مجلس جامعة المنيا يُشيد بانتظام الامتحان 2024 ويقرر صرف مُكافأت لأعضاء هيئة التدريس    شروط ومواعيد التحويلات بين المدارس للعام الدراسي المقبل (تفاصيل)    رئيس جامعة دمياط يتفقد اللجان الامتحانية بالكليات    «عياد»: «دليل التوعية الأسرية» نتاج للتعاون بين الأزهر والكنيسة و«الصحة»    أسعار عملات «بريكس» مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 28-5-2024    «الضوابط والمحددات الخاصة بإعداد الحساب الختامي» ورشة عمل بجامعة بني سويف    القاهرة الإخبارية: 16 شهيدا وعشرات الجرحى نتيجة قصف العدو العشوائي في رفح    «الأونروا»: مليون فلسطيني نزحوا من رفح باتجاه منطقة المواصي    استدعاء 3 لاعبين أجانب من بيراميدز للمشاركة في تصفيات كأس العالم 2026    تأجيل محاكمة اليوتيوبر أكرم سلام في واقعة سيدة بالمقطم    سفاح التجمع.. النيابة تكشف تفاصيل التحقيقات بشأن العثور على جثة سيدة مجهولة ببورسعيد    رحيل فؤاد شرف الدين.. نجم أفلام الأكشن في لبنان    Furiosa: A Mad Max Saga يتصدر إيرادات الأفلام الأجنبية في مصر    الأنفوشي للإيقاعات الشرقية تشارك بالمهرجان الدولي للطبول.. الليلة    الليلة بمهرجان النوادي.. "مشعلو الحرائق" و"كلمات بلا معنى" على مسرح السامر    رئيس جامعة بني سويف يشهد الاحتفال بيوم الطبيب    «صحة المنيا» تنظم قافلة طبية مجانية في قرية البراجيل غدا    الاتحاد الآسيوي لكرة القدم يطبق تقنية «فار» في جميع البطولات    القبض على المتهم بقتل صديقه في مشاجرة بقليوب    إلغاء قطاري 1191 و1190 المارين بالمنوفية أيام الجمع والعطلات    رئيس الوزراء يتابع جاهزية المتحف المصري الكبير وتطوير المناطق المحيطة    اشترِ بنفسك.. رئيس "الأمراض البيطرية" يوضح طرق فحص الأضحية ويحذر من هذا الحيوان    سقوط نصاب أوهم ضحايا بشهادات جامعية معتمدة بالغربية    برلماني: الرئيس يثق في قدرة الحوار الوطني على وضع رؤية اقتصادية جديدة للدولة    وجوه جديدة وعودة بعد غياب.. تعرف على قائمة المغرب للتوقف الدولى    طرح وحدات سكنية في القاهرة الكبرى بأسعار مميزة.. بالتقسيط وكاملة الخدمات    موعد إجازة عيد الأضحى المبارك 2024.. تصل إلى 9 أيام متصلة (تفاصيل)    إحالة المتهمين بترويج عقاقير وأدوية مخدرة أونلاين للمحكمة الجنائية    «الرقابة الصحية»: التأمين الشامل يستهدف الوصول للمناطق الحدودية لضمان تحسين حياة السكان    بولندا تشترى صواريخ دفاع جوى أمريكية بقيمة 735 مليون دولار    الحكومة التشيكية تؤيد حق أوكرانيا في ضرب أهداف في الأراضي الروسية    محافظ المنوفية يتابع مستجدات الموقف التنفيذى لمستشفى الشهداء الجديدة    استمرار الأنشطة الصيفية الثقافية والفنية فى شمال سيناء    اقتراح برلماني لطرح 2 كيلو لحم على بطاقات التموين لكل أسرة خلال عيد الأضحى    بالأسماء.. حركة تغييرات تطال مديري 9 مستشفيات في جامعة الإسكندرية    شيخ الأزهر: نسعى لافتتاح مراكز لتعليم اللغة العربية في كل الدول الإفريقية    سياح من كل أوروبا.. شاهد رحلات جولات البلد على كورنيش الغردقة    نسألك أن تنصر أهل رفح على أعدائهم.. أفضل الأدعية لنصرة أهل غزة ورفح (ردده الآن)    مع اقترابهم.. فضل صيام التسع الأوائل من ذى الحجة    إسرائيل تعتقل 22 فلسطينيا من الضفة.. وارتفاع الحصيلة إلى 8910 منذ 7 أكتوبر    وزيرة الهجرة تستقبل أحد رموز الجالية المصرية في جينف بسويسرا    الاتحاد الأوروبي يتعهد بتخصيص 2.12 مليار يورو لدعم مستقبل سوريا    «صحة المنيا»: خدمات طبية ل105 آلاف مواطن في المستشفيات خلال 30 يوما    رئيس وزراء إسبانيا: نعترف رسميا بدولة فلسطين لتحقيق السلام    مشيرة خطاب: النيابة العامة من أهم السلطات الضامنة لتعزيز وحماية حقوق الإنسان    مركز الأزهر للفتوى الإلكترونية يوضح فضل حج بيت الله الحرام    توقعات الأبراج اليوم الثلاثاء 28 مايو 2024.. مكاسب مالية ل«العذراء» ونصيحة مهمة ل«الميزان»    الأهلى يواجه سبورتنج فى نهائى دورى سيدات السلة    سعر الذهب اليوم الثلاثاء في مصر يهبط ببداية التعاملات    طقس السعودية اليوم.. تحذير من الأرصاد بأمطار غزيرة الثلاثاء 28 مايو 2024 وزخات من البرد    وزير الصحة يبحث مع نظيره الفرنسي سبل تعزيز التعاون في اللقاحات والأمصال    الصين تدعو لوقف الهجمات على السفن المدنية في البحر الأحمر    رئيس جامعة القاهرة يستقبل وفدًا صينيًا    حسن مصطفى: الجيل الحالي للأهلي تفوق علينا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 28-5-2024    عضو الأهلي: عشنا لحظات عصيبة أمام الترجي.. والخطيب «مش بيلحق يفرح»    عضو مجلس الزمالك: إمام عاشور تمنى العودة لنا قبل الانضمام ل الأهلي.. ولكن!    مدرب الألومنيوم: ندرس الانسحاب من كأس مصر بعد تأجيل مباراتنا الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن «الشرهات» وعرق الفقراء والمتعبين: لمن الثروة فى الوطن العربى.. وأين تُنفق؟
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 03 - 2020

العالم صغير، حتى إن جرثومة متنقلة أثبتت أنه «واحد» فى وجوده، وإن تعددت الأنظمة السياسية.
إنه أصغر من جرثومة صغيرة: مثل الكورونا..
وهى جرثومة ترفض العنصرية، والتمييز الطبقى، وتساوى بين الناس جميعا، لا فرق بين عربى وأعجمى، وبين غنى بمليارات الدولارات وفقير لا يجد قوت يومه، بين ملك بقوة النسب المُذَهبْ ورئيس منتخب بقوة سلاح شعبيته.
كذلك فهى «فضائحية» لا يمكن إخفاؤها أو التستر عليها.
ولقد افتقد «العرب» تضامن أنظمتهم، الملكية منها والجمهورية وحتى الأميرية فى مواجهة هذا الوباء الذى لا يرحم، والذى ينتقل بسرعة الهواء بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية وبين إيران والسعودية.. وبين غرفة النوم وصالون التشريفات.
كل «دولة» واجهت الوباء «باستقلال» عن سائر «الأشقاء»..
هل يدل هذا على انفراط عقد العرب، بدولهم، وضرورة الاعتراف بوفاة جامعة الدول العربية، أخيرا بضربة الاعتراف بالكيان الإسرائيلى والعجز عن وقف «طموح العدو» إلى توسيع «مملكته الصهيونية» طالما ظل الأقوى من مجموع العرب.
***
دلت جرثومة الكورونا على أن الإنسان كائن هش، يتهاوى جبروته وتتلاشى ادعاءاته أمام بعوضة أو ذبابة تختزن السم فى أجنحتها وتنشرها فى الهواء.
.. وبررت للانفصاليين من قادة العرب، ملوكا وأمراء ورؤساء بمدد مفتوحة إقفال حدودهم أمام الأشقاء وكأنهم يحملون، وحدهم، خطر العدوى.
لا تضامن ولا اتحاد ولا توحد حتى فى مواجهة خطر العدوى التى قد تقود إلى الموت: صارت الحدود سدودا هشة أمام هذا الاجتياح الطارئ الذى لم يتحسب له أحد، وهو قد باغت الجميع فافتقدوا الدواء الشافى.
بالمقابل، ثبت أن المنظمات المعنية بصحة الناس، عربيا بالدرجة الأولى ودوليا بالتالى، تنام ملء جفونها وتسترخى إلى افتراض أن الدنيا بألف خير، وأن وزارات الصحة فى أربع رياح الأرض (لا سيما فى دنيا العرب)، جاهزة ومتيقظة لأى خطر أو وباء.. وجاء هذا الكورونا الخبيث يكشف غفلتها، فإذا هى تتخبط خبط عشواء، ولا منقذ إلا الدعاء والابتهال إلى الله جل جلاله.
***
فى الحكايات أن الخليفة العادل عمر بن الخطاب كان لا ينام الليل حتى يُنهى جولته المقررة على بيوت الفقراء، يطمئن إلى صحتهم، ينقذ الجائع من جوعه، ويأمر بعلاج من به علة. وأنه عندما انتقده بعض صحبه على أنه قد اقتطع من القماش المتوافر فى مخازن الخلافة أكثر مما ينال غيره، نادى نجله وقال أمامه: لقد أعطانى نصيبه لكى يكتمل ثوبى.
