لو اتفقنا على أن عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية هو شخص جيد ومحبوب فعلينا أن نوجه الشكر للرئيس حسنى مبارك على ذلك. قد يصدم هذا الاستنتاج كثيرين، لكنه الحقيقة من وجهة نظرى التى لا تلزم أحدا. علينا أن نتفق أولا على أن كل السلطات موجودة فى يد مبارك.. وعندما اختار عمرو موسى ليصبح وزيرا للخارجية فى أوائل التسعينيات كان يدرك من واقع التقارير هويته وآراءه وأفكاره ومن يحب ومن يكره. بعض السذج والبسطاء وأنصاف المتعلمين يعتقدون أن هناك فارقا جوهريا بين عمرو موسى وحسنى مبارك، مستدلين على ذلك بتصريحات موسى النارية ضد إسرائيل وأحيانا أمريكا، ويشطح البعض أكثر واصلين إلى أن موسى يعد ناصريا مثلما قيل ذلك من قبل عن أسامة الباز ومصطفى الفقى وكثيرين غيرهما. لا يعرف هؤلاء أنه ما كان يمكن لموسى أن يطلق تصريحاته ضد إسرائيل أو أمريكا من دون موافقة مبارك، ولا يعرف هؤلاء أيضا ما يسمى بقصة توزيع الأدوار وخلاصتها فى حالتنا هذه أن موسى يطلق ما يشاء من تصريحات ساخنة ترضى «جمهور الدرجة الثالثة أو الترسو»، لكن الإسرائيليين والأمريكيين وكل العالم يعرف أن ما يقوله حسنى مبارك فقط هو ما يمثل السياسة الخارجية المصرية. وهكذا خرج موسى من هذه العملية باعتباره البطل الشعبى، لكن المشكلة أن جوهر السياسات ظل كما هو. ما سبق ليس ذما فى موسى أو إشادة بمبارك، لكنه أمر مهم كى نطالب السيد موسى إذا كان ينوى فعلا التفكير فى الترشح لمنصب الرئاسة أن يخبرنا حقيقة موقفه من القضايا المصرية، خصوصا رأيه فى مواقف الحكومة الراهنة. عليه أن يقول لنا إما أنه يوافق على مجمل السياسات الراهنة وبالتالى نعتبره تغييرا فى الوجوه واستمرارا لجوهر السياسة الحالية، وإما أن يخبرنا بأن لديه برنامجا مختلفا وجديدا، وتفاصيل هذا التغيير. وشأن غالبية المصريين، فإننى أحب عمرو موسى، واعتزازه بنفسه ومصريته وعروبته، وتصريحاته النارية ضد إسرائيل، لكن ذلك لا يكفى بالمرة، نريد شخصا يستطيع أن يقودنا لنصبح بلدا متحضرا ونظيفا وديمقراطيا ويحارب الفساد، ويعتمد على أهل الكفاءة وليس اللصوص، شخصا يستطيع مواجهة إسرائيل فى ميادين العلم والتصنيع والزراعة والسلاح والذرة. اسم عمرو موسى فقط لا يكفى.. نريد برنامجه أولا!