بمشاركة المصطافين، محافظة مطروح تنظم احتفالية بمناسبة ذكرى ثورة 30 يونيو بالكورنيش    منها «5% لذوي الهمم».. توافر 2949 فُرصة عمل جديدة ب10 محافظات (تفاصيل)    مساعد وزير الخارجية الأسبق: حديث آبي أحمد بشأن سد النهضة في البرلمان وقاحة    آخر مستجدات تطوير التعليم العالي والتوسع في إنشاء الجامعات الأهلية بقيادة السيسي    جدول وظائف المعلمين وفقًا لمشروع قانون التعليم الجديد.. 6 درجات    محافظ جنوب سيناء لوفد برلماني: الترتيب لمؤتمر عالمي لإعلان تفاصيل مشروع التجلي الأعظم    تراجع التضخم في تركيا إلى 35.1% خلال يونيو    المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي يناقش الموقف التنفيذي لاستراتيجية 2025-2030    إزالة 21 طاحونة ذهب في حملة لاسترداد أملاك الدولة ب أسوان    رسميًا.. أسعار شرائح الكهرباء في مصر 2025 وتفاصيل تطبيق الزيادة الجديدة    مسؤولة بالأمم المتحدة تدعو لحظر الأسلحة وقطع العلاقات التجارية والمالية مع إسرائيل (تفاصيل)    إعلام عبري: مجلس الوزراء المصغر يعقد جلسة اليوم بشأن صفقة غزة    "بريكس" تتأهب للقمة ال17 نحو التنمية والسلام بحضور قادة نصف سكان العالم    برلماني: فرض إسرائيل سيادتها على الضفة انتهاك صارخ يُشعل الشرق الأوسط    كوكا يوجه رسالة مؤثرة بعد وفاة جوتا: لا نعلم ما الذي يخبئه الغد    السجل الذهبي لأبطال الكأس الذهبية قبل نهائي 2025 بين أمريكا والمكسيك    إمام عاشور يبدأ التأهيل فى الأهلي الأسبوع المقبل    وزارة الشباب والرياضة توافق على دعم فرع الاتحاد السكندري الجديد    ننشر نص أقوال سائق التريلا المتسبب بحادث دائري البساتين    تحذير عاجل من الأرصاد: أمطار متفاوتة الشدة على هذه المناطق    مصرع شخصين وإصابة 9 في انفجار خزان ضغط هواء داخل مصنع أدوات صحية بالدقهلية    نصب تذكاري بأسماء ضحايا حادث الطريق الإقليمي بالمنوفية داخل أكبر مدارس قرية كفر السنابسة    عاجل .. وزارة البترول: شركة اديس السعودية ملزمة بسداد تعويضات للمتوفين بحادث انقلاب البارج البحري "أدمارين 12"    إصابة طالب بمغص معوي خلال امتحانات الثانوية العامة بقنا    إيرادات كبيرة ل "أحمد وأحمد" في أول أيام عرضه بالسينمات    رامي جمال يكشف لأول مرة سبب انسحابه من جمعية المؤلفين والملحنين    جنا وعبد الله مفاجأة عمرو دياب في ألبومه الجديد "ابتدينا" (فيديو)    رضوى الشربيني ل شيرين عبدالوهاب: «الناس زعلانين عليكي مش بس منك»    ورش رسم وتلوين وعروض حكي ومسرح عرائس وندوات في معرض الفيوم للكتاب    موعد صيام يوم عاشوراء 2025 وأفضل الأدعية والأعمال المستحبة    5 تعليمات من هيئة الدواء لمرضى الساركوما خلال رحلة العلاج    أسوان تنضم رسميًا إلى منظومة التأمين الصحي الشامل    الرعاية الصحية: استحداث 22 خدمة طبية متقدمة وتخصصات دقيقة لأول مرة في أسوان    «صحة دمياط» تقدم الخدمة الطبية ل 1309 مواطنًا في منطقة مساكن الستين والسبعين بالحي الرابع    ليفربول ناعيا جوتا: صدمة مروعة ورحيل لا يُصدق    نقابة الموسيقيين تُقيم عزاء للمطرب الراحل أحمد عامر    رضوى الشربيني توجه رسالة دعم ل شيرين عبدالوهاب: "الناس زعلانة منك عليكي"    شرطي وهزيمة بخماسية.. من هو داني ماكيلي حكم مباراة الهلال وفلومينينسي؟    