وفى الحكايات عن السلف الصالح أيضا أن الإمام على بن أبى طالب كان لا ينام حتى يطمئن إلى أن الناس قد سكن جوعهم فشبعوا وناموا.. وأنه كان يجول ليلا وقد حمل كيسا من الخبز يرمى منه أمام بيوت الفقراء ما يمنع عنهم غائلة الجوع.
وفى الأقوال المأثورة إنه ما جاع جائع إلا بما أترف الغنى به نفسه..
... وها هى أمة الفقراء، أى الأكثرية المطلقة من الثلاثمائة مليون عربى، تعانى من الجوع والأمراض السارية، بينما أهل النفط والغاز يقيمون، وأكثر من مرة يوميا، المائدة العامرة بالخراف المذبوحة وأصناف السمك، والدجاج أو البط أحيانا، بينما الفقراء ينتظرون خلف الأبواب، فى انتظار أن ترمى إليهم الفضلات الدسمة، فيأكلون حتى التخمة وينطلقون إلى خدمة من أطعمهم بغير رغبة، وبغير قصد ثم... يشكرون الله على نعمه!
***
إن فى الوطن العربى مئات الملايين من الفقراء، ينتشرون بامتداد صحاريه، فى المدن والقصبات والقرى، وفى مرابع اللهو، ومخيمات اللاجئين الهاربين من بلادهم المجوعة، إلى حيث يمكنهم العيش فتتوفر لهم اللقمة الحلال، وفراش ينطوون عليه بعد نهارات التعب.
وأهل النفط والغاز من حكام العرب يبيحون ثرواتهم الهائلة للمهيمن الأجنبى (وهو الأمريكى فى الغالب الأعم وضمنه، بالقطع، المحتل الإسرائيلى..).
أما بقية العرب ممن لم تمن عليهم المقادير بالنفط أو بالغاز، فهم يكيفون حياتهم، ويجهدون ويبذلون عرق الجباه من أجل أن يوفروا لأبنائهم وبناتهم الغد الأفضل، ولو باعوا كل ما يملكون من أجل حفظ كرامة أجيالهم الجديدة وتأمين مستقبل أفضل لهم، يقيهم ذل الحاجة وهدر الكرامة بمد اليد إلى من غادرته مشاعر الإنسانية والرفق بإخوته ومساعدة الأخ الشقيق.
صباح يوم الجمعة من كل أسبوع، تحتشد جماهير الفقراء أمام قصور الأمراء، وفى يدى كل منهم «عريضة».. ثم يأتى الحرس الملكى ليدخل طابور الفقراء على سمو الأمير واحدا إثر الآخر، فيطلق واحدهم شكواه ويسمع صاحب السمو وهو يهز رأسه، ويأتى الحارس فيأخذ الفقير الشاكى إلى خزندار الأمير ليعطيه «شرهة» تكفى لإطعامه مع أسرته يوما أو يومين.. ثم يأمر سموه، فيصرف ما تبقى من أهل السؤال، قبل أن يصحب ضيفه إلى دار العز حيث تمتد سفرة تكفى خرفانها والأسماك والمقبلات المتوفرة فيها لإطعام مائة سائل على الأقل.
بعد الأكل يتجشأ سموه فيؤتى له بشراب مهضم..
أما ما تبقى من الطعام الفاخر فيُرمى حيث يمكن للفقراء وأبناء السبيل أن يأتوا ليأخذ كل منهم له، ولأسرته، نصيب من هذا الطعام المشتهى فيقدمه لأطفاله، قبل أن يتجشأ حامدا الله على نعمه.
***
لا يمكن القبول بهذا الانقسام «الطبقى» المريع فى الأمة:
من لا يعملون ولا يبذلون أى جهد، ولا يتصبب عرق التعب من جباههم، يحصلون على ما يفوق حاجتهم مئات المرات، بل ألوفها.
بينما من يتعب ويشقى ويتصبب العرق من جبينه غزيرا من أجل أن يؤمن السكن والمدرسة والطعام لأسرته، لا يجد ما يكفيه ويوفر الشبع والكفاية لعائلته.
ولو أن هذه الثروات المتراكمة قد بنيت بعرق الجهد والتعب، لحق لأصحابها أن يتمتعوا بها وأن ينفقوها كما يشاءون.
أما وأنه «القدر» فلا بد من التدخل لتعديل المسار وتحقيق الإنصاف، فقد خلق الله الإنسان من علق، وجعل الناس متساوين كأصابع الكف، وقال سبحانه: «وأنْ ليس للإنسان إلا ما سعى».
والنفط ليس نتيجة سعى أهله، بل هو «هبة» إلهية تنتظر عدالة من جاءتهم بلا تعب لكى يستحقوها..
والله هو الرزاق، وهو المانح العاطى.. ولكن ما كل ما يمنحهم ويعطيهم يتقون الله فى شعوبهم وفى أمتهم، بل إنهم السفهاء.
... «وأن ليس للإنسان إلا ما سعى»!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.