هل ترتفع أسعار الذهب الفترة المقبلة؟ رئيس الشعبة يجيب    اصطدام سيارة بحشد من الناس بألمانيا تسبب في عشرات القتلى والمصابين    واشنطن وباريس تتفقان على التزام مشترك لمنع إيران من امتلاك القنبلة النووية    بقميص الأهلي| جلسة تصوير لزيزو في ميامي «شاهد»    مانشستر سيتي يحسم صفقة آيت نوري    واتساب يعلن عن ميزة جديدة خلال الفترة المقبلة لمستخدمي أندرويد    موعد ظهور نتيجة سنوات النقل في القاهرة عبر بوابة التعليم الأساسي 2025 برقم الجلوس (تفاصيل)    رغم طرحه أونلاين، سيكو سيكو يستمر في جني الإيرادات بشباك التذاكر    كل عام ومصر بخير    مستشفيات جامعة القاهرة: استقبال 7007 حالات مرضية وإجراء 320 جراحة بأقسام الطوارئ    عيّد بصحة.. نصائح مهمة من وزارة الصحة للمواطنين حول أكل الفتة والرقاق    القومي للمرأة ينظم لقاءاً تعريفياً بمبادرة "معاً بالوعي نحميها" بكاتدرائية الأقباط الأرثوذكس    إعادة هيكلة قطاع الكرة داخل الزمالك بخطة تطويرية شاملة.. تعرف عليها    هدية العيد    مصطفى عسل يتأهل لنهائي بطولة بريطانيا المفتوحة للإسكواش    السيسي ورئيس الوزراء الباكستاني يؤكدان أهمية تعزيز التشاور والتنسيق تجاه القضايا الإقليمية والدولية    حركة فتح: مصر تؤدي دورًا محوريًا في القضايا العربية وعلى رأسها القضية الفلسطينية    سيجارة أشعلت النيران.. مصرع أربعيني أثناء تعبئة البنزين في قنا    مصرع سيدة أسفل عجلات قطار فى البحيرة    الرئيس السيسى يتلقى اتصالًا هاتفيًا من رئيس وزراء باكستان للتهنئة بعيد الأضحى    نائب الرئيس الأمريكي: إسرائيل تحاول تدمير حماس لأنها تلقت ضربة موجعة    مجانا.. قصور الثقافة تطلق عروضها المسرحية بإقليم جنوب الصعيد الثلاثاء    سلمى صادق واندريا بيكيا وشريف السباعى فى أمسية ثقافية بالأكاديمية المصرية بروما    الصين توافق على تصدير بعض المعادن النادرة قبل المحادثات مع أمريكا    فى موسم الرحمة.. مشاهد البر تتصدر مناسك الحج هذا العام.. أبناء يسيرون بوالديهم نحو الجنة بين المشاعر المقدسة.. كراسى متحركة وسواعد حانية.. برّ لا يعرف التعب وأبناء يترجمون معنى الوفاء فى أعظم رحلة إيمانية    بعد وقف النار مع باكستان.. الهند وبريطانيا تبحثان توسيع تعاونهما في مكافحة الإرهاب    محلية نجع حمادي تواصل حملاتها لرصد مخالفات البناء ورفع الإشغالات خلال العيد    "أكلات العيد".. طريقة تحضير الأرز بالمزالكيا    اللحوم بين الفوائد والمخاطر.. كيف تتجنب الأمراض؟    لليوم الثاني.. أهالى الأقصر يذبحون الأضاحى لتوزيعها علي الأسر الاكثر احتياجا فى عيد الأضحى    بعد تخطي إعلان زيزو 40 مليون مشاهدة في 24 ساعة.. الشركة المنفذة تكشف سبب استخدام ال«ai»    ما حكم من صلى باتجاه القبلة خطا؟.. أسامة قابيل يجيب    إعلام إسرائيلي يدعي عثور الجيش على جثة يعتقد أنها ل محمد السنوار    زلزال بقوة 5.2 درجة يضرب اليونان    مها الصغير: أتعرض عليا التمثيل ورفضت    مجدي البدوي: تضافر الجهود النقابية المصرية والإفريقية للدفاع عن فلسطين| خاص    12 عرضا في قنا مجانا.. قصور الثقافة تطلق عروضها المسرحية بجنوب الصعيد    تعرف على الإجازات الرسمية المتبقية فى مصر حتى نهاية عام 2025    وزارة النقل: الأتوبيس الترددى يعمل طوال أيام العيد فى هذه المواعيد    المالية: صرف المرتبات للعاملين بالدولة 18 يونيو المقبل    رونالدو: الحقيقة أنني لن أتواجد في كأس العالم للأندية    بشرى تتألق بإطلالة صيفية أنيقة في أحدث جلسة تصوير لها| صور    محمد سلماوي: صومعتي تمنحني هدوءا يساعدني على الكتابة    الصناعة: حجز 1800 قطعة أرض في 20 محافظة إلكترونيا متاح حتى منتصف يونيو    "الزراعة": إزالة 20 حالة تعد في المهد بعدد من المحافظات    الأحزاب تستغل إجازات العيد للتواصل مع الشارع ووضع اللمسات الأخيرة على قوائم المرشحين    عيد الأضحى 2025.. ما حكم اشتراك المضحي مع صاحب العقيقة في ذبيحة واحدة؟    البابا تواضروس الثاني يعيّن الأنبا ريويس أسقفًا عامًا لإيبارشية ملبورن    الداخلية ترسم البسمة على وجوه الأيتام احتفالا بعيد الأضحى| فيديو    الأحوال المدنية: استمرار عمل القوافل الخدمية المتنقلة بالمحافظات| صور    لبنان.. حريق في منطقة البداوي بطرابلس يلتهم 4 حافلات    البحيرة.. عيادة متنقلة أمام النادي الاجتماعي بدمنهور لتقديم خدماتها المجانية خلال العيد    شعبة الدواجن تعلن هبوط أسعار الفراخ البيضاء 25% وتؤكد انخفاض الهالك    العيد أحلى بمراكز الشباب.. فعاليات احتفالية في ثاني أيام عيد الأضحى بالشرقية    السيسي يقود أحدث إنجازات الدولة في تطوير التعليم الجامعي    إجابات النماذج الاسترشادية للصف الثالث الثانوي 2025.. مادة الكيمياء (فيديو)    «المنافق».. أول تعليق من الزمالك على تصريحات زيزو    معلومات من مصادر غير متوقعة.. حظ برج الدلو اليوم 7 يونيو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بي بي سي: ما سرُ ذكاء الغراب الذي أدهش العلماء؟
نشر في الشروق الجديد يوم 18 - 12 - 2019

في عام 2002، لفتت أنثى غراب أنظار العلماء وكادت تشق طريقها نحو النجومية. إذ راقبها عدد من علماء بجامعة أكسفورد في دهشة وهي تلتقط سلكا معدنيا في قفصها دون عناء ثم تثني أحد أطرافه، وتستعين بأي شيء بالقرب منها لتثبيت الطرف الآخر، وقد حولته إلى خطاف التقطت به اللحم من الإناء الصغير عبر أنبوب بلاستيكي صغير.
وحار العلماء آنذاك في القدرات العقلية المذهلة التي تتمتع بها أنثى الغراب التي مكنتها من حل هذه المشكلة المعقدة بتلقائية مبهرة، وكانوا يظنون أنها تتمتع بقدرات ذهنية فريدة من نوعها قد تضاهي القدرات العقلية البشرية.
لكن بعد عدة سنوات، خلصت أبحاث إلى أن الغربان التي تقطن جزر كاليدونيا الجديدة اعتادت على ثني الأدوات. وبينما ظن المراقبون في البداية أن أنثى الغراب، التي أطلقوا عليها اسم "بيتي"، ابتكرت تصميم هذه الأداة من فرط ذكائها، فقد اكتشفوا أن غربان كاليدونيا الجديدة تطورت بصورة طبيعية على مر سنوات عديدة لتصبح قادرة على تطويع الأغصان اللينة وتحويلها إلى أدوات معقوفة لتساعدها في جمع الطعام في البرية.
وتنتمي غربان كاليدونيا الجديدة إلى فصيلة الغرابيات، التي تضم طيور الزاغ أو غراب الزرع وغراب القيظ، وأبو زريق والعقعق والغراب النوحي. وأجرى الباحثون دراسات عديدة في السنوات الأخيرة على أدمغة هذه الطيور. ولا شك أن بعضها يمتلك قدرات معرفية مذهلة. فهل ممكن أن تساعدنا هذه الطيور في تعريف الذكاء ومعرفة أسباب تطور هذه القدرات الذهنية؟
ويعتمد الذكاء البشري على تركيبة الدماغ، إذ يوجد في أدمغة الرئيسيات الذكية، ومنهم البشر، جزءا يسمى القشرة المخية الحديثة، ولولاها لما استطاع البشر تنفيذ العمليات المعرفية المعقدة. لكن هذا الجزء ليس موجودا لدى الطيور من فصيلة الغرابيات، وقد تطورت لديها في المقابل عناقيد من الخلايا العصبية تمنحها قوة ذهنية مشابهة.
وبغض النظر عن تركيبة الدماغ، تتمتع الغرابيات والرئيسيات ببعض القدرات الأساسية المشتركة، التي تساعدها على حل المشكلات والتكيف والتأقلم مع البيئة بناء على المعلومات والخبرات الجديدة. وهذا يعد مثالا على التطور التقاربي، إذ طورت أنواع من الحيوانات ليس لها علاقة ببعضها سمات وخصائص متقاربة من خلال احتكاكها بالطبيعة بشكل مستقل.
ويعتمد الغربان والبشر على قدرات مماثلة إلى حد ما لمساعدتهم في البقاء على قيد الحياة، بدءا من التعرف على وجوه الأشخاص الذين شكلوا تهديدا لهم ولغيرهم من أفراد مجموعتهم ووصولا إلى استخدام الإشارة في التواصل.
