ارتفاع عدد الطعون على نتيجة المرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب ل 170    فيديو | قنا تنتخب نوابها .. بدء التوافد للمشاركة في ثاني أيام انتخابات النواب    وزير الزراعة يدلي بصوته في جولة الإعادة بدائرة الرمل في الإسكندرية    مديرة صندوق " قادرون باختلاف" تشارك في مائدة مستديرة حول سياسات دمج ذوي الهمم    نقيب المعلمين يبحث آفاق التعاون مع اتحاد التعليم في إنجلترا    الطفولة والأمومة يحبط محاولة زواج طفلة قبل بلوغها السن القانونية بالفيوم    انقطاع واسع للمياه يثير استغاثات السكان بمدينة 6 أكتوبر    الأوقاف ترد على اعتراضات المزارعين بشأن رفع قيمة الأراضي الزراعية    التحليل الفني لمؤشرات البورصة المصرية اليوم الخميس 4 ديسمبر 2025    فتح معبر رفح في الاتجاهين    جارديان: 48% من الأوروبيين يعتبرون ترامب "عدوا لأوروبا"، و69% يخشون مواجهة روسيا عسكريا    نجم النصر يحارب من أجل العودة لبرشلونة    اتفاق الأهلي مع حسين الشحات على تجديد العقد.. تعرف على التفاصيل    القبض على 25 شخصًا بينهم 13 طفلا لاستغلالهم فى التسول بشوارع القاهرة    القبض على شخص وزّع أموالاً على ناخبين لحثّهم على التصويت لصالح مرشح بسوهاج    خسائر بالملايين| الحماية المدنية تسيطر على حريق بمعرض أجهزة كهربائية بالوراق    ضبط محطة تموين سيارات لتصرفها فى كميات من السولار وأغذية غير صالحة بالإسكندرية    معرض القاهرة الدولي للكتاب يطلق جائزة نجيب محفوظ بقيمة 500 ألف جنيه    محافظ الشرقية يحيل مدير مستشفى منيا القمح للتحقيق لتغيبه عن العمل (صور)    المعرض الدولى الرابع للصناعات الدفاعية ( إيديكس - 2025 ) يواصل إستمرار فعالياته وإستقبال الزائرين    تركيا تدرس الاستثمار في حقول الغاز الأمريكية بعد سلسلة صفقات استيراد الغاز المسال    وزير الكهرباء يبحث مع «أميا باور» الإماراتية التوسع في مشروعات الطاقة المتجددة    أجواء أوروبية تضرب مصر.. درجات الحرارة اليوم وأبرد المناطق على مدار اليوم    اسعار المكرونه اليوم الخميس 4ديسمبر 2025 فى محال المنيا    موعد صلاة الظهر..... مواقيت الصلاه اليوم الخميس 4ديسمبر 2025 فى المنيا    وزير التنمية المحلية: تنفيذ 57 حملة تفتيش ميدانية على 9 محافظات    مصر تقيم احتفالية كبرى لوزراء البيئة وممثلي 21 دولة من حوض البحر المتوسط    الحقيقة الكاملة حول واقعة وفاة لاعب الزهور| واتحاد السباحة يعلن تحمل المسئولية    محكمة جنح أول الإسماعيلية تؤجل نظر محاكمة والد المتهم بجريمة المنشار    اختفاء يتحوّل إلى مأساة فى أسيوط.. تفاصيل العثور على جثتين من أسرة واحدة    بوتين: محاولات الضغط الاقتصادى على الدول ذات السيادة تسبب مشاكل لأصحابها أنفسهم    طرح برومو ملوك أفريقيا استعدادًا لعرضه على الوثائقية الأربعاء المقبل    وفد من مجلس الأمن يصل سوريا في أول زيارة من نوعها    جامعة قناة السويس تطلق فعاليات البرنامج التدريبي المؤهل لشغل الوظائف القيادية    الصحة: مباحثات مصرية عراقية لتعزيز التعاون في مبادرة الألف يوم الذهبية وتطوير الرعاية الأولية    رمضان 2026| سوسن بدر تتعاقد علي «توابع »ل ريهام حجاج    استمرار الغلق الكلي لمحور 3 يوليو.. تعرف على البدائل    بيراميدز يخسر جهود زلاكة أمام بتروجت    استشهاد 5 فلسطينيين وإصابة 32 آخرين في عدوان الاحتلال على خان يونس    