أمين الفتوى: التدخين حرام شرعًا لثبوت ضرره بالقطع من الأطباء    من يتحمل تكلفة قيمة الشحن في حال إرجاع السلعة؟.. أمين الفتوى يجيب    مجدي الجلاد ينتقد تعليقات التشفي بعد وفاة المطرب أحمد عامر: هل شققتم عن قلبه؟    برلماني: خطاب 3 يوليو كتب شهادة وفاة الإخوان وأنقذ الدولة من الفوضى    وزيرة التخطيط تشارك في افتتاح المركز التكنولوجي لخدمة المواطنين بالعلمين    جيش الاحتلال يعتقل 21 فلسطينيا في الضفة الغربية بينهم طلاب ثانوية    إخلاء قرى في غرب تركيا مع توسع الحرائق بفعل الرياح    نائب وزير الصحة يتفقد مستشفى حلوان العام: إجراءات عاجلة لتقليل زمن الانتظار    أسواق الذهب تترقب توجهات الفيدرالي الأمريكي بشأن أسعار الفائدة    أول تعليق من نادى ليفربول بعد وفاة ديوجو جوتا    ماذا قدم محمد شريف مع الأهلي قبل العودة لبيته فى الميركاتو الحالى؟    مصرع 4 أشخاص وفقدان 38 آخرين إثر غرق عبارة فى إندونيسيا    بن جفير: لن أسمح بتمرير صفقة فى غزة وآمل أن ينضم إلى سموتريتش    وزارة الأوقاف توضح القيم المشتركة بين الهجرة النبوية وثورة 30 يونيو    «فاقد الشغف ولا يستحق الاستمرار مع الفريق».. أيمن يونس يفتح النار على نجم الزمالك    تسريب امتحان الكيمياء للثانوية العامة 2025.. والتعليم ترد    9 جنيهات لكيلو البطاطس.. أسعار الخضروات والفاكهة في سوق العبور اليوم    أول تحرك من النيابة بشأن واقعة مقتل 3 أطفال على يد والدهم في المنيا    «الوطنية للانتخابات» تحدد قواعد اختيار رموز مرشحي «الشيوخ» على نظامي القوائم والفردي    تريلا تدهس 7 سيارات أعلى الطريق الدائري بالمعادي.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مشهد تطبيعي آخر بامتياز
نشر في الشروق الجديد يوم 08 - 01 - 2020

فى مشهد غامض محير تناقلته وسائل التواصل الاجتماعى، ونرجو أنه غير مفبرك ومدسوس، جلس مسئول تابع لرابطة العالم الإسلامى فى مقابل مسئول تابع لها يعرف بمنظمة المناصرة اليهودية العالمية (global Jewish advocacy) ليوقعا على ما يبدو أنها وثيقة اتفاقية تفاهم واعتراف متبادل وتعاون فيما بين المنظمتين.
لنحلل المشهد: أهداف المنظمة اليهودية الكبرى معروفة ومعلنة، وهى الدفاع عن حقوق ومصالح كل فرد يهودى فى العالم كله، والدفاع عن وحماية وجود ومصالح ومكاسب الكيان الصهيونى المغتصبة فى فلسطين المحتلة، ودفع كل حكومات العالم، وعلى الأخص الغربية منها، نحو إصدار قوانين تحرم التعامل مع المنظمة الحقوقية الفلسطينية العالمية (B.D.S) التى تواجه ظاهرة وممارسات الفصل العنصرى الصهيونى تجاه الشعب الفلسطينى الأعزل المحاصر.
إذن نحن أمام منظمة صهيونية حتى النخاع، حتى ولو ألبست زورا وبهتانا ألبسة كل ملائكة هذا الكون، ومهما ادعت فإنها مثلا، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، تبارك استيلاء الصهيانة على خمس وثمانين فى المائة من أرض فلسطين التاريخية ليسكن عليها ستة ملايين يهودى، وذلك فى مقابل أن يحشر اثنا عشر مليون فلسطينى عربى مسلم ومسيحى، فى الخمسة عشر فى المائة الباقية، وهى بالطبع تبارك طرح نحو مليونين من الفلسطينيين من الكيان اليهودى حتى تقام دولة عنصرية نقية دينية يهودية، لليهود فقط، وهى أيضا تبارك القتل اليومى الممنهج لأطفال ونساء وشيوخ وشباب فلسطين، والاقتلاع الإجرامى لشجر زيتونهم، وسرقة مياههم، وزج كل من يقاوم الاحتلال فى السجون دون محاكمات عادلة.
