قال الداعية اليمني الحبيب على الجفري، إن النسبية المطلقة في الأخلاق والتي نعيشها في العصر الحالي تحتاج أن نرهق عقولنا بالتفكير فيها وكيفية تطبيقها، مضيفًا أنه عندما كانت الأخلاق تمثل ثوابتًا، كان التلاعب بها هو ادعائها ثم مخالفتها، والإتيان بأفعال عكسها. وأشار إلى أن النبي الكريم محمد، حدثنا عن 3 مفاهيم تتعلق بالأخلاق: الأول هو التفاضل في الأفعال الأخلاقية، والثاني القرب إلى الله، والثالث هو المتصل بمفهوم الجمال والحق والعدل، وهي مفاهيم متغايرة ومتطابقة. وذكر الجفري أنه وعدد من أبناء جيله ومن سبقوه، في أعناقهم دين كبير إلى مصر، وإن كان لديه شيء من العلم فمن أهم مصادره هذا البلد المبارك، مضيفًا أنه ووالده و14 آخرين من أبناء عائلته تعلموا في جامعات مصر، وأن «هذه الحقيقة نسيها الكثير من العرب، وأصعب من ذلك أن الكثير من أهل هذا البلد كادوا ينسون هذا، فمصر لها دين في أعناق العرب، أقر منهم بذلك من أقر وثقل على من ثقل». جاء ذلك خلال الندوة التي نظمتها جامعة السويس بعنوان «خير الناس أنفعهم للناس»، بحضور الدكتور السيد الشرقاوي، رئيس الجامعة، وعمداء الكليات، وآلاف الطلاب من مختلف الكليات، في إطار فعاليات الموسم الثقافي الثاني لجامعة السويس. وبدأ الجفري حديثه في الندوة بسؤال الطلاب، ما المقصود بخير الناس والخيرية؟ ، وقال إن توضيح المفهوم يحتاج إلى نظرة للتاريخ، وتأثر الخير والأخلاق برغبات النفوس على مدى العصور السابقة. وذكر الداعية اليمني أنه في العصور الوسطى كان هناك مشكلات وصراعات في أوروبا بين الكنيسة الأوروبية والتي تمثل السلطة الدينية في الفاتيكان، وبين الملوك والأمراء والطرف الثالث هما النبلاء الاقطاعيين، وكان النبلاء تارة يستميلون الكنيسة وتارة أخرى ينحازون للملوك. وروى أن بابا روما أثناء ذلك، بعث برسول إلى بابا الإسكندرية في مصر، وعندما وصل لم يتحدث إليه بابا الإسكندرية أو يرحب به كما هو معتاد، إنما أخبره أن هناك أزمة مالية في مصر، وأنه يبحث في الإنجيل عن نص يتيح له ويبيح بيع صكوك الغفران لكنه لم يجد. واستكمل الجفري، إن رجل الدين المسيحي الذي تسلح بالعلم والأخلاق كان يعلم بما يحدث في أوروبا وعلم ان الزيارة الهدف منها التآمر على مصر وشعبها باسم الدين. وفي تلك المرحلة ضج الناس وصاروا ينظرون للخطاب الديني على أنه خطاب تحكمي، مع عدم الالتزام به وأنه وسيلة للسياسة، وبمرو الوقت شكل ذلك خطرًا على ديانة الناس وإيمانهم بالله، بسبب التلاعب والاستقواء على الآخرين باسم الدين، والتكفير واستحالة الدم، وهي نفس الفكرة، التي كانت بداية عصر الإصلاح أو ما يسمى التعارض بين الفضيلة والسعادة. وأوضح الجفري، أن العالم الأن يدخل في مرحلة الفراغ الفلسفي، وفي ظل حالة الاستهلاك الثقافي والفكري تأثر العرب كثيرًا بما أثير في عصر التنوير والحداثة لتطبيقه، ولا ندرك أن ما بعد الحداثة هو مرحلة "آيلة للسقوط" بفعل الهدم الذاتي الذي تتوافر عناصره. وأكد أننا في أمس الحاجة إلى الشيخ المبدع والمثقف المبدع، وتعلم كيفية الاختلاف، ومواجهة أنفسنا الأمارة بالسوء في معركة تغيير المعايير، حتى لا تصبح الفضيلة الخيرية حملًا على الإنسان ويصبح المعروف منكرًا، والمنكر معروفًا. وضرب مثالًا بأن المعيار في السابق كان من يشرب الخمر هو على باطل، الآن ينظر له على أنه متحرر ومتقدم ومتطور، ففكرة المجتمع هي ما يساعد الإنسان، إما يُعينه على نفسه أو يُعين نفسه عليه.