كيف تلتحق ببرنامج «سفراء الذكاء الاصطناعي» من «الاتصالات» ؟    محافظ الجيزة: عمال مصر الركيزة الأساسية لكل تقدم اقتصادي وتنموي    إحالة 3 مفتشين و17 إداريًا في أوقاف بني سويف للتحقيق    تيسير مطر: توجيهات الرئيس السيسى بتطوير التعليم تستهدف إعداد جيل قادر على مواجهة التحديات    الاحصاء :بمناسبة اليوم العالمي للأسرة 26.5 مليون أسرة في مصر    محافظ الوادي الجديد : الاستمرار في تقديم سبل الدعم والتيسيرات للمزارعين    استعدادًا للصيف.. وزير الكهرباء يراجع خطة تأمين واستدامة التغذية الكهربائية    التأمينات الاجتماعية تقدم بوكيه ورد للفنان عبدالرحمن أبو زهرة تقديرًا لمكانته الفنية والإنسانية    ترامب يزور جامع الشيخ زايد خلال وجوده بالإمارات    تركيا: هناك محرقة تحدث الآن أمام البشرية جمعاء في غزة    باكستان تعلن تمديد وقف إطلاق النار مع الهند    النيابة تحيل رئيسة اللجنة الطبية باتحاد الكاراتيه وعدد من المسؤولين للجنايات    تحديد فترة غياب مهاجم الزمالك عن الفريق    حبس طالب وفرد أمن فى واقعة محاولة الامتحان بدلا من رمضان صبحى 4 أيام    ضبط سيدة تنتحل صفة طبيبة وتدير مركز تجميل في البحيرة    الإعدام شنقا لربة منزل والمؤبد لآخر بتهمة قتل زوجها فى التجمع الأول    بعد منعهما من الغناء.. «الموسيقيين» تعلن عن قرار جديد بشأن رضا البحراوي وحمو بيكا    طرح الإعلان التشويقي لفيلم «عائشة لا تستطيع الطيران» قبل عرضه بمهرجان كان السينمائي    أمام يسرا.. ياسمين رئيس تتعاقد على بطولة فيلم «الست لما»    بروتوكول تعاون لتدريب الصيادلة على معايير الجودة    لن تفقد الوزن بدونها- 9 أطعمة أساسية في الرجيم    محافظ الجيزة يكرم 280 عاملا متميزا بمختلف القطاعات    ضمن خطة تطوير الخط الأول للمترو.. تفاصيل وصول أول قطار مكيف من صفقة 55 قطارًا فرنسيًا    الاحتلال الإسرائيلى يواصل حصار قريتين فلسطينيتين بعد مقتل مُستوطنة فى الضفة    تصل ل42.. توقعات حالة الطقس غدا الجمعة 16 مايو.. الأرصاد تحذر: أجواء شديدة الحرارة نهارا    ماريسكا: جيمس جاهز لقمة اليونايتد وجاكسون أعترف بخطأه    وزير السياحة يبحث المنظومة الجديدة للحصول على التأشيرة الاضطرارية بمنافذ الوصول الجوية    جامعة حلوان تطلق ملتقى لتمكين طالبات علوم الرياضة وربطهن بسوق العمل    زيلينسكي: وفد التفاوض الروسى لا يمتلك صلاحيات وموسكو غير جادة بشأن السلام    متحف شرم الشيخ يستقبل زواره الأحد المقبل مجانًا -صور    موريتانيا.. فتوى رسمية بتحريم تناول الدجاج الوارد من الصين    البدري: أشكر الرئيس السيسي ولم أفسخ عقدي مع أهلي طرابلس    محسن صالح يكشف لأول مرة تفاصيل الصدام بين حسام غالي وكولر    افتتاح جلسة "مستقبل المستشفيات الجامعية" ضمن فعاليات المؤتمر الدولي السنوي الثالث عشر لجامعة عين شمس    محافظ الإسكندرية يشهد ندوة توعوية موسعة حول الوقاية والعلاج بديوان المحافظة    "فشل في اغتصابها فقتلها".. تفاصيل قضية "فتاة البراجيل" ضحية ابن عمتها    "الصحة" تفتح تحقيقا عاجلا في واقعة سيارة الإسعاف    أشرف صبحي: توفير مجموعة من البرامج والمشروعات التي تدعم تطلعات الشباب    تحت رعاية السيدة انتصار السيسي.. وزير الثقافة يعتمد أسماء