** اللعب مع تنزانيا لم يكن تجربة، ولم يكن بروفة، ولم يكن الفوز سحقا ومحقا للفريق التنزانى. ولم تكن مواجهة هذا المنتخب المصنف رقم 99 فى تصنيف الفيفا لم يكن شيئا له أى علاقة بمباراة الجزائر. فكان المنتخب يلعب بهدوء وصل إلى الاسترخاء، وكانت اللقاء بلا ضغوط عصبية أو نفسية. وكان الفريق التنزانى لطيفا، ومستمتعا بالأداء المصرى، وبأهدافه الخمسة، ففتح المساحات، والبوابات فى دفاعه، ولم يضغط ولم يضيق اللعب. كان لاعبو المنتخب التنزانى فى غاية الاستمتاع أيضا بحميمية أهل أسوان الطيبين وبتشجيعهم الحماسى الرائع فى مباراة لطيفة وودية، يطلق على مثيلاتها: «مباراة حبية».. وأرى دائما أن الوقت مازال متسعا أمام أبناء المحافظات للتأمل والتلاقى والتألف، وأن المساحات مازالت شاسعة لا تعانى اختناقا كما هو الحال فى القاهرة، مما جعل سكانها يعتبرون سائق الميكروباص مثلا أعلى، بعصبيته وتوتره وغضبه السريع؟! لم تكن مباراة المنتخب مع تنزانيا تجربة للجزائر ولم تكن بروفة. فماذا كانت؟! كانت خروجا باللاعبين من ملل التدريبات. كانت المباراة نفحة ثقة معنوية للفريق، لاسيما بعض العائدين من الإصابات أو بعد غياب مثل عماد متعب. فأظن أنه خرج فائزا بثقته فى نفسه كما قال شوقى غريب «الأريب».. وهى واحدة من المباريات التى تخرج منها دون أن تتحدث عنها فنيا. فلا يوجد صراع حقيقى تطلب أداء بعض الجمل التكتيكية الصعبة. أو تشكيل هجومى فيه من المفاجآت ما يفرز أهدافا.. والواقع أن المباريات الودية التى تخوضها المنتخبات والفرق المصرية تكون غالبا ودية جدا لأن لاعبنا لا شعوريا يوفر طاقته للمباريات الرسمية.. يبقى أنه أصبحت ابتسامة حسن شحاتة لافتة للنظر لأنها قليلة فى المباريات.. ولا شك أن الأمر يختلف من جميع الوجوه فى مباراة الجزائر، لكن حسن شحاتة سوف يبتسم إن شاء الله، وسيفعل ذلك مبكرا وليس فى نهاية المباراة.. ونحن نريده مبتسما وهادئا، كما حدث مباراة أسوان. ولو كنت أجلس مكانه وسط تلك الأجواء الجميلة من التشجيع، والحماس المحيط، والأهداف الخمسة، والأداء التنزانى المريح للأعصاب.. سأردد لنفسى: «ابتسم.. أنت تلعب مع تنزانيا». ** بمناسبة.. الابتسامة. فى كثير من المناسبات والزيارات يلفت نظرى تلك الجملة. وكان أول من استخدمها فى القاموس المصرى الدكتور عبدالمنعم عمارة حين كان محافظا للإسماعيلية، فكان مدخل المحافظة يستقبلك بتلك الجملة: ابتسم أنت فى الإسماعيلية. وقد شاعت الجملة، وشاعت الإبتسامة بلا سبب وبلا مبرر، لكنه الإفراط. فكتب ناظر مدرسة لتلاميذه ناصحا: ابتسم عند الهزيمة. وكان يقصد نشر الروح الرياضية، فنشر الروح الانهزامية. حتى إن تلاميذه ماتوا من الضحك. ولأن جملة د. عمارة شاعت وانتشرت، فقد علق المحافظون لافتات مشابهة على مداخل محافظاتهم. ابتسم أنت فى الإسكندرية. أنت فى الدقهلية. أنت فى الفيوم.. ما عدا محافظ وحيد كتب ما يلى: «ابتسم.. أنت خرجت من القاهرة»؟!