محافظ البحيرة توجه بتكثيف المتابعة الميدانية لكل مشروعات المبادرة الرئاسية حياة كريمة    وزارة السياحة والآثار: اليوم وصول آخر رحلات الحج السياحي البري لموسم حج 1446 ه إلى الأراضي السعودية    قيادي بمستقبل وطن: قانون العلاوة وزيادة الأجور سيخفف الضغوط الاقتصادية على المواطنين    الرئيس اللبناني: ملف النازحين السوريين يشكل أولوية لبيروت    الجيش اللبناني يزيل سواتر ترابية في بلدة جنوبي لبنان ويعيد فتح طرق أغلقتها إسرائيل    مستقبل سانشو مع تشيلسي.. محادثات مستمرة لاتفاق بشأن عقد دائم    فى موسم الحج.. تغيرات على مر الزمان بين الماضى والحاضر    قصور الثقافة تقدم الأوبريت الغنائي «بنت مصر» ببورسعيد    عادل الضوي: عبد الرحيم علي ورث الحب وأورثه لأبنائه    حكم الجمع بين صيام العشر من ذي الحجة وقضاء رمضان    دعاء تهنئة بعيد الأضحى المبارك 2025.. أفضل الأدعية    بمناسبة اليوم العالمي للإقلاع عن التدخين.. مصر تُسجّل تراجعًا لافتًا في معدلات التدخين    خالد الجندي: لا يصح انتهاء الحياة الزوجية بالفضائح والانهيار    قصور الثقافة تختتم عروض مسرح إقليم شرق الدلتا ب«موسم الدم»    تقارير: مانشستر سيتي يبدأ مفاوضات ضم ريان شرقي    "حقيقة المشروع وسبب العودة".. كامل أبو علي يتراجع عن استقالته من رئاسة المصري    ميلانيا ترامب تنفي شائعة رفض "هارفارد" لبارون: "لم يتقدم أصلاً"    تعليقًا على بناء 20 مستوطنة بالضفة.. بريطانيا: عقبة متعمدة أمام قيام دولة فلسطينية    الإفتاء: توضح شروط صحة الأضحية وحكمها    أجمل ما يقال للحاج عند عودته من مكة بعد أداء المناسك.. عبارات ملهمة    المطارات المصرية.. نموذج عالمي يكتب بأيادٍ وطنية    إحباط تهريب صفقة مخدرات وأسلحة في نجع حمادي    الوزير محمد عبد اللطيف يلتقي عددا من الطلاب المصريين بجامعة كامبريدج.. ويؤكد: نماذج مشرفة للدولة المصرية بالخارج    رواتب مجزية ومزايا.. 600 فرصة عمل بمحطة الضبعة النووية    مجلس جامعة القاهرة يثمن قرار إعادة مكتب التنسيق المركزي إلى مقره التاريخي    بالصور- حريق مفاجئ بمدرسة في سوهاج يوقف الامتحانات ويستدعي إخلاء الطلاب    رئيس جامعة بنها يتفقد سير الامتحانات بكلية الهندسة- صور    وزير الثقافة يتابع حالة الأديب صنع الله إبراهيم عقب تعافيه    «شكرا 2025».. أحمد مالك يعلق على تكريمه في «قمة الإبداع للدراما الرمضانية»    انتهاء رحلة ماسك في البيت الأبيض.. بدأت بفصل آلاف الموظفين وانتهت ب«خيبة أمل»    عرفات يتأهب لاستقبال الحجاج فى الموقف العظيم.. فيديو    دموع معلول وأكرم واحتفال الدون وهدية القدوة.. لحظات مؤثرة في تتويج الأهلي بالدوري.. فيديو    رسميًا.. بايرن ميونيخ يُعلن عن أولى صفقاته الصيفية استعدادًا لمونديال الأندية 2025    يوم توظيفي لذوي همم للعمل بإحدى شركات صناعة الأغذية بالإسكندرية    رئيس جامعة بنها يتفقد سير الامتحانات بكلية الهندسة في شبرا.. صور    «هكر صفحة زميلته» ونشر صورًا وعبارات خادشة.. حبس موظف وتغريمه أمام المحكمة الاقتصادية    صور.. رئيس الوزراء يتفقد المقر الجديد لجهاز حماية المستهلك    عميد طب قصر العينى: نستخدم الذكاء الاصطناعى فى التعليم والتدريب    بالصور- وقفة احتجاجية لمحامين البحيرة اعتراضًا على زيادة الرسوم القضائية    انهيار نهر جليدى فى سويسرا يدمر قرية جبلية ويثير مخاوف من تداعيات التغير المناخى    ياسر إبراهيم: بطولة الدوري جاءت فى توقيت مثالي    الإسماعيلى ينتظر استلام القرض لتسديد الغرامات الدولية وفتح القيد    إعلام إسرائيلى: نتنياهو وجه بالاستعداد لضرب إيران رغم تحذيرات ترامب    «أحد سأل عني» ل محمد عبده تتجاوز المليون مشاهدة خلال أيام من طرحها (فيديو)    "قالوله يا كافر".. تفاصيل الهجوم