الفائزين بجائزة الدولة للمبدع الصغير في دورتها الخامسة    "الأوقاف" تعلن موضع خطبة الجمعة غدا.. تعرف عليها    عامل بمغسلة يهتك عرض طفلة داخل عقار سكني في بولاق الدكرور    رئيس إدارة منطقة الإسماعيلية الأزهرية يتابع امتحانات شهادة القراءات    شبانة: تحالف بين اتحاد الكرة والرابطة والأندية لإنقاذ الإسماعيلي من الهبوط    مسئول تركي: نهاية حرب روسيا وأوكرانيا ستزيد حجم التجارة بالمنطقة    فتح باب المشاركة في مسابقتي «المقال النقدي» و«الدراسة النظرية» ب المهرجان القومي للمسرح المصري    فرصة أخيرة قبل الغرامات.. مد مهلة التسوية الضريبية للممولين والمكلفين    إزالة 44 حالة تعدٍ بأسوان ضمن المرحلة الأولى من الموجة ال26    تشكيل منتخب مصر تحت 16 سنة أمام بولندا فى دورة الاتحاد الأوروبى للتطوير    ترامب: الولايات المتحدة تجري مفاوضات جادة جدا مع إيران من أجل التوصل لسلام طويل الأمد    جهود لاستخراج جثة ضحية التنقيب عن الآثار ببسيون    تعديل قرار تعيين عدداً من القضاة لمحاكم استئناف أسيوط وقنا    رفع الحد الأقصى لسن المتقدم بمسابقة «معلم مساعد» حتى 45 عامًا    وزير الخارجية يشارك في اجتماع آلية التعاون الثلاثي مع وزيري خارجية الأردن والعراق    حظك اليوم الخميس 15 مايو وتوقعات الأبراج    أمين الفتوى: لا يجوز صلاة المرأة خلف إمام المسجد وهي في منزلها    أيمن بدرة يكتب: الحرب على المراهنات    جدول مواعيد مباريات اليوم والقنوات الناقلة    حكم الأذان والإقامة للمنفرد.. الإفتاء توضح هل هو واجب أم مستحب شرعًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أَمْوَاءٌ.. وَأَمْوَاهٌ (3)
نشر في الشروق الجديد يوم 27 - 10 - 2020

بِدَايَةُ وَنِهَايَةُ مَقَالَةُ اليَوْمِ، قَوْلٌ يُقْصَدُ مِنْهُ مَعْنَى مُلاَزِمًا لِلْمَعْنَى الحَقِيقِيِّ لِلِسَانِ الفَمِ، قَوْلٌ نَابِعٌ مِنْ أَقْوَى عُضْوٌ عَضَلِيٌ بِالِجسْمِ، تِلْكَ الكُتْلَةُ اللَحْمِيَّةُ العَضَلِيَّةُ وَالمُكَوَّنَةُ مِنْ 16 عَضَلَةَ، أَرْبَعُ أَزْوَاجٍ مِنْ العَضَلاَتِ الدَاخِلِيَّةِ، وَأَرْبَعُ أَزْوَاجٍ مِنْ العَضَلاَتِ الخَارِجِيَّةِ المُرْتَبِطَةِ بِالفَكِّ تُؤَمِّنُ لَهُ حَرَكَتَهُ وَعَمَلَهُ، مُغَلَّفٌ سَطْحُهُ بِغِشَاءٍ مُخَاطِيٍّ تُغَطِّيهُ عَشْرَةُ آلاَفُ مِنَ الحُلَيِّمَاتِ الصَغِيرَةِ التِى تحْتَوِى فِى أَطْرَافِهَا نِهَايَاتٍ عَصَبِيَّةٍ بمَثَابَةِ حَاسَةِ التَّذَوُّقِ، وَيَكُونُ سَطْحَهُ مُبَلَّلا بِاللُعَابِ مِمَّا يُبْقِيهِ رَطِبًا.. فَلِسَانِ الفَمِ لاَ يُؤَازِرُكَ فَقَطْ فِى شُرْبِ المَاءِ، تَذَوُّقُ الطَّعْمِ وَبَلْعُ الطَّعَامِ، بَلْ يُسَانِدُكَ فِى النُّطْقِ بِقَولِ الحَقِّ وَالتَّصْوِيتِ بِكَلِمَةِ الصِّدْقِ، فِى أَكْثَرِيَّةِ الوَقْتِ قَبْلَ الرَّبْطِ والَلَجْمِ. فَقَدْ رَطُبَ لِسانِى أَى أكثَرْتُ مِن المَدْحِ والإِشَادَةِ بِذِكْرِ نِعَمَةِ ومِنَّةِ اللهِِ عَلَيْنَا فى المَقالَتَيْن السابِقَتَينِ، وَلَن يَجِفُّ فِى هَذَا الشَأنِ لِيَومِ السَّاعَةِ.. الحَيَاةُ قَاطِبَةٌ خُلِقَتُ رَطِبَةٌ بِلا جَفَافٍِ ولَا حَتَّى جَفَاءٍ، بِفَضْلِ سَلاسَةِ مَجْمُوع المَاءِ وَالمِيَاهِ: أَمْوَاءٌ وَأَمْوَاهٌ..
