تحل اليوم ذكرى ميلاد والت ديزني، واحد من أهم الشخصيات وأكثرها تأثيرًا في القرن ال20، دون جدال ف«ديزني» يُعد الشخصية المحورية في تاريخ سينما الرسوم المتحركة للأطفال، وهذا ليس لكونه رساما ماهرا نجح في رسم الفأر الشهير «ميكي ماوس» فحسب، بل لأنه موهبة فذة وقصة كفاح ونجاح جديرة بأن تلهم الملايين حول العالم. وفي ذكرى ميلاده تستعيد «الشروق» محطات من حياة والت ديزني. • من المزرعة السعيدة إلى بيع الجرائد ولد «ديزني» في 5 ديسمبر عام 1901 بشيكاغو، لأسرة لديها 5 أبناء، الأب يعمل مزارعًا والأم معلمة، ولكن مع ارتفاع معدلات الجريمة في شيكاغو هربت الأسرة لتعيش بمزرعة في ولاية «ميسوري»، وهناك قضى «ديزني» أسعد سنوات حياته في اللعب ومحاولات الرسم، كما ظهر شغفه الكبير بالقطارات التي كانت تمر بالقرب من الحي، قبل أن تنتهى فجأة هذه الحياة الساحرة بعد إصابة والده ب«التيفود»، فباع مزرعته، وعاشت الأسرة ظروفا قاسية جعلت أخوين ل«ديزني» يهربان من المنزل، واضطر ديزني وأخوه للعمل لمساعدة أبيهما فعملا في توزيع الجرائد، وكان عملاً شاقا يتطلب ساعات طويلة، ما أثر على مسيرة «ديزني» التعليمية، ولم ينته الأمر إلا بعد 6 سنوات، حيث تحسن وضع والدهم وقتها قليلًا، وأصبح يمتلك شركة متخصصة في صنع المشروبات الغازية. • من النجاح إلى الإفلاس بدأ «ديزني» العمل كرسام كاريكاتير في الصحف أثناء دراسته، وتميزت رسومه الهزلية بالطابع الوطني السياسي، وقرر أن يلتحق بالجيش لكنه رفض بسبب صغر عمره، فقام بتزوير شهادة ميلاده ليصبح 17 عامًا وتم قبوله، لكنه ظل يحلم بالرسم، فطلب إعفاءه من مهامه العسكرية وعاد إلى شيكاغو لمتابعة شغفه ورسمه في الجرائد، وحصل على عمل بمجال الإعلانات المتعلقة بتقنيات الرسوم المتحركة البدائية لدور السينما المحلية، ولمدة سنتين ظل يعمل ويكتسب الخبرة، قبل أن يقرر أن يفتح شركته الخاصة مع صديقه أب أيوركس، لكنها لم تنجح، فتعلم المزيد وقضى أيامه بمكتبة «كانساس» العامة يتصفح كتب التشريح والميكانيكا، وما يتعلق بالرسوم المتحركة، وأسس مع صديقه «فريد هارمان» شركة «لاف-أو-جرام» لأفلام الرسوم المتحركة، واتفقا على عرضها بمسرح، وقد حقق نجاحًا كبيرًا وذاع صيتهم، ففتح «ديزني» الاستديو الخاص به، وأطلق عليه الاسم نفسه وقام بتعيين العديد من فناني الرسوم المتحركة، إلا أن التكاليف تجاوزت الإيرادات، فاضطر إلى إعلان إفلاسه. من استوديو في «جراج» إلى البذرة لشركة والت ديزني العالمية أصاب «ديزني» الإحباط وقرر أن يعمل في شيء آخر غير الرسوم المتحركة فذهب إلى «هوليوود» أملًا في أن يصبح مخرج أفلام واقعية، وقام ببيع كاميرته ليحصل على المال الكافي للرحلة، ولم يأخذ معه سوى فيلم "أليس في بلاد العجائب"، لكن محاولاته للعمل باءت أيضًا بالفشل، فعاد ليجرب حظه مع الرسوم المتحركة مرة أخرى، وكان أول استوديو