سعر الذهب اليوم السبت 5-7-2025 بعد هبوط الجرام 6% خلال يونيو    سعر الدولار اليوم مقابل الجنيه السبت 5-7-2025 بعد هبوطه الأخير في 8 بنوك    أسعار الفراخ اليوم السبت 5-7-2025 بعد الانخفاض وبورصة الدواجن الرئيسية الآن    سلوفاكيا تجدد رفضها الحزمة ال18 من عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد روسيا    انتظروا كثيرا من المال والمساعدات، أول تعليق من ترامب على رد حماس بشأن مقترح غزة    ربع نهائي كأس العالم للأندية| تشيلسي يخطف فوزا مثيرا من بالميراس ويصطدم بفلومنينيسي بنصف النهائي    القنوات الناقلة مباشر لمباراة سان جيرمان ضد بايرن في كأس العالم للأندية.. والمعلق    نتيجة الدبلومات الفنية 2025 الدور الأول في الشرقية والمحافظات فور اعتمادها (الرابط والموعد)    فلسطين.. ارتقاء شهداء وجرحى إثر استهداف طائرات الاحتلال مدرسة "الشافعي" بمدينة غزة    تشيلسي يتقدم على بالميراس بهدف بالمر في شوط أول مثير بمونديال الأندية    ترامب: قد يتم التوصل لاتفاق بشأن غزة الأسبوع المقبل    السيطرة على حريق داخل شقة سكنية بدار السلام.. صور    عمرو دياب يشعل الساحل الشمالي بأول حفل بعد "ابتدينا"    كول بالمر يضع تشيلسي في المقدمة أمام بالميراس بالشوط الأول بمونديال الأندية (فيديو)    «الأرصاد» تُحذر من التعرض للشمس بسبب ارتفاع نسب الرطوبة والحرارة الشديدة    السقوط في بئر الخيانة.. أحدث فصول اتصالات «الإخوان» مع المخابرات الأجنبية    أمير صلاح الدين عن مرضه النادر: الدكتور قال لي لو عطست هتتشل ومش هينفع تتجوز (فيديو)    إنريكي: مباراة بايرن ميونخ صعبة.. وهدفنا التتويج بلقب مونديال الأندية    روسيا ترفض العقوبات الأمريكية الجديدة على كوبا    يسرا ولبلبة وتامر حسنى وإيمى سمير غانم والرداد فى حفل زفاف حفيد عادل إمام    محمد فؤاد يحتفل بزفاف ابنته بحضور عدد كبير من نجوم الفن والغناء| صور    تحرك عاجل من محافظ بنى سويف لنقل سيدة بلا مأوى لتلقي الرعاية الطبية    كايروكي في «العالم علمين» 2025.. تعرف على أسعار التذاكر وشروط الحضور    اليوم عاشوراء.. صيامه سنة نبوية تكفّر ذنوب عام مضى    فيضانات تكساس.. 6 قتلى و20 فتاة مفقودة وسط استمرار جهود الإنقاذ    التشكيل الرسمي لمباراة تشيلسي وبالميراس في كأس العالم للأندية    مدرب فلومينينسي: هكذا أوقفنا الهلال    وزارة العمل تعلن عن 90 وظيفة للشباب براتب 8 الاف جنيه| تفاصيل    «إيه كمية التطبيل ده!».. رسائل نارية من أحمد حسن بسبب مدحت شلبي    الفئات المعفاة من المصروفات الدراسية 2026.. التفاصيل الكاملة للطلاب المستحقين والشروط المطلوبة    حزب العدل يصدر بيانا بشأن مشاركته بانتخابات مجلس الشيوخ    مستوحاة من المشروعات القومية.. الهيئة الوطنية للانتخابات تستحدث رموز انتخابية جديدة    غرق شاب خلال السباحة فى نهر النيل في الأقصر    العثور على جثة فتاة مفصولة الرأس داخل جوال بلاستيك بأبو