انتخابات النواب 2025.. محافظ أسوان يتفقد عددًا من مقار اللجان    بنك الاستثمار الأوروبي يستعد لتمويل محطات تحليه المياه في مصر    ميناء دمياط يستقبل 7 سفن خلال 24 ساعة    المشاط تتسلم جائزة «القيادة الدولية» من معهد «شوازيل» أحد أبرز مراكز الفكر والأبحاث عالميًا    الدورة السابعة من جائزة زايد للأخوَّة الإنسانية تتلقّى عددًا من طلبات الترشيح لأكثر من 75 بلد    زيلينسكي يبحث مع الناتو المفوضية الأوروبية جهود إحلال السلام بأوكرانيا    أبرزها مواجهات الزمالك وبيراميدز.. 3 مباريات قوية بكأس مصر اليوم    الضويني يهنئ وزير الرياضة لاختياره رئيسا للجنة الحكومية الدولية للتربية البدنية باليونسكو    خطوة بخطوة.. طريقة الاستعلام عن المخالفات المرورية    تعليق صادم من طليقة الفنان سعيد مختار بعد إخلاء سبيلها    غدا.. بدء عرض فيلم الست بسينما الشعب في 9 محافظات بأسعار مخفضة    مسؤول أممي: اقتحام إسرائيل مجمع الأونروا في القدس يعد سابقة خطيرة    علاء عابد: خطوة فلوريدا تجاه الإخوان و"كير" انتصار دولى جديد ضد قوى التطرف    إصابة 34 إثر زلزال قوي ضرب شمال شرق اليابان بقوة 7.5 درجة    رئيس الوزراء يفتتح مصنع «ليوني مصر» لضفائر السيارات بمدينة بدر    رفع 50 طن قمامة ومخلفات صلبة وأتربة بقرى مركز سوهاج    الأهلي يبدأ معسكره المغلق الخميس استعدادًا لضربة البداية أمام إنبي بكأس عاصمة مصر    الزمالك يكشف عن عدد أعضاء الجمعية العمومية وعدد اللجان    تقرير: دعم ليفربول ل«سلوت» لا يعني التخلي عن «صلاح»    موعد مباراة برشلونة وفرانكفورت في دوري أبطال أوروبا.. والقنوات الناقلة    رشا عبد العال: «كارت تميز ضريبي» لتسهيل إجراءات تعامل شركائنا الممولين مع المصلحة    زيارة وفد الوكالة الكورية للتعاون الدولي (KOICA) لكلية السياحة والفنادق بجامعة قناة السويس    أزمة الكلاب الضالة في مصر.. بين الأمان العام وحقوق الحيوان    إحالة عامل قتل صديقة بسبب خلافات فى المنوفية إلى المفتى    سقوط شخص من قطار بمركز طما فى سوهاج وإصابته بكسور وكدمات    البابا تواضروس الثاني يلتقي ممثلي الكليات والمعاهد اللاهوتية بأكاديمية مار مرقس بوادي النطرون    الصحة: فحص 7.4 مليون طالب ضمن مبادرة الكشف المبكر عن «الأنيميا والسمنة والتقزم»    احجام المستهلكين خوفا من الفراخ السردة… اضطرابات وتقلبات فى سوق الدواجن بسبب الاستيراد من الخارج    رحاب الجمل: محمد رمضان في "احكي يا شهرزاد" كان ملتزم وبيصلي    عضو «حقوق الإنسان»: انتخابات مجلس النواب تتم في سهولة ويسر    رفض ليبي لتصريحات يونانية حول الحدود البحرية    قافلة «زاد العزة» ال90 تدخل إلى الفلسطينيين بقطاع غزة    ضبط 3 عناصر جنائية غسلوا 160 مليون جنيه حصيلة تجارة مخدرات    تعليم القاهرة تعلن موعد الاختبار التجريبي لمادة البرمجة والذكاء الاصطناعي لطلاب الصف الأول الثانوي    كمبوديا تتعهد بقتال تايلاند بشراسة    وزير الثقافة يلتقي نظيره الأذربيجاني لبحث آليات تعزيز التعاون بين البلدين    وزير الثقافة يلتقي نظيره الأذربيجاني لبحث التعاون بين البلدين    جعفر بناهي يترشح لجائزة أفضل مخرج في الجولدن جلوبز عن فيلم «كان مجرد حادث»    في ذكري «يحيي حقي».. أيقونة أدبية عربية جليلة    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 9ديسمبر2025فى محافظة المنيا    الحبسي: عصام الحضري أفضل حراس مصري عبر التاريخ.. وشناوي "الأهلى" بعده    فريق جراحة القلب والصدر بمستشفيات قنا الجامعية ينقذ شابا من إصابة قاتلة بصاروخ تقطيع الرخام    فوائد الامتناع عن الطعام الجاهز لمدة أسبوعين فقط    الكشف على 214 حالة خلال مبادرة "من أجل قلوب أطفالنا" بجامعة بنها    السكك الحديدية: تطبيق إجراءات السلامة الخاصة بسوء الأحوال الجوية على بعض الخطوط    أسعار الأسماك اليوم الثلاثاء 9 ديسمبر    الحبس عقوبة استخدام التخويف للتأثير على سلامة سير إجراءات الانتخاب    متحف اللوفر بين الإصلاحات والإضرابات... أزمة غير مسبوقة تهدد أشهر متاحف العالم    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ماذا تعمل ?!    