حظى به في «جراج» عمه روبرت، وقرر أن يترك لأخيه مسؤولية الإدارة المالية، فأنشأ استوديو للرسوم المتحركة في هوليوود وكانت تلك بداية استوديو الإخوة «ديزني»، البذرة لشركة والت ديزني مستقبلاً. أرسل «ديزني» فيلم «أليس في بلاد العجائب» إلى موزعة أفلام من نيويورك، أبدت إعجابها الشديد بالفيلم، وطلبت منه إنتاج المزيد من الأفلام التي تجمع بين الرسوم المتحركة والخيال الواقعي، وتعاون الأخوان فقام ديزني بعمل الرسوم المتحركة بنفسه وإخراج المشاهد الحية وقام «روي» بدور المصور، وحققت أعمالهما المتوالية نجاحا عظيما، وأصبحت شخصيات الرسوم المتحركة محط الاهتمام، وازدهر الاستوديو. • ميكي ماوس من مجموعة دوائر إلى رمزا للنوايا الحسنة بعد عدة سنوات من العمل اكتشف «ديزني» أن عددا من موظفي شركته سرقوا حقوق شخصيته "أوزوالد"، فأصبح مهددا بالإفلاس مرة أخرى، فقرر ديزني ابتكار شخصية جديدة توازي شعبية الفأر «أوزوالد»، فراح يرسم بأصابع عابثة بعض الدوائر البسيطة، حتى ظهرت للنور شخصية الفأر «ميكي ماوس»، وحقق الفيلم نجاحا ساحقا، بعد إضافة الأصوات للأفلام القصيرة السابقة، وأدى «ديزني» شخصية ميكي ماوس بنفسه، وكافأت عصبة الأمم «ديزني» بميدالية ذهبية وأعلنت ميكي ماوس رمزا دوليا للنوايا الحسنة. • من بلوتو إلى سنووايت وسندريلا بجانب سلسلة أفلام ميكي ماوس، أطلق ديزني سلاسل أفلام أخرى، وأطلق أول فيلم ملون له باسم "ورود وأشجار"، وغيرها من الأفلام القصيرة بالألوان، وسرعان ما ظهرت مسلسلات مشتقة تضم شخصيات جديدة مثل «دونالد البط، وجوفي، وبلوتو» ثم شخصيات لأفلام طويلة منها: «الجميلة النائمة، سنو وايت، الأقزام السبعة، بياض الثلج، بينوكيو وفانتازيا، دامبو الحنون، سندريلا» وما يقارب 100 فيلم آخر. • «ديزني» عميلًا للمباحث الفيدرالية توجد وثائق تظهر أن ديزني عَمل كعميل سري في مكتب التحقيقات الفيدرالي، وأن نصوص بعض الأفلام تم تعديلها من قِبَل المباحث الفيدرالية، حيث كان أحد مخاوفهم يتمثل في الصورة التي أعطاها ديزني في أفلامه عن وكلائهم مثل فيلم «رتق القط»، ومن المثير للفضول أن نفس الوثائق كشفت أن ديزني خضع للتحقيق من قِبَل المنظمة نفسها التي كان ينتمي لها كمشتبه به في أعمال تخريبية. • إمبراطورية «ديزني» حقق «ديزني» العديد من أحلامه ومنها إنشاء قطار مصغر أطلق عليه اسم "سكة حديد باثيفيك كارولوود"، وبناء مدينة ترفيهية أصبحت «ديزني لاند»، وأنتج أول برنامج تليفزيوني «ساعة في أرض العجائب»، وحققت إمبراطورية ديزني نجاحا عظيما، ونال على مدار حياته المهنية كمنتج أفلام سينمائية 32 جائزة أوسكار. • وداعًا والت ديزني توفى والت ديزني في عمر ال65 عاما 1966 بعد إصابته بسرطان في الرئة بسبب التدخين بشراهة، وكان من المقرر القيام بعملية جراحية له، وبعد اجتيازه الفحص الطبي، تعرض لسكتة قلبية، وتم حرق جثته.