النمرس.. والنيابة تُحقق    فكهاني ينهي حياة زوجته في الطالبية بدافع الشك في سلوكها (تفاصيل)    محاكمة 15 متهمًا ب"خلية مدينة نصر".. السبت    في زيارة رسمية.. البابا ثيودوروس بمدينة كاستوريا باليونان    البطريرك ساكو يستقبل النائب الفرنسي Aurelien Pradié    أسعار طبق البيض اليوم السبت 5-7-2025 في قنا    محافظ المنيا: "القومي للمرأة يعزز مكانة المرأة في التنمية ويخدم آلاف المستفيدات بمبادرات نوعية"    «أبو حطب» يوجه باستمرار حملات النظافة وتمهيد الطرق بقرى أشمون    4 أبراج «أثرهم بيفضل باقي»: متفردون قليلون الكلام ولا يرضون بالواقع كما هو    ميدو يكشف: شيكابالا حالة نادرة في الكرة المصرية.. والوفاء للزمالك عنوان مسيرته    دعاء يوم عاشوراء مكتوب ومستجاب.. أفضل 10 أدعية لمحو الذنوب وقضاء الحاجه (رددها الآن)    إعلام عبري يكشف العقبة الرئيسية في طريق استمرار المحادثات بين حماس وإسرائيل بشأن مقترح وقف إطلاق النار    «الحيطة المايلة» في الجسم.. خبير تغذية يكشف خطأ نرتكبه يوميًا يرهق الكبد    بدائله «ملهاش لازمة».. استشاري يعدد فوائد اللبن الطبيعي    دون أدوية.. أهم المشروبات لعلاج التهاب المسالك البولية    تفاصيل قافلة طبية شاملة رعاية المرضى بالبصراط مركز المنزلة في الدقهلية    ضبط لص لمحاولته سرقة كابلات كهربائية في مدينة 6 أكتوبر    سكرولينج.. عرض يحذّر من تحول الهاتف المحمول إلى لص الحياة على مسرح الريحاني    مصادر للقاهرة الإخبارية: رد حماس تضمن فتح المجال لمفاوضات غير مباشرة للتهدئة 60 يوما    للصيانة.. فصل الكهرباء بقرية إبشان وانقطاع المياه في قرى دسوق وقلين بكفر الشيخ    الذكاء الاصطناعي في الحكومات.. وخطوات مصر    اليوم| نظر دعوى عدم دستورية مواد قانون السب والقذف    ما هي السنن النبوية والأعمال المستحب فعلها يوم عاشوراء؟    عالم أزهري: التربية تحتاج لرعاية وتعلم وليس ضرب    خطيب الجامع الأزهر: علينا أن نتعلم من الهجرة النبوية كيف تكون وحدة الأمة لمواجهة تحديات العصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر تبحث عن نفسها
نشر في الأهرام اليومي يوم 08 - 03 - 2019

مصر تبحث عن مصر.. هذا هو تلخيص وضع مصر منذ الاحتلال البريطانى 1882 إلى ثورة 1919، كان الاحتلال صدمة عنيفة للمصريين، فقد فقدوا الثقة فى السلطان العثمانى الذى كان تردده فى تأييد الثورة العرابية أو الخديو توفيق أحد أسباب الاحتلال البريطانى، فمصر الولاية العثمانية شبه المستقلة ادانت بالولاء الروحى للدولة الإسلامية الكبرى، لذا لم يكن فى مخيلة المصريين الاستقلال الكامل عنها أمرًا مطروحاً بقوة، وإن فى مخيلة البعض من أسرة محمد على والعديد من أفراد النخب المصرية، ولكن مع إعلان بريطانيا الحماية على مصر 1914م، انفصلت العلاقة نهائيا بين مصر والدولة العثمانية منذ الاحتلال العثمانى لمصر 1516م.
......................................................................
مع إعلان الحماية البريطانية صار موقع أسرة محمد على على سدة الحكم فى مصر مزعزعا، إذ تولوا السلطة وفق اتفاق لندن 1840م، الذى سقط أيضًا مع إعلان الحماية. هنا تبدو مصر تبحث عن مصر.. احتلال بغيض يفرض سطوته، أسرة حاكمة تسيطر على مساحات شاسعة من الأراضى الزراعية، وإن كان لدى بعض أفرادها وعى وطنى، فقد تمصروا وصارت مصر فى قلوبهم هى الوطن والأرض ذات الجذور، ومصريين بؤساء أوجد التعليم لديهم نخبة وطنية رأت أن مصر للمصريين، هذا الشعار الذى ظهر فى مصر منذ عصر الخديو إسماعيل، إن الوعى الجمعى للمصريين جعلهم يطردون فى عصر الخديو إسماعيل فكرة الحد من سلطاته حتى كادت الصحافة والمجلات فى عهده تعبر عن ذلك، فكانت الصحافة فاعلا جديدا فى ذلك العصر، بلور الوعى ضد سطوة الأجانب من الأفاقين ونهازى الفرص ومنعدمى الضمير، هذا ما يفسر التوجس المصرى المستمر فى المخيلة المصرية تجاه كل ما هو أجنبى، أجهض الاحتلال البريطانى أول محاولة وطنية مصرية لبناء دولة مؤسسات مدنية لأول مرة فى التاريخ حين ساند الاحتلال البريطانى استبداد توفيق بالسلطة تجاه رغبة المصريين فى إقامة دستور وبرلمان وحكومة تسأل عن أفعالها وتحاسب على موازناتها.
لذا حين حل حزب العرابيين «الحزب الوطنى الحر» بعد الاحتلال كان حلا صوريا وليس فعليا، إذ نزل هذا الحزب ليعمل تحت الأرض على قاعدة أن مصر للمصريين وليس كما فعل الحزب الوطنى الذى أسسه مصطفى كامل بعناية الخديو عباس حلمى الثانى، كانت تجليات هذه الحركة الوطنية السرية عديدة، وإن شكك البعض فيها، وإن كانت ظاهرة بالنسبة لى حين تتشابك الوثائق مع الحقائق، إلى أن كشف الدكتور عماد أبو غازى المؤرخ المرموق عن وثيقة مفاوضات بين بريطانيا وهذا الحزب كان طرفها المصرى الشيخ محمد عبده فى أواخر القرن 19م، لكننى ألمح فى تحركات سعد زغلول زميله فى الحركة العرابية ملامح مقاومة عنيفة للاحتلال، حشود هنا وتحركات هناك، حتى انتقال سعد زغلول للعيش فى المنيرة (بيت الأمة الآن) 1902م كان رمزًا لتحركه لقلب العاصمة بعد أن كان يعيش فى حى الضاهر، كان بيت الأمة مؤل التحركات فرصد الصحافة من 1902 إلى 1927 يكشف عن اجتماعات لمجموعات من المصريين فى هذا البيت بصورة مكثفة على غير المعتاد فى غيره من البيوت والقصور المجاورة أو فى الأحياء الأخرى، فهل كان سعد زغلول زعيمًا لحركة سرية لمقاومة الاحتلال، فى حقيقة الأمر أن هذا الحراك كان أحد أبرز تجلياته عدة مظاهر على النحو التالى:-
-إنشاء الجامعة المصرية بأموال وتبرعات المصريين للنهوض بمصر، هذه الجامعة فريق الدعوة لها كان من أفراد هذا الحراك الوطنى، الذى ساندته الأميرة فاطمة إسماعيل والأمير فؤاد الملك فؤاد لاحقًا.
- إنشاء الجمعية الزراعية الملكية المصرية للنهوض بالزراعة فى مصر وترقية أحوال الفلاحين، وتنشيط صادرات مصر الزراعية، وتجلى ذلك فى توطين البحث الزراعى واستصلاح الأراضى الزراعية، وإقامة المعرض الزراعى سنويا فى أرض المعارض (دار الأوبرا الآن).
- إقامة مدارس على نفقة الأعيان فى بعض المدن والقرى إذا اعتبر المصريون التعليم طريقهم للنهوض ووقف الأوقاف للتعليم لكى يتعلم أبناء المعدمين.
- تمويل صحف ومجلات تعبر عن المقاومة ضد الاحتلال وبناء وعى وطنى، بل وتثقيف وتعليم المصريين ونقل الثقافة العلمية.. الخ.