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    الصيدلانية المتمردة |مها تحصد جوائز بمنتجات طبية صديقة للبيئة    هل يجوز إعطاء المتطوعين لدى الجمعيات الخيرية وجبات غذائية من أموال الصدقات أوالزكاة؟    المستشار القانوني للزمالك: سحب الأرض جاء قبل انتهاء موعد المدة الإضافية    رئيسة القومي للمرأة تُشارك في فعاليات "المساهمة في بناء المستقبل للفتيات والنساء"    حظك اليوم وتوقعات الأبراج.. الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 مهنيًا وماليًا وعاطفيًا واجتماعيًا    أفضل أطعمة بروتينية لصحة كبار السن    مراد عمار الشريعي: والدى رفض إجراء عملية لاستعادة جزء من بصره    لليوم الثالث على التوالي.. استمرار فعاليات التصفيات النهائية للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لماذا تخشى النساء في أفريقيا الولادة القيصرية؟
نشر في الشروق الجديد يوم 22 - 06 - 2019

وقفت أليس أوغبارا أمام مجموعة من النساء لتحكي تفاصيل ولادتها القيصرية التي يعتبرها الكثيرون مجازفة خطيرة. إذ ترفض بعض النساء في نيجيريا إجراء هذه العملية حتى لو كانت ستنقذهن من الموت.
لكن أوغبارا قد لا تجرؤ على سرد تفاصيل الولادة القيصرية خارج هذا الفناء في لاغوس بنيجيريا، إذ تتعرض النساء اللائي يخضعن لعملية ولادة قيصرية للوصم والاستهجان من الآخرين بسبب عوامل دينية واجتماعية متأصلة في نيجيريا قد تدفع الكثير من النساء إلى رفض إجراء الجراحة أو كتمانها عن الآخرين إذا اضطررن لاجرائها.
وقد أخفت أوغبارا أمر العملية القيصرية عن عائلتها، وتقول: "لو أخبرت النيجيريين أنك على وشك إجراء عملية قيصرية، سيقولون لك 'أعاذنا الله من شرها'".
ونظمت هذا الاجتماع الذي حضرته أوغبارا جمعية "ماماليت"، وهي مؤسسة نيجيرية غير ربحية، تدعم النساء الحوامل وتسعى لتخفيض معدلات وفيات النساء أثناء الولادة في لاغوس، عبر طرق عديدة، منها مكافحة الوصم المصاحب للولادة القيصرية.
وتقضي 58 ألف امرأة نحبها في نيجيريا أثناء الولادة سنويا، ولهذا تحل نيجيريا في المرتبة الرابعة بين الدول التي تسجل فيها أعلى معدلات وفيات الأمومة. وثمة أسباب عديدة تقف وراء هذه المشكلة، منها انخفاض معدل الولادات عبر العمليات القيصرية، التي لا تتعدى اثنين في المئة من إجمالي الولادات، في حين أن المعدل العالمي هو 21 في المئة، فضلا عن نقص الأطباء، إذ أشارت تقارير إلى أنه لا يوجد في نيجيريا إلا طبيب واحد لكل ستة آلاف شخص.
وتهدف جمعية "ماماليت" إلى دعم النساء الحوامل وتوعيتهن صحيا والاستماع لمخاوفهن وطمأنتهن. وقد كان لجهود العاملات بالجمعية انعكاسات إيجابية على صحة الأمهات الحوامل.
فجوة عالمية
تضاعف معدل الولادات القيصرية على مستوى العالم في الفترة ما بين عام 2000 وعام 2015. وتخضع النساء في جمهورية الدومينيكان للجراحة في 50 في المئة من حالات الولادة. في حين تصل هذه النسبة إلى 32.6 في المئة في الولايات المتحدة و26.2 في المئة في المملكة المتحدة.
أما في غرب أفريقيا، فلا يتعدى معدل الولادات القيصرية 4.1 في المئة من إجمالي الولادات.