ويقول كريستيان روتز، باحث بجامعة سانت أندروز، إن بعض الطيور لديها مهارات مذهلة. ووصف روتز وزملاؤه في إحدى الدراسات كيف تبحث غربان كاليدونيا الجديدة عن نوع معين من أغصان النباتات لعمل أدواتهم المعقوفة. وأوضحت تجارب أن الغربان تنجح في العثور على الأغصان المعينة التي تنشدها حتى لو كانت مخبأة تحت أوراق الشجر.
وتستخدم غربان كاليدونيا الجديدة هذه الأدوات لاستخراج الحشرات من داخل الثقوب في جذوع الأشجار.
ويقول داكتوتا ماكوي، من جامعة هارفارد، إن البشر يعتمدون كليا على ذكائهم لمواجهة مشاكلهم، لكن هذا لا يعني أنهم يتمتعون بأفضل المهارات الذهنية مقارنة بسائر الكائنات الحية. فإن الذاكرة قصيرة المدى لدى الشمبانزي، على سبيل المثال، أقوى منها لدى البشر، مما يتيح لها تذكر أماكن الطعام على الأشجار.
لكن مهما اختلفت درجات الذكاء، فإن الأهم من ذلك أن الذكاء هو مجرد وسيلة ساعدت هذه الأنواع من الحيوانات على التأقلم مع البيئة للحفاظ على النوع والبقاء على الحياة.
ويقول روتز إن ثمة حيوانات أخرى عديدة غير غربان كاليدونيا الجديدة تكيفت وتطورت قدراتها على استخدام الأدوات، مثل الشمبانزي والببغاوات والتماسيح وحتى السلطعون.
وبخلاف القدرات المعرفية، تستخدم بعض الحيوانات وسائل أخرى لتساعدها في البقاء على قيد الحياة، مثل الزرافة التي تمد رقبتها للوصول إلى الطعام الذي يتعذر الوصول إليه. بيد أن بعض الحيوانات قد تؤدي مهاما تتجاوز احتياجاتها للبقاء والحفاظ على النوع.
إذ تمكن أحد غربان كاليدونيا الجديدة من حل لغز من ثماني خطوات للوصول إلى الطعام. وبدا واضحا أن هذه القدرات الفذة تتضاءل إلى جوارها قدرات الغراب "بيتي" الذي تمكن من ثني الغصن، لأن هذه المشكلات لا تصادفها الغربان في البرية قط، لكنها برعت في حلها باستخدام قدراتها المعرفية.
إذ يدل حل هذا اللغز بهذه الدقة وباتباع عدة خطوات متتابعة على أن الغربان لديها القدرة على التخطيط المسبق قبل التنفيذ.
وأجرت ماكوي بحثا لمعرفة مدى تأثير استخدام الطيور للأدوات على أمزجتها. ودربت ماكوي وزملاؤها بعض غربان كاليدونيا الجديدة لتمييز الصناديق المملوءة بالطعام من الصناديق الفارغة، ثم عرضت عليها صندوقا آخر على المائدة لا تظهر كمية الطعام بداخله.
ولاحظت أن الغربان التي استخدمت الأدوات للوصول إلى الطعام كانت أسرع وأكثر حماسة لاستكشاف الصندوق الثالث مقارنة بالغربان التي لم تستخدم الأدوات في الوصول للطعام. وهذا يدل على أن الغربان كانت أكثر تفاؤلا بعد استخدام الأدوات. وتقول ماكوي إن القدرات المعرفية تفسح المجال لسلوكيات جديدة ليست ضرورية للبقاء على قيد الحياة.
ولعل الغربان تشبه البشر أيضا لا لأنها ذكية فحسب، بل لأنها تستخدم ذكاءها أحيانا للمتعة والمرح. وتقول ماكوي إن الغربان لديها فضول فطري، إذ كان بعضها يلتقط المعدات العلمية في المعمل ويهرب بها محلقا داخل قفص الطيور. وتعشق الغربان الصغيرة تحديدا اللهو واللعب.
وترى ماكوي أن البشر أيضا لديهم هذه القدرات الذهنية الاستثنائية لكنهم يستخدمونها في حل الكلمات المتقاطعة. وقد يرى البعض أن هذه الأحجيات تبقي الذهن متقدا وتعزز قدراتنا العقلية ومن ثم تساعدنا في البقاء على قيد الحياة.
ولأن غربان كاليدونيا الجديدة، كالبشر، لديها أمزجة وذاكرة قوية، وقدرة على التخطيط والتوقع، فإنها قادرة أيضا على حل المشكلات المركبة بشكل لافت.
ويدل ذلك على أن القدرات المعرفية ليست وسيلة نحتاجها للوصول إلى الغاية فحسب، بل يكشف ذكاء الحيوانات عن ظواهر لافته للأنظار، مثل الغوريلا التي تفهم لغة البشر، أو الغراب الذي يحل الأحجيات أو الببغاء الذي يلقي النكات.
فقد سطرت الطبيعة قوانين التطور، وأظهرت أدمغة الحيوانات براعة لافتة في تطبيقها تجاوزت الهدف الذي تطورت من أجله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.