لذا حينما حانت لحظة الحقيقة فى 1918 مع انتهاء الحرب العالمية الأولى كانت مصر مستعدة، انضوى تحت سعد زغلول جيل جديد متعلم منتشر فى العديد من المهن: أطباء/ محامين/ مهندسين/ معلمين/ رجال شرطة/ موظفين فى الدولة/ وصاحب هذا استغلال الإذاعات كمدخل جديد فى الحراك الوطنى، كان انتخاب سعد زغلول وكيلا للجمعية التشريعية (البرلمان) مدخلا لهذا الحراك فقد اكتسب شرعية النيابة عن الأمة.
لم يكن لدى مصر جيش، حل الإنجليز الجيش المصرى الوطنى فى أعقاب الاحتلال البريطانى، بقيت قوات بسيطة حرس للحدود وقوات رمزية تشريفية، كما فعل الأمريكيون مع الجيش العراقى فى أعقاب احتلالهم للعراق عام 2003م.
لذا فالمقاومة كان عنفها للاحتلال منذ أحداث 8 مارس 1919 كانت فى عنفها سرية بقدر الإمكان بقيادة عبد الرحمن فهمى الذى وضع الشفرات والخطط وقسم مجموعات مقاومة الإنجليز، منذ اعتقال سعد زغلول ورفاقه فى 8 مارس 1919 عقب مطالبتهم بالتفاوض على استقلال مصر إلى تشكيل أول حكومة وطنية مصرية فى 1924، إن ثورة 1919 لها العديد من التجليات فى إعادة صياغة مصر الوطن ومن أبرز هذه التجليات:-
-زيادة الانفاق على التعليم، فقد زاد عدد المدارس التى تبنيها الدولة وتزايدت موازنة التعليم بصورة كبيرة.
- تضاعف الحراك الوطنى للتصنيع بدلا من الاستيراد.
- تبلور دور الرأسمالية الوطنية.
- تصاعد الاهتمام باللغة العربية كلغة وطنية، هذا الصعود كان رمزه تأسيس مجمع اللغة العربية فى العام 1932م.
إن الوعى المصرى بالذات المصرية كان يدركه الملك فؤاد، فقد تغير علم مصر من اللون الأحمر الذى يحمل رمزيا نوعيا من التبعية للحقبة العثمانية إلى اللون الأخضر، ثم إن الملك فؤاد استقبل إعلان 28 فبراير 1922 من الإنجليز ببرود، وانتظر إلى 15 مارس 1922 ليعلن استقلال مصر حتى لا يعطى للإعلان الإنجليز اعترافا بل يبقى هناك اعتراض حتى من الملك، ثم سرعان ما فتحت سفارات لمصر في: لندن/ باريس /موسكو/ واشنطن، وكان اختيار واصف غالى وزيرا لخارجية مصر فى حكومة سعد زغلول موفقا فأسس وزارة الخارجية المصرية وسياسة مصر الخارجية.
بدا وكأن مصر تنهض فعبر المصريون عن ذلك مثل تمثال نهضة مصر للمثال العبقرى محمود مختار والذى نصب فى أكبر ميادين العاصمة أمام محطة القطار الرئيسية (ميدان رمسيس الآن).
نحن هنا أمام شعب ثار فعبر عن ثورته بصورة غير مسبوقة، بلور اتجاها إلى البناء والبناء فليس هناك ثورة إلى الأبد بل ثورة ثم بناء على نتائجها، لم يحصد المصريون نصرًا كاملاً، لكنهم كانوا يقاومون أكبر قوة دولية آنذاك، جاءت الثمرة ناقصة، فبنوا إلى أن حانت ساعة معاهدة 1936 لتتضمن إلغاء الامتيازات الأجنبية وسطوة الأجانب فى القضاء الذى كثيرا ما جار على حقوق المصريين، وتم بناء جيش وطنى، وتم جلاء الإنجليز عن العاصمة، وكان رمز ذلك إخلاء ثكنات قصر النيل وتسليم ثكنات العباسية والقلعة وكان إلغاء معاهدة 1936 تعبيرا عن أن ميزان القوة المصرى عسكريًا واقتصاديًا صار له صوت يعكس القدرة على مجابهة بقايا الاحتلال فى قناة السويس.. فهل كان الإنجليز يدركون هذا.. فى حقيقة الأمر إن مصر التى كانت تبحث عن مصر بعد الاحتلال البريطانى عادت مصر أخرى واعية ومدركة ماهية مصر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.