مهام لجان متابعة انتخابات "الشيوخ" حتى مرحلة الاقتراع    برواتب تصل إلى 13 ألف جنيه و7 أيام راحة.. «العمل» تعلن عن وظائف جديدة في قطاع الكهرباء    الوطنية للانتخابات: تنسيق كامل مع الخارجية لتسهيل مشاركة المصريين بالخارج في التصويت    انطلاق قافلة دعوية من «الأزهر والأوقاف والإفتاء» إلى مساجد شمال سيناء    ارتفاع أسعار الزيت اليوم الجمعة في الأسواق    أسعار السكر في السوق المحلية اليوم الجمعة 4 - 7 - 2025    «قصة الإيجار القديم في مصر».. 16 قانونًا و100 عام حائرة بين المالك والمستأجر (تقرير)    أوكرانيا تعلن قصف روسيا لخط الكهرباء المغذي لمحطة زابوروجيا للطاقة النووية    مدافع الأهلي يقترب من الرحيل عن صفوف الفريق    انطلاق نهائي سلسلة كأس العالم للخماسي الحديث    النيابة العامة تجري تفتيشًا لعدد من مراكز الإصلاح وأقسام الشرطة بالمحافظات    برقم الجلوس.. نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول فور اعتمادها (رابط الاستعلام)    عمر كمال يحيي حفل البيت الفني للفنون الشعبية بالإسكندرية 24 يوليو المقبل    فضل صيام يوم عاشوراء 2025 والأعمال المستحبة به كما ورد في السنة النبوية    ما هي السنن النبوية والأعمال المستحب فعلها يوم عاشوراء؟    وكيل صحة الدقهلية: إجراء 231 قسطرة قلبية بمستشفى ميت غمر في 6 أشهر(صور)    أندية المنيا تهدد بتجميد نشاطها الرياضي احتجاجا على ضم الجيزة لمجموعة الصعيد    شهيدان ومصابون في استهداف الاحتلال مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    الضفة الغربية.. بقاء عرب الكعابنة مهدد باعتداءات المستوطنين    جهاز تنمية المشروعات يتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مصر    طرح البوستر الرسمي لفيلم "الشاطر" وبدء العرض 16 يوليو    عمرو دياب يدخل قائمة أفضل 100 فنان عالمي    الصور الأولى ل ياسمين رئيس من كواليس فيلمها الجديد "الست لما"    ذكرى موقعة حطين.. كيف أعاد صلاح الدين الأيوبي وحدة المسلمين وحرّر القدس من قبضة الصليبيين؟    أمين لجنة الاعلام ب «النواب»: مشاركة 13حزبًا في قائمة وطنية واحدة تعكس نضجًا ووعيًا سياسيًا    لأول مرة.. منتخب الريشة الطائرة الهوائية يتأهل لنهائي بطولة إفريقيا ويصعد لكأس العالم    يوفنتوس يواجه أزمة مع فلاهوفيتش... اجتماع حاسم قد ينهي العلاقة    خطيب المسجد الحرام: التأمل والتدبر في حوادث الأيام وتعاقبها مطلب شرعي وأمر إلهي    تعرف على الشروط والمستندات لمدرسة مياه الشرب بمسطرد    رئيس الاتحاد الدولي يشيد بدور مصر في نشر الكرة الطائرة البارالمبية بإفريقيا    حريق فى كاليفورنيا يدمر أكثر من 52 ألف فدان فى 24 ساعة.. فيديو    أرسنال يفسخ عقد مدافعه اليابانى تومياسو رسميا    بعد غياب 7 سنوات.. أحلام تحيي حفلا في مهرجان جرش بالأردن نهاية يوليو    علاء عابد: القائمة الوطنية تجسّد ظاهرة إيجابية لتعزيز تمثيل الشباب    بعد وفاة أحمد عامر.. حمو بيكا يكشف حقيقة اعتزاله الغناء| فيديو    إصابة شخص صدمته سيارة أثناء عبوره للطريق فى المريوطية    تكثيف الحملات على الطرق والمحاور لمواجهة السير العكسي لمركبات "التوك توك" وضبطها بالجيزة    السيطرة على حريق في كشك كهرباء بمدينة قنا الجديدة    بابا الفاتيكان يعرب عن دعمه لضحايا انفجار محطة الوقود بروما.. فيديو    لماذا تتشابه بعض أعراض اضطرابات الهضم مع أمراض القلب.. ومتى تشكل خطورة    تناول طبق عاشوراء بهذه الطريقة.. يعزز صحة قلبك ويقوى مناعة طفلك    "فرانكنشتاين".. تحذير من متحور جديد في بريطانيا    وزير الخارجية الروسي: يجب خفض التصعيد وتقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    45 يومًا لهذه الفئة.. زيادات كبيرة في الإجازات السنوية بقانون العمل الجديد    وزارة البترول: إعلانات التوظيف على مواقع التواصل وهمية وتستهدف الاحتيال    مصدر أمني: جماعة الإخوان تواصل نشر فيديوهات قديمة    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 145 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    "الزراعة" إصدار 677 ترخيص لأنشطة ومشروعات الإنتاج الحيواني والداجني    باشاك شهير يقترب من ضم مصطفى محمد.. مفاوضات متقدمة لحسم الصفقة    محافظ المنوفية: تحرير 220 محضرًا تموينيًا خلال يومين من الحملات التفتيشية    مصرع طفلة وإصابة 3 أشخاص صدمهم أتوبيس فى الدقهلية    أسعار الدواجن والبيض بأسواق القليوبية اليوم الجمعة 4-7-2025    حملات بالمدن الجديدة لضبط وإزالة وصلات المياه الخلسة وتحصيل المتأخرات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 4-7-2025 في محافظة قنا    موعد مباراة الهلال وفلومينينسي في ربع نهائي كأس العالم للأندية    ردد الآن| دعاء صلاة الفجر اليوم الجمعة 4 يوليو 2025.. اللهم أجرنا من النار، واصرف عنا كل مكروه، وأرض عنا يا أرحم الراحمين    تفاصيل استقالة كرم جبر وعمرو الشناوي من حزب الوعي    ترامب: برنامج إيران النووي دمر بالكامل وهذا ما أكدته وكالة الطاقة الذرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جولة في كتاب سعد زغلول يفاوض الاستعمار (2): الاحتلال البريطاني والجهاز الإداري
نشر في الشروق الجديد يوم 22 - 03 - 2019

الثورة العرابية مثلت قمة نضج طموح الثورات الديمقراطية الوطنية
سيطر الاحتلال البريطاني على أجهزة الحكومة المصرية عبر النصائح الملزمة لمستشاريه
اهتزاز سلطة الاحتلال البريطاني بسبب ثورة 1919 أجبرته على تقديم تنازلات للحركة الوطنية
تواصل «الشروق» على مدار شهر مارس عرض مجموعة من الكتب، الحديثة والقديمة، التي تروي جوانب مختلفة لتأريخ وتوثيق أحداث ثورة 1919 من الأسباب إلى المآلات.
ثالث كتاب نتجول بين صفحاته هو «سعد زغلول يفاوض الاستعمار..دراسة في المفاوضات المصرية البريطانية 1920- 1924» للمفكر والمؤرخ الكبير المستشار طارق البشري، يصحبنا فيه ليستدعي أمامنا صورة واضحة لما كانت عليه مصر في هذه السنوات المهمة، 1920 إلى 1942، نجح في العودة إلى جذورها وتأصيلها، وحرص على أن يسلط الضوء على معالمها، واتبع منهجا يثير الانتباه؛ فهو يطرح التساؤلات ويتولى الإجابة عنها؛ لما في ذلك من تشويق وإقصاء للتقليدية.
كما يضع لنا شخصية سعد زغلول تحت المنظار، ويبين كيف أثر فيه التكوين القانوني من حيث المناورات والإصرار أمام التعنت البريطاني على أن استقلال مصر لا يتجزأ.
اعتمد البشري في استقاء معلوماته على مصادر ومراجع متنوعة: الوثائق الإنجليزية غير المنشور والمحفوظة بوزارة الخارجية البريطانية، والوثائق المصرية المنشورة، والتقارير والمذكرات والخطب والدوريات، وما كتبه المصريون والإنجليز المعارصرون للأحداث وأيضا المحدوثون. ولمزيد من الاستفادة ألحق البشري مؤلفه بملاحق اختصت بوثائق عام 1924 بشأن مفاوضات سعد زغلول- ماكدونالد وما يتعلق بها.
الكتاب صدرت طبعته الأولى في 1977 والثانية في 1998، وصدرت طبعته الثالثة عن دار الشروق في 2012، ويقع الكتاب في 215 صفحة، من القطع المتوسط، وكتبت مقدمته الدكتورة لطيفة سالم، مقرر اللجنة العلمية لمركز الدراسات التاريخية بدار الشروق.
******
في الحلقة الثانية من عرض يوميات كتاب «سعد يفاوض الاستعمار» يرصد البشري الوضع السياسي المصري قبل الاحتلال الإنجليزي وتطور الدولة المصرية اوصولا إلى اعتبارها دولة متكاملة الوجود والأركان، كما يفسر كيف تمكن الاحتلال الإنجليزي من السيطرة على مفاصل الحكم والأجهزة الحكومية في مصر، وعلاقة هيئات الحكومة المصرية والجهاز الإداري للدولة بالخبراء البريطانيين.
كما يفسر البشري كيف تلاقت مصالح الخديو والبريطانيين بعد هزيمة الثورة العرابية في التمهيد للاحتلال الانجليزي لمصر، بدعوى إقرار النظام والأمن.
مصر قبل الاحتلال :
اختلف احتلال مصر عن احتلال غيرها من البلاد المستعمرة، إذ جاءها الإنجليز في سبتمبر 1882 فوجدوا بها دولة ومجلس وزراء وبرلمان منتخب ووزراء ومصالح وإدارات وجيش نظامي وشرطة وإدارات إقليمية وأجهزة قضائية، بمعنى أنها كانت «دولة تكامل بناؤها على مدى ثلاثة أرباع قرن، حتى صارت بمعايير القرن ال19 «دولة متكاملة الوجود والأركان».