بِرَحْمَةِ الخَالِقِ، تَبْدَأُ الحَيَاةُ الرَحِمِيَّةُ.. أَيّ دَاخِلُ الرَحِمِ أَنْتَ مُحَاطٌ بِمَاءِ الجَنِينِ، سَائِلٌ لَزِجٌ يَغْمُرُكَ وَيْحْمِيكَ مِنَ الصَدَمَاتِ، تُخْلَقُ فِيهِ عِبْرَ مَرَاحِلٍ ثَلاَثَةٍ (النُطْفَةُ، العَلَقَةُ والمُضْغَةُ)، يُنَفَخُ فِيكَ الرُّوحُ الإلَهِيَّةِ بَعْدَ تَمَامِ المَرحَلَةِ الثَالِثَةِ أى بَعْدَ مُرُورِ 120 يَوْمًا مِنَ الحَمْلِ، تَنْمُو وَتُشَكَّلُ مِن خِلالِ الحَبْلِ السُّرِّى العَائِمِ فِيهِ والمُوَفِّرُ لَكَ الماءَ والعَنَاصِرَ الغِذَائِيَّةِ والأُكسِجِينَ مِنَ مَشِيمَةِ الأُمِ، ذَلِكَ الكِيسُ المَلِيءُ بِسَائِلٍ مُعْظَمُهُ مَاءٌ يَتَرَاوَحُ حَجْمُهُ مِنْ نِصْفِ لِتْرٍ إِلَى لِتْرَيْنِ.. تَشْرَبُ مُباشَرَةً مِنْ مَاءِ الجَنِينِ بَعْدَ 77 يَومًا مِنَ الحَمْلِ، وتَتَبَوَّلُ أَيْضًا فِيهِ بَعْدَ اِكْتِمَالِ نُضوجِ الكُلْيَتَينِ مَعَ مُرُورِ 112 يَوْمًا مِنَ الحَمْلِ، يَتَكَوَّنُ 90٪ مِنْ جِسْمِكَ مِنْ مَاءٍ بَعْدَ اِنْقِضَاءِ 22 أُسبُوعًا مِنَ الحَمْلِ أيّ 154 يَوْمًا، وَزْنُكَ وَقْتَئِذٍ لاَ يَزِيدُ عَنْ نِصْفِ كِيلُوجْرَامٍ وَأَنْتَ فِى بَطنِ أُمِكَ.. ثُمَّ تَنْزَلِقُ بَعْدَهَا «طَبِيعِيًا» نَحْوَ حَيَاةِ المَشَقَّةِ وَمُكَابَدَةِ الشَدائِدِ، تَرتَوِى لها مِن حِينٍ لآخَرِ بِمَاءٍ رَوِيٍّ، تَتَخَلَّصُ عادَةً مِن مِياهِ المَثانَةِ لا اِرَادِيًّا فِى كُلٍّ مِنْ مَطْلَعِ العُمُرِ وَآخِرِهِ.. وَبِالرَّوِيَّةِ لِأُمُورِ الحَياةِ أَيّ بِالبَصِيرَةِ وَالتَفْكِيرِ فِيهَا، تَتَدَارَكُ أَنَّكَ بَعْدَ عُمْرٍ مَدِيدٍ، سَتَخْتُمُ حَيَاتَكَ الدُنْيَاوِيَّةِ بِمِيَاهِ غُسْلٍ طَهُورٍ، تَبْدَأُ بِهَا حَيَاةَ الآخِرَةِ وَالطَهَارَةُ الكَامِلَةُ، تَشْرَبُ فِى جَنَّةٍ عَالِيَةٍ، فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ وَأَكْوَابٌ مَوضُوعَة..
أَمَّا عَلَى المَقْلَبِ الآخَرِ، جَفَّ رِيقُ فَمِى مِنْ كَثْرَةِ الحَدِيثِ عَن صحَّةِ الأَطْفَالِ وَأُسَرِهِمْ، والاِرْتِقَاءِ بِالصِّحَةِ الخَاصَةُ قَبْلَ العَامَةِ – إِلَى مُسْتَوَى العَافِيَةِ، الصِّحَّةُ الشُمُولِيَّةُ الأَكْثَرُ إِيجَابِيَّةٌ، أَمَامُ صَلاحِيَّةُ مَاءُ الشُّربِ وَأَيْضًا صَلاحِيَّةُ عَادَةِ التَخَلُّصِ مِنْ مِيَاهِ البَدَنِ..
رَأَيْنَا كَيْفَ تَنَضُّحُ العَينُِ وفَوَرَانُهَا بِمَاءِ الدَمْعِ إِذَا قَرِحَ الجَنَانُ أى القَلْبُ، كَمَا سَبَقَ أَنْ تَحَدَّثْنَا عَنْ نَضْحُ مِيَاهُ العَرَقِ مِنْ خِلاَلِ جِلْدِ البَدَنِ.. وَلاَ يَزَالُ رِيقُ فَمِى يَجِفْ، فِى حِينِ تُفْرِزُ ثَلاثَةُ أَزْوَاجٍ مِنَ الغُدَدِ اللُعَابِيَّةِ الكَبِيرَةِ بِتَجْوِيفِ الفَّمِ اللُعَابُ، الذِى يَتَرَاوَحُ حَجْمُهُ مِنْ لِتْرٍ إِلَى 2 لِتْر يَوْمِيًا عَلَى مَدَارِ الأَرْبَعِ وَالعِشْرِينَ سَاعَةِ، وَالمُكَوَّنُ أَسَاسًا مِنَ المَّاءِ وَبَعْضَ الكِيمَاوِيَّاتِ.. فَمِنْ ضِمْنُ وَظَائِفُ اللُعَابِ الخَمْسِ وَهُم تَرْطِيبُ الطَّعَامِ وَتَسْهِيلُ عَمَلِيَّةِ البَلْعِ، وَهَضْمُ النَشَوِيَّاتِ، وَتَنْظِيفُ الأَسْنَانِ وَمُقَاوَمَةُ الاِلْتِهَابَاتِ بِالفَمِّ أَيْضًا َوَظِيفَةُ تَرْطِيبُ اللِّسَانِ لِسُهُولَةِ تَذَوُّقِ الطَّعَامِ وَالمُسَاهَمَةُ فِى تَكْوِينِ وإِخْرَاجِ أَصْوَاتِ الكَلِمَاتِ، وَبِالأَخَصِّ الكَلِمَاتِ التِى تَخُصُّ الصِّحَّةِ الاِسْتِبَاقِيَّةِ إِزَاءِ دَوْرَاتِ كِلاَ الأَمْواءِ وَالأَمْوَاهِ.