فيديو.. متحدث الوزراء: عملية تطوير القاهرة التاريخية شاملة ونراعي فيها المعايير العالمية    في أول ظهور له.. رئيس سموحة الجديد يكشف خطته لإعادة هيكلة النادي وحل أزمات الديون والكرة    هل وجود الكلب داخل المنزل يمنع دخول الملائكة؟.. دار الإفتاء تجيب    وزير العمل يستقبل مدير مكتب منظمة العمل الدولية بالقاهرة لبحث تفعيل التعاون في الملفات المشتركة    بوتين يعلن معارضته لبعض نقاط الخطة الأمريكية للحرب في أوكرانيا    المنيا.. حين تعود عاصمة الثقافة إلى مسرحها الأول    كتيب عن المتحف المصرى الكبير.. طالب يلخص الحكاية فى 12 صفحة.. صور    تعليم البحيرة تصدر تعليمات مشددة للتعامل مع الحالات المرضية المشتبه بها داخل المدارس    عبد الحميد معالي يهدد بفسخ تعاقده مع الزمالك    بعد إلغائه لغياب تقنية الVAR.. البدري ومصطفي في مواجهة حاسمة الليلة بنهائي كأس ليبيا على ستاد القاهرة    لو عندى نزلة برد أعمل إيه؟.. الصحة توضح خطوات التعامل والوقاية    «مياه الجيزة» تعلن إصلاح كسر خط قطر 1000 مم أمام مستشفى أم المصريين    دولة التلاوة.. المتحدة والأوقاف    اللهم إني أسألك عيش السعداء| دعاء الفجر    حلمي عبد الباقي يكشف إصابة ناصر صقر بمرض السرطان    جمال شعبان يُحذر: ارتفاع ضغط الدم السبب الرئيسي للفشل الكلوي في مصر!| فيديو    محمد رجاء: لم يعد الورد يعني بالضرورة الحب.. ولا الأبيض يدل على الحياة الجميلة    كأس إيطاليا – إنتر ونابولي وأتالانتا إلى ربع النهائي    مواقيت الصلاه اليوم الأربعاء 3ديسمبر 2025 فى المنيا.. اعرف مواقيت صلاتك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى كتابه «غرفة 304» عمرو عزت يسأل: ليه ربنا بيحاسبنا وهيدخلنا النار؟
نشر في الشروق الجديد يوم 24 - 05 - 2019

«كنت ماهرا فى الاختباء فى غرفتى وفى إخفاء الأدلة والآثار التى تقود إلى نشاطى، الفكرى أو العملى، كان عندما يفتقد أى أدلة أو إشارات يبدأ فى التردد على غرفتى وأنا فيها، يحاول معرفة ما أقرأ تلك اللحظة، وعندما يطول اعتكافى فى الغرفة مغلقا الباب منكفئا على كتاب لا يبدو مقلقا، رواية مثلا، كان يبدأ مطمئنا فى المزاح من رغبتى فى الهدوء والعزلة لأوقات طويلة، يفتح الباب بعد أن يطرقه طرقات تمثيلية ويسألنى: «الغرفة 304 عاوزة العشاء هنا ولا هاتتعشى معانا فى المطعم؟»، فأبتسم وأقول أنى سأخرج إلى المطعم، يوجه كلامه لأمى ويقول، بالرغم مما قلت، أن خدمة الغرف يمكنها إحضار العشاء إلى غرفة 304 بدلا من أن أنزعج بالخروج».
فى هذا الكتاب يروى عمرو عزت كيف بدأت رحلته المبكرة فى الاختباء عن سلطة الأب، وكيف تحول من طفل «يُنهى عن شىء فينتهى، أو يؤمر بشىء فيفعله»، إلى آخر يدعى الامتثال التام لينعم بالاختفاء الذى ينشده، فى غرفته «304».
ثمة نصوص سردية دائما يصعب تصنيفها، وكتاب «غرفة 304.. كيف أختبأت عن أبى العزيز 35 عاما» الصادر أخيرا عن «دار الشروق» لعمرو عزت، هو أحد هذه النصوص، الذى يربك قارئه ويحيره فى التصنيف، فلا هو بالنص السردى الذى ينتمى بشكل مباشر إلى أدب المكاشفة، أوالسيرة الذاتية، ولا يمكن اعتباره من «أدب الرسائل»، وكذلك لا تستطيع وضعه فى قالب القصة القصيرة، أو المتتالية، أو النوفيلا، أو حتى ينتمى لقالب الفن الروائى، فهذا عمل عصى على التصنيف، قد تجده ينتمى لأغلب هذه التصنيفات بنفس القدر الذى يبتعد فيها عنهم جميعا.
