البلشي يرفض حبس الصحفيين في قضايا النشر: حماية التعبير لا تعني الإفلات من المحاسبة    القومي لحقوق الإنسان يكرم مسلسل ظلم المصطبة    متحدث الصحة: نضع خطة طوارئ متكاملة خلال إجازة العيد.. جاهزية كل المستشفيات    ديستربتيك: استثمرنا 65% من محفظتنا فى شركات ناشئة.. ونستعد لإطلاق صندوق جديد خلال عامين    مطالب برلمانية للحكومة بسرعة تقديم تعديل تشريعى على قانون مخالفات البناء    القاهرة الإخبارية: أوكرانيا أعلنت خضوع 213 بلدة في سومي لعملية إخلاء فوري    تطورات مفاوضات الأهلي لضم ثنائي سيراميكا كليوباترا.. الغندور يكشف التفاصيل    نهائي الأبطال| باريس يسجل الهدف الرابع في شباك إنتر    تطور مفاجئ بشأن مستقبل عبدالله السعيد في الزمالك.. سيف زاهر يكشف    ضبط سيدتين لتصويرهما فيديوهات خادشة وبثها بمواقع التواصل الاجتماعي    الحبس والغرامة للمتهمين باقتطاع فيديوهات للإعلامية ريهام سعيد وإعادة نشرها    «سيبتك» أولى مفاجآت ألبوم حسام حبيب لصيف 2025    مدير فرع هيئة الرعاية الصحية بالإسماعيلية يستقبل وفدا من الصحة العالمية    رئيس النحالين العرب: 3 جهات رقابية تشرف على إنتاج عسل النحل المصري    وزير الصحة: تجاوزنا أزمة نقص الدواء باحتياطي 3 أشهر.. وحجم التوسع بالمستشفيات مش موجود في العالم    بحثًا عن الزمن المفقود فى غزة    مصطفى كامل وأنوشكا ونادية مصطفى وتامر عبد المنعم فى عزاء والد رئيس الأوبرا    20 صورة.. مستشار الرئيس السيسي يتفقد دير مارمينا في الإسكندرية    موعد أذان مغرب السبت 4 من ذي الحجة 2025.. وبعض الآداب عشر ذي الحجة    بعد نجاح مسابقته السنويَّة للقرآن الكريم| الأزهر يطلق «مسابقة السنَّة النبويَّة»    ماذا على الحاج إذا فعل محظورًا من محظورات الإحرام؟.. الدكتور يسري جبر يجيب    الهمص يتهم الجيش الإسرائيلي باستهداف المستشفيات بشكل ممنهج في قطاع غزة    الإخوان في فرنسا.. كيف تُؤسِّس الجماعة حياةً يوميةً إسلاميةً؟.. خطة لصبغ حياة المسلم فى مجالات بعيدة عن الشق الدينى    المجلس القومي لحقوق الإنسان يكرم أبطال مسلسل ظلم المصطبة    "أوبك+": 8 أعضاء سيرفعون إنتاج النفط في يوليو ب411 ألف برميل يوميا    محافظ القليوبية يوجه بسرعة الانتهاء من رصف وتطوير محور مصرف الحصة    ب حملة توقيعات.. «الصحفيين»: 5 توصيات ل تعديل المادة 12 من «تنظيم الصحافة والإعلام» (تفاصيل)    الكاتدرائية تستعد لرسامة وتجليس أساقفة جدد بيد البابا تواضروس| صور    قواعد تنسيق العام الجديد.. اعرف تفاصيل اختبارات القدرات    ما حكم بيع جزء من الأضحية؟    استعدادًا لعيد الأضحى| تفتيش نقاط الذبيح ومحال الجزارة بالإسماعيلية    القاهرة الإخبارية: القوات الروسية تمكنت من تحقيق اختراقات في المواقع الدفاعية الأوكرانية    وزارة الزراعة تنفي ما تردد عن بيع المبنى القديم لمستثمر خليجي    محافظ أسيوط ووزير الموارد المائية والري يتفقدان قناطر أسيوط الجديدة ومحطتها الكهرومائية    تكشف خطورتها.. «الصحة العالمية» تدعو الحكومات إلى حظر جميع نكهات منتجات التبغ    وزير الخارجية يبحث مع عضو لجنة الخدمات العسكرية ب"الشيوخ الأمريكي" سبل دعم الشراكة الاستراتيجية    مصادرة 37 مكبر صوت من التكاتك المخالفة بحملة بشوارع السنبلاوين في الدقهلية    حظك اليوم السبت 31 مايو 2025 وتوقعات الأبراج    لماذا سيرتدي إنتر القميص الثالث في نهائي دوري أبطال أوروبا؟    تفاصيل ما حدث في أول أيام امتحانات الشهادة الإعدادية بالمنوفية    بدر عبد العاطى وزير الخارجية ل"صوت الأمة": مصر تعكف مصر على بذل جهود حثيثة بالشراكة مع قطر أمريكا لوقف الحرب في غزة    "حياة كريمة" تبدأ تنفيذ المسح الميداني في المناطق المتضررة بالإسكندرية    تجربته الأولى.. جون هيتينجا مدربا ل أياكس    ماركا: رودريجو أبلغ ريال مدريد برغبته في الاستمرار    وزير التربية والتعليم يبحث مع منظمة "يونيسف" وضع خطط لتدريب المعلمين على المناهج المطورة وطرق التدريس    استخراج حجر بطارية ألعاب من مريء طفل ابتلعه أثناء اللعب.. صور    أفضل الأدعية المستجابة عند العواصف والرعد والأمطار    ماذا قالت وكالة الطاقة الذرية في تقريرها عن أنشطة إيران؟    رئيس الإنجيلية يستهل جولته الرعوية بالمنيا بتنصيب القس ريموند سمعان    مصدر كردي: وفد من الإدارة الذاتية الكردية يتجه لدمشق لبحث تطبيق اتفاق وقّعته الإدارة الذاتية مع الحكومة السورية قبل نحو 3 أشهر    "نفرح بأولادك"..إلهام شاهين توجه رسالة ل أمينة خليل بعد حفل زفافها (صور)    قبل وقفة عرفة.. «اليوم السابع» يرصد تجهيزات مشعر عرفات "فيديو"    عمرو الدجوى يقدم بلاغا للنائب العام يتهم بنات عمته بالاستيلاء على أموال الأسرة    عيد الأضحى 2025.. محافظ الغربية يؤكد توافر السلع واستعداد المستشفيات لاستقبال العيد    سحب 700 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكتروني خلال 24 ساعة    لمكافحة التلاعب بأسعار الخبز.. ضبط 4 طن دقيق مدعم بالمحافظات    سويلم: الأهلي تسلم الدرع في الملعب وحسم اللقب انتهى    جراديشار: شاركت في مباراة بيراميدز ولم أكن أعرف أسماء لاعبي الأهلي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«المختطفات» قصة جحيم يلاحق فقراء نيجيريا بعد «بوكو حرام»
بعد الفوز بجائزة الترجمة بمعرض الكتاب..
نشر في الشروق الجديد يوم 09 - 02 - 2019

