطابها للعالم الخارجي، ذكّرت وزيرة الخارجية بأن سويسرا "تربطها علاقات وثيقة وعميقة، سواء على المستوى السياسي أو الثقافي أو الاجتماعي أو الاقتصادي مع الدول الإسلامية، إذ نترأس مجموعة تصويت تُمثل حوالي 50 مليون مسلم في البنك العالمي وصندوق النقد الدولي، ولنا علاقات وعلاقات شراكة مع عدد من الدول الإسلامية، ولذلك، أودّ أن أشدِّد على أن نتائج هذا التصويت سوف لن تُغيِّر أهداف السياسة الخارجية لسويسرا المعروفة على أنها بلد يبحث عن مدّ الجسور بين الدول الصناعية والسائرة في طريق النمو، وبين الدول المسلمة والدول غير المسلمة، وهذه الأهداف المُتمثلة في الانفتاح والحِوار وفي إقامة الشراكات، لن تؤثر فيها نتائج تصويت اليوم". وعن الطريقة التي تعتزم إتباعها لطمأنة الدول الإسلامية بعد نتيجة التصويت على الاستفتاء، قالت الوزيرة "إننا سنتّصل بممثلي الدول المسلمة، وأعطينا تعليمات للسفراء السويسريين في الدول الإسلامية لمحاولة شرح مقوّمات نظامنا السياسي ومقوّمات الديمقراطية شِبه المباشرة، والدلالة التي يجب استخلاصها من هذا التصويت، الذي تم في ظروف عَوْلمة وأزمة اقتصادية ومالية". وانتهت الوزيرة إلى أنه "لو تمّ تقديم استفتاء مُماثل في بلد آخر، لكانت النتائج نفسها، لأن المخاوف السائدة من الأزمة الاقتصادية والمالية، ليست مقتصِرة على سويسرا".