بالفيديو| الناخبون يصطفون أمام لجان الانتخابات بالجيزة    انتخابات النواب 2025، توافد المواطنين للإدلاء بأصواتهم بمدرسة الشهيد جمال حسين بالمنيب    حماس وطني يملأ لجان الجيزة.. الطوابير تمتد والأعلام ترفرف والشرطة توفر غطاء الأمن والأمان    «الوطنية للانتخابات»: مشاركة إيجابية من المواطنين في التصويت    انتخابات مجلس النواب 2025.. السجن والغرامة لكل من يتلاعب بأصوات الناخبين    ارتفاع أسعار العملات الأجنبية في بداية تعاملات اليوم 11 نوفمبر 2025    أسعار اللحوم الحمراء اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر    10 قطاعات رئيسية، تعرف على الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر    أسعار الفراخ في البورصة اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر    انقطاع المياه 6 ساعات عن مركز بلطيم لهذا السبب    رئيس وزراء العراق: انتخابات مجلس النواب تُجرى بأجواء آمنة ومستقرة    وزير الخارجية يؤكد اعتزاز مصر بعلاقاتها الراسخة مع روسيا    انضمام صلاح ومرموش لمعسكر الفراعنة بالإمارات اليوم    هشام نصر: عبد المجيد ومحمد السيد مستقبل الزمالك.. ولن نكرر نفس الخطأ    الشحات: لا أحد يستطيع التقليل من زيزو.. والسوبر كان «حياة أو موت»    نص تقرير المعمل الكيماوي لكمية مخدرات ضبطت بحوزة شخص في المطار    اليوم.. محاكمة 9 متهمين في «رشوة وزارة الصحة»    انتخابات مجلس النواب 2025.. توافد الناخبين للإدلاء بأصواتهم داخل مدرسة خطاب الخاصة بأرض اللواء| صور    لحظة خروج جثمان إسماعيل الليثي من المستشفى استعدادًا لدفنه (فيديو)    رئيس الوزراء يستعرض ترتيبات انطلاق مهرجان حديقة تلال الفسطاط الشتوي    وزير الصحة يبحث مع نظيره الهندي التعاون في صناعة الأدوية والاستثمار المشترك    ضعف حاسة الشم علامة تحذيرية في سن الشيخوخة    حبس عاطلين لاتهامهما بسرق دراجة نارية فى طوخ بالقليوبية    انطلاق التصويت في اليوم الثاني لانتخابات مجلس النواب 2025 بدوائر الهرم والعمرانية    مجلس الشيوخ الأمريكى يقر مشروع قانون لإنهاء الإغلاق الحكومى    وزير الرى: التعديات على مجرى النيل تؤثر سلبا على قدرته فى التصرفات المائية    بدء التصويت باليوم الثاني ل انتخابات مجلس النواب بالإسكندرية    هتندع.. عاجل من الأرصاد بشأن طقس اليوم الثلاثاء    أسعار الحديد والأسمنت اليوم الثلاثاء 11نوفمبر 2025    مرشح واقعة اللافتات الشهيرة بقنا على أحداث الأمس: انا لقيت عربية بطاطا قعدت أكل منها وسبت اللجنة"    ننشر كواليس لقاء وفد روسي رفيع المستوى بالرئيس السيسي    عادل عبدالرحمن: الزمالك أنفق في الميركاتو الصيفي "أضعاف" الأهلي    بعد إصابة 39 شخصًا.. النيابة تندب خبراء مرور لفحص حادث تصادم أتوبيس سياحي وتريلا بالبحر الأحمر    حظك اليوم الثلاثاء 11 نوفمبر.. وتوقعات الأبراج    بعد تداول فيديو.. «الداخلية» تضبط سائق «ربع نقل» سار عكس الاتجاه في الجيزة    زلزال يضرب كريت باليونان| هل شعرت مصر بالهزة؟.. البحوث الفلكية توضح    بسمة بوسيل تقف إلى جانب آن الرفاعي بعد طلاقها من كريم محمود عبد العزيز    بتوقيع عزيز الشافعي...بهاء سلطان يشعل التحضيرات لألبومه الجديد بتعاون فني من الطراز الرفيع    وزير العمل يتابع حادث انهيار سقف خرساني بالمحلة الكبرى.. ويوجه بإعداد تقرير عاجل    بينها حالات اغتصاب.. نزوح جماعي وانتهاكات بحق النساء في الفاشر (تفاصيل)    بعد إجراء الكنيست ضد الأسرى الفلسطينيين.. بن غفير يوزع البقلاوة (فيديو)    طبقًا لإرشادات الطب الصيني.. إليكِ بعض النصائح لنوم هادئ لطفلك    بعد دخوله العناية المركزة.. ريم سامي تطمئن الجمهور على نجلها    مقتل شخصين إثر تحطم طائرة إغاثة صغيرة في فلوريدا بعد دقائق من إقلاعها    