المترجمة علا عادل ل«الشروق»: تخيلت الفتيات وما جرى لهن من السرد الفيلمى فى الكتاب
عُرفت الجماعة فى البداية باسم «اليوسفيون» نسبة إلى واعظ بدأ الوعظ فى «شونة غلال»
سبعون بالمائة من السكان لا يقرأون ولا يكتبون.. والجنوب تسوده الفخامة مقابل الجدب والفقر فى الشمال
إحدى الناجيات تروى حكاية أم تركت طفليها.. وتقول: وأنا تركت أبى يبكى.. لم أكن أستطيع حمله
«المسلحون يستهدفون جيشًا واهنًا.. وشرطة لا ينشغل ثلثها إلا بحماية الأثرياء والسياسيين»
المؤلف: ما نعرفه عن «بوكو حرام» أقل مما نعرفه عن أصحاب السلطة فى كوريا الشمالية
حين قرأت كتاب «المختطفات» لمؤلفه الصحفى الألمانى فولفانج باور، حول شهادات لنساء تمكنّ من الفرار من جماعة «بوكو حرام» الإرهابية فى نيجيريا، رأيت فى نومى كابوسا تختلط فيه مشاهد العنف بدماء الأبرياء قليلى الحيلة.
ولم يكن كل ما رأيت إلا جزءا من صورة لجحيم، يرصده الكتاب الصادر عن دار «العربى للنشر»، والحاصل، قبل أيام، على جائزة «الترجمة» من معرض القاهرة الدولى للكتاب.
كان ذلك الكابوس موضوع سؤال «الشروق» لمترجمة الكتاب أستاذة الأدب الألمانى بجامعة عين شمس علا عادل (ترجمت نحو ثلاثين كتابا من وإلى الألمانية)، حيث قالت إنها واجهت أمرا مماثلا، «كنت أتخيل شكل الفتيات وما جرى لهن، من واقع تأثير السرد الفيلمى الموجود فى الكتاب، بشكل يجعلك ترى ما حدث وكأنه أمامك».

الغابة الملعونة
«سامبيسا».. هذا هو اسم الغابة الواقعة شمال شرقى نيجيريا. تتخذها «بوكو حرام» مأوى لها، ومنها تخرج إلى القرى الفقيرة، مثل «ميتشيكا» و«دوهو» و«جولاك» و«جوبلا»، لتقتل وتنهب وتختطف الأطفال والنساء.
هدف الجماعة التى تطلق على نفسها اسم «جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد»، ويسميها العالم «بوكو حرام» (التعليم الغربى حرام)، هو تأسيس خلافة فى نيجيريا، ويتعاونون فى ذلك مع تنظيم القاعدة فى مالى والجزائر، وسبق لأعضاء الجماعة أن بايعوا «داعش» صيف 2014.
ووفق المؤلف، فإن الجماعة احتلت خُمس نيجيريا فى أشهر قليلة.
«كان الشك وانعدام الثقة يسودان فى بداية اللقاءات مع النساء. كنا نشعر بالخوف منهن؛ لأن بوكو حرام تجبر المختطفات على تفجير أنفسهن».
«تالاتو» و«سعدية» و«بتولا» و«رابى».. نماذج من النسوة اللاتى يتضمن الكتاب شهاداتهن، وهى أسماء مستعارة «رغبة فى حمايتهن».
وبعد إمعان المؤلف فى تقصى صور حياتهن البسيطة قبل الاختطاف، كالعمل فى الحقول، أو بيع الخضراوات فى السوق، يسرد الكتاب ما واجهن فى قبضة «بوكو حرام».

دولة ممزقة
«قوى هائلة تمزق نيجيريا، تلك الدولة الكائنة بين منطقة الساحل والمحيط الأطلنطى، حيث يلتقى عالم المسلمين شمال إفريقيا بمسيحيى الجنوب. مزيج من نحو 514 مجموعة عرقية، و190 مليون نسمة (...) وبينما يتمتع الجنوب بالفخامة والطقس الاستوائى، يسود الشمال الجدب والفقر (...) ولا يكاد الشمال يضم بنية تحتية؛ إذ لا تتوافر الكهرباء إلا فى 24% من المنازل، مقارنة بنسبة 71% فى الجنوب الغربى».
«بعد عام 1960، ظل الجنرالات يحكمون لفترة طويلة، ثم اعتبرت نيجيريا ديمقراطية منذ 1998، وجلبت آبار النفط فى الجنوب ثروات طائلة، كما جلبت مزيدا من الفساد؛ حيث اختلس رجال السياسة المليارات من الدولة، أما فى أقاليم الشمال الشرقى (موطن بوكو حرام) فتبدو الدولة النيجيرية دولة لصوص من الخارج، ولا يستطيع سبعون بالمائة من السكان القراءة والكتابة».

من «جماعة صلاة» إلى «جيش»
«تتمثل قوة بوكو حرام فى ضعف الدولة التى تحاربها (...) تطور ما بدأ على أنه جماعة صلاة صغيرة ليصبح جيشا قادرا على توجيه ضربات قوية، ويضم نحو خمسين ألف مسلح. أكثر من سبعة ملايين شخص فروا منهم...».
الجماعة التى عُرفت فى البداية باسم «اليوسفيون» نسبة إلى واعظ اسمه محمد يوسف، كان قد بدأ الوعظ فى «شونة غلال» (قبل أن يتحول إلى زعيم دينى فيما بعد)، هاجمت قرية «دوهو» بولاية أداموه الاتحادية، وغيرها من القرى، ففر الناس هاربين، إلا أن صبيا يتيما فى الرابعة عشرة من عمره، قاد «بوكو حرام» إليهم فى طريق الهرب. تروى سعدية.
وصل المسلحون إلى الفارين، ونادوا عليهم: «أنتم مسلمون، يجب ألا تخافوا!».
تعلق إحدى الناجيات: «ماذا كان بوسعنا أن نفعل؟ فقد قارب مخزون الطعام لدينا أن ينفد».

