أكد خبير الدكتور عبدالرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمي بمناطق آثار جنوبسيناء بوزارة السياحة والآثار، أن مصر قامت بتأمين موكب الحجيج عبر نهر النيل وسيناء لمدة ألف عام. وقال ريحان -في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الأربعاء- إن طريق الحج عبر سيناء بدأ منذ بداية العصر الإسلامي وتميز بوجود 3 مراحل زمنية،الأولى من الفتح الإسلامي حتى أواخر حكم الفاطميين، والثانية من أواخر حكم الفاطميين حتى أوائل حكم المماليك، والثالثة من أوائل حكم المماليك حتى عام (1303ه / 1885م) حين تحول إلى الطريق البحري. وأوضح أن مدينة عقبة أيلة (بالأردن حاليا) وقعت تحت سيطرة الصليبية في أوائل حكم سلاطين المماليك، وأصبح الطريق عبر سيناء طريقا حربيا في زمن الاحتلال الصليبي، واستخدم طريق قوص- عيذاب طريقا للحج من (450 - 665ه / 1058- 1266م) منذ أيام الشدة العظمى أيام المستنصر بالله. وأضاف ريحان أن الحجاج كانوا يخرجون من القاهرة قبل شهر رمضان ثم يسيرون إلى قوص (640كم من القاهرة ) ثم يقطعون 160كم إلى عيذاب أو القصير ويظلوا شهرين في انتظار " الفلايك" ويسمونها "جلابَا أو جلبة"، وهي سفن صغيرة غير محكمة الصنع وشراعها في الغالب من الحصير وهي التي تنقلهم إلى جدة. وأشار إلى أن السلطان الظاهر بيبرس، الذي حارب الصليبيين لمدة عشر سنوات، نجح في استرداد عقبة أيلة عام (665ه / 1267م)، واستعاد درب الحاج المصري عبر وسط سيناء سابق عهده كطريق للحج، وقام الظاهر بيبرس بكسوة الكعبة وعمل لها مفتاحا ثم أخرج قافلة الحاج في البر على درب الحاج المصري، وانتهى بذلك طريق الحجاج عبر صحراء مصر الجنوبيةالشرقية عن طريق قوص- عيذاب، لافتا إلى أنه في عام (667ه / 1268م) زار الظاهر بيبرس مكة عن طريق أيلة. وأوضح الخبير الأثري أن بداية استخدام طريق الحج البري كان حين ارتادته شجر الدر (645ه / 1247م) واعتبرت أول مرتاد لهذا الطريق الذي صار الطريق الرئيسي للحجاج منذ أيام الظاهر بيبرس، مشيرا إلى أن الظاهر بيبرس أخرج قافلة الحجاج بين مصر ومكةالمكرمة بطريق البر واستمر طريق البحر بين عيذاب وقوص كطريق للتجار حتى بطل بعد عام (760ه / 1359م) وتضاءل شأن قوص. وقال إن درب الحاج المصري عبر سيناء لم يكن قاصرا على خدمة حجاج مصر في ذهابهم وعودتهم وإنما كان يخدم حجاج المغرب العربي والأندلس وحجاج غرب أفريقيا، وتزايدت أهمية الدرب خاصة مع قيام دولة سلاطين المماليك. وأضاف ريحان أنه رغم الأهمية الكبرى لدرب الحاج المصري كمعبر لقوافل الحجاج إلا أنه لم يكن المسلك الوحيد لهذه الرحلة المقدسة عبر الأراضي المصرية فهناك المسالك البحرية من خلال السفن المستخدمة لموانىء مصر على خليج السويس وهي ميناء القلزم (السويس) وميناء الطور بشهرته الواسعة خاصة أيام سلاطين المماليك والعثمانيين. وأكد أن درب الحاج المصري تتمثل أهميته في أنه أقصر الطرق الواصلة بين القاهرة ومدينة أيلة (العقبة حاليا ) كما أنه يرتبط بمجموعة طرق أخرى تزيد من أهميته ومنها مجموعة الطرق التي تصب في بدايته. ونوه الدكتور ريحان إلى وجود مجموعة من المسالك البرية والبحرية التي تنقل حجاج المغرب العربى والأندلس وغرب أفريقيا إما من خلال السفن العابرة للبحر المتوسط وصولًا إلى الإسكندرية، أو برا على طول المحور الساحلي بشمال أفريقيا وصولا إلى الإسكندرية وعبر غرب الدلتا حتى الجيزة، وإما من خلال طرق داخلية عبر واحة سيوة ووادي النطرون وصولا إلى قرية كرداسة. وأضاف أن رحلة الحجيج تبدأ من بركة الحاج بالقاهرة، ومازال هذا الموقع موجودا حتى الآن، وكانت القافلة تتزود بما يلزمها من طعام ومياه تكفيها في هذه المرحلة على الأقل حتى الوصول إلى عجرود للتزود بالمياه وتتميز عجرود بقربها من القلزم (السويس) مما يجعل منها سوقًا لقوافل الحج ومن عجرود وصولًا إلى عيون موسى بهدف التزود من مياهها العذبة الغزيرة نسبيا ومنها إلى وادي صدر (سدر) بسيناء ومنها إلى سطح هضبة التيه إلى نخل بوسط سيناء ثم إلى دبة البغلة قرب النقب بسيناء إلى سطح العقبة إلى عقبة أيلة. وبين أنه عقب ذلك تسير قافلة الحجاج بمحاذاة البحر الأحمر إلى الجنوب بالأراضي الحجازية إلى حقل، مدين، ينبع، بدر، رابغ، بطن مر، مكةالمكرمة ، موضحا أن درب الحاج المصري ظل مستخدما حتى أبطل سيره وتحول إلى الطريق البحري عام (1303ه / 1885م).