تمارا حداد: نتنياهو يخطط لتوسيع سيطرته على 8 دول عربية لتحقيق حلم إسرائيل الكبرى    اليوم.. وزير خارجية أمريكا يُجري محادثات مع مستشاري الأمن القومي بأوكرانيا وأوروبا    بدء دخول 20 شاحنة مساعدات إلى معبر كرم أبو سالم لدخولها لقطاع غزة    موعد مباراة الزمالك ومودرن سبورت في الدوري المصري    "بالعين المجردة".. أول تعليق من شوبير على هدف الإسماعيلي الملغى أمام الاتحاد    "كانت مظاهرة حب".. شوبير يعلق على مشهد جنازة والد محمد الشناوي    اليوم.. أولى جلسات محاكمة تشكيل عصابي متهم بسرقة المساكن في الأميرية    أغسطس "خارج التوقعات"، انخفاض بدرجات الحرارة، أمطار ورياح مثيرة للرمال بهذه المناطق، وارتفاع الأمواج يعكر صفو المصطافين    هبوط حاد ل الدولار الأمريكي اليوم الخميس 21-8-2025 عالميًا.. واستقرار بقية العملات الأجنبية    اشتباه إصابة محمود نبيل بتمزق في العضلة الخلفية.. وبسام وليد يواصل التأهيل لعلاج التهاب أوتار الساق اليمنى    عاجل.. مايكروسوفت تراجع استخدام الجيش الإسرائيلي لتقنياتها بسبب حرب غزة    فصل رأس عن جسده.. تنفيذ حكم الإعدام بحق "سفاح الإسماعيلية" في قضية قتل صديقه    وداعا القاضى الأمريكى الرحيم فرانك كابريو فى كاريكاتير اليوم السابع    محافظ المنيا يشهد احتفالية ختام الأنشطة الصيفية ويفتتح ملعبين    دعاء الفجر| اللهم اجعل هذا الفجر فرجًا لكل صابر وشفاءً لكل مريض    رجل الدولة ورجل السياسة    رئيس شعبة السيارات: خفض الأسعار 20% ليس قرار الحكومة.. والأوفر برايس مستمر    مروة يسري: جهة أمنية احتجزتني في 2023 أما قلت إني بنت مبارك.. وأفرجوا عني بعد التأكد من سلامة موقفي    وداعا لمكالمات المبيعات والتسويق.. القومي للاتصالات: الإيقاف للخطوط والهواتف غير الملتزمة بالتسجيل    فلكيًا.. موعد المولد النبوي الشريف 2025 رسميًا في مصر وعدد أيام الإجازة    أذكار الصباح اليوم الخميس.. حصن يومك بالذكر والدعاء    للرجال فقط.. اكتشف شخصيتك من شكل أصابعك    سعر التفاح والمانجو والفاكهة بالأسواق اليوم الخميس 21 أغسطس 2025    سعر الدولار الآن أمام الجنيه والعملات الأخرى قبل بداية تعاملات الخميس 21 أغسطس 2025    إصابة مواطن ب«خرطوش» في «السلام»    «هاتوا الفلوس اللي عليكو».. تفاعل جمهور الأهلي مع صفحة كولومبوس كرو بعد ضم وسام أبو علي    توقعات الأبراج حظك اليوم الخميس 21-8-2025.. «الثور» أمام أرباح تتجاوز التوقعات    سامح الصريطي عن انضمامه للجبهة الوطنية: المرحلة الجديدة تفتح ذراعيها لكل الأفكار والآراء    «عنده 28 سنة ومش قادر يجري».. أحمد بلال يفتح النار على رمضان صبحي    تعاون علمي بين جامعة العريش والجامعة المصرية اليابانية للعلوم والتكنولوجيا    الآن.. شروط القبول في أقسام كلية الآداب جامعة القاهرة 2025-2026 (انتظام)    «لجنة الأمومة الآمنة بالمنوفية» تناقش أسباب وفيات الأمهات| صور    لماذا لا يستطيع برج العقرب النوم ليلاً؟    استشاري تغذية يُحذر: «الأغذية الخارقة» خدعة تجارية.. والسكر الدايت «كارثة»    علاء عز: معارض «أهلا مدارس» الأقوى هذا العام بمشاركة 2500 عارض وخصومات حتى %50    رئيس اتحاد الجاليات المصرية بألمانيا يزور مجمع عمال مصر    ضربها ب ملة السرير.. مصرع ربة منزل على يد زوجها بسبب خلافات أسرية بسوهاج    شراكة جديدة بين "المتحدة" و"تيك توك" لتعزيز الحضور الإعلامي وتوسيع نطاق الانتشار    استخدم أسد في ترويع عامل مصري.. النيابة العامة الليبية تٌقرر حبس ليبي على ذمة التحقيقات    الجبهة الوطنية يعين عددًا من الأمناء المساعدين بسوهاج    