روسيا تنتظر من الولايات المتحدة مشاركة نتائج مفاوضاتها مع أوكرانيا    مصر و7 دول عربية وإسلامية تعرب عن قلقها من تصريحات إسرائيل بفتح معبر رفح في اتجاه واحد    رئيس الجمهورية اليمنية الديمقراطية الشعبية الأسبق يروي للقاهرة الإخبارية.. ماذا حدث في عام العواصف؟    مراسم قرعة كأس العالم 2026 تجمع قادة الدول المضيفة في مشهد تاريخي (صور)    تحديد طرفي المباراة الافتتاحية لكأس العالم 2026    معتز بالله عاصم يكتب التاريخ ويحصد ذهبية العالم تحت 21 سنة في كينيا    ضبط ترزي حريمي يتجسس على فتيات بغرف تغيير الملابس في المنصورة    عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة يوضح أسباب تفشّي العدوى في الشتاء ويقدّم نصائح وقائية    أول ظهور للنجم تامر حسنى بعد أزمته الصحية (صور)    البشعة جهاز كشف الكذب عند القدماء.. وهم اكتسب صدقه مع الزمن    رئيس اليمن الأسبق يكشف تفاصيل إجبار سالم ربيع على الاستقالة    كيف أتجاوز شعور الخنق والكوابيس؟.. أمين الفتوى يجيب بقناة الناس    قديروف: العاصمة الشيشانية غروزنى تعرضت لهجوم بطائرة مسيرة أوكرانية    "مسيحي" يترشح لوظيفة قيادية في وزارة الأوقاف، ما القصة ؟    وزارة العمل: وظائف جديدة فى الضبعة بمرتبات تصل ل40 ألف جنيه مع إقامة كاملة بالوجبات    القومي للمرأة يهنئ الفائزين بجوائز التميز الحكومي والعربي وأفضل مبادرة عربية    ليلي علوي تكشف سبب وصول أمير المصري للعالمية    كواليس تحضيرات نسمة محجوب ومنى زكي لأغاني أم كلثوم بفيلم «الست»    حافظوا على تاريخ أجدادكم الفراعنة    14ألف دولة تلاوة    الزمالك يواصل الاستعانة بالناشئين لتعويض الغيابات    تذبذب الأوقية بالبورصة العالمية.. ومجلس الذهب يكشف عن توقعات 2026    مصل الإنفلونزا وأمراض القلب    تفاصيل تخلص عروس من حياتها بتناول قرص حفظ الغلال بالمنيا بعد أشهر قليلة من زوجها    البريد المصرى يتيح إصدار شهادة «المشغولات الذهبية» من مصلحة الدمغة والموازين    الإسماعيلي يفوز على الإنتاج الحربي بهدف وديا استعدادا للجونة    إعلامي سعودي ينصح صلاح بالرحيل عن ليفربول    تأجيل محاكمة طفل المنشار وحبس المتهم بالاعتداء على طالب الشيخ زايد.. الأحكام × أسبوع    الصحة: فحص أكثر من 7 ملايين طالب ضمن مبادرة رئيس الجمهورية للكشف المبكر عن «الأنيميا والسمنة والتقزم» بالمدارس الابتدائية    رئيس مصلحة الجمارك: نتطلع إلى نقلة نوعية في كفاءة وسرعة التخليص الجمركي للشحنات الجوية    رويترز: بشار الأسد تقبل العيش في المنفى.. والعائلة تنشئ جيشا من العلويين    مخالفات جسيمة.. إحالة مسؤولين بمراكز القصاصين وأبو صوير للنيابة    إصابة سائقين وسيدة بتصادم توك توك وتروسيكل على طريق شارع البحر بمدينة إسنا.. صور    الزمالك يترقب قرار اتحاد الكرة بشأن قضية زيزو.. واللاعب يجهز للتصعيد    حلمي طولان: تصريحي عن الكويت فُهم خطأ وجاهزون لمواجهة الإمارات    جامعة المنصورة الأهلية تشارك بمؤتمر شباب الباحثين لدول البريكس بروسيا    جامعة حلوان تنظّم ندوة تعريفية حول برنامجي Euraxess وHorizon Europe    شركة "GSK" تطرح "چمبرلي" علاج مناعي حديث لأورام بطانة الرحم في مصر    لجنة المسئولية الطبية وسلامة المريض تعقد ثاني اجتماعاتها وتتخذ عدة قرارات    «الطفولة والأمومة» يضيء مبناه باللون البرتقالي ضمن حملة «16يوما» لمناهضة العنف ضد المرأة والفتاة    لمدة 12 ساعة.. انقطاع المياه غرب الإسكندرية بسبب تجديد خط رئيسى    طريقة استخراج شهادة المخالفات المرورية إلكترونيًا    لتعزيز التعاون الكنسي.. البابا تواضروس يجتمع بأساقفة الإيبارشيات ورؤساء الأديرة    الصين وفرنسا تؤكدان على «حل الدولتين» وتدينان الانتهاكات في فلسطين    خشوع وسكينه....