أمانة صندوق الوفد تعلن تبرؤها من التسويات المالية لأحد أعضاء البرلمان    "الأزهر" ضمن أفضل 1000 جامعة على مستوى العالم وفقًا لتصنيف التايمز العالمي    الأمم المتحدة: قيادة الرئيس السيسي الحكيمة عامل جوهرى أدت لاتفاق وقف حرب غزة    تصفيات كأس العالم – انتصارا بنين ونيجيريا يشعلان مجموعة الموت.. وجولة مصيرية    الخواجة: الزمالك يستحق التضحية من جميع أبنائه.. وأتمنى تدارك الأخطاء خلال التوقف    الاقتصاديه تنظر ثانى جلسات سوزى الأردنية 15 أكتوبر    القبض على عاطل سحل طالبة لسرقة هاتفها فى المنيرة الغربية    رحيل زوجين في يوم واحد يهز قرية بقنا.. قصة حب تُروى بالدموع في الترامسة    إلهام شاهين وهالة صدقي وبوسي شلبي أبرز حضور عقد قران إيناس الدغيدي    كاميرا القاهرة الإخبارية توثق فرحة عودة الفلسطينيين إلى شمال قطاع غزة    نضال الشافعى بعد اتفاق شرم الشيخ ووقف الحرب: مصر استعادت غزة بالحكمة والقيادة الرشيدة    انفراد.. خالد العناني يصل القاهرة لأول مرة بعد انتخابه مديرا عاما لليونسكو    37 عامًا من الإبداع.. الأوبرا المصرية تحتفل بعطائها الفني    ياسر محمد يكتب : عيون الوطن    اقرأ غدًا في «البوابة».. أنا النيلُ مقبرةٌ للغزاه.. الأمن المائي المصري خط أحمر    استقرار سعر جرام الفضة في السوق المحلي اليوم الجمعة    تشكيل ألمانيا أمام لوكسمبورج في تصفيات كأس العالم 2026    كيفية علاج انخفاض ضغط الدم المفاجئ بالمنزل    الاتحاد البرازيلي يخطط لتجديد عقد أنشيلوتي حتى 2030    أخبار مصر اليوم.. وزير الصحة يتابع تنفيذ 28 مشروعًا صحيًا في 12 محافظة.. البيئة: مصر تتبنى رؤية متقدمة لإدارة مواردها الطبيعية    أحد أبطال أكتوبر يروي تفاصيل خطة العبور: التوقيت والتدريب وحائط الصواريخ كانت عوامل الحسم    بعد إلغائه.. ما هو قانون قيصر الذي خنق الاقتصاد السوري لخمسة أعوام؟    فيديوهات رقص تقود صانعة محتوى للسجن    شيخ الأزهر يعزي المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء الأسبق في وفاة شقيقته    الكرملين يعلن موعدًا جديدًا للقمة «الروسية- العربية» الأولى بعد تأجيلها    سباق الانتخابات.. 183 مرشحًا أجروا الفحوصات الطبية بالمنيا    شرب سوهاج تصدر فيلما قصيرا لتعريف ذوى الاحتياجات الخاصة بقضايا المياه    قطاع السيارات المستعملة: نشهد انخفاضا في الأسعار.. واختفاء ظاهرة الزبون التاجر من السوق    «محتاج يراجع التاريخ».. عمر حسن يوسف ينتقد تجاهل والده في أغنية مهرجان «المهن التمثيلية»    عزيزة    ضياء السيد: الرئيس السيسي أنهى حرب غزة واتفاق شرم الشيخ يؤكد ريادة مصر    عماد كدواني: المنيا تستحوذ على أكثر من نصف المستهدفين بالتأمين الصحي الشامل في المرحلة الثانية    حسام موافي: الكلى تعمل بضغط الدم فقط.. وانخفاضه المفاجئ يسبب الكارثة    جاهزون للتعامل مع أي تطورات في الإصابات.. مستشار الرئيس للصحة: لا داعي للقلق من متحور كورونا الجديد    وكيل المخابرات المصرية السابق: إسرائيل فشلت فشلا ذريعا بمعرفة مكان شاليط    نيابة العامرية تطلب تحريات العثور على جثة فتاة مقتولة وملقاة بالملاحات في الإسكندرية    نائب محافظ المنيا يتفقد أعمال تطوير ميدان النيل ومجمع المواقف    10 ملايين جنيه.. حصيلة قضايا الاتجار في العملات ب «السوق السوداء»    مواهب مصرية في الملاعب الأوروبية تنضم للمنتخبات    الخارجية الفرنسية: علينا تقديم الدعم اللازم لاتفاق شرم الشيخ لوقف إطلاق النار بغزة    الزمالك: ندرس ضم مدرب عام مصري لجهاز فيريرا    مكتب رعاية المصالح الإيرانية يهنئ المنتخب بتأهله لكأس العالم: إنجاز للأبطال المصريين    لبنان: بيروت ودمشق اتفقتا على تشكيل لجان مشتركة لمعالجة الملفات العالقة    أحمد عمر هاشم يستحضر مأساة غزة باحتفال الإسراء والمعراج الأخير    اسعار الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 10 اكتوبر 2025    الخبراء تطالب بحوار مجتمعي قبل فرض ضريبة على المشروبات الغازية    أصحاب الكهف وذي القرنين وموسى.. دروس خالدة من سورة النور    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 10-10-2025 في محافظة الأقصر    أدعية يوم الجمعة.. نداء القلوب إلى السماء    مصر تستعد لتطبيق التوقيت الشتوي وبداية فصل الشتاء 2025    أوقاف المنيا تفتتح المسجد الكبير بأبو فليو ضمن خطتها لإعمار بيوت الله    الطرح الجديد لوحدات «جنة» و«سكن مصر» 2025.. أسعار مميزة وأنظمة سداد مرنة للمواطنين    «أوقاف المنيا» تعقد 109 ندوة علمية في «مجالس الذاكرين» خلال أسبوع    إيرادات فيلم "فيها إيه يعني" تتجاوز ال30 مليون جنيه خلال 9 أيام عرض بالسينمات    الحسابات الفلكية تكشف أول أيام شهر رمضان المبارك لعام 1447 هجريًا    شرط يمنع التقدم لحج القرعة هذا العام.. تعرف عليه    أمطار لمدة 24 ساعة .. بيان مهم بشأن حالة الطقس في القاهرة والمحافظات    وليد صلاح: عقدنا اجتماعا مع مانشيني.. وتوروب مناسب لكل معاييرنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غرفة للاختباء والمقاومة أيضا
نشر في الشروق الجديد يوم 27 - 03 - 2019

أنهيت كتاب «غرفة 304» (كيف اختبأت من أبى العزيز 35 عاما) الصادر عن دار الشروق للكاتب عمرو عزت وداخلى شعور بالفرح وأمنية بالتواصل مع هذا الأب الفريد من نوعه لأن تجاربه مع ابنه أنتجت هذا الكتاب العذب الذى يصعب تفادى ما فيه من جمال وشجن وقدرة مذهلة على تناول موضوع معقد مثل بنية السلطة الأبوية والأجمل أن يأتى بهذه البساطة التى تستند على وضوح رؤية وبصيرة وإدراك لقيمة مفتقدة بين الكتاب وهى التواضع.
وما أقصده هنا أن الكاتب الحريف لم ينشغل بتصنيف محتوى كتابه ولم يرتبك أمام موضوعه، فقد أدخلته يد الله فى التجربة وليس لديه سوى النية فى سرد الحكاية، عند مستواها الاجتماعى المعتاد داخل كل أسرة مصرية فيما بين الأبناء والآباء من مناورات اختزلها الكاتب فى عبارة جميلة (الأصدقاء آباء جدد والآباء أصدقاء قدامى)، إلا أن الأب الذى نلتقى به لم يكن من النوع النمطى رغم أنه يبدو كذلك، هو مهندس تعلم فى السبعينيات وتزوج من سيدة كانت تفخر بأنها أول من ارتدت الجينز فى منطقة أرض الجمعية فى حى إمبابة لكنها صارت الآن تخفى صورها التى أخذت لها وهى بدون حجاب، أما الابن فهو من النوع (المناكف) الذى دخل منذ صغره (فتنة السؤال) ولم يخرج منها إلى الآن.