لنعد إلى ذلك المسئول الذى يلبس لباس العرب ويتكلم بلغتهم وينطق باسم دين الإسلام، ولنسأل: أليس التوقيع على وثيقة التعاون والتفاهم مع المنظمة اليهودية تلك هو قبول ضمنى من قبل الرابطة الإسلامية لكل ما ذكرناه عن أهدافها ومواقفها المتناقضة تماما مع حقوق الشعب الفلسطينى القومية والدينية والإنسانية؟
ما يوحى بأن ذلك المسئول قد أدخل رابطته فى اللعبة الصهيونية الشهيرة، بقصد أو بدون قصد، هو لإقحام نفسه وأعضاء رابطته فى لعبة بكائية الهولوكوست الشهيرة، فحال توقيعه على الوثيقة ومصافحة المسئول اليهودى بحرارة جلس على كرسيه ليؤكد بكلمات منتقاة بأن أعضاء الرابطة، التى تمثل بليونا ونصف بليون مسلم، يدينون ويشجبون الهولوكوست الألمانى النازى بحق يهود أوروبا، الذى مورس منذ نحو ثمانين سنة.
ومع أن ذلك المسئول يعرف، على ما نعتقد، أن موضوع الهولوكوست ذاك مختلف حول الكثير من تفاصيله، من مثل عدد ضحاياه وأسبابه الحقيقية والمتخيلة ودور بعض المنظمات الصهيونية فى التعاون معه لاستعمال النازيين لدفع يهود أوروبا للهجرة إلى فلسطين وسرقتها، ويعرف الاستعمال الممنهج لابتزاز العالم كله، بما فيهم العرب، باسم الهولوكوست النازى، إلا أن المسئول اكتفى بذكر الهولوكوست النازى بحق الأموات اليهود وتجاهل بصورة مفجعة ذكر الهولوكوست الصهيونى الهمجى الحالى بحق الأحياء من عرب فلسطين.
لقد كان باستطاعة ذلك المسئول أن يشجب الممارستين ويذكر العالم كله بأن أبناء وأحفاد ضحايا الهولوكوست النازى انقلبوا إلى نازيين محترفين يمارسون نفس الإجرام والفصل والاجتثاث العنصرى، ونفس القتل والحجز فى المعتقلات والسجون، ونفس الاحتقار والكره لمواطنى فلسطين العرب الأصليين من قبل المهاجرين الأغراب الجدد.
وهكذا، نقولها بصدق وإشفاق وحسرة، عرف ممثل المنظمة اليهودية، ذات الأهداف الصهيونية، كيف يحيل مناسبة التفاهم تلك إلى مكاسب للصهيونية العالمية، بينما أحال مسئول الرابطة المناسبة إلى تجاهل تام للصراع العربى الصهيونى الوجودى وعذابات وأحزان شعب فلسطين العربى الشقيق.
دعنا نطرح السؤال التالى: هل ما قام به ذلك المسئول فى الرابطة هو تنفيذ لقرار اتخذته الجمعية العمومية للرابطة وعلمت به الجهات الرسمية العربية والإسلامية التى تدعم تلك الرابطة؟ وبالتالى هل يبارك الأعضاء ذلك المشهد بكل تفاصيله وملابساته وحركاته الرمزية وأقواله المتجاهلة لأحد أهم أهداف الرابطة القائل «بخدمة قضايا العالم الإسلامى»؟ هل محنة شعب وأرض ومقدسات فلسطين قضية من قضايا العالم الإسلامى؟
سؤال صريح آخر: هل نفهم من ذلك المشهد السريالى أنه جزء من خطوات التهيئة المجنونة للتطبيع العلنى غير الخجول مع الكيان الصهيونى والانتقال لتوقيع معاهدات سلام مع الكيان الذى بدأ عتاة منظريه أخيرا يجاهرون ويدعون بأن مكة والمدنية المحيطة بهما هى أرض يهودية فى الأصل، تماما مثل الأرض الفلسطينية، وبالتالى يجب أن تعود إلى حضن أمها الصهيونية؟
الذى يخلطون أوراق التطبيع مع الكيان الصهيونى مع أوراق الصراعات السياسية والمذهبية الطائفية والقبلية، التى ستحرق الأخضر واليابس فى وطن العرب، وفى ما يسمى الشرق الأوسط، هؤلاء يجب أن يعرفوا أن النار ستحرقهم أيضا، وسيعضون على أصابع الندم، يوم لا ينفع البكاء والندم.
لا يستطيع الإنسان أن يصدق بأن جميع علماء وشعوب ودول العالم الإسلامى، الذين ينتمون لتلك الرابطة، سيرضون عن رؤية ذلك المشهد الحزين وتداعياته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.