الحَيَاةُ سَلَفٌ وَدَيْنٌ حَتَّى فِى شَتَّى مَجَالاتِ الصِّحَّةِ.. هُنَاكَ سُلْفَةٌ «مَحْفُوفَةٌ» بِالمَخََََاطِرِ المَائِيَّةِ عِنْدَ الحَدِيثِ عَنْ الصِّحَّةِ السِيَاسِيَّةِ Political Heath. فَلاَ دَاعِيَ لِتَوْكِيدِ مَا هُوَ مُدْرَكُ تَمَامًا، أَنَّ المَنْطِقَةَ العَرَبِيَّةَ الصَحْرَاوِيَّةَ هِيَ الأَسْوَأُ وَالأَفْقَرُ مَائِيًا عَلَى مُسْتَوَى العَالَمِ، فَنَصِيبُهَا أَسَاسًا لاَ يَتَعَدَّىَ نِسْبَةُ 0، 4٪ مِنْ اِجْمَالِى المِيَاهِ الجَارِيَةِ العَالمَِيَّةِ بَيْنَمَا المِسَاحَةُ الكُلِّيَةُ لِلْعَالَمِ العَرَبِى تَبْلُغُ حَوَالِى 3٪ مِنْ مِسَاحَةِ اليَابِسَةِ.. كَمَا لا يَجِبُ أَلاَّ تَفُوتُنَا شَارِدَةً وَلاَ وَارِدَةً، بَِأنَّ نَصِيبُ الفَرْدِ عَلَى الصَعِيدِ العَرَبِى سَيَنْخَفِضُ عَنْ 566 مِتْرٍ مُكَعَّبٍ، بينما المُتَوَسِّطُ العَالَمِى لِنَصِيبِ الفَرْدِ مِنْ المِيَاهِ المُتَاحَةِ يَبْلُغُ 4000 مِتْرٍ مُكَعَّبٍ. إضافةً، مُعْظَمُ الدُوَلِ العَرَبِيَّةِ مُتَرَاهِنَةٌ مَائِيًّا لِدُوَلِ أَعَالِى الأَنْهَارِ، إِذْ 50٪ مِنْ مَصَادِرِهَا المَائِيَّةِ تَأْتِى مِنْ خَارِجِ أَرَاضِيهَا الغَيْرِ عَرَبِيَّةِ.
لاَ أَتَصَوَّرُ أَنَّ أَخْطَرَ أَنْوَاعِ التَّصََحُّرِ المَائِى هُوَ بِالجُغْرَافِى فَقطْ.. مُعْتَبِرًا إِيَاهُ اِبْتِلاَءٌ مِنَ اللهِ، سَتَنْجَحُ بِلا أَدْنَى شَكٍْ الحُكُومَاتُ العَرَبِيَّةُ مُتَضَامِنَةً فِى التَخَطِّى بِشُعُوبِهَا فَوْقَ أَيِّ سَدِّ مِنْ «سُدُودِ النَهْضَةِ«، إِذْ أَنَّ عِلاَجَ التَّصَحُّرِ البَدَنِيِّ العَرَبِيِّ بَاتَ مَرْهُونًا بِالتَوَسُّعِ فِى تَحْلِيَةِ مِيَاهِ البِحَارِ، وَالتَركِيزِ فِى مُعَالَجَةِ مِياهِ الصرفِ «الغَيْرُ صِحِّيٌّ« سَوَاءً معالجةً ثُلاَثِيَّةً أَوْ رُبَاعِيَّةً لِلْمِيَاهِ الرُمَادِيَّةِ وَهِيَ المِيَاهُ التِى تَنْتُجُ عَنْ الاِسْتِعْمَالاَتِ الَمَنْزِلِيَّةِ كَالِاِسْتِحْمَامِ وَ غَسْلِ المَلاَبِسِ وَالأَطْبَاقِ، أَوْ لِلْمِيَاهِ السَوْدَاءِ وَالتِى تَنْتُجُ عَنْ اِسْتِخْدَامِ المَرَاحِيضِ وَدَوْرَاتِ المِيَاهِ.. لَكِنْ كَارِثَةُ البَشَرِيَّةِ الكُبْرَى، وَهِيَ مَا تُعْرَفُ بِالتَّصَحُّرِ العَقْلِى Cerebral Desertification لِلْثَمَانِيَةِ مِلْيَارِ نَسَمَةِ قَاطِنِى سَطْحِ كُرَتِنَا «المَائِيَّةِ، الأَغْنِيَاءِ مِنْهُمِ قَبْلَ الفُقَرَاءِ، الشَّارِدِينَ مِنْهُم بِيئِيََّا وَالمُتَغَيِّبِينَ أَبْجَدِيًا، فَالمَنَاخُ المُحِيطُ بِنَا يَتَغَيَّرُ، وَدَوْرَةِ المِيَاهِ العُظْمَى تُخْتَلُّ خَاصَةً مَعَ بُزُوغِ ظَاهِرَةِ تَحَمُّضِ المُحِيطَاتِ أَيّ تَزَايُدِ نِسْبَةِ الحُمُوضَةِ فِيهِ، لمِاَ تَمْتَصُّهُ البِحَارُ مَا بَيْنَ 25٪ إِلَى 30٪ وَمَا يُطْلِقُهُ البَشَرُ مُتَصَحِّرُ العَقْلِ، مِنْ غَازِ ثَانِيَ أُكْسِيدِ الكَرْبوُنِ فِى الغُلاَفِ الجَوِّيِ عَمَّا كَانَ عَلَيْهِ مُسْتَوَاهُ مَا قَبْلَ الثَّوْرَةِ الصِنَاعِيَّةِ، فَتَسَبَّبَ مُؤَخَّرًا فِى تَغْيِيرِ التَرْكِيبِ الكِيمِيَاِئى لِلْمُحِيطَاتِ، مُشْكِلَةٌ خَطِيرَةٌ لِلْكَائِنَاتِ البَحَرِيَّةِ التِى تحْتَاجُ إِلَى قَلَوِيَّةِ كَرْبُونَاتِ الكَالْسِيُوم لِتَشْكِيلِ أَصْدَافِهَا، بَدْءًا مِنَ الشُعَابِ المُرْجَانِيَّةِ إِلَى القِشْرِيَاتِ المَعْرُوفَةِ، وَالتِى تُشَكِّلُ جُزْءًا هَامًٍا مِنْ أَسَاسِ شَبَكَةِ الغِذَاءِ لِلْمَمْلَكَةِ السَمَكِيَّةِ وَالمُتَجَاوَزُ عَدَدُهَا عَنْ 27 أَلْفٍِ نَوْعٍ.
