نشر موقع Defense One مقالا للكاتب Kevin Baron يرى فيه أن الديمقراطيين لطالما رغبوا فى الانسحاب من المنظمات الدولية، وقرار ترامب بشأن منظمة الصحة هو الأخير فى سلسلة الكراهية تلك.. نعرض منه ما يلى. لا تنخدعوا.. ترامب ومؤيدوه لا يكرهون منظمة الصحة العالمية بسبب استجابتها لفيروس كورونا، بل يكرهونها، ويكرهها اليمين المتطرف، لأنها منظمة دولية.. ولطالما كان هذا الكره موجودا بين الجمهوريين لعقود.. هى فقط فرصة استغلها لما لها أيضا من مميزات فى تحويل الانتباه عن استجابة الولاياتالمتحدة البطيئة وفوضى إدارة ترامب. يوم الثلاثاء، فى برامج سيان هانتى على قناة فوكس نيوز قال وزير الخارجية مايك بومبيو إن منظمة الصحة العالمية تأخرت فى وصف هذا الوباء بالجائحة لأن الحزب الشيوعى الصينى لم يرغب فى ذلك، وأوضح أننا فى حاجة إلى منظمة تقدم ما يحتاجه العالم ولا تخضع لمصالح دولة معينة، منظمة تقدم معلومات دقيقة وهو ما لم تقدمه منظمة الصحة العالمية. نتفق أن هناك إجابات يجب على الصين تقديمها، ومساءلة المنظمات الدولية هو أمر ضرورى.. والتى فى الواقع مسئولية أساسية للولايات المتحدة كدولة عضو، ولكن حجب الأموال وأخذ الوكالة الصحية الأولى فى المجتمع الدولى ككبش فداء فى هذا الوقت الحرج لا يؤدى إلا إلى إضعاف ثقة العامة فى هذه المنظمة وعلمائها وما تقدمه من معلومات.. ما هذا إلا المثال الأحدث فى أن إضعاف المنظمات الدولية تضعف الولاياتالمتحدة. لا يؤمن الديمقراطيون بالمنظمات الدولية، ولطالما كان فكر المحافظين أن هذه المنظمات تسرق السيادة الأمريكية منذ عقود. ما جاء فى برنامج الحزب الجمهورى سنة 1984 هو أنه لا يمكن لأمريكا الاعتماد على المنظمات الدولية لتحقيق الأمن والحماية. حتى الآن، يرى كارهو الأممالمتحدة كل قرار يتم اتخاذه فى قاعات مجلس الأمن، أو هيئة المحكمة الجنائية الدولية، أو من قبل القادة الأجانب لعمليات حفظ السلام فى ساحات القتال انتهاك للسيادة. هناك تاريخ طويل لمحاولة تقويض هذه المؤسسات أو نقص تمويلها أو تحقيرها أو تشويه سمعتها.. حرب ترامب على منظمة الصحة العالمية ليست سوى الأحدث. يقول الكاتب إن وظيفته الأولى فى واشنطن كانت الرد على الهواتف فى مكتب واشنطن لرابطة الأممالمتحدة فى الولاياتالمتحدة. كان المحافظون بقيادة السناتور الراحل جيسى هيلمز، يحجبون دفع مساهمات الولاياتالمتحدة السنوية احتجاجا على قيام منظمات الأممالمتحدة بتعزيز حقوق الإجهاض فى برامج تنظيم الأسرة، اعتقدوا أن الأممالمتحدة كانت تستخدم أموال دافعى الضرائب الأمريكيين فى تمويل عمليات الإجهاض القسرى فى دول مثل الصين.. وهو كذب استمر فى إدارة ترامب. كانت معركة «تأخر مستحقات الأممالمتحدة» أواخر التسعينيات محصلة لموجة الكراهية التى انتشرت فى عهد ريجان، الذى سحب لأسباب سياسية خلال الحرب الباردة الولاياتالمتحدة من منظمة اليونيسكو، المنظمة المسئولة عن الحفاظ على المواقع الأثرية حول العالم.. وصلت كراهية الأممالمتحدة إلى ذروتها سنة 1995 عندما قدم عضو الكونجرس «جو سكاربورو» مشروع قانون ينادى بالانسحاب الكامل من الأممالمتحدة وطرد مقرها خارج الولاياتالمتحدة فى غضون أربع سنوات. عام 2011، أعاد الرئيس جورج دبليو بوش الولاياتالمتحدة إلى اليونسكو. وفى أعقاب أحداث الحادى عشر من سبتمبر، استخدم مجلس الأمن لكسب الدعم العالمى للغزو الأمريكى للعراق عام 2003.. بوش لم يكن من محبى الأممالمتحدة وأرسل جون بولتون، أحد أكبر الكارهين للأمم المتحدة على الإطلاق، كسفير له لدى الأممالمتحدة. عام 2016، هاجم ترامب المنظمات الدولية بشكل متكرر. منذ انتخابه، عاد مستوى كراهية المنظمات الدولية لما كان عليه فى التسعينات. رفع الحزب الجمهورى عام 2016 عنوان «سيادة القيادة الأمريكية فى المنظمات الدولية».. لكن ترامب تخطى ذلك وانسحب من اليونسكو مرة أخرى عام 2017. وانسحبت الولاياتالمتحدة من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة فى 2018. وفى خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة فى سبتمبر الماضى أعلن أن «المستقبل لا ينتمى للعالميين.. المستقبل ينتمى إلى دول ذات سيادة واستقلالية».. وفى 2020، ها نحن أمام منظمة الصحة العالمية وفيروس كورونا. أى منظمة تصبح فعالة إذا أراد أعضاؤها ذلك. إذا أراد ترامب والمحافظون منظمة صحة عالمية وأمم متحدة أفضل، فعليهم العمل على تحسينها وقيادة ذلك الجهد. أما إذا كان فريق ترامب يريد حقا أن يمسح الأممالمتحدة من على وجه الأرض، فلا بأس فى ذلك.. عليه فقط استدعاء مشروع سكاربورو سنة 1995 وتقديمه فى الحملة الانتخابية المقبلة.. فالانسحاب يحظى بشعبية كبيرة لدى أقصى اليمين واليسار. لكن قرار تجميد تمويل منظمة الصحة العالمية لن يحقق الأمان للولايات المتحدة. والاستمرار فى تقويض مؤسسات القرن العشرين التى صممت لمنع قيادات العالم من الدخول فى صراعات ومنع الحروب، ثم إلقاء اللوم على المؤسسات لعدم عملها بشكل جيد بما يكفى، لا ينقذ الأرواح الأمريكية بل فقد يزيد الأمور سوءا. إعداد: ابتهال أحمد عبدالغنى النص الأصلى