عندما تلقت هانم إحدى الناجيات من سرطان الثدى دعوة للمشاركة فى أسبوع «من أجل كسر حاجز الصمت»، شعرت بأن العالم كله يقف معها ويدعمها، خصوصا أن أكثر ما عانت منه خلال مرضها هو نظرة المجتمع التى وصفتها بالقسوة الشديدة: «الناس كلهم كانوا بيتعاملوا معايا إنى خلاص هاموت»، هذا الشعور أصابها بالإحباط خلال فترة العلاج التى استمرت نحو خمس سنوات وانتهت فى أوائل عام 2009. ويعد مشروع كسر حاجز الصمت، المقام تحت رعاية السيدة الأولى سوزان مبارك، هو التعاون الأول من نوعه بين نشطاء من الولاياتالمتحدةالأمريكية والشرق الأوسط، لرفع الوعى بمرض سرطان الثدى خلال الفترة من 21 إلى 27 أكتوبر، باعتباره الشهر العالمى للتوعية بمرض سرطان الثدى، وتنظم فاعلياته المؤسسة الأمريكية سوزان جى كومن للشفاء، والمؤسسة المصرية لمكافحة سرطان الثدى. ولاتزال هانم، 45 عاما، تخضع للمتابعة الدورية لتطمئن على سلامتها، ولكنها الآن تعيش حياة طبيعية بثدى بديل حصلت عليه مجانا من المؤسسة المصرية لمكافحة سرطان الثدى، ولكنها خرجت من التجربة وهى تحمل هدفين تسعى لتحقيقهما، الأول أن توجه نصيحة لكل سيدة «نفسى كل الستات تعمل الفحص مبكرا لأنى أهملت وده كان سبب فى استئصال الثدى». أما الهدف الثانى فهو رجاء وجهته هانم لكل المجتمع المصرى رجالا ونساء «لازم نراعى مريض السرطان وندفعه بالأمل والدعم النفسى»، خصوصا عندما تكون المصابة سيدة لأنها أم وزوجة قبل أن تكون مريضة، هانم أم لثلاثة أطفال كانوا دعما لها وسببا فى إصرارها على التمسك بالحياة طوال فترة العلاج الإشعاعى والكيميائى والهرمونى، تقول: «شعرت مع إعلان الطبيب شفائى إن روحى ردت فيا»، لذلك تدعو كل سيدة مصابة «لا تيأسى من رحمة الله». وشاركت هانم أكثر من 10 آلاف مصرى وأجنبى فى السباق العالمى الأول من نوعه الذى يقام فى مصر لتغير المفاهيم الثقافية الخاطئة تجاه مرض سرطان الثدى، وهو إحدى فاعليات هذا الأسبوع، الذى يشمل، أيضا، افتتاح مركز لخدمات المرضى بالمؤسسة المصرية لمكافحة السرطان، وتقديم دورات تدريبية لمعرفة احتياجات المجتمع وماهية الوسائل التى تهدف لرفع الوعى بالمرض، وتكوين فرق من الناشطين للمساندة النفسية للمرضى. ويعد سرطان الثدى فى مصر من أكثر أنواع السرطانات التى تتسبب فى الوفاة بين السيدات، كما أنه يمثل 37% من إجمالى حالات السيدات المصابات بالسرطان وفقا لتقرير الدكتورة درية سالم رئيسة البرنامج القومى للكشف عن سرطان الثدى. ورصدت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية بعض التحديات التى تواجه مصر فى مكافحة سرطان الثدى منها المفاهيم الثقافية الخاطئة والجهل بخطورة المرض، فضلا عن التشخيص المتأخر الذى ينتج عنه انخفاض فى معدلات الناجين من المرض، وذلك جنبا إلى جنب مع نقص المجموعات المساندة لمرضى سرطان الثدى مثل الدعم النفسى والاجتماعى أو تقديم المشورة إلى السيدات المتضررات وأسرهن. وتشير الإحصاءات الخاصة بالجامعة الأمريكية للسرطان إلى أن هناك سيدة تتوفى كل 68 ثانية مصابة بالمرض حول العالم، كما أن هناك أكثر من مليون سيدة تصاب بهذا المرض سنويا، ووفقا لهذا المعدل فإنه من المنتظر تشخيص نحو أكثر من 32 مليون سيدة خلال الخمسة وعشرين عاما القادمة، ويتوقع وفاة أكثر من 11 مليونا من السيدات المصابات بالمرض. ويرى د. محمد رزق إخصائى أمراض النساء والتوليد أن الكشف المبكر هو أول خطوات الشفاء فى حالات الإصابة بمرض سرطان الثدى، لأن أكثر السيدات فى مصر «يفضلوا ساكتين بالشهور»، لذلك ينبه على ضرورة الذهاب للطبيب بمجرد ظهور أى اشتباه فى ورم ولو بسيط أو تغير فى شكل الثدى. وينصح السيدات بضرورة اتباع منهج الوقاية خير من العلاج لتجنب الإصابة بالمرض، حيث يؤكد ضرورة الابتعاد عن الوجبات السريعة التى تعد من الأسباب الرئيسية للإصابة بالسرطان، كما أن السمنة تشكل خطرا كبيرا لأن كثرة الدهون خطر على صحة الإنسان بشكل عام.