ويتحدث البشري مؤرخا ومستندا لبعض التفاصيل التي تدلل على رسوخ وجود الدولة المصرية آنذاك فيقول عنها "استطاعت بجيشها وإداراتها منذ 40 عاما أن تناويء المطامع الأوروبية وأن تهزم الدولة العثمانية وتهدد وجودها، وأن تنشيء دولة قوية موحدة (..) وتقدم نمطا للحكم أكثر تطورا من من النمط التركي العثماني السائد".
الدولة المصرية آنذاك "أنشأت المدارس وبعتث البعثات ونهلت من علوم العرب وفنونه، شعبها على درجة عالية من التوحد والنضج القومي له صحافته وجماعاته السياسية وغير السياسية، وفوق ذلك كله ثورته التي تمثل طموح الثورات الديمقراطية الوطنية على أنضج ما عرفت مجتمعات القرن ال19 وهي الثورة العرابية، ثورة مصر للمصريين".
الاحتلال بدعوى إقرار النظام والأمن :
يرصد البشري في كتابه الأوضاع السياسية الدولية وقتها وكيف تحايلت بريطانيا عليها قبل احتلال مصر : "إذ كانت الدول الكبرى متنافسة في الاستيلاء على مصر، حريصة على ألا تنفرد بالاستبداد بها واحدة منها، فرنسا على تنافس تاريخي مع بريطانيا على مصر، والسلطان العثماني لا ينظرإلى إلحاق مصر ببريطانيا إلا بعين السخط، وروسيا تستميل الباب العالي ضد الإنجليز ليسمح لها بمنفذ إلى البحر المتوسط".
كانت نقطة البداية في السياسية البريطانية إزاء كل هذه الاعتبارات أن تدخل مصر بدعوى "إقرار النظام والأمن و دعم سلطة الخديو الشرعية" التي تحداها العرابيون، وأن تنتقل السلطة إلى أيديهم باسم الحفاظ على السلطة التقليدية للخديو.
كيف سيطرت بريطانيا على أجهزة الحكومة المصرية .!؟
يرصد البشري ملامح وهياكل الجهاز الإداري للدولة المصرية آنذاك فالحكومة يشكلها مصريون يشرفون على الإدارة والأمن، وهناك هيئتان نيابيتان استشاريتان تشكلان بمزيج من التعيين والانتخاب، وأجهزة المديريات والمحافظات والمجالس البلدية والمديرية والعمد والمشايخ والخفراء، وكلهم مصريون.
أمكن تحقيق السيطرة البريطانية على أجهزة الحكومة المصرية بواسطة شبكة من المستشارين البريطانيين الذين عينوا في الوزارات المصرية لتقديم الخبرة والنصح دون أن يكون لهم صلاحية إصدار القرار الذي بقي في يد المصريين، قبل أن يتم تفعيل «النصائح الملزمة» لسد الفجوة بين السلطة الفعلية ونصائح الخبراء، إذ صارت نصيحتهم واجبة الإتباع، لكن بقرار مصري، ثم أتبع ذلك تعيين سردار إنجليزي للجيش المصري ومفتش عام إنجليزي للبوليس ووكيل إنجليزي لوزار الداخلية وآخر لوزارة الأشغال، ليشكل هؤلاء جميعا بالإضافة للمعتمد البريطاني وجيش الاحتلال "الحكومة الخفية لمصر" بأداة النصائح الملزمة.
ثورة 1919 واهتزاز الإدارة البريطانية لأجهزة الدولة :
بلغت نسبة البريطانيين في الوظائف الكبرى المصرية نحو 90 % من وكلاء الوزراء ومديري العموم ونحو 25% في الدرجات الكبيرة التالية، غير أنها لم تفد في زيادة التحكم في الجهاز الإداري للدولة بقدر ما أفادت في تزايد السخط من الموظفين المصريين.
سيطر البريطانيون على المراكز الحيوية لصنع القرار وتلقي المعلومات وضمان الإشراف على التنفيذ، فيما بقى الهيكل الحكومي العام جمعا للمعلومات وتنفيذا للسياسات مصريا صميما، ومن خلاله كانت تجري إدارة الشئون العامة وتصعيد المعلومات وتنفيذ القرارات، ولا يتصل بالسلطة الإنجليزية إلا عبر قنوات اصطناعية" بواسطة المستشارين وكبار الموظفين.
وأحد الظواهر الحاسمة لثورة 1919 هو ذوبان اللحام بين الشريحة الانجليزية المتحكمة في القرار السياسي وبين الجهاز الحكومي المصري، وعزل السلطة البريطانية عن أدوات التنفيذ والإدارة اليومية، وعلى الرغم من أن الانجليز لم يفقدوا خلال ثورة 1919 كل مفاصل الإمساك بأجهزة الدولة فقد اهتزت في أيديهم اهتزازا هدد بانفلاتها، وهو ما كان سببا رئيسيا لتقديم التنازلات للحركة الوطنية.
وغدا حلقة جديدة.....


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.