وَهُنَاكَ سُلْفَةٌ «مَرَضِيَّةٌ» للصِحَّةِ العِلاجِيَّةِ، حَيثُ لاَ يَزَالُ الكَثِيرُونَ مِنَّا يَرْزَحُونَ أَيّ يَضْعَفُونَ تحْتَ وَطْأَةِ كِلاَ عِلَّةِ الدَّاءِ وَتكْلِفَةِ الدَوَاءِ، والحديث عنها مرهق ومكلف.. وَهُنَاكَ سُلْفَةٌ نَقْدِيَّةٌ «صِحِّيَّةٌ« لِلْصِحَّةِ الوِقَائِيَّةِ بِإِقَامَةُ الحَوَاجِزَ الحَمَائِيَّةَ Protectionist Barriers لِلتَحْصِينَاتِ، خَاصَةً عِنْدَ الحَاجَةِ إِلَى لجْمِ اِنْتِشَارُ دَّاءٌ وَبَائِيٌّ عَالَميٌّ، وَعِنْدَمَا تَتَسَارَعُ وَتِيرَةُ تَفَشِّى تَدَاعِيَّاتِهِ السِيَاسِيَّةِ والاِقْتِصَادِيَّةِ.. أَمَّا السُلْفَةُ «المَجَّانِيَّةُ» بِدُونِ دَيْنٍ، وَهِىَ فِى جَلِيَّةِ الأَمْرِ «الأَكْثَرُ صِحَّةٌ» وَِمَا تَنْتَهِجُُهُ الصِّحَّةُ الِاِسْتِبَاقِيَّةُ PREEMPTIVE HEALTH مِنْ سَبِيلٍ، فَهِيَ مُمُاَرَسَةٌ «طَبِيعِيَّةٌ» لَاَ يَنْضَبُ الشَغَفُ بِهَا، جَاءَتُ بِالأَسَاسِ لاِسْتِبَاقِ الأَحْدَاثِ، وَالْتَهَيُّؤُ المُبَكِّرُ لِتَدَابِيرِ أَكْثَرِ عُمْقًا فِى البَصِيرَةِ وَأَكْثَرُ اِحْتِرَازًا فِى الوَتِيرَةِ.. فَمَثَلا أَنْتَ تَسْتَنْشِقُ الأُكْسِجِينَ وَتُخْرِجُ بَعْدَهَا غَازَ ثَانِيَ أُكْسِيدُ الكَرْبُونِ كَسُلْفَةٍ لِلْأَشْجارِ تُرَدُّ لَكَ لَاحِقًا، فَالشَجَرَةِ النَّاضِجَةِ الخَضْرَاءِ تُنْتِجُ فِى الفَصْلِ الوَاحِد كَمِّيَةً مِِنَ الأُكْسِيجِينِ تَكْفِى عَشْرَةِ أَشْخَاصٍ لِسَنَةٍ كَامِلَةٍ. وَعَنْهُ، زَرْعُ فِى عَقْلِ الأَطْفالِ قَبْلَ الكِبَارِ ثَقَافَةُ المَوجَةِ الخَضْرَاءِ بِالمَدَارِسِ والشَّوَارِعِ والأَزِقَّةِ، تُعْتَبَرُ سُلْفَةٌ اِسْتِبَاقِيَّةٌ مَجَّانِيَّةٌ.. وَنَفْسُ الشَيْءِ، عِنْدَمَا تُدْخِلُ الطَعَامَ فِى بَدَنِكَ، وَتَتَخَلَّصُ تِبَاعًا ِمنْ مُخَلَّفَاتِكَ الصَلْبَةِ، لِكَيّ تُخْصِبُ فِى نِهَايَةِ المَطَافِ الأَرْضَ الزِرَاعِيَّةَ، وَالتِى تُوَفِّرُ لَكَ بَعْدَهَا كَرَدِّ دَيْنٍِ طَعَامُكَ النَباتِيُّ أَو الحَيَوانِيُّ، تَعِيشُ عَلَيْهِ يَوْمِيًّا لِأَبَدَ الدَّهْرِ.