لفت عمرو عزت أنظار المهتمين بالشأن العام قبل سنوات من ثورة يناير 2011 وكان بين مجموعة من المدونين تابعوا تطورات الوضع السياسى فى مصر وتجلت أفكاره فى مدونته الشهيرة «ما بدالى»، ثم عمل صحفيا احترافيا وتنقل بين عدة صحف قبل أن يستقر به المقام باحثا فى واحدة من أبرز المؤسسات الحقوقية فى مصر.
ويمكن النظر للكتاب كعينة نموذجية لجيل جديد من الكتاب غير مهتم بمسألة تصنيف ما يكتب بقدر اهتمامه بابتكار رسائل متنوعة للتعبير عما يحمل من أفكار ومهما كانت درجات التناقض فإنه يسعى لتسويتها والتعايش معها بالكتابة وممارسات حياتية أخرى، أكثر من سعيه لحلها، فالتحولات هى علامة على الاختلاف والتمايز عن الأجيال التى تبنت أيديولوجيات مغلقة واعتزت بانسدادها وانعدام مرونتها.
وانطلاقا من هذا الإيمان بالمرونة ومواجهة البنى المغلقة يختلف الكتاب فى بنيته عن الأنواع الشائعة التى تقبل «التستيف» التقليدى وهو ليس قصة أو رواية، ولعله أقرب لسيرة ذاتية غير تقليدية، لا تعتمد على مسار خطى يمكن تتبعه عبر رصد تصاعدى لتطور الشخصية الرئيسية أو نمو الأحداث، فقد لجأ الكاتب فى تركيب حياته لتقنية التجاور التى تجمع بين شذرات مختلفة مارس فيها غواية التلاعب بأزمنة متشظية وكأنه يركب لوحة من لعبة (البازل) إذ إن الأحداث لا تأتى متتابعة وإنما تنتهى فى تركيبها المتناغم رغم القفزات لتكوين ضفيرة سردية بخيوط من أزمنة متداخلة تلتف حول عمود ارتكاز رئيسى يمثل الخلية النواة التى تتناسل حولها سيرة الأب مع تحولات ولده التى لا يمكن تناولها بمعزل عن تحولات مجتمع بأكمله تتجلى فيه عقدة السعى نحو تفكيك هذه السلطة الأبوية فى مستوياتها المختلفة ومناهضة ما يسميه عمرو عزت (الإشهاد الأبوى) وتقصى حالات الصراع معه منذ أن تجلى فى عبارة عفوية تتكرر على لسان كل أب يبدأ رحلة الخلاف مع ابنه وهو يقول: (أنا اللى جبتك) وصولا لخطبة مبارك الشهيرة قبل التنحى خلال أيام ثورة يناير التى تعكس فى واحد من تجلياتها نمطا من أنماط مواجهة هذا الإشهاد، فالرغبة الأبوية ترى فى نفسها منطقا مستقلا بذاته، لا يحتاج للتبرير، وتمضى علاقة الأبوة والبنوة كلها وإلى الأبد مستندة عليه.
وما سعى إليه الابن فى الكتاب هو الاختباء من هذا المنطق تفاديا للمواجهة وداخل الغرف التى تحولت من الواقع إلى المجاز وكانت صالحة للاختباء من الأب أنتج عمرو عزت مئات الصور التى تم تصديرها لرب العائلة، وكأن الغرفة 304 تعيد إنتاج ما فعلته فرجينيا وولف فى غرفتها التى كانت تخص المرء وحده ومن داخلها استطاعت أيضا مواجهة العالم ونقد النظام الأبوى وربما إسقاطه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.