لا يزال العدوان التركي على شمال شرق الأرضي السورية مستمرا حتى الآن، منذ أن أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأربعاء، عن البدء في شن عملية عسكرية أسماها ب "محدودة المدى" على مناطق الشمال الشرقي السوري، أعقبه قصف جوي وبري من القوات التركية طال المدنيين في المقام الأول وبعض عناصر قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، المتمركزة في الشمال الشرقي السوري. وأسفر القصف التركي عن مقتل 16 عنصرا مابين مدني وعسكري، وإصابة 33 آخرين من قوات سورية الديمقراطية (قصد)، بينما قتل 6 عناصر من القوات التركية نتيجة القصف والاشتباكات التي وقعت بين الجانبين، في منطقتي تل أبيض ورأس العين، فضلا عن نزوح أكثر من 60 ألف كردي، بحسب ما أعلنه المرصد السوري لحقوق الإنسان، ليل الخميس، فيما قالت وزارة الدفاع التركية، الجمعة، إنه تم تحييد "قتل او استسلام او اسر" 174 عنصرا من القوات الديمقراطية حتى الآن. تحركات أردوغان المفاجئة في المنطقة أدت إلى إدانات عالمية، خشية أن ينتقل "الصراع التركي الكردي" الدائر حاليا في تركيا، الى مناطق شمال شرق سوريا حيث يتمركز الأكراد السوريون هناك، خاصة بعدما صرح أردوغان بأن العملية العسكرية ستجرى ضد وحدات حماية الشعب الكردية "الإرهابية" المدعومة من الدول الغربية، على حد قوله.. وتأتي تحركات تركيا في ظل الإحتدام السياسي بين أردوغان وحزب العمل الكردستاني الذي يريد الانفصال عن تركيا وتكوين دولة مستقلة، ما يمثل خطرا على أمن واستقرار سوريا، وهو ما لفت إليه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في مؤتمر صحفي الأربعاء، عندما قال: "أمريكا ستمحو اقتصاد تركيا إذا قضت على الأكراد في سوريا". ويمتليء ميدان الحرب في الشمال الشرقي السوري بالعديد من الفصائل والقوات المسلحة، التي تشارك في معركة الأسلحة المتوسطة والثقيلة القائمة الآن، في محيط وأطراف منطقة القحطانية وعامودا وعين العرب وتل أبيض ورأس العين والدرباسية والقامشلي والمالكية، في ظل استهداف لمواقع داخل الأراضي التركية بقذائف الهاون، وتخوض المعركة حتى الآن قوتان عسكريتان، هي الجيش السوري الحر، وقوات سوريا الديمقراطية (قسد).. 1. قوات سوريا الديمقراطية (قسد) تعتبر قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، أو كما تطلق على نفسها "قوات حماية الشعب الكردية"، أقوى وأكبر فصيل للدفاع عن الشمال الشرقي السوري، فهي قوة عسكرية موحدة، تجمع بين العرب والأكراد والسريان وكافة المقاتلين السوريين ضد الإرهاب، وتعتبر العمود الفقري للأكراد في سوريا، تنقسم إلى "وحدات حماية الشعب، ووحدات حماية المرأة. تم الإعلان عن تشكيل قوات سوريا الديمقراطية في 10 أكتوبر عام 2015، في أعقاب إعلان الولاياتالمتحدةالأمريكية عن نيتها تقديم العون لمن يحارب داعش في سوريا. وتضم قوات (قسد) عشرات الفصائل منها وحدات حماية الشعب الكردية بأكثر من 15 ألف مقاتل، وحدات حماية المرأة الكردية، بأكثر من 5 آلاف مقاتلة، وجيش الثوار الذي يضم جبهة الأكراد، بالاضافة لمجموعة من الألوية مثل اللواء 99، ولواء السلطان سليم، وكتائب صغيرة مثل كتائب فاضل الشبلي، أحرار جرابلس، كتائب أسود الفرات. وبحسب روسيا اليوم، لطالما آمنت الولاياتالمتحدةالأمريكية الدعم لوحدات حماية الشعب الكردية المتمثلة في قوات (قسد)، من خلال تزويدها بالتسليح والغطاء الجوي في معاركها ضد داعش، حيث تلقت القوات بعد تشكيلها أسلحة ثقيلة من الولاياتالمتحدة من بينها ناقلات