القنوات الناقلة لمباراة الكاميرون ضد الكونغو الديمقراطية في تصفيات كأس العالم    في ثاني أيام انتخابات مجلس نواب 2025.. تعرف على أسعار الذهب اليوم الثلاثاء    يمهد الطريق لتغيير نمط العلاج، اكتشاف مذهل ل فيتامين شائع يحد من خطر النوبات القلبية المتكررة    «في مبالغة».. عضو مجلس الأهلي يرد على انتقاد زيزو بسبب تصرفه مع هشام نصر    محدش يزايد علينا.. تعليق نشأت الديهى بشأن شاب يقرأ القرآن داخل المتحف الكبير    مروان عطية: جميع اللاعبين يستحقون معي جائزة «الأفضل»    4 أسابيع من التقدم.. حظ برج الدلو اليوم 11 نوفمبر    بي بي سي: أخبار مطمئنة عن إصابة سيسكو    خطوة أساسية لسلامة الطعام وصحتك.. خطوات تنظيف الجمبري بطريقة صحيحة    هل يظل مؤخر الصداق حقًا للمرأة بعد سنوات طويلة؟.. أمينة الفتوى تجيب    دعاء مؤثر من أسامة قابيل لإسماعيل الليثي وابنه من جوار قبر النبي    انطلاق اختبارات مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن بكفر الشيخ    ما حكم المشاركة في الانتخابات؟.. أمين الفتوى يجيب    د.حماد عبدالله يكتب: " الأصدقاء " نعمة الله !!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عن «الشرهات» وعرق الفقراء والمتعبين: لمن الثروة فى الوطن العربى.. وأين تُنفق؟
نشر في الشروق الجديد يوم 17 - 03 - 2020

العالم صغير، حتى إن جرثومة متنقلة أثبتت أنه «واحد» فى وجوده، وإن تعددت الأنظمة السياسية.
إنه أصغر من جرثومة صغيرة: مثل الكورونا..
وهى جرثومة ترفض العنصرية، والتمييز الطبقى، وتساوى بين الناس جميعا، لا فرق بين عربى وأعجمى، وبين غنى بمليارات الدولارات وفقير لا يجد قوت يومه، بين ملك بقوة النسب المُذَهبْ ورئيس منتخب بقوة سلاح شعبيته.
كذلك فهى «فضائحية» لا يمكن إخفاؤها أو التستر عليها.
ولقد افتقد «العرب» تضامن أنظمتهم، الملكية منها والجمهورية وحتى الأميرية فى مواجهة هذا الوباء الذى لا يرحم، والذى ينتقل بسرعة الهواء بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية وبين إيران والسعودية.. وبين غرفة النوم وصالون التشريفات.
كل «دولة» واجهت الوباء «باستقلال» عن سائر «الأشقاء»..
هل يدل هذا على انفراط عقد العرب، بدولهم، وضرورة الاعتراف بوفاة جامعة الدول العربية، أخيرا بضربة الاعتراف بالكيان الإسرائيلى والعجز عن وقف «طموح العدو» إلى توسيع «مملكته الصهيونية» طالما ظل الأقوى من مجموع العرب.
***
دلت جرثومة الكورونا على أن الإنسان كائن هش، يتهاوى جبروته وتتلاشى ادعاءاته أمام بعوضة أو ذبابة تختزن السم فى أجنحتها وتنشرها فى الهواء.
.. وبررت للانفصاليين من قادة العرب، ملوكا وأمراء ورؤساء بمدد مفتوحة إقفال حدودهم أمام الأشقاء وكأنهم يحملون، وحدهم، خطر العدوى.
لا تضامن ولا اتحاد ولا توحد حتى فى مواجهة خطر العدوى التى قد تقود إلى الموت: صارت الحدود سدودا هشة أمام هذا الاجتياح الطارئ الذى لم يتحسب له أحد، وهو قد باغت الجميع فافتقدوا الدواء الشافى.
بالمقابل، ثبت أن المنظمات المعنية بصحة الناس، عربيا بالدرجة الأولى ودوليا بالتالى، تنام ملء جفونها وتسترخى إلى افتراض أن الدنيا بألف خير، وأن وزارات الصحة فى أربع رياح الأرض (لا سيما فى دنيا العرب)، جاهزة ومتيقظة لأى خطر أو وباء.. وجاء هذا الكورونا الخبيث يكشف غفلتها، فإذا هى تتخبط خبط عشواء، ولا منقذ إلا الدعاء والابتهال إلى الله جل جلاله.
***
فى الحكايات أن الخليفة العادل عمر بن الخطاب كان لا ينام الليل حتى يُنهى جولته المقررة على بيوت الفقراء، يطمئن إلى صحتهم، ينقذ الجائع من جوعه، ويأمر بعلاج من به علة. وأنه عندما انتقده بعض صحبه على أنه قد اقتطع من القماش المتوافر فى مخازن الخلافة أكثر مما ينال غيره، نادى نجله وقال أمامه: لقد أعطانى نصيبه لكى يكتمل ثوبى.
وفى الحكايات عن السلف الصالح أيضا أن الإمام على بن أبى طالب كان لا ينام حتى يطمئن إلى أن الناس قد سكن جوعهم فشبعوا وناموا.. وأنه كان يجول ليلا وقد حمل كيسا من الخبز يرمى منه أمام بيوت الفقراء ما يمنع عنهم غائلة الجوع.
وفى الأقوال المأثورة إنه ما جاع جائع إلا بما أترف الغنى به نفسه..
... وها هى أمة الفقراء، أى الأكثرية المطلقة من الثلاثمائة مليون عربى، تعانى من الجوع والأمراض السارية، بينما أهل النفط والغاز يقيمون، وأكثر من مرة يوميا، المائدة العامرة بالخراف المذبوحة وأصناف السمك، والدجاج أو البط أحيانا، بينما الفقراء ينتظرون خلف الأبواب، فى انتظار أن ترمى إليهم الفضلات الدسمة، فيأكلون حتى التخمة وينطلقون إلى خدمة من أطعمهم بغير رغبة، وبغير قصد ثم... يشكرون الله على نعمه!
***
إن فى الوطن العربى مئات الملايين من الفقراء، ينتشرون بامتداد صحاريه، فى المدن والقصبات والقرى، وفى مرابع اللهو، ومخيمات اللاجئين الهاربين من بلادهم المجوعة، إلى حيث يمكنهم العيش فتتوفر لهم اللقمة الحلال، وفراش ينطوون عليه بعد نهارات التعب.
وأهل النفط والغاز من حكام العرب يبيحون ثرواتهم الهائلة للمهيمن الأجنبى (وهو الأمريكى فى الغالب الأعم وضمنه، بالقطع، المحتل الإسرائيلى..).
أما بقية العرب ممن لم تمن عليهم المقادير بالنفط أو بالغاز، فهم يكيفون حياتهم، ويجهدون ويبذلون عرق الجباه من أجل أن يوفروا لأبنائهم وبناتهم الغد الأفضل، ولو باعوا كل ما يملكون من أجل حفظ كرامة أجيالهم الجديدة وتأمين مستقبل أفضل لهم، يقيهم ذل الحاجة وهدر الكرامة بمد اليد إلى من غادرته مشاعر الإنسانية والرفق بإخوته ومساعدة الأخ الشقيق.
صباح يوم الجمعة من كل أسبوع، تحتشد جماهير الفقراء أمام قصور الأمراء، وفى يدى كل منهم «عريضة».. ثم يأتى الحرس الملكى ليدخل طابور الفقراء على سمو الأمير واحدا إثر الآخر، فيطلق واحدهم شكواه ويسمع صاحب السمو وهو يهز رأسه، ويأتى الحارس فيأخذ الفقير الشاكى إلى خزندار الأمير ليعطيه «شرهة» تكفى لإطعامه مع أسرته يوما أو يومين.. ثم يأمر سموه، فيصرف ما تبقى من أهل السؤال، قبل أن يصحب ضيفه إلى دار العز حيث تمتد سفرة تكفى خرفانها والأسماك والمقبلات المتوفرة فيها لإطعام مائة سائل على الأقل.
بعد الأكل يتجشأ سموه فيؤتى له بشراب مهضم..
أما ما تبقى من الطعام الفاخر فيُرمى حيث يمكن للفقراء وأبناء السبيل أن يأتوا ليأخذ كل منهم له، ولأسرته، نصيب من هذا الطعام المشتهى فيقدمه لأطفاله، قبل أن يتجشأ حامدا الله على نعمه.
***
لا يمكن القبول بهذا الانقسام «الطبقى» المريع فى الأمة:
من لا يعملون ولا يبذلون أى جهد، ولا يتصبب عرق التعب من جباههم، يحصلون على ما يفوق حاجتهم مئات المرات، بل ألوفها.
بينما من يتعب ويشقى ويتصبب العرق من جبينه غزيرا من أجل أن يؤمن السكن والمدرسة والطعام لأسرته، لا يجد ما يكفيه ويوفر الشبع والكفاية لعائلته.
ولو أن هذه الثروات المتراكمة قد بنيت بعرق الجهد والتعب، لحق لأصحابها أن يتمتعوا بها وأن ينفقوها كما يشاءون.
أما وأنه «القدر» فلا بد من التدخل لتعديل المسار وتحقيق الإنصاف، فقد خلق الله الإنسان من علق، وجعل الناس متساوين كأصابع الكف، وقال سبحانه: «وأنْ ليس للإنسان إلا ما سعى».
والنفط ليس نتيجة سعى أهله، بل هو «هبة» إلهية تنتظر عدالة من جاءتهم بلا تعب لكى يستحقوها..
والله هو الرزاق، وهو المانح العاطى.. ولكن ما كل ما يمنحهم ويعطيهم يتقون الله فى شعوبهم وفى أمتهم، بل إنهم السفهاء.
... «وأن ليس للإنسان إلا ما سعى»!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.