إسلامكم وإسلامنا
«إسلامكم ليس إسلامنا» هكذا قال أحد أمراء «بوكو حرام» وهم يدعون المخطوفين إلى دخول الإسلام «حتى من كانوا مسلمين».
«يمتلك (المسلحون) كثيرا من سيارات الدفع الرباعى والبيك أب» تقول «تالاتو».
رفرفت راياتهم فوق مبانى القرية. إحدى هذه الرايات سوداء مكتوب فوقها بالأبيض: «لقد غزونا مدينة الكفار!».
حين أمروا الناس بالصلاة، صرخوا فيهم: «أنتم لا تصلون بطريقة صحيحة». قالوا: «عندما ننحنى إلى الأمام فلا ينبغى أن ننحنى قليلا فقط، بل ننحنى حتى يلامس الأرض الجزء العلوى من الجسد».
قالت تالاتو: «قطعوا رأس رجلين أمامنا، أحدهما كان مزارعا والآخر حدادا. كلاهما رفض اعتناق الإسلام. صرخ الحداد: الرب واحد فقط. فربنا هو ربكم!».
قطع الرأس من وراء العنق
قيدوهما، وقطعوا رأسيهما من وراء العنق بسكين كبير. كان الحداد يصرخ: «يا يسوع! أنقذنى!».
منعوا النساء من جلب الماء، ومن كن يبعن شيئا فى السوق، لم يعد مسموحا لهن بذلك.
نهبوا المؤن. وفرضوا على الجميع الذهاب إلى المسجد الكبير يوميا بعد الظهر لتلقى دروس الإسلام.
تقول سعدية: «قالوا لنا: غدا سنبدأ تزويجكن مسلمين أخيارا. سألت الأمير: هل تريدون تزويج فتيات فى عمر ابنتى أيضا، أجابنى بأن النبى محمدا تزوج فتاة فى السابعة من عمرها».
تضيف: «عندئذٍ لم أنطق بحرف واحد».
بعد محاولات متكررة من الهرب من القرى التى تسيطر عليها «بوكو حرام» اقتادت الجماعة الإرهابية النساء والأطفال إلى مأواها فى غابة سامبيسا ذات الأشجار الكثيفة، ومن هناك، حاولت النسوة باستمرار الهرب.
«ما نعرفه عن بوكو حرام أقل مما نعرفه عن أصحاب السلطة فى كوريا الشمالية». يقول المؤلف.
«كم جارت علينا الحياة، لا أستطيع أن أعدك أننى سوف أنجو..» هذا ما قاله زوج «بتولا» لها قبل أسره بقليل.
وتروى «بتولا» وابنتها «رابى»، كيف رأتا عناصر الجماعة وهم يضربون أعناق الرجال بسيوف طويلة.
استهدفت قاذفات القنابل التابعة للجيش النيجيرى، معسكرا للجماعة التى يقودها أبو بكر شيكاو، والذى خرج فى مقاطع فيديو عدة يتوعد بخطف النساء وبيعهن. كان فى المعسكر نساء وأطفال، وقليل من مسلحى الجماعة.

فى طريق الهرب
فى طريق الهرب، تقول «بتولا» إنها رأت غلامين، وقد احترقت بشرتهما تماما. صرخ الطفلان أمام أمهما: «ماما فلتأخذينا معك»، لكن الأم تركتهما ومضت، فقد كان معها ثلاثة أبناء آخرين. تتساءل «بتولا»: «ما كان عساها أن تفعل غير ذلك؟».
وتضيف: «تركت أنا أيضا أبى ومضيت. خضع قبل اختطافه لعملية جراحية فى فخذه». قلت له: «يجب أن نمضى الآن، وأنا لا أستطيع أن أحملك. أرجوك سامحنى». لم يقل شيئا، جلس هناك وبكى.
ويسجل الكتاب مع الناجيات بالتفصيل، كيف تمكن من الهرب عبر دروب وممرات وعرة.

«جيش واهن»
«بوكو حرام تستهدف جيشا واهنا يبلغ تعداده أقل من ثمانين ألف جندى، فى بلد يبلغ عدد سكانه مائة وتسعين مليون نسمة».
أما الشرطة، فيوجد فى نيجيريا بصورة رسمية 330 ألف رجل شرطة. «إلا أن ثلث هذا العدد تقريبا لا ينشغل إلا بحماية السياسيين ذوى المناصب الرفيعة والأثرياء».
«الضحايا الذين يبلغون عن وقوع جناية، يجب عليهم أن يتحملوا بأنفسهم تكاليف إجراء التحقيق».
«لم يعد بإمكاننا أن نختبئ أكثر». يقول الكاتب.
ويختم: «ما زالت النسوة اللاتى جمعنا قصصهن فى هذا الكتاب يهربن من بيوتهن دائما ويقضين الليل فى الحقول».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.