جنود ومدافع هاون ورشاشات ثقيلة إلى جانب الذخيرة، رغم معارضة تركيا الشديدة، هذا بالإضافة لتلقي القوات الاستشارة من قوات أمريكية على جبهات القتال خلال عام 2015. وقال أردوغان خلال الإعلان عن العملية العسكرية أن تركيا تشن حربا ضد جماعة "بي كي كي"، وهي منظمة كردية خرجت من رحم حزب العمال الكردستاني، واسعة الانتشار، و تصنفها تركيا على أنها إرهابية، حيث اتهمتها في نهاية 2016 بقتل شرطيين تركيين بعد قيام السلطات التركية بإغتيال 33 ناشطا اشتراكيا كرديا خلال تفجير تبناه تنظيم الدولة في مدينة سوروج التركية، ومثلها منظمة "واي بي جي" التي تعتبر امتدادا لها، بحسب صحف تركية. 2. الجيش السوري الحر "الجيش الوطني الموالي لتركيا" هو مجموعة من الفصائل المعارضة لنظام بشار الأسد، أطلق عليه في عام 2017 "الجيش الوطني السوري المدعوم من تركيا" وهو يتبع حاليا الحكومة المؤقتة الموازية للحكومة السورية تحت رئاسة بشار الأسد والتي شكلتها تركيا، تم تشكيله في يوليو 2011، على يد مجموعة من ضباط القوات المسلحة الذين قالوا إن هدفهم اسقاط حكومة بشار الأسد، لكن هيكله تلاشى تدريجيا في عام 2012، تتقمص مجموعات معارضة مختلفة هويته. في 5 أكتوبر الماضي، انضم إلى "الجيش الوطني السوري"، مجموعة من الفصائل المتطرفة في الشمال السوري، بأمر من تركيا استعدادا للعمل تحت لوائها لخوض عمليتها العسكرية، وكان من ضمن هذه الفصائل المنضمة الى هذا الجيش "هيئة تحرير الشام" الإرهابية المتطرفة، أو "جبهة النصرة" سابقا. ويخوض "الجيش السوري الحر" معركته في ميدان الحرب الآن ضد قوات سوريا الديمقراطية، حيث دعا يوم الأربعاء، عناصره المسلحة إلى استخدام أقصى درجات العنف ضد قوات سورية الديمقراطية الكردية، التي تخوض معارك دامية مع القوات التركية، حيث دفع الجيش الحر قوات كبيرة من العناصر والآليات المدرعات إلى خطوط الجبهة مع المقاتلين الأكراد بمدينة "منبج" استعدادا للعملية التركية. أين ذهب جيش سوريا؟ الجيش الرسمي السوري، أو "جيش النظام السوري"، يتبع الحكومة السورية، لكن يبدو أنه لن يتدخل في حرب في الشمال الشرقي الذي تسيطر عليه قوات سوريا الديمقراطية، وستقف على الحياد خفي الحرب الدائرة بين (قسد) الكردية وتركيا المتحالفة مع الجيش السوري الحر. شيئ آخر ربما يدعم نظرية غياب قوات الأسد عن ميدان الحرب الدائرة في الشمال الشرقي، وهو أنه في يناير الماضي تعنت النظام في الاستجابة لشروط "قسد" مقابل تسلمه مناطق سيطرتها، الممتد من شرق الفرات إلى غرب نهر دجلة، حيث رفض النظام شروطا تتعلق بتقاسم النفوذ، ليتركها (قسد) وحيدة في مواجهة "المخلب التركي" في المنطقة. كيف يمثل الانسحاب العسكري الأمريكي خطرا على الأكراد؟ في خطوة وصفها ساسة أمريكيون بأنها "تخلي صريح عن أكراد سوريا"، أعلن الرئيس الأميريكي في وقت سابق من هذا الأسبوع أنه يسحب قواته من سوريا، وعبر قائلا: "دخول منطقة الشرق الأوسط كان غلطة لأمريكا.. إنه مستنقع سوف نسحب قواتنا من سوريا". ويمثل انسحاب القوات الأمريكية من سوريا خطرا كبيرا على الأكراد، حيث تتمتع القوات الأمريكية بحصانة، ولا يستطيع أحد الإقتراب منها وبالتالي فإن انسحابها ودخول القوات التركية مباشرة سيعرض حياة المواطنين الأكراد للخطر. وذكرت صحف عالمية الأربعاء، أن القصف التركي طال أحد السجون التي تحتج داعش في الشمال الشرقي، والتي هي حصيلة معارك قوات سوريا الديمقراطية التي حاربت داعش وخلصت الشمال السوري منه، ما يرمي لاحتمالية وجود أهداف غير معلنة لتركيا.