أَخِيرًا وَلَيْسَ آخِرًا، هُنَاكَ سُلْفَةٌ خَامِسَةٌ «غَيْرُ تَوَافُقِيَّةٌ» لِلْصِحَّةِ الاِجْتِمَاعِيَّةِ Social Health، تَتَعَلَّقُ بِمَدَى اِرْتِيَاحِنَا كَمُجْتَمَعِ فِى التَّكَيِّفِ مَعَ المَوَاقِفِ الاِجْتِمَاعِيَّةِ ذَاتِ المَرْدُودِ الصِّحِّيِّ أَوْ المَرَضِيِّ، وَبِمَدَى قُدْرََتِنَا كَأَفْرَادِ عَلَى التَّفَاعِلِ السَّوِيِّ مَعَ «الأَزَمَاتِ» الصِّحِّيَةِ أَوْ المَرَضِيَّةِ، وبِمَدَى تَكْوِينُ سَوِيًا عِلاَقَاتٌ اِجْتِمَاعِيَّةٌ ذَاتَ مَغْزَى مَعَ الآخَرِينَ لَهَا تَأْثِيرٌ عَلَى صِحَّتِنَا النَفْسِيَّةِ، العَقْلِيَّةِ وَالجَسَدِيَّةِ.. وَمِن ثَمِّ، لَقَدْ أَصَبْتَ كَبِدَ الحَقِيقَةِ أيّ صُلْبَهَا، عِنْدَمَا نَرْتَوِى بِالماءَ ثُمَّ نَرْوِى بَعْدَهَا «مِيَاهُنَا» فِى شَتىَّ مَصَارِفِ دَوْرَتِنَا المَائِيَّةِ، أَو فِى «دَورَاتِ المِيَاهِ» كَمَا جَرَى العُرْفُ عَلَى تَسْمِيَتِهَا.. وَهُنَا مَكْمَنُ المُعْضِلَةِ غَيْرِ التَوافُقِيَّةِ: تُدْخِلُ مَاءٌ صَالِحٌا لِلْشُرْبِ فِى بَدَنِكَ، وتَتَخَلَّصُ مِنْ مِيَاهِ بَدَنِكَ بِأُسْلُوبٍ غَيْرِ صَالِحٍ.. فَحَدِّث بِلاَ حَرَجٍ عَنْ المُخَلَّفَاتِ «الطَبِيعِيَّةِ» لِلْبَشَرِ وَكَذَا مُخَالَفَاتِهِ «غَيْرِ الطَبِيعِيَّةِ».
وَلْنَبْدَأُ أَوَّلا بِالتَعَرُّفِ عَلَى دَوْرَةِ الِاِتِّزَانِ المَائِى دَاخِلَ جِسْمِ الإنْسَانِ وَالتِى تَتَرَتَّبُ أَسَاسًا عَلَى أَرْبَع عَوَامِلٍ: 1 دَرَجَةُ حَرَارَةُ كِلاَ الجِسْمِ وَالمَنَاخِ المُحِيطِ لَهُ. 2 كِمِّيَةِ المِيَاهِ المُكْتَسَبَةِ مِنْ شَرَابٍ وَطَعَامٍ، حَيْثُ يَتِمُّ بَعْدَهَا تَوْزِيعُ المَاءَ دَاخِلِ الجِسْمِ عَلَى النَحْوِ التَالِى: 60٪ فِى بَلاَزْمَا الدَمِّ وَالمُخِّ وَالعَيْنِ وَالمَفَاصِلِ وَالجِهَازِ الهَضْمِيِّ، 40٪ دَاخِلِ خَلاَيَا الجِسْمِ ذَاتِهَا. 3 كِمِّيَّةِ المِيَاهِ المُسْتَخْدَمَةِ فِى عَمَلِيَّةِ التَمْثِيلِ الغِذَائِيِّ أَوْ مَا يُعْرَفُ بِالأَيْضِ أيّ عَمَلِيَّةِ الطَهْيِ دَاخِلِ مَطْبَخِ الخَلِيَّةِ. 4 مُخَلَّفَاتُ البَشَرِ «الطَبِيعِيَّةِ» أَيّ كِمِّيَةِ المِيَاهِ المُفْتَقَدَةِ مِنْ الجِسْمِ، وَهِيَ 50٪ عَبْرَ مُعَدَّلُ تَنَفُّسِ الرِّئَتَيْنِ بِالدَقِيقَةِ الوَاحِدَةِ وَمَا يَنْتُجُ عَنْهُ مِنْ تَبَخُّرِ المَاءِ مِنْ خِلاَلِ الرِّئَتَيْنِ وَعَرَقِ الجِلْدِ، 50٪ عَبْرَ النُفَايَةِ السَائِلَةِ (البَوْلُ)، 10٪ عَبْرَ النُفَايَةِ الصَّلْبَةِ (الغَائِطُ).. وَلَقَد اِعْتَضَدْتُ أى اِسْتَعَنْتُ بِتِلْكَ الدَوْرَةِ التَوَافُقِيَّةِ لِلْاِتِّزَانِ المَائِى لِلْإِنْسَانِ يَشْرَبُ بِتَحَضُّرٍ بَالِغٍ مَا يَربُو عَنْ 10 لِتْراتٍ يَومِيًا ثُمَّ «يَتَخَلَّفُ» أَكْثَرُ مِنْ نِصْفِ مُخَلَّفَاتِهِ الطَبِيعِيَّةِ (60٪) َبعْدَهَا، مُجْمَلُهَا نُفَايَاتٌ سَائِلَةٌ مِنْ أَجْلِ تَعْضِيدِ أيّ نُصْرَةِ مَوْقِفِى إِزَاءِ مَكْمَنِ المُعْضِلَةِ الغَيْرِ تَوافُقِيَّةِ لِلْإِنْسَانِ!