وعن ذلك يقول عمرو عزت: «إن فكرة كتابة «غرفة 304»، وتدوين تجربته وحالة الاختباء عن سلطة والده طوال 35 عاما، كانت حاضرة فى ذهنه منذ ما يقترب من 15 عاما، لكنه لم يتخذ قرار كتابتها إلا بعد مشاركته فى ورشة قدمتها «Media in Cooperation and Transition»، حيث طُلب منه كتابة موضوعات بعيدة عن فن الرواية والقصة القصيرة، ليجد أن تدوين تجربته مع والده هى الفكرة الأنسب، حيث تتشابه تجربته إلى حد بعيد مع آلاف الشباب غيره، وتمثل العلاقة القائمة بين الآباء والأبناء، ليبدأ فى التسجيل عن تلك السنوات وحياته الأخرى التى لا يعرف والده عنها شيئا، على الرغم من الصدف التى كانت تجعله يكتشف بعض ملامحها وأسرارها مع الوقت.
وربما أكثر ما يميز الكتاب أنه لا يقتصر على سرد بعضا من الفترات الزمنية الخاصة بحياة مؤلفه، بل لأن الكتاب يعكس أيضا بعضا من سمات الحياة المصرية الخالصة، كما يعرض لبعض وجهات النظر الفلسفية الخاصة بكبار الفلاسفة والأدباء أمثال «كانط» والشاعر اللبنانى «جبران خليل جبران»، وكذلك يعرض لبعض أفكار التيارات السياسية والفكرية والدينية ووجهات النظر المتعارضه حولها، من خلال تجربة الكاتب نفسه.
وتُعد أهم نقاط القوة التى تمتع بها الكتاب، هو استخدام المؤلف منهجا محكما فى الكتابة، مما نجاه من الوقوع فى فخ «الثرثرة والفضفضة بلا طائل، فضلا عن ذكائه وبراعته فى خلق نوع من أنواع التواطؤ بينه وبين القارئ، حيث جعله يشاركه أغلب ما يطرحه من أفكار، بدءا من رحلة البحث الأولى عند كل طفل وأمنيته فى أن يصبح شخصا مميزا عن باقية أقرانه، وأن يصبح هو «الأسطورة»، وهو ما حاول الكاتب إيجاده فى تلك العلامة التى تسكن جبهته «الوحمة»، والتى ظل متأملا وأملا فى أن يجد أسطورتها بالمجلدات المذهبة للكتب التراثية بمكتبة أسرته، وما يدل على أن تلك العلامة هى علامة طفولة المهدى المنتظر، أو المسيخ الدجال، أو أى بطل أسطورى آخر.
ليعود ويشارك القارئ معه من خلال طرحه للأسئلة الكبرى التى راودت أغلب التلاميذ فى المدارس ومنها «ليه علينا أن نطيع اللى خلقنا؟ وليه ربنا بيحاسبنا وهيدخلنا النار؟ وليه لازم نطيع أمر الأكبر سنا؟» وغيرها، ليعود ويصطحب القارئ معه فى جدلية تحريم الموسيقى، والمسار الذى سلكه أغلب جيل السبعينيات والثمانينات من الدخول فى عباءة الحركات السلفية وجماعة الإخوان المسلمين، وغيرها من النقاط التى لا تمس التجربة الشخصية للمؤلف فقط بل قارئ النص أيضا.
ومن الأشياء المدهشة والمتفردة فى الكتاب أيضا، أنه على الرغم من أن السمة الأساسية للكتاب تتلخص فى حالة التمرد المرنة من الأبن تجاه الأب، وسعيه لنيل الحرية بعيدا عن سجن السلطة الأبوية، إلا أن الكاتب نجح فى أن يجعل القارئ يقع فى حب «الأب» نفسه، وذلك من خلال سرده لبعض الحكايات التى جمعته بوالده، وهى القصص التى تكشف إعجاب الابن الشديد بشخصيه والده، حتى وإن لم يريد أن يصبح مثله، ليصبح السؤال الصعب هو: «كيف يمكن التمرد على شخصية تكن لها كل هذ الإعجاب»؟!.
«أقسى ما يمكن تحمله فى البنوة، أن تعيش فى بيت واحد مع أب أقرب ما يكون ل«روبرت دينيرو»، شجاع شهم قوى نبيل جذاب مغامر وحنون ومغناطيس بشرى، ستظل طوال عمرك، تتأمل وجهك الذى يشبهه فى المرآة، فتكتشف بوضوح القطعة الناقصة التى لم ترممها جيناته فى روحك فطفت على وجهك، تحسد الآخرين على أب قابل للكسر، قابل للتجزئة، يمكنهم الانفلات بشأنه على المقهى بشكل سينمائى»، بهذة الكلمات التى اقتبسها عمرو عزت فى كتابه من أشعار أخيه، يظهر جليا هذا الإعجاب الشديد بشخصية الأب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.