على أحمد سعد قبل إزالة التاتو    الكرملين: أوكرانيا لم توافق بعد على عقد مفاوضات الاثنين المقبل    لندن تضغط على واشنطن لتسريع تنفيذ اتفاق تجارى بشأن السيارات والصلب    محافظ المنوفية يشهد استلام 2 طن لحوم كدفعة جديدة من صكوك الإطعام    تمكين المرأة اقتصاديًا.. شروط وإجراءات الحصول على قروض مشروعات صغيرة    «أوقاف الإسكندرية»: تجهيز 610 ساحات لأداء صلاة عيد الأضحى 2025    حملات تفتيشية على محلات اللحوم والأسواق بمركز أخميم فى سوهاج    الدوخة المفاجئة بعد الاستيقاظ.. ما أسبابها ومتي تكون خطيرة؟    استشاري أمراض باطنة يقدم 4 نصائح هامة لمرضى متلازمة القولون العصبي (فيديو)    انطلاق المؤتمر العلمى السنوى لقصر العينى بحضور وزيرى الصحة والتعليم العالى    جامعة حلوان تواصل تأهيل كوادرها الإدارية بدورة متقدمة في الإشراف والتواصل    وكيل وزارة الصحة بالإسماعيلية تتفقد انتظام سير العمل بوحدة طوسون    91.3 % صافي تعاملات المصريين بالبورصة خلال تداولات جلسة الأربعاء    ماريسكا: عانينا أمام بيتيس بسبب احتفالنا المبالغ فيه أمام نوتينجهام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التوقعات الكبرى
نشر في الشروق الجديد يوم 25 - 04 - 2019


لنبدأ بالسيناريو المتفائل.
كنا مجموعة من المهتمين بالشأن العام على مائدة غداء تكريما لضيف عربى كبير، كان وزيرا أسبق للخارجية فى بلده، وهو أيضا من كبار المثقفين العرب، وكان بيننا عضوان بارزان جدا فى لجنة الخمسين، التى وضعت دستور 2014، والذى جرى تعديله منذ أيام، كما كان بيننا وزيران مصريان سابقان، وزملاء صحفيون، وكان ذلك قبيل أيام من بدء الاستفتاء على مشروع التعديلات الدستورية.
لم يخالج أحدنا الشك فى أن هذه التعديلات سوف تمر بأغلبية مريحة، بغض النظر عن أية تحفظات، أو ملابسات اكتنفت الحوار حولها فى مجلس النواب، أو فى الفضاء العام، ومن ثم كان السؤال الأولى بالتفكير فيه، والبحث عن إجابة له هو: ماذا بعد التعديلات؟، وبكلمات أوضح هل ستؤدى التعديلات إلى تحسن مناخ الحياة السياسية المصرية؟ أم سيبقى الوضع على ماهو عليه؟ أم ستتزايد درجات الحدة والاستقطاب؟.
حين بدت علامات الحيرة أو عدم القدرة على التوقع على وجوه أغلبية الحاضرين، قال زميل صحفى واسع الاطلاع إنه استمع من مصدر موثوق به لم يسمه، تحسنا فى مناخ السياسة المصرية، وتعاملا أهدأ مع الرأى الآخر، وانفتاحا نسبيا على القوى السياسية، لكنه استدرك بالقول انه استمع إلى توقع مشابه بعد الانتخابات الرئاسية فى العام الماضى، لم يتحقق، ولكن يبدو أن التفكير فى الإسراع بتعديل الدستور أرجأ هذه الخطوة أو الخطوات، وبذلك فيكون الأوان قد آن لتنفيذها الآن.
لم يذكر هذا الزميل نماذج محددة لما يتوقعه، أو بالأحرى لما أخبر به من المصدر، فهل مثلا تصفى نسبة كبيرة من حالات الحبس الاحتياطى؟ أم تعدل قوانين الانتخابات البرلمانية والمحلية؟، أم يسمح بظهور الرأى الآخر فى الصحف ووسائل الإعلام كسياسة منهجية، ويرفع الحظر عن أسماء وشخصيات بعينها، وتراجع عمليات حجب المواقع الإلكترونية، ما دامت لا تدعو إلى عنف أو إرهاب، ولا تناصر الداعين إلى ذلك؟
على أية حال تركنا لنفهم أن زيادة الفترة الرئاسية إلى ستة أعوام، وامتداد رئاسة الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى عام 2030 فى المجمل يعنى – من بين ما يعنيه – انتفاء دواعى التوتر السياسى على فترات متقاربة، ما بين استحقاق رئاسى كل أربع سنوات، كما كان الوضع سابقا، وما بين انتخابات برلمانية كل خمس سنوات، ثم الانتخابات المحلية، مع التفاوت الواسع بين أهمية الانتخابات الرئاسية، وبين أية انتخابات أخرى، وعليه تكون هناك فرصة أوسع لالتقاط الأنفاس، وهدوء الأعصاب، وتبريد العقول، وبناء الثقة.