ومن مُخَالَفَاتِ البَشَرِ «غَيْرِ الطَبِيعِيَّةِ» عَلَى سَبِيلِ الذِكْرِ وَلاَ الحَصْرِ، تُسْتَهَلُّ ِالحَيَاةِ مَعَ اِسْتِبْدَالِ لَبََنِ الأُمِّ بِلَبَنٍ غَيْرِ طَبِيعِيٍّ مَخْلُوطٍ بمِيَاهٍ تَكُونُ فِى غَالِبِ الأَحْيَانِ غَيْرِ مُعَقَّمَةِ مُقَارَنَةً بِلَبَنِ الأُمِّ، ثُمَّ اِسْتِبْدَالِ عَادَةُ شُرْبُ المَاءِ الصَّالِحِ بِالمَشْرُوبَاتِ السُكَّرِيَّةِ الغَازِيَّةِ عَلَى «مَاءِ.دَةِ» الطَعَامِ، ثُمَّ الاِسْتِغْنَاءِ عَنْ الخُضْرَوَاتِ وَالفَوَاكِهِ الطَبِيعِيَّةِ وَالغَنِيَّةِ بِالمَاءِ «المَخْلُوطِ» إلَهِيًا بِالمُحَفِّزَاتِ الحَيَوِيَّةِ لِمِنَاعَةِ جِسْمَكْ (الڤِيتَامِيناَتِ الشَامَلِةِ وَالمَعَادِنِ «النَفِيسَةِ» وَمُضَادَاتِ الأَكْسَدَةِ وَغَيْرِهِ)، وَالتِى تحْميِكَ مِنْ رَهْبَةِ المَوْجَاتِ الڤَيْرُوسِيَّةِ المُوسِمِيَّةِ أَوْ غَيْرِهَا، وَمِنْ كَارِثَةِ اِسْتِبْدَالِهَا بِالَمَأْكُولاَتِ سَرِيعَةِ الإعْدَادِ أَوْ المُغَلَّفَةِ.. فَيَكْفِيكَ أَنْ تُدْرِكَ، عَزِيزِى القَارِئِ، أَنَّ وَفْرَةَ هَذَا المَاءِ «المَخْلُوطِ» عِنْدَ الفَاكَهَانِى وَالخُضْرَوَاتِى بِآخِرِ الشَّارِعِ، يُسْهِمُ ِاسْهَاما جَلِيلا فِى تَفْسِيرِ فَرْقِ الإصَابَاتَ وَالوَفِيَّاتِ بِڤَيْرُوسِ كُورُونَا، مُقَارَنةً مَعَ الدُّوَلِ «المُتَقَدِّمَةِ» وَالغَنِيَّةِ بِوَجَبَاتِهِم وَمَشَارِيبِهِم «غَيْرِ الصِحِّيَّةٍ» بِأَنْوَاعِهَا، مُفْتَرِضًا أَلاَّ تُغْسَلُ بمَاءِ التِرْعَةِ وَالمُلَوَّثَةِ بمُخَلَّفَاتِ الإنْسَانِ مَعَ رَوَثِ الحَيَوانِ.
أَمَّا التَّصَحُّرِ الذِهْنِيُّ الآخَرِ لِلبَشَرِ فِى «دَوْرَاتِ المِيَاهِ العَامَةِ» بِالمَدَارِسِ أَوْ بِالمَصَالِحِ الحُكُومِيَّةِ أَوْ الأَمَاكِنِ العَامَةِ يُعْتَبَرُ حَقًا «حَدَثٌ» مُنْكَرٌ.. فَقَضَاءِ الحَاجَةِ لِلإنْسَانِ سَوَاءٌ الحَدَثِ الأَكْبَرِ أَوْ الأَصْغَرِ، أَمْرٌ طَبِيعِيٌّ لاَ خِلاَفَ عَلَيْهِ، فِى حِينَ أَنَّ مَا يَحْدُثُ يَوْمِيًّا فِى دَوْرَاتِ المِيَاهِ العَامَةِ للدُوَلِ النَاميَةِ، أمرٌ سُلُوكِيٌّ غَيْرُ طَبِيعِيٌّ، مُخَالِفٌ بِحَقِّ لِكُلِّ الأَعْرَافِ الصِّحِّيَةِ.. كَمَا أَنَّ مَا يَحْدُثُ مُؤَخَّرًا مِن قِبَلِ الإِنْسَانِ «المُتَحَضِّرِ» فِى الدُوَلِ الغَنِيَّةِ أَمْرٌ مَصِيرِيٌّ شَاذٌ مُخَالِفٌ ِلِكُلِّ المُثُلِ الإنْسَانِيَّةِ وَالأَعْرَافِ «الآدَمِيَّةِ».. فَالأَوَّلِ خُلِقَ عَلَى الفِطْرَةِ، وَمَعَ اِخْفَاقِ وصول التَوْعِيَةِ الصِّحِّيَةِ الإعلامية المناسبة لَهُ، فَهُوَ بِأَشَدِّ الحَاجَةِ إلَى أَنْ نُحَضِّضَهُ أَيّ نَحُثَّهُ عَلَى الأَمْرِ الصَحِيحِ، أَلاَ وَهِيَ تَحْتَ رِعَايَةِ وَمُتَابَعَةِ أَطِبَّاءِ الوِحْدَةِ الصِحِّيَّةِ َتَشْجِيعِهِ عَلَى المُشَارَكَةِ الصِّحِّيَّةِ الاِسْتِبَاقِيَّةِ مَا قَبْلَ وُقُوعِهِ فِى بَرَاثِنِ الأَمْرَاضِ، فِى تَوْفِيرِ مُسْتَوَى صِحِّيٍّ مُلاَئِمٍ فِى بَيْتِهِ وَحَظِيرَةِ حَيَوَانَاتِهِ وَأَيْضًا مَكَانِ قَضَاءِ حَاجَتِهِ، عَلَى أَنْ تَكُونَ تِلْكَ المُشَارَكَةُ مَرْبُوطَةٌ أَوْ مَرْهُونَةٌ بِحِزَمِ الخَدَمَاتِ الزِرَاعِيَّةِ وَالتَمْوِينِيَّةِ المُقَدَّمَةِ لَهُ مِنْ قِبَلِ الحَكُومَةِ، وَهَذَا أَوَّلا وَأَخِيرًا لِمَصْلَحَتِهِ الشَخْصِيَّةِ وَلِمَصْلَحَةِ أُسْرَتَهُ الصِّحِّيَّةِ.. أَمَّا الثَانِى الذِى يَخْتَلِقُ اِفْتِرَاءً الجِنْسُ البَشَريُّ «الثَالِثُ»، ذاكِرًا أَنَّ هُنَاكَ الآن آدَمُ وَحَوَّاءُ والجِنْسُ الثَالِثِ، وَرَافِضًا أَنْ يَكُونَ رَجُلٌ وَلاَ اِمْرَأَةٌ، فَهُوَ يَدَّعِى أَنّهُ شَخْصٌ ذُو هَوِيَّةٍ جِنْسِيَّةٍ «ثَالِثَةٍ» تَخْتَلِفُ عَنْ الجِنْسِ المُقَدَّرِ لَهُ مِنَ الخَالِقِ عِنْدَ الوِلاَدَةِ. والنَكْبَةُ الكُبْرَى، أَنَّهُ تَمَّ التَصْدِيقُ بالإِجْمَاعِ فِى المَجَالِسِ النِيَابِيَّةِ لِعَِشَرَاتِ الدُوَلِ «المُتَحَضِّرَةِ» فِى هَذَا الأَمْرِ الشَائِنِ وَالمَعِيبِ، وَتَمَّ بِالفِعْلِ تَخْصِيِصِ لِهَذَا الجِنْسِ «الغَرِيبِ مِن نَوعِهِ» مَكَانٌ فِى دَوْرَاتِ المِيَاهِ العَامَةِ، وَأَضْحَى مَكْتُوبٌ عَلَى مَداخِلِ الأَبْوَابِ بِهَا: رِجَالِ، سَيِّدَاتِ، آخَرِين (لاَ رِجَال وَلاَ نِسَاء)!! كَمَا أَنَّهُ تَمَّ اِضَافَةُ رَسْمِيًّا فِى شَهَادَاتِ المِيلاَدِ المُوَثَّقَةِ لِتِلْكَ الدُوَلِ «المُتَحَضِّرَةِ» خَانَةٌ ثَالِثَةٌ لِهَذَا الجِنْسُ المُسْتَحْدَثُ، إِلَى جَانِبِ خَاَنتَيِّ الذَكَرِ وْالأُنْثَى. والعِيَاذُ بِاللهِ الخَالِقُ البَارِئُ!!
وَعَنْهُ، أَمْرُ فِى غَايَةِ الأَهَمِّيَّةِ، وَمَا قَبْلَ وُصُولِ هَذَا الَوبَاءُ المُدَمِّرُ فِى بِلاَدِنَا العَرَبِيَّةِ، أَنْ نُسْرِعُ اِسْتِبَاقِيًا وَنَتَّخِذُ زِمَامَ المُبَادَرَةِ مُبَكِّرًا، وَنُسْرِعُ فِى تَرْسِيخِ القِيَمِ «الآدَمِيَّةِ» الصَالِحَةِ فِى أَذْهَانِ أَوْلاَدُنَا قَبْلَ أَنْ تُلَوَّثَ مَعَ أَبْدَانِهِمْ.. وَلْتَكُنْ نَشْأَةُ أَوْلاَدُنَا مَدْعُومَةٌ دَوْمًا بِالدِينِ وَمَحْسُومَةٌ دَائِمًا بِالقِيَمِ.. وَالاِنْتِبَاهُ مِنَ الآنِ فَصَاعِدِ بِضَرُورَةِ التَعَامُلِ مَعَ الوَلَدِ كَذَكَرٍ، وبِالتَوَازِى تَنْشِئَةِ البِنْتِ كَالأُنْثَى، وَأَلا نَخْلِطُ الأُمُور الطَبِيعِيَّةِ.. فَلاَ تَرْبِيَةُ وَلَدٌ مُتَأَنِّثٌ وَلاَ تَشْجِيعُ بِنْتُ عَلىَ التَشَبُّهِ بِالرَجِلِ أَيّ الاِسْتِرْجَالِ، مُدْعِيًا إِيَاهُمَا بِالتَحَرِّرِ وَالتَّحَضُّرِ وَمُوَاكَبَةِ العَصْرِ.. كَفَانَا بِاللهِ عَلَيْكُم تحَضُّرُ المَظَاهِرِ الزَائِفًةِ وَتَقْلِيدِ ظَوَاهِرِ البَبَّغَاوَاتِ، حِِينَ تَتَشَنَّجُ عَضَلَةُ لِسَانُ الفَمِ العَرَبِيَّةِ عِنْدَ التَفَوُّهُ بِلُغَةٍ غَرْبِيَّةٍ، دُونَ أَنْ يَكْتَرِثْ هَذَا اللِسَانُ بِحُسْنِ تَلَفُّظِ كَلِمَاتِ اللُّغَةِ الأُمِّ، وَ بِالإنجِلِيزِيَّةِ Mother Tongue !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.