وذكرت منظمة الصحة العالمية أن معدل الولادات القيصرية في الدولة لا ينبغي أن يقل عن خمسة في المئة، للحيلولة دون وقوع وفيات لدى الأمهات اثناء الولادة، وذلك لأن الولادة القيصرية قد تكون طوق النجاة في حالة تعسر الولادة، سواء بسبب ضيق الحوض، أو كبر حجم الجنين أو إذا كان الجنين في وضع مقلوب، وفي هذه الحالة، يصبح التدخل الجراحي ضروريا لمنع تمزق الرحم، أو تشقق الأنسجة أو الأوعية الدموية التي قد تسبب نزيفا حادا قد يودي بحياة الأم.
وتقول كارين رونزمانز، اختصاصية أوبئة بكلية لندن للصحة والطب الاستوائي، إن ثمة تفاوتا كبيرا في معدلات الولادات القيصرية بين الدول. وفي الوقت الذي يثير ارتفاع أعداد العمليات القيصرية القلق لأنها قد تزيد من مخاطر حدوث مضاعفات مثل نزول المشيمة، الذي قد يسبب نزيفا حادا، فإن الكثير من النساء يقضين نحبهن بسبب عدم خضوعهن لعمليات قيصرية.
وفي نيجيريا، ثمة عوائق عديدة تقف حائلا أمام إجراء العمليات القيصرية، منها نقص المستشفيات والأطباء وارتفاع تكاليف الرعاية الصحية والوصم. إذ ترتبط الولادة الطبيعية في نيجيريا بغريزة الأمومة وقدرة المرأة على التحمل، على عكس الولادة القيصرية، وهذا الارتباط شائع في دول أخرى مثل المملكة المتحدة.
وتؤيد هذه الفكرة موروثات دينية في نيجيريا، حيث يسود الاعتقاد بين النساء المسيحيات بأن الولادة الطبيعية هي علامة على القوة والجدارة بدور الأم، وذلك اقتداء بالنساء العبرانيات القويات اللائي يلدن قبل أن تأتيهن القابلة، كما ورد في سفر الخروج.
وقد غدت الولادة الطبيعية من دون مساعدة رمزا لمثالية الأم في نيجيريا. ويقول أديبيجو جايوبا، مؤسس جمعية خيرية في نيجيريا للحد من معدلات وفيات الأمومة: "إن الدين متأصل في حياة الشعب النيجيري، الذي يربط كل شيء بالدين".
وكثيرا ما ترفض النساء في المستشفيات إجراء العمليات القيصرية خشية إلحاق الخزي والعار بأهلهن. وأحيانا يكون قرار إجراء الجراحة بيد الرجل وليس المرأة. إذ كشفت دراسة حالة في مستشفى نيجيرية أن 90 في المئة من النساء يعتقدن أنهن ليس من حقهن إتخاذ القرار بشأن إجراء العملية القيصرية.
وتواجه الكثير من النساء في المملكة المتحدة والولايات المتحدة، الوصم والاستهجان لطلب إجراء عملية قيصرية.
وأشارت دراسة أجرتها مؤسسة "بيرثرايت" الخيرية لحقوق الأمهات إلى أن 75 في المئة من المستشفيات العامة تقريبا في المملكة المتحدة ليس لديها سياسة واضحة تتيح للنساء طلب إجراء العملية القيصرية. وتقول آمي غيبس، المديرة التنفيذية للمؤسسة، إن النساء يجب أن يكن صاحبات القرار بشأن طريقة الولادة، وأن يكون لديهن الحق في اختيار ما يحدث لأجسادهن.
مناصرات لصحة المرأة
تقول أنيك لاوال، التي أسست جمعية "ماماليت"، في لاغوس، إن الهدف من المؤسسة في البداية كان إقامة مجتمع عبر الإنترنت لتتبادل من خلاله الأمهات النصح والدعم، لكنها اكتشفت من خلال الاحتكاك بالنساء والتحدث إليهن، حجم المخاطر التي تواجهها الأمهات عند الولادة حتى في المدن. وتقول: "عندما يتحدث الناس عن وفيات الأمهات، قد لا يطرأ على بالهم أنها تقع بين النساء في المدن ممن يمتلكن هواتف ذكية وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي".
وفي عام 2017، بدأت لاوال في توظيف أمهات لدعم النساء في مجتمعاتهن أثناء فترة الحمل، وتضم الجمعية الآن فريقا من 20 عضوة، يتلقين تدريبات من الممرضات والأطباء ويخدمن 20 حيا فقيرا في مدينة لاغوس وإيبادان.
وتقول بليسينغ كولاد، إحدى عضوات فريق ماماليت: "إن جمعية ماماليت هي حلقة وصل بين نظام الرعاية الصحية وبين النساء. إن العاملين بأنظمة الرعاية الصحية ليس لديهم الوقت الكافي لتبسيط المعلومات والرد على أسئلة النساء، وقد تخجل النساء من الإفصاح عن مخاوفهن وطرح ما يجول بخاطرهن من أسئلة".
وقد يخلق نقص المعلومات بيئة خصبة لانتشار الاعتقادات الخاطئة والوصم. وكثيرا ما تفكر النساء في خيار الجراحة للمرة الأولى أثناء الولادة، وما تلبث أن ترفضها بسبب المعتقدات الراسخة حتى لا تلحق العار بأهلها. وتقول أولوشي أنومني، إحدى عضوات الفريق: "أحيانا تكون الأم على وشك الموت، ولا تزال ترفض التدخل الجراحي، خشية الوصم".
ويعمل فريق ماماليت على تبديد المعتقدات الخاطئة حول الولادة القيصرية، بتوضيح الأسباب التي تستدعي التدخل الجراحي، مثل ضيق الحوض أو بعض الحالات الخطيرة، مثل تسمم الحمل، وبهذا يحصن الفريق النساء ضد نظرات الاستهجان من الآخرين. وقد تتدخل بعض عضوات الفريق للدفاع عن قرار المرأة في المستشفى إذا لزم الأمر.
وتقول أنومني، إن الكثير من النساء في نيجيريا نجون من الموت بفضل النصائح والمعلومات التي حصلن عليها.
مشكلة معقدة
لكن إزالة العوائق الثقافية والاجتماعية التي تمنع النساء من إجراء العمليات القيصرية قد لا تكفي للحد من معدلات وفيات الأمهات أثناء الوضع.
وشاركت سالومي ماسويم، طبيبة نساء وتوليد ومحاضرة بجامعة ويتواترسراند، في بحث أجرى مؤخرا، وخلص إلى أن معدل وفيات النساء عقب العمليات القيصرية في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أعلى بما يصل إلى 50 ضعف منه في الدول مرتفعة الدخل. وترجع وفيات الأمهات إلى أسباب عديدة، على رأسها النزيف أو مضاعفات التخدير.
وتضيف ماسويم: "قد يسهم تذليل العقبات أمام النساء لإجراء العمليات القيصرية بالفعل في الحد من وفيات الأمومة، لكن ينبغي أن نسلط الضوء أيضا على نوعية الرعاية الجراحية التي تحظى بها المرأة في أفريقيا".
وترى ماسويم أن تحسين الرعاية الصحية قد يسهم في الحد من الوصم المصاحب للجراحة القيصرية. وتقول: "أعتقد أن هذه المشكلة معقدة وتتطلب حلولا عديدة".
وقد ترفض النساء في نيجيريا العمليات القيصرية بسبب عجزهن عن تحمل نفقات الرعاية الصحية. وأعلنت حكومة ولاية لاغوس بنيجيريا عن تدشين نظام تأمين صحي جديد يتيح إجراء العمليات القيصرية مجانا.
كما تحيل بعض المستشفيات في لاغوس النساء اللائي يرفضن إجراء العمليات القيصرية للأخصائيين الاجتماعيين لتبديد مخاوفهن.
وفي بريطانيا، طبق نظام مشابه في المستشفيات لتقديم المعلومات للنساء لمساعدتهن في إتخاذ القرار بشأن الولادة القيصرية. إذ أشار البحث الذي أجرته "بيرثرايتس" إلى أن 15 في المئة من المستشفيات في المملكة المتحدة ترفض إجراء العمليات القيصرية إلا في حالات الطوارئ.
وتقول آمي غيب، إن المشكلة، سواء في نيجيريا أو في المملكة المتحدة، هي أن المرأة تفقد حقها في اختيار الطريقة التي تلد بها، ويكمن الحل في إعطائها الحق في تقرير نوع الرعاية الذي تريد أن تحظى به.
ويرى فريق ماماليت أن توعية النساء سيسهم في إحداث تغيير على المدى الطويل. وتقول أولاميد إيكبينيونغ، عضوة سابقة في فريق ماماليت: "نحن نهدف إلى تشجيع المرأة وتمكينها حتى لا تدع المجتمع يتحكم في حياتها".
وتقول أليس أوغبارا، إنها أصبحت تحكي للناس عن ولادتها القيصرية دون خوف، بعد أن أتمت ابنتها عامها الأول. وتشجع الآن النساء على إجرائها، وتقول لهن: "إن العملية القيصرية ليست سيئة، هي فقط البديل للولادة الطبيعية".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.