أعد مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية لحزب مستقبل وطن، برئاسة المهندس محمد الجارحي، الأمين العام المساعد للجان المتخصصة، دراسة حول المشروعات القوميَّة فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، والتي تستهدف رصد وتحليل أهداف ومحاور المشروعات القوميَّة التى أطلقتها الدولة المصرية منذ عام 2014، والوقوف على النتائج التى حققتها، مع تفنيد أبرز الشائعات والانتقادات التى دارت حولها. وأوضحت الدراسة، أن مصر شهدت منذ تولي السيسي رئاسة الجمهورية فى يونيو 2014، وحتى نهاية ديسمبر 2018، افتتاح العديد من المشروعات القومية والتى ظل أغلبها بعيدًا عن الأضواء والبروباجندا الإعلامية حتى الانتهاء منها، وقد اتسمت تلك المشروعات بالتنوع الهيكلي، فلم تقتصر على قطاع بعينه، بل تنوعت بين الصناعة والزراعة والخدمات اللوجستية والعمران والتجارة ، وتعكس خريطة المشروعات القومية الراهنة درجة عالية من التناغم بين مُخرجات تلك المشروعات ومُستهدفات التنمية الاقتصادية ورؤية مصر2030. واستعرضت الدراسة التوزيع القطاعي والجغرافي للمشروعات القومية، مشيرة إلى أن جوهر المُعضلة التنموية في مصر عبر العقود الماضية، يتمثل في فشل محاولات الاقتصاديات الزراعية التقليدية في الانتقال إلى اقتصاد صناعي حديث ومُتطور، خاصة مع استنفاد الاقتصاد الزراعي حدود كفايته التنموية في ظل معدلات النمو السكاني المرتفعة، مما أدى إلى تناقص سريع في نصيب الفرد من ناتج الاستثمار في الزراعة، فقد أضحى تحدى التنمية العصيَّة مُلحا بشكل غير مسبوق، ولأجل ذلك كان الهدف من المشروعات القومية هو تنوع الفرص الاستثمارية على مختلف القطاعات، وتكشف مراجعة خريطة المشروعات القومية أن قطاع الصناعة كان في أولوية القطاعات المُستهدفة، وكذلك السياحة والبنية الأساسية والزراعة والبناء والعمران. وتناولت الدراسة، مستهدفات المشروعات القومية وفقا لتصنيفها القطاعي، حيث لم يكن استهداف التنوع القطاعي في المشروعات القومية محض الصدفة، بل جاء وفقا لمستهدفات استراتيجية وضعتها الدولة المصرية بما يتماشى مع رؤيتها للتنمية المستدامة 2030، وتتمثل أبرز مستهدفات المشروعات القومية وفقا للدراسة في تحقيق التنمية الصناعية والأمن الغذائي وتهيئة البيئة المُلائمة للاستثمار وتحقيق أقاليم التنمية. وسعت الدراسة، فى محورها الثالث إلى تفنيد أبرز الانتقادات والإدعاءات الهادفة لتشويه المشروعات القومية، حيث أكدت الدراسة مواجهة المشروعات القومية العديد من محاولات التشويه والتقليل من أهميتها، ومن أبرز الادعاءات في هذا الشأن، رفع عبء الاستدانة لتمويل المشروعات القومية، وإهمال الاستثمار في رأس المال البشري خاصة في قطاعى التعليم والصحة لصالح مشروعات البنية الأساسية، ومزاحمة القطاع الخاص في قطاع الاستثمار، وإهمال صيانة وتطوير البنية التحتية في المدن القائمة لصالح المدن الجديدة. وكشفت الدراسة أن تلك الادعاءات تحمل العديد من الأخطاء الواجب تصحيحها، فالمشروعات القومية لم تهمل قطاعي التعليم والصحة، واستدانة المشروعات القومية هى لتعزيز الموارد المستقبلية، كما أن مركزية المشروعات القومية تخدم القطاع الخاص، والمدن الجديدة كالعاصمة الإدارية وغيرها تستهدف تخفيف الضغط السكاني عن المدن المكتظة بالسكان، فضلا عن نجاح الدولة فى تبني نظام الشراكة بين القطاعين العام والخاص في العديد من المشروعات القومية. واختتمت الدراسة بأن المشروعات القومية فى عهد الرئيس السيسي، قد أسهمت في دفع برنامج الإِصلاح الاقتصادي المصري، وتحقيق مردود إيجابي على مستوى المؤشرات القومية، لما كان لها من دور في خلق الآلاف من فرص العمل وجذب العديد من الاستثمارات الأجنبية. وأوصت الدراسة لمواصلة المشروعات القومية هذا الدور وتحقيق مستهدفاتها، بضرورة تفعيل سبل المتابعة والمراقبة على أداء تلك المشروعات كافة، حتى لا يتكرر الوضع السيئ الذي وصل إليه قطاع الأعمال العام، بحيث أصبحت المشروعات والإنجازات الصناعية التي تمت في حقبة الخمسينيات والستينيات في طي النسيان، ولم يتبقَ منها سوى مؤسسات خاوية على عروشها تعاني من تفشي مظاهر الإهمال والفساد كافة، وغياب الكفاءة والإنتاجية.