أخبار× 24 ساعة.. مياه الجيزة: عودة الخدمة تدريجيا لمنطقة كفر طهرمس    بعد التحقيق معها.. "المهن التمثيلية" تحيل بدرية طلبة لمجلس تأديب    بعد معاناة مع السرطان.. وفاة القاضي الأمريكي "الرحيم" فرانك كابريو    ليلة فنية رائعة فى مهرجان القلعة للموسيقى والغناء.. النجم إيهاب توفيق يستحضر ذكريات قصص الحب وحكايات الشباب.. فرقة رسائل كنعان الفلسطينية تحمل عطور أشجار الزيتون.. وعلم فلسطين يرفرف فى سماء المهرجان.. صور    ناصر أطلقها والسيسي يقود ثورتها الرقمية| إذاعة القرآن الكريم.. صوت مصر الروحي    بالصور.. أحدث جلسة تصوير جريئة ل دينا الشربيني بفستان قصير    لبنان: ارتفاع عدد ضحايا الغارة الإسرائيلية على بلدة "الحوش" إلى 7 جرحى    اتحاد الكرة يفاوض اتحادات أوروبية لاختيار طاقم تحكيم أجنبي لمباراة الأهلي وبيراميدز    90 دقيقة تحسم 7 بطاقات أخيرة.. من يتأهل إلى دوري أبطال أوروبا؟    نيويورك تايمز: هجوم غزة يستهدف منع حماس من إعادة تنظيم صفوفها    الجنائية الدولية: العقوبات الأمريكية هجوم صارخ على استقلالنا    السفير الفلسطيني بالقاهرة: مصر وقفت سدًا منيعًا أمام مخطط التهجير    جمال شعبان: سرعة تناول الأدوية التي توضع تحت اللسان لخفض الضغط خطر    كلب ضال جديد يعقر 12 شخصا جديدا في بيانكي وارتفاع العدد إلى 21 حالة خلال 24 ساعة    عودة المياه تدريجيا إلى كفر طهرمس بالجيزة بعد إصلاح خط الطرد الرئيسي    ما الفرق بين التبديل والتزوير في القرآن الكريم؟.. خالد الجندي يوضح    أمين الفتوى يوضح الفرق بين الاكتئاب والفتور في العبادة (فيديو)    طلقها وبعد 4 أشهر تريد العودة لزوجها فكيف تكون الرجعة؟.. أمين الفتوى يوضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حروب كروية
نشر في الشروق الجديد يوم 13 - 11 - 2009

لا شىء يمكن أن يثير شهيتك للضحك والبكاء معا، مثل متابعة ما نشرته الصحف ووسائل الإعلام والفضائيات عن الاستعدادات غير الطبيعية، والنداءات المتكررة لجماهير المشجعين، التى سبقت مباراة مصر والجزائر فى تصفيات كأس العالم.. والتى تحولت إلى حلم قومى بل إلى كابوس لدى الطرفين، وحين يصل الأمر إلى حد الخلاف بين زوج جزائرى وزوجته المصرية حول المباراة، و«تهج» الزوجة من البيت حاملة طفلها معها إلى حيث لا يدرى أحد. أو حين تقرأ أن المدرب الجزائرى أعلن أن مصر قد بثت عيونها وجواسيسها لمراقبة اللاعبين الجزائريين فى معسكر التدريب بإيطاليا، وأن المصريين يلجأون إلى أساليب السحر والشعوذة، فلابد بالتأكيد أن تكون فى إحدى هذه البلاد التى وصلت إلى الحضيض.. بحيث غدت كرة القدم هى المجال الوحيد لمنافسة الأقدام بدلا من العقول، والتنفيس عن الكبت السياسى، والحصار الأمنى، بل ربما كانت هى المجال الوحيد الذى تمارس فيه المرأة حريتها فى مناصرة هذا الفريق أو ذاك، والذى يختار فيه المواطن المقهور بمحض إرادته تشجيع لاعب دون آخر، وفريقا على حساب فريق.
وحتى أيام قليلة، لم أكن أقرأ فى صفحات الرياضة غير عناوينها الرئيسية وتعليق هنا وتعليق هناك، ولكنى منذ بدأت ألاحظ ما طرأ عليها من سخونة وتصعيد فى تبادل الاتهامات تنشر فى صحف الجزائر، وأخرى أكثر التهابا تنشر فى صحف القاهرة، يعدد فيها كل طرف انتصاراته وإنجازاته التاريخية، مما اضطر الاتحاد الدولى للكرة «الفيفا» إلى تحذير البلدين من مغبة إشعال النيران وصب الزيت على الأعصاب المتوترة، منبها إلى أنه سيرسل لجنة للمراقبة والتأكد من عدم حدوث مشكلات، ثارت لدى الكثيرين ولدىّ المخاوف من احتمالات صدام بين الطرفين يفقد فيها فريق الجزائر أعصابه ولا يعرف أحد مداه.
أغلب الظن أن العالم يراقب الآن تلك الحرب الكلامية الدونكيشوتية بقدر لا بأس به من السخرية.، فالعالم كله يلعب الكرة، ويفوز ويخسر.. ولكن دون أن تصل العلاقات بين دولتين شقيقتين إلى ما يشبه الحرب. وقد وقعت قبل ذلك صدامات وأعمال شغب وعنف على إثر مباريات لكرة القدم فى إيطاليا وفرنسا وبريطانيا.. أُحرقت فيها سيارات، وحُطمت واجهات المحال التجارية، وتدخل البوليس بالغازات المسيلة للدموع.. ولكن لم يصل الأمر إلى نشوب حرب حقيقية كالتى نشبت بين السلفادور وهندوراس فى أمريكا اللاتينية، وكانت كرة القدم هى الفتيل الذى أشعلها.
ولا بأس من التذكير بهذه الحرب التى ذهبت مثلا على حجم التعصب الكروى، الذى يجرى فيه شحن الغرائز والمشاعر للتعويض عن كل ما يعانيه المواطن من حرمان وما يتعرض له من قمع.. حتى ينفجر الموقف بطريقة لا يمكن التحكم فيها، وهى شروط تتوافر فى مصر والجزائر بسخاء!
وكانت المشاحنات والاحتكاكات بين هندوراس والسلفادور عام 1969 قد تفاقمت فى ظل ظروف اقتصادية سيئة، وتدهور فى الأوضاع السياسية فى البلدين، وضاعف من حدتها إقدام حكومة الهندوراس على طرد عدة آلاف من العمال المهاجرين القادمين من السلفادور، وازداد التوتر بين البلدين المتجاورين، حين شاء سوء الحظ أن يكون التنافس فى نفس الوقت بين فريقى كرة القدم للهندوراس والسفادور اللذين كانا قد وصلا إلى نهائيات كأس العالم، واشتعل الشعور القومى بين البلدين فى مباراة الذهاب ليتحول إلى اعتداءات متبادلة، تعرض خلالها آلاف العمال المهاجرين من السلفادور للضرب والطرد والإيذاء الجسدى، وفى صباح 14 يوليو تحركت القوات المسلحة من الجانبين، واستولت السلفادور على أجزاء من أراضى هندوراس، وتدخل الطيران، وقطعت العلاقات الدبلوماسية.. والمهم أن القتال لم يتوقف إلا بعد تدخل منظمة الدول الأمريكية.
ربما لم تتكرر حرب بسبب كرة القدم اشتركت فيها الدبابات والطائرات وذهب ضحيتها عدة آلاف مثل تلك التى وقعت بين السلفادور وهندوراس، ولكن لحسن الحظ فإن مسافة الجوار بين مصر والجزائر تحسب بآلاف الأميال، وإلا لوجدنا أنفسنا اليوم إزاء حرب حقيقية ليس مع إسرائيل ولكن مع أشقاء لنا فى الجزائر!
وفى اعتقادى شخصيا أن الإعلام الرياضى الذى حذرت منه وزارة الخارجية متأخرة يتحمل فيه الجانبان مسئولية خاصة فيما وصلت إليه مشاعر التحفز والاستفزاز وإثارة النعرات القومية والتاريخية التى أخذت الأقلام والألسنة فى الجزائر ومصر ترددها ببلاهة وجهل تقتل الروح الرياضية وتلوث معنى النصر والهزيمة.. إذ ما الذى يعنيه أن يتحقق «الحلم»، وتصل مصر أو الجزائر إلى بطولة العالم؟! ثم ماذا؟!
لقد حصلت مصر قبل ذلك على بطولة كأس الكرة الأفريقية، فماذا حدث؟ أغرقت عبارة عليها أكثر من 1200 شخص. ولم يتحقق لمصر أى تقدم فى أى مجال آخر من مجالات الحياة الاجتماعية أو السياسية أو الاقتصادية. وتكاد الأوضاع فى البلددين تتشابه، من حيث غياب الديمقراطية، والتشرذم السياسى، والاستئثار بالحكم، وانتشار الفساد، وازدياد معدلات الفقر وارتفاع معدلات البطالة.
وربما لهذا السبب يتسابق الناس مع كل مباراة لكرة القدم فى الاستعداد للنصر، وتوقع الفرحة، ونسيان الهموم والمشاكل.. فقد صارت كرة القدم فى البلدين هى مصدر البهجة الوحيدة فى حياتهم لو استجيب لدعائهم وتحقق النصر. ومصدر النكد الاجتماعى الشامل لو حصلت الهزيمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة