«الشروق» تنفرد بأول زيارة ميدانية للمركز الطبي المصري في جنوب السودان

المركز يوفر الخدمات الطبية بأسعار رمزية والدواء بسعر التكلفة عبر 11 عيادة متخصصة.. ويضم 11 طبيبا مصريا يعاونهم طاقم تمريض محلى لتسهيل التواصل مع المرضى
استقبال الآلاف من المرضى ضمن مبادرة الرئيس السيسى ل«علاج مليون إفريقى من فيروس سى».. ومواطنة جنوب سودانية: نثق فى الأطباء المصريين
عندما تزور عاصمة جنوب السودان «جوبا»، وفى قلب «شارع المطار» أشهر شوارع المدينة الهادئة، حتما ستنتبه أنظارك إلى احد المبانى العريقة به، يحمل فوق بنيانه أعلام «جمهورية مصر العربية، وجمهورية جنوب السودان»، ولكنك لن تبذل جهدا شاقا حتى تعرف هوية هذا المبنى أو ماذا يُقدم لمواطنى الدولة المضيفة فاسمه خير معبر عنه، Egyptian Medical Center أى «المركز الطبى المصرى»، الذى افتتحه رئيس جهاز المخابرات العامة الوزير عباس كامل، ووزيرة الصحة الدكتورة هالة زايد، بحضور عدد كبير من المسئولين بجنوب السودان، منتصف شهر أغسطس الماضى.
«المركز يُقدم خدماته لمختلف فئات المجتمع الجنوب سودانى، وبأسعارً رمزية والدواء يُباع بسعر التكلفة».. هكذا استهل المدير الإدارى للمركز الدكتور محمد خطاب حديثه ل«الشروق»، مضيفا أن المواطن الجنوبى يتلقى الخدمة الطبية بالمركز مقابل 5 جنيهات «جنوب سودانى» فقط (علما بأن 1 دولار أمريكى يُعادل 450 جنيها جنوبيا) أما الدواء يتم بيعه من خلال صيدلية مُلحقة بالمركز بسعر التكلفة علما بأنه صناعة مصرية، وكذلك إجراء الآشعة والتحاليل الطبية يُقدم أيضا بنصف الأسعار مقارنة بالمستشفيات الأخرى».
وأوضح خطاب ل«الشروق» أن المواطن الجنوبى غير القادر على دفع ثمن العلاج أو الكشف الطبى يتم اعفاءه تماما من ذلك، أو يتم إجراء خصم يصل لأكثر من 50 % وذلك بناءً على توجيهات القيادة السياسية المصرية، مؤكدا أن المركز الطبى المصرى غير هادف للربح على الإطلاق.
وفى قاعة استقبال المركز ستجد هناك العشرات بل والمئات من مواطنى جنوب السودان فى انتظار إجراء الفحوصات الطبية اللازمة، يمثلون جميع الفئات العمرية والمجتمعية.
وخلال الجولة الميدانية التى تنفرد «الشروق» بها داخل أروقة المركز التى اصطحبنا خلالها المدير الإدارى للمركز الدكتور محمد خطاب، أوضح أن مصر انشأت العيادة المصرية فى جوبا عام 2008 بطاقة ثلاث عيادات داخلية فقط فى تخصصات «الباطنة، الأطفال، والنساء والتوليد»، ولكن فى ظل تقارب العلاقات بين مصر وجنوب السودان والدعم المصرى لها فى مجال الصحة، عملت مصر على تطوير تلك العيادة لتصبح مركز طبى متكامل يعمل على تقديم جميع الخدمات الطبية، وتوسيع عدد عياداته المتخصصة وإضافة أعداد طاقم الأطباء والممرضين العاملين به.
ويتضمن المركز ما يقرب من 11 عيادة متخصصة، بسعة «عيادتين للباطنة، عيادتين للأطفال، عيادتين للأسنان، عيادة للنساء والتوليد، عيادة لجراحة العظام، عيادة جلدية وتناسلية، عيادة الجراحة العامة، عيادة العيون«، بالإضافة إلى قسم الأشعة، ومعمل تحاليل وفحوصات متطورة».
وفى عيادة «النساء والتوليد»، يقول الطبيب المصرى المتخصص فى أمراض النساء والتوليد، محمد جمال ل«الشروق»، أن العيادة تُقدم لنساء جنوب السودان جميع الخدمات الطبية اللازمة، بدءً من المتابعة الدورية على مدار أشهر الحمل وحتى مرحلة الإنجاب، فضلا عن المتابعة عبر إجراء الأشعة، بالإضافة إلى تشخيص وعلاج حالات تأخر الإنجاب.
أما فى عيادة «الباطنة»، أكد الطبيب المصرى المتخصص فى أمراض الباطنة، أحمد الغمرى، أن العيادة تُقدم خدمة التشخيص والعلاج لمرضى الضغط، والسكرى، الكلى، الكبد، بالإضافة إلى مرضى فيروس سى، فضلا عن تقديم التطعيمات اللازمة لمكافحة الأمراض المستوطنة ك«الملاريا، والتيفود« المنتشرين فى جنوب السودان، مضيفا أن العيادة أيضا تقدم الفحوصات الطبية والأشعة لمرضى القلب والصدر ووظائف الكلى والكبد وعلاج مرضى كولسترول الدم.
فيما يقول الطبيب المصرى، محمد عوض، إن معمل التحاليل يعمل بالتنسيق مع جميع عيادات المركز، بحيث يُقوم بإجراء مختلف أنواع التحاليل للمرضى فى جميع التخصصات.
أما أخصائى أمراض الجلدية والتناسلية، الدكتور فادى محمد يوسف، أكد ل«الشروق» أن عيادة الجلدية تُقدم خدمات متطورة للغاية للمواطنين، لاسيما فى ظل ندرة ذلك التخصص فى جنوب السودان، ولذلك تم التركيز على إنشاء عيادة الجلدية ودعمها بجميع المتطلبات اللازمة لها، مضيفا إنها تُقدم خدمة الفحص والتشخيص للمرض، وخدمات الحقن الموضعى تحت الجلد لإزالة العلامات الجلدية البارزة، وبشأن أمراض الشعر يتم علاج الزوائد الجلدية عبر الكى الكهربائى، وفيما يتعلق بالأمراض التناسلية الشهيرة لدى الذكور والإناث يتم الفحص أيضا والتشخيص وتقديم العلاج اللازم لتلك الحالات.
وداخل عيادة الأسنان والتى تم إضافتها حديثا للمركز أيضا، تُقدم خدمات علاجبة وجراحية وتجميلية، حيث تُجرى عمليات «حشو الأسنان، وحشو العصب، وعلاجات اللثة، وتنظيف الأسنان»، مع إجراء الفحص اللازم عبر جهاز آشعة الفك المتطور.
وفى عيادة «أمراض العيون والرمد»، قال الطبيب المصرى وأخصائى الرمد محمود الدسوقى، أن العيادة تقُدم خدمات «فحص قاع العين، وقياس ضغط العين، والفحص الطبيعى الشامل للعين، وفحص القرنية، فحوصات النظارات الطبية أيضا».
وبالتجول داخل المركز ستجد على أطرافه غرفة كبيرة مُلحقة به، وهى «الصيدلية المصرية» والتى تعمل على بيع الدواء الذى «صنع فى مصر» للمرضى بعد انتهائهم من إجراءاءت الفحص الطبى.
وبزيارة غرفة «عيادة الأطفال»، قالت «إيفا.ش» المواطنة الجنوبية التى كانت تحمل طفلها «خميس.م» على يديها، إن المركز الطبى المصرى من أفضل الأماكن التى تُقدم خدمة طبية جيدة فى جنوب السودان، مضيفة «نحن نثق فى الأطباء المصريين»، وطفلى الصغير الذى يُعانى من ارتفاع درجة الحرارة وانخفاض وزنه، لم أفكر فى علاجه إلا بالمركز المصرى لتلك الثقة.
أما المدير الطبى للمركز الدكتور حسام عامر، فقد أكد أن المركز يتضمن طاقم طبى مصرى برئاسته يضم 11 طبيبا من العاملين بوزارة الصحة، وطاقم تمريض يضم ما يقرب من 14 فردا من جنوب السودان، وذلك حتى يتم التعامل مع جميع المرضى بسهولة، لاسيما فى ظل تعدد اللهجات المحلية للدولة، هذا بالإضافة إلى طاقم إدارى برئاسة الدكتور محمد خطاب، يضم ما يقرب من 8 إداريين مصريين.
وخلال عام 2019، أطلق الرئيس عبدالفتاح السيسى مبادرة «علاج مليون أفريقى من فيروس سى»، وبالفعل مع نهاية العام الماضى، قام وفد طبى مصرى بزيارة جنوب السودان بافتتاح وحدة الفيروسات الكبدية والتى تم تجهيزها بجميع المستلزمات والأجهزة الطبية والأدوية اللازمة لعلاج فيروس سى، وذلك بالعيادة المصرية قبل تطويرها إلى المركز الطبى تحت شعار «تحيا مصر إفريقيا».
وفى ذلك السياق، أكد الأطباء العاملين بالمركز إنه تم استقبال الآلاف من المرضى ضمن إطار تلك الحملة والمستمرة فعاليتها حتى الوقت الراهن، وقد تم شفاء معظم الحالات التى تم استقبالها، مؤكدين أن كل حالة لها كراسة متابعة حالة خاصة بها فقط لضمان متابعتهم الدورية.
أما فى ظل انتشار فيروس «كورونا المستجد» عالميا، قدمت مصر أيضا خدماتها الطبية إلى مواطنى جنوب السودان من خلال المركز حيث تم طرح المضادات الحيوية، والأدوية الخاصة لعلاج أمراض الصدر لمواطنى، مع طرح وتوافر الكمامات الطبية.