تركنا أيضا لنفهم أن استحداث أو استعادة الغرفة البرلمانية الثانية باسم مجلس الشيوخ يعنى توسيع فرص المشاركة أمام قوى ورموز سياسية، ممن لا تتوافر لديهم الموارد والخبرات والطاقات النفسية لخوض انتخابات مجلس النواب، وقد كانت تلك إحدى وظائف مجلس الشورى قبل أن يلغى دستور 2014.
للمرة الثالثة تركنا لنفهم أن التعديلات الدستورية الجديدة لم تضف جديدا من الناحية العملية إلى طبيعة نظام الحكم، فباستثناء إطالة الفترات الرئاسية، والمادة الانتقالية الخاصة بالرئيس السيسى، فإن السائد الآن هو تفوق السلطة التنفيذية على كل السلطات الأخرى، إن لم يكن بالنصوص، فبالممارسة الفعلية، وبالوزن الأثقل لمؤسسة الرئاسة فى بنية النظام السياسى المصرى منذ قيام جمهورية يوليو 1952، ما جعله عرفا راسخا أقوى من كل النصوص.
لم يركز بقية المتحدثين فى إجاباتهم على سؤال ماذا بعد التعديلات الدستورية على المناخ السياسى، ولا على إجراءات أو سياسات تحسينه، ولكنهم تحدثوا عن رؤية بعيدة المدى لمستقبل المنطقة العربية ككل، وحدد بعضهم عشر سنوات على الأكثر لتحقق هذه الرؤية، وخلاصتها أن النظم الحاكمة، والشعوب عليها أن تتوصل إلى تسويات تاريخية، للخلاص من قواعد الحكم والسياسة التى عمل بها فى حقبة ما بعد الحرب العالمية الثانية، والحرب الباردة، والحصول على الاستقلال الوطنى، وإنهاء دور النخب السياسية لحقبة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، إذ إن نخبة الاستقلال فشلت فى تحقيق التنمية والتحديث فى الداخل، كما أخفقت فى ضمان الاستقرار السياسى الحقيقى، القائم على رضا ومشاركة الأغلبية، وكذلك فشلت فى مواجهة مهددات الأمن القومى من الخارج، ليس فقط فى مواجهة القوى العظمى، ولكن أيضا فى مواجهة القوى الإقليمية، كإيران وتركيا، وإسرائيل التى هى الأخطر إقليميا، كل ذلك مع نمو أجيال جديدة تدرك هذه الحقائق الأليمة، وترى ما يحدث فى العالم من حولها من تفاعلات، واجتهادات للنمو الاقتصادى والانفتاح السياسى، فى عصر تمكنت ثورة الاتصالات من قيادته.
حسب هذه الرؤية فإن النظم السياسية العربية سوف تتجاوب، إن لم تكن هى المبادرة نحو التغير، وإلا فإنها تخاطر بالاستقرار والأمن القومى، وكان ما يحدث من احتجاجات شعبية مستمرة منذ عدة أشهر فى الجزائر والسودان أحد أهم مقومات هذه الرؤية، كذلك كان الحديث المتوالى فى الدوائر الاستراتيجية الأمريكية عن تضاؤل أهمية المنطقة العربية فى خطط واشنطن المقبلة على المستوى العالمى من هذه المقومات، لتكون الخلاصة فى هذه النقطة أن الشعوب العربية وحكوماتها سوف لن تشغل العالم كثيرا فى المستقبل، وسوف تترك لمشكلاتها الداخلية وصراعاتها الإقليمية، كل حسب قدراته، واستعداده لاستحقاقات العصر.
يضاف إلى هذه الأسباب ما استنزفته الصراعات المسلحة والحروب الأهلية، والتدخلات الخليجية فى هذه الحروب والنزاعات من الفائض المالى فى دول الثروة النفطية، وما سيؤدى اليه ذلك من انكماش اقتصادى، وتباطؤ للتنمية، والحد من القدرة على تقديم المعونات، وذلك دون تطرق إلى ما يحتمل أن يستجد من حروب فى الإقليم، ما دفع بعض المفكرين فى هذه الدول إلى التنبؤ بزوال الظاهرة الخليجية فى غضون عشر سنوات.
وأما السيناريو الآخر، ولا نريد أن نقول المتشائم، فيركز على الموجة السلطوية الشعبوية الصاعدة فى العالم من الأمريكتين حتى شرق آسيا، مرورا بأوروبا نفسها، ويرى القائلون بهذا السيناريو أن هذه الموجة سوف تستمر فى التصاعد فى المستقبل المنظور، لا سيما مع تفاقم المخاطر الارهابية، وتزايد قوة التيارات العنصرية، وتيارات التعصب الدينى، واتساع نطاق الحروب التجارية الدولية، ومن ثم فسوف تتوافر المبررات لاستمرار سياسة القبضة القوية فى مصر.
يتبقى أن كلا هذين السيناريوهين أغفلا العامل الاقتصادى، خاصة ما يتعلق بمستوى معيشة المواطن العادى فى الحالة المصرية، وهو ما نحسبه، ويحسبه الجميع من أهم مكونات المناخ السياسى، انفتاحا أو انغلاقا.. ولهذا حديث يطول.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.