«كنت متفرغا طيلة العامين السابقين لكتابة كتابين عن ثورة 1919 فى موضوعين مختلفين حول أحداث الثورة»، تصريح قاله الدكتور محمد أبوالغار خلال احتفالية الجامعة الأمريكية بمرور مائة عام على ثورة 19، وقريبا سيصدر أبوالغار كتابه عن ثورة 19 وقراءة فى الوثائق الأمريكية، وذلك عن دار الشروق. خلال احتفالية الجامعة الأمريكية أكد أن محاضرته ستقتصر على سرد صورة شاملة لأحداث الثورة، التى استند فى كثير من أحداثها إلى كتابات عبدالرحمن الرافعى، مضيفا أن من أهم مميزات ثورة 1919 هى مشاركة الأقباط فيها منذ يومها الأول، وعلى رأسهم القمص مرقص سرجيوس الذى لقبه «سعد زغلول» بخطيب الثورة؛ الأمر الذى أدى بالاحتلال الإنجليزى إلى إلقاء القبض عليه بعد 40 يوما من اندلاع الثورة لم يكف خلالها عن إلقاء الخطب فى المساجد والكنائس وفى كل مكان لإشعال حماس الثوار. وأوضح أبوالغار فى هذا الصدد أن عدد الأقباط المشاركين فى القيادة العليا للثورة تجاوز نصف العدد الأساسى؛ ما يعلل سبب انضمام الشعب المصرى بجميع طوائفه إلى حزب الوفد فيما بعد، مشيرًا إلى أن هذه المشاركة أثارت غضب المندوب السامى على مصر ودهشته فى نفس الوقت؛ فأرسل إلى إنجلترا يخبر قياداته أن هناك نبذا للخلافات الدينية بين المصريين وأملهم فى التعصب الدينى مصيره الفشل. وتابع: «الكنيسة المرقسية المصرية اجتمعت برئاسة وكيل البطريركية القمص باسيليوس ليعلن احتجاج الأقباط على إعلان الإنجليز تشكيل وزارة برئاسة «يوسف باشا وهبى» وهو رجل مسيحى الأمر الذى اعتبرته الكنيسة خيانة لقضية الوطن هدفها شق الصف، ولم تقتصر اجتماعات الكنيسة على الرجال فقط، كان هناك اجتماع للسيدات دعيت إليه المسلمات للحضور داخل الكنيسة فى اليوم التالى لإعلان موقفهم بالرفض». وتطرق «أبو الغار» أثناء كلمته للموقف السياسى للثورة بالكامل، لكنه سلط الضوء على دور الشارع المصرى فى ذلك الوقت، فأكد أن المصريين قابلوا «لجنة ملنر» التى وصلت للتفاوض على مطالب المصريين بمظاهرات حاشدة فى القاهرة والاسكندرية، وانضمت العائلة الملكية إلى هذه المقاطعة من خلال بيان أمراء الأسرة، كما لجأ الشعب المصرى إلى مقاطعة كل ما هو إنجليزى على أرضه؛ ما اضطر الإنجليز للخضوع إلى المطالب المصرية، ومنها إلغاء الحماية البريطانية على مصر 28 فبراير 1922، فعرفت مصر التمثيل الدبلوماسى بين دول العالم، وتكونت وزارة عبدالخالق ثروت التى أعلنت عن دستور 1923، وأجريت أول انتخابات برلمانية، وألف سعد زغلول الوزارة فى 28 يناير 1924. وأشار إلى أن الثورة كان لها مكاسب شعبية؛ بأن عرفت مصر القومية المصرية والانسلاخ من الامبراطورية العثمانية والقومية الإسلامية، بالإضافة إلى القفزة الهائلة لدور المرأة المصرية بعد الثورة. هذه القفزة أكدت عليها الكاتبة «سنية شعراوى» حفيدة هدى شعراوى، صاحبة كتاب «وكشفت وجهها: حياة هدى شعراوى»، الصادر عن المركز القومى للترجمة عام 2018، حين أكدت خلال كلمتها أن الجرائد حتى الآن تبدأ بالحديث عن دور الرجل فى الثورة ولهم كل الحق فى ذلك فقد كان له السبق فى الخروج للثورة وقيادتها. وأضافت «شعراوى» أن المرأة المصرية خرجت لتساعد الرجل وتحميه أثناء الثورة حين بدأت قوات الإنجليز فى قتل الرجال، ونتج عن المشاركة المتميزة للمرأة المصرية فى ثورة 1919 قيام الحركات النسائية فى إنجلترا وأمريكا بتوجيه دعوات لبعض السيدات ممن شاركن فى الثورة. تزامن مع احتفالية الجامعة الأمريكيةبالقاهرة بمرور 100 عام على ثورة 1919، احتفالها بمرور 100 عام على تأسيسها، وهى الاحتفالية التى بدأت منذ مارس الماضى وتستمر على مدار عام كامل تنتهى فى مارس عام 2020. وتحدث خلال الاحتفالية الدكتور مصطفى الفقى مدير مكتبة الإسكندرية عن الظروف الدولية حول الثورة فقد كان العالم يعانى من آثار الحرب العالمية الأولى التى تعد صدمة بشرية، وبالتالى تطلعت دول العالم إلى أوضاع مختلفة، وكانت مصر فى ذلك الوقت فى وضع لا تحسد عليه بين من يتحدث ولا يفعل، وفقًا لقوله. وركز أثناء كلمته عن الثورة على فكرة أنها ثورة مدنية بشكل مزدوج؛ لم تعرف اتجاهات دينية أو عسكرية، كما شهدت مصر فى العهود السابقة لثورة 1919، لافتًا إلى أن مصر عرفت ذلك عن طريق «سعد زغلول»؛ لأن الثورة بدأت تلقائية بحركة توقيعات. وأضاف فى هذا الصدد أن ثورة 1919 شهدت حالة من الانفتاح السياسى؛ متابعًا: «فقد ملك سعد زغلول الشجاعة لكى يقول إن الذين يختلفوا معنا ليسوا خونة، وهذه مسألة مازلنا نعانى منها فى تاريخنا فنحن سريعو الغضب ونحاول وضع حدود قاطعة بين الآراء بشكل غير عادل، لذلك أكثر فترات تاريخنا ازدهارا هى الفترة من 1922 وحتى 1952». جدير بالذكر أن احتفالات الجامعة بثورة 1919 لم تقتصر على عقد الندوات فقط، حيث عقد مركز كمال أدهم للصحافة بالجامعة فعالية يحضرها طلاب وأساتذة الجامعة لعرض فيلمين من تنفيذ طلبة الجامعة برؤية جديدة للثورة، فيلم بعنوان «حكاية ثورة 1919» لم يتناول الشخصيات السياسية البارزة بل انصب اهتمامه على فئات الشعب المشاركة فى الثورة مثل الطلبة والنساء والأقباط، أما الفيلم الثانى فكان عن «فن الثورة» ليلقى الضوء على أغنيات هذا الزمن وأهم الأعمال الأدبية التى تناولت أحداث الثورة مثل ثلاثية نجيب محفوظ وأعمال توفيق الحكيم.