من جهة أخرى وبعد مرور عشرين عاما على الانهيار، أصبح من السهل جدا على السائحين الحصول على قطع وأجزاء من السور بسهولة من بائعى التذكارات وفى شوارع العاصمة الألمانية. مروة علاء الدين تعرض لما نقلته لوموند حول تحول رمز الحرية إلى سلعة تذكارية. «على الرغم من سقوط جدار برلين، وزوال الستار الحديدى عام 1989 إلا أن القطع المتبقية من سور برلين الذى هدم بشكل شبه كامل ستظل قادرة على أن تروى تاريخ تلك الفترة، وهى كأى تحفة يسعى الناس لاقتنائها» هذه العبارة تلخص قناعة فولكر باولووسكى أكبر تاجر للتذكارات فى العاصمة الألمانية والذى قام بشراء ما يقرب من 250 مترا من بقايا جدار برلين المنهار. على الرغم من كلفة شرائه لهذه التحفة الفنية، ورغبة الإنسان دائما بأن يباهى بالشىء الغالى الذى يشتريه، إلا أن باولووسكى الذى يكاد يحتكر بيع هذه القطع المتبقية من السور رفض فى حديثه لجريدة «لومند» الفرنسية ذكر ثمن الذى قدمه فى مقابل شراء هذه الأجزاء فى حديثه. وأوضح باولووسكى: «بدأت الفكرة عام 1992 عندما شاهدت الباعة المتجولين يبيعون قطعا من السور فى ممرات إحدى الأسواق، فقررت فعل الشىء ذاته لكن بشكل موسع، فقمت بالاتصال بشركات المقاولات المسئولة عن إعادة تدوير السور لأتمكن من شراء ما يقرب من 250 مترا». وبهذه الطريقة استطاع فولكر الاحتفاظ ببقايا أجزاء السور التى يمتلكها الآن فى مستودع مجهول فى شمال برلين والذى يقوم فيه باستقطاع آلاف القطع التى يخزنها، ثم يقوم بإعادة تلوينها خاصة أن القطع الرمادية «لا تبيع جيدا» كما يقول «أما الألوان فتلعب دورا مهما فى جذب المشترين». ويؤكد الفنان: «أهم شىء هو أن تكون القطعة أصلية» مضيفا: «الأجزاء التى أمتلكها تكفينى لتزويد زبائنى حتى نهاية عمرى». ويشير إلى أن الذكرى العشرين لسقوط السور سبب فى رواج سوق بيع القطع هذا العام، فمؤخرا تعاقدت معه إحدى المتنزهات بولاية «بافاريا» لشراء قطعتين بلغ ثمنهما 7 آلاف يورو». من جهة أخرى وبعد مرور عشرين عاما على الانهيار، أصبح من السهل جدا على السائحين الحصول على قطع وأجزاء من السور بسهولة من بائعى التذكارات وفى شوارع العاصمة الألمانية فباستثناء بعض القطع النادرة لم يعد يبقى من السور الذى بلغ طوله 140 كيلومترا والذى ظل يطوق ألمانياالغربية لمدة 28 عاما أى أثر، فمع أول ثقب تم عمله فى السور والذى شارك فيه المواطنون الألمان الذين حملوا المعاول والمطارق لهدمه تم سحق عشرات الأطنان من الأسمنت الخام، تم استخدامها لإعادة تأهيل الطرق فى ألمانياالشرقية كما قامت حكومة جمهورية ألمانيا الديمقراطية ببيع أجمل القطع المتبقية من السور. ولقد لمس بعض رجال الأعمال فى الغرب الأهمية التجارية للسور ومن خلال اتصالاتهم تم تنظيم مزادات علنية، ولعل أكثرها شهرة هو المزاد الذى عقد فى «موناكو» فى يونيو 1990 وكان من المفترض أن تتم الاستفادة من عائده لصالح الألمان الشرقيين إلا أن هذا لم يتم، «ومنذ ذلك الحين يمكن مشاهدة قطع من السور فى جميع أنحاء العالم بالفاتيكان والأمم المتحدة والمقر الرئيسى لشركة مايكروسوفت» كما ذكر الصحفى والكاتب الألمانى رالف جراندر الذى قدم عدة مؤلفات حول السور. ورغم مرور 20 عاما على انهيار السور إلا أنه ظل الرمز القديم لبرلين حيث قامت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل بإهداء الرئيس الفرنسى نيكولا ساركوزى قطعة من السور فى شهر مايو الماضى أثناء اجتماعهما المشترك من أجل حملة الانتخابات الأوروبية، كذلك الحال بالنسبة للعداء الجامايكى أوساين بولت والذى أهدته بلدية برلين قطعة من السور يبلغ وزنها 2.7 طن بعد تحطيمه ثلاثة أرقام قياسية عالمية فى بطولة العالم لألعاب القوى التى كانت مقامة بألمانيا فى أغسطس الماضى. ولأن السور أصبح يمثل رمزا لبرلين المقسمة نجد أن الإقبال عليه كتذكار يعتبر كبيرا حيث يبلغ ثمن القطع الصغيرة من السور 3 يورو بينما يصل ثمن القطع الكبيرة إلى 50 يورو وقد يصل إلى الضعف فى حالة ما إذا كانت القطعة مزينة. «حينما يتعلق الأمر بقطع من سور برلين فإن الأمر يعنى ارتفاع المبيعات لا أتحدث فقط عن السائحين ولكن أيضا عن الألمان الذين يزورون المدينة كما أن المبيعات تزداد كلما اقتربنا من التاسع من نوفمبر» هذا ما يؤكده صاحب الكشك القريب من نقطة تفتيش تشارلى (التى كادت تشهد معركة بين أمريكا والاتحاد السوفييتى بعد قيام حكومة ألمانياالشرقية ببناء السور). «لا يوجد أى هيئة رسمية مسئولة عن ضمان أصل القطع» هكذا يعلق ألكساندر هيلدبراند مدير متحف نقطة تفتيش شارلى حول مدى صحة هذه القطع المباعة والتى يؤكد جميع الباعة انتماءها للسور بل وذهبت بعض المحال لتقديم شهادات وضعت عليها ختم سلاح جمهورية ألمانيا الديمقراطية وهو ما يعتبر أمر وهمى وغير صحيح. وأخير يمكن القول بأن الاستغلال التجارى لسور برلين من خلال بيع القطع والأجزاء المتبقية منه كتذكارات لم يكن يأتى دائما على هوى الجميع حيث يعلق الفنان بيتر أنسكر -أحد الفنانين الذين قاموا بتقديم أعمال فنية على السور على ذلك قائلا «من المؤسف أن يتم تحويل رمز الحرية إلى رمز تجارى».