التقدم بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولى خطوة لا بد منها لمنع أديس أبابا من التحرك الأحادى إثيوبيا تعمدت إطالة أمد المفاوضات لوضع مصر والسودان أمام الأمر الواقع يجب البناء على التقارب المصرى السودانى لإظهار رفض أديس أبابا للسلام والتعاون أمام شعوب العالم وإفريقيا قال عميد معهد البحوث والدراسات الاستراتيجية لدول حوض النيل بجامعة الفيوم، الدكتور عدلى سعداوى، إن إثيوبيا تعمدت إطالة أمد مفاوضات سد النهضة لوضع مصر والسودان أمام الأمر الواقع، مضيفًا أن التقدم بشكوى رسمية إلى مجلس الأمن الدولى خطوة لابد منها لمنع أديس أبابا من اتخاذ خطوات أحادية ببدء الملء فى يوليو، كما أعلنت. ويرى سعداوى، فى حوار ل«الشروق»، أن التنمية ليست حكرا على مشروع بعينه، وأن سد النهضة لن يحقق للإثيوبيين التنمية كما تردد أديس أبابا؛ وإنما هو محاولة للسيطرة على النيل الأزرق وتحويل المياه إلى سلعة تباع وتُشترى.. إلى نص الحوار: ما هى خيارات مصر بعد الإعلان ضمنا عن فشل المفاوضات فى الوصول لاتفاق حول سد النهضة؟ مصر أعطت صورة كاملة لكل العالم عن طبيعة الخلاف مع إثيوبيا حول سد النهضة؛ فالرئيس السيسى استعرض الأمر أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، وأمريكا، والبنك الدولى، والاتحاد الأوروبى، والاتحاد الإفريقى، والذين شاركوا كمراقبين فى بعض مراحل المفاوضات، فضلًا عن الدول العربية. وبعد فشل المفاوضات الفنية فى حسم القضايا الخلافية يبقى أمام مصر خطوة لا بد منها، وهى اللجوء إلى مجلس الأمن الدولى بشكوى رسمية، باعتباره المسئول عن حفظ الأمن والسلم فى العالم، وعليه الاضطلاع بالتزاماته فى منع إثيوبيا من التصرف بشكل أحادى وعدم الملء دون اتفاق، وإذا التزمت أديس أبابا بما يصدر عن مجلس الأمن من قرارات فأهلا وسهلا. وإذا لم تلتزم يصبح لدى مصر الحق المشروع فى الدفاع عن مصالحها باستخدام كل ما تملك من وسائل بما فى ذلك الجانب العسكرى، بعدما أعلمت للعالم كله بقضيتها، التى تمس الأمن الإنسانى وحماية وجود 105 ملايين نسمة، يرتبط وجودهم بنهر النيل. ويجب البناء على التقارب الذى تأخر كثيرا بين الموقفين المصرى والسودانى؛ لإظهار إثيوبيا أمام الأشقاء الأفارقة والمجتمع الدولى فى موقف الدولة التى ترفض السلام والتعاون، والمنافع المتبادلة، والاندماج الإقليمى كأحد أهم أهداف التنمية المستدامة الإفريقية، وتجر المنطقة والقارة إلى صراع لن تكون نتيجته إلا الخسارة والدمار. لماذا برأيك استمرت جولات التفاوض كل هذه السنوات دون اتفاق؟ طالت المفاوضات الثلاثية بين مصر والسودان وإثيوبيا بشأن سد النهضة بشكل لم يعد مقبولا، وأصبح الهدف منها متباعد ومتناقض؛ فبينما دخلت مصر المفاوضات الأخيرة بقلب وعقل مفتوحين تسعى من خلالها لضمان حقوقها شعبا ودولة فى الوجود، مع الاعتراف بحق إثيوبيا شعبا ودولة فى تحقيق التنمية الاقتصادية، ونفس الأمر كانت فكرة السودان عن السد أنه سيحقق لهم مزيدا من استصلاح وزراعة الأراضى المروية ويحميه من مشاكل الفيضان إلى جانب فوائد أخرى. وبعكس ما تعلن إثيوبيا بأن هدف السد هو توليد الكهرباء إلا أن الهدف الحقيقى هو فرض السيطرة على النيل الأزرق، وخلق أوضاع إقليمية تجعل من إثيوبيا دولة لها السطوة والسيطرة على مصدر الحياة والبقاء للشعب المصرى أولا ثم السودان ثانيا. وإطالة أمد المفاوضات كان أسلوبا إثيوبيا متعمدا لفرض أمر واقع مع استمرارها فى بناء السد، وتسعى لنفس النهج فى مرحلة إدارته وتشغيله. كما استغلت إثيوبيا التباعد والتنافر المصرى السودانى خلال التفاوض فى تقوية وضعها التفاوضى ونقلت للعالم أن مصر هى التى تصنع المشاكل والخلافات وتعوق المفاوضات من الوصول إلى نتائج. وبعد فضح المواقف الإثيوبية خلال مفاوضات واشنطن انسحبت أديس أبابا بشكل لا يليق بدولة أو حتى شركة تجارية؛ هربا من التوقيع على اتفاق ملزم ومستدام طبقا لمبادرة الرئيس ترامب. البعض استخدم مؤخرا تعبير بنك المياه فى الإشارة إلى سد النهضة.. فإلى أى درجة تعتقد فى ذلك؟ اتفق تماما، فالسد الإثيوبى ليس قضية فنية بقدر ما يتعلق بأمور سياسية، ومحاولة السيطرة على نهر النيل الازرق، فجاءت التصريحات الرسمية غير المنطقية وغير المقبولة بأن «النهر نهرنا المياه مياهنا»، فإثيوبيا تسعى بشكل واضح للتعامل مع المياه باعتبارها سلعة تباع وتشترى والتعامل عليها بشكل تجارى. ما هو موقف بقية دول حوض النيل من أزمة سد النهضة؟ دول حوض النيل إلى حد ما تدعم الموقف الإثيوبى باعتباره وليدا لاتفاقية عنتيبى 2010، والبعض منهم يؤمن بالفعل بما تعانيه مصر من ظروف مائية صعبة واعتمادها على نهر النيل بنسبة 97% لتدبير احتياجات شعبها. كذلك يبدو موقف دول حوض النيل من المساندة الإثيوبية نابعا من دورها الإقليمى النشط فى شرق ووسط إفريقيا، واعتبارات استضافة أديس أبابا لمقر الاتحاد الإفريقى، وارتباطاتها بالقوى الدولية، وعلى رأسها الولاياتالمتحدة والصين والاتحاد الأوروبى. إثيوبيا تربط دائما بين تحقيق التنمية وبين سد النهضة.. فإلى أى مدى يمكن لسد النهضة أن يحقق التنمية المنشودة للإثيوبيين؟ التنمية فى أى مجتمع ليست حكرًا على مشروع بعينه، ولك أن تتخيل أن سد النهضة يبعد نحو 600 كيلومتر عن العاصمة أديس أبابا، والهضبة الإثيوبية وعرة جدا ومد الخدمات فيها مكلف بشكل كبير؛ لذا فالكهرباء المفترض توليدها من السد لن يستفيد بها الداخل الإثيوبى إنما ستوجه للبيع إلى السودان ومصر وربما بعض دول الجوار مثل كينيا. أيضًا من الناحية التقنية تجدر الإشارة إلى أن السد الإثيوبى لن يولد كمية الكهرباء المعلن عنها ولكن أقل بكثير، ربما النصف أو الثلثين. والسد هو محاولة سياسية للهروب من القضايا الداخلية التى تواجهها الحكومات الإثيوبية المتعاقبة بداية من تسمية السد نفسه باسم النهضة وتصويره للإثيوبيين بأنه سبيل رفعتهم وتحقيق مستوى معيشى أفضل.