مساعدون للرئيس الأمريكى: رد فعل العالم العربى على الاعتراف بالقدس عاصمة ل«دولة الاحتلال» كان أقل من المتوقع وواشنطن ستتغلب مرة أخرى على عاصفة «الجولان» جاء اعتراف الرئيس الأمريكى دونالد ترامب بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان المحتلة بمثابة منحة من السماء لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو قبل أسبوعين من انتخابات الكنيست. رغم أنها وبالنسبة لكثير من العرب، بددت الخطوة أى أمل فى التوصل لسلام عبر المفاوضات فى يوم من الأيام بين إسرائيل والفلسطينيين وزادت من الشكوك فى أن واشنطن وسيط محايد. لكن يمكن للحلفاء والأعداء الاتفاق على شىء واحد ألا وهو أن قرار ترامب يعد نقطة تحول فى سياسة الولاياتالمتحدة بشأن الجولان التى احتلتها إسرائيل من سوريا فى حرب عام 1967 وضمتها عام 1981، فى خطوة أعلن مجلس الأمن الدولى والمجتمع الدولى أنها غير قانونية. لكن محللين فى الشرق الأوسط يقولون إن قرار ترامب، الذى جاء بعد اعتراف الولاياتالمتحدةبالقدسالمحتلة عاصمة لإسرائيل فى ديسمبر 2017، قد يغرى قوى أخرى بضم الأراضى ويقوض طرح خطة سلام أمريكية فى الشرق الأوسط ويدفع إسرائيل مجددا إلى الصراع مع جيرانها العرب. ووفق ما نقلت وكالة رويترز، عن فواز جرجس أستاذ العلاقات الدولية فى كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية ومؤلف كتاب (تشكيل العالم العربى: صراع ناصر وقطب الذى رسم ملامح الشرق الأوسط)، فإن «ما فعله ترامب دق مسمارا قاتلا فى نعش عملية السلام والمصالحة العربية الإسرائيلية. هذه نقطة تحول أساسية. لم يعد هناك أى شىء لمناقشته بعد الآن». ويقول محللون كثيرون إن خطوة ترامب تهدف جزئيا إلى تعزيز فرصه هو نفسه فى إعادة انتخابه عام 2020، من خلال استهداف المجموعة الواسعة من المسيحيين الإنجيليين الأمريكيين. وقد صوت كثيرون منهم لصالحه فى عام 2016 ويدعمهم فى إدارته بومبيو ونائب الرئيس مايك بنس وآخرون. وكان الإعلان بشأن هضبة الجولان هو الأحدث فى سلسلة من القرارات التى يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها تهدف إلى إعادة رسم ملامح الصراع العربى الإسرائيلى. ويقول مسئولو البيت الأبيض إن القرارات بشأن القدس وهضبة الجولان تقر حقيقة على الأرض ويقولون إنها يجب أن تكون الأساس لأى مفاوضات سلام. وقال مبعوث ترامب للشرق الأوسط جيسون جرينبلات إن من غير المعقول أن تسمح إسرائيل «بأن تسيطر على الجولان دولة سوريا أو أى من العناصر المارقة التى تعمل فى المنطقة، بما فى ذلك إيران». لكن فى ظل تعامل الزعماء العرب السنة مع أزمات فى اليمن وسوريا وليبيا والجزائر والسودان وقطر، ومواجهتهم مع إيران الشيعية غير العربية، فإنهم أقل تركيزا بشأن إسرائيل. بحسب رويترز. وأشار مساعدو ترامب فى أحاديث غير رسمية إلى أنهم يعتقدون أن تحركاته بشأن القدس أثارت رد فعل أقل حدة فى العالم العربى مما توقع الخبراء، وفق ما ذكره شخص مطلع على الأمر طلب عدم نشر اسمه. وأضاف أن نصيحة المساعدين لترامب بشأن الاعتراف بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان كانت تتمثل فى أن واشنطن ستتغلب مرة أخرى على العاصفة. وأردف قائلا إن دعم هذه الخطوة فى إدارة ترامب اكتسب قوة دفع خلال العام الماضى فى الوقت الذى عبرت فيه إسرائيل بشكل متزايد عن قلقها إزاء القوات الإيرانية ووكلائها الذين يتخذون مواقع فى جنوب غرب سوريا. وأضاف المسئول، لرويترز، أن جون بولتون، مستشار ترامب للأمن القومى وأحد صقور الإدارة البارزين فى مواجهة إيران، كان من المؤيدين المهمين لتغيير السياسة. لكن المتشككين يقولون إن هذه الخطوة ستمنح إيران وحليفتها المحلية جماعة حزب الله ما قد يعتبراه مبررا لهجمات جديدة على إسرائيل ويعرقل الزعماء العرب المناهضين لإيران إذا نُظر إليهم على أنهم يقبلون الخطوة الأمريكية. وحددت إدارة ترامب إيران كهدف رئيسى لها فى الشرق الأوسط، وانسحبت من الاتفاق الذى وقعته طهرانوالولاياتالمتحدة وقوى عالمية أخرى فى عام 2015 بشأن كبح البرنامج النووى الإيرانى. لكن بعد الخطوات بشأن القدس وهضبة الجولان، قد تشعر إيران وحزب الله بقدر أكبر من القدرة على تقديم نفسيهما على أنهما الحليفان الثابتان الوحيدان للقضية الفلسطينية. وقال غالب دالاى، وهو زميل زائر فى جامعة أوكسفورد وزميل فى مركز بروكنجز الدوحة «سيعطى هذا مزيدا من القوة لمحور المقاومة الإيرانى بين إيران وحزب الله والأسد ضد إسرائيل والولاياتالمتحدة... حصل هذا المحور على انتصار رمزى قوى جدا وسيوفر هذا لهم اليد العليا». وقال دينيس روس المفاوض المخضرم فى الشرق الأوسط «من وجهة النظر العربية، هذا يجعلهم أكثر ترددا فى تقديم الدعم لأن المساحة السياسية التى يحتاجون إليها للمناورة قد تآكلت.. كل خطوة اتخذتها هذه الإدارة وضعت الدول العربية فى موقف دفاعى». وأشار روس أيضا إلى أن الاعتراف الأمريكى بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان قد يشجع اليمين الإسرائيلى على تكثيف حملته لضم المستوطنات فى الضفة الغربية الفلسطينية المحتلة. وقال «أخشى أن اليمين فى إسرائيل يمكن أن يقول اعترفوا بهذا. ستكون مسألة وقت قبل أن نتمكن من ضم كل أو بعض الضفة الغربية... سيكون ذلك نهاية حل الدولتين».