أبرز اذكار الصباح والمساء يوم الجمعه    حريق مصعد عقار بطنطا وإصابة 6 أشخاص    جامعة الإسكندرية تحصد لقب "الجامعة الأكثر استدامة في أفريقيا" لعام 2025    بعد انقطاع خدمات Cloudflare.. تعطل فى موقع Downdetector لتتبع الأعطال التقنية    "قبل ساعة الاستجابة.. دعوات وأمنيات ترتفع إلى السماء في يوم الجمعة"    لقاءات ثنائية مكثفة لكبار قادة القوات المسلحة على هامش معرض إيديكس    وزير الكهرباء: تعظيم مشاركة القطاع الخاص بمجالات الإنتاج والتوزيع واستخدام التكنولوجيا لدعم استقرار الشبكة    الأهلي يلتقي «جمعية الأصدقاء الإيفواري» في افتتاح بطولة إفريقيا لكرة السلة سيدات    ضبط 1200 زجاجة زيت ناقصة الوزن بمركز منفلوط فى أسيوط    طريقة عمل السردين بأكثر من طريقة بمذاق لا يقاوم    مصر ترحب باتفاقات السلام بين الكونجو الديمقراطية ورواندا الموقعة بواشنطن    كيف تُحسب الزكاة على الشهادات المُودَعة بالبنك؟    ننشر آداب وسنن يفضل الالتزام بها يوم الجمعة    الحصر العددي لانتخابات النواب في إطسا.. مصطفى البنا يتصدر يليه حسام خليل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«شمسى» و«مطر».. سرد المنافى والمقاومة بالكتابة
نشر في الشروق الجديد يوم 09 - 11 - 2018

أقرأ حاليا الترجمة العربية لرواية «نار الدار» للكاتبة البريطانية، باكستانية الأصل، كاملة شمسى.
لا أنسى أبدا اكتشافى لملحمتها الروائية الرائعة «الظلال المحترقة»؛ التى أستطيع القول ودون أى محاولة للتواضع أننى أول من أشاد بها، وكتب عنها فى اللغة العربية، بل إننى ربما كنت المصرى والعربى الوحيد الذى أجرى معها حوارا صحفيا نشر قبل نحو ست سنوات، ولم يلتفت إليه أحد (وربما حتى الآن)، وتكشف فيه عن أفكار شديدة الخصوبة والحيوية حول أعمالها وتجربتها الروائية بشكل عام.
بعد نحو عامين من صدور الترجمة العربية لروايتها «الظلال المحترقة» بدأت الرواية تحقق رواجا لافتا وانتبهت النخبة القارئة من الكتاب والروائيين إلى اسم كاملة شمسى التى لم يترجم لها سوى هذه الرواية و«نار الدار» التى صدرت مطلع العام الحالى!.
صارت عندى من أهم الكاتبات اللائى أحب كتابتهن وأنتظر صدور ترجمة أى رواية لها. شمسى كاتبة قديرة، محترفة، ساردة بارعة تمتلك رؤية كلية للفن والكتابة تتلخص فى «الكتابة مقاومة»، وتزامن قراءتى لها مع اكتشافى للروائى الليبى المغترب هشام مطر؛ كلاهما يعيشان فى بريطانيا، وكلاهما يكتبان باللغة الإنجليزية، وكلاهما تقريبا يتبنيان نفس المفهوم الإنسانى للكتابة باعتبارها مقاومة؛ مقاومة لكل أشكال القهر والعنف واللا إنسانى فى هذه الحياة.
ووجدتنى دون تعمد أقرأ أعمالهما باعتبار هذه الأعمال مشروعا سرديا يمكن مقاربته من مدخل مشترك، إنهما معا يطرحان سردا جماليا مقاوما للاستبداد والعنف والأنظمة الشمولية، بجدارة واقتدار.
فى روايتها الملحمية «الظلال المحترقة»، تقتفى شمسى أثر تاريخ عائلتين منذ الأيام الأخيرة للحرب العالمية الثانية فى اليابان، وقت كانت الهند على شفا التقسيم، حتى مطلع الثمانينيات فى باكستان، وفى أعقاب هجمات 11 سبتمبر فى نيويورك، وفى أفغانستان فى أعقاب حملة القصف الأمريكية التى أعقبت الهجمات. أما أجمل ما فى الرواية فهو حسها الإنسانى العابر للمكان والزمان، والأديان والجنسيات والعرقيات. من قلب الموت تولد الحياة، وأسوأ من الحروب المشتعلة، تلك الحروب الباردة التى تفرز البشر على أساس اللون أو اللغة أو العقيدة أو الجنسية، ولا شىء أهم من البشر على هذه الأرض.
أما الليبى هشام مطر الذى نال جوائز عالمية لا تعد وحقق نجاحا غير مسبوق بثلاثتيه الروائية؛ «فى بلد الرجال»، «اختفاء» (ترجمتا عن إلى العربية وصدرتا عن دار الشروق)، و«العودة» فيصور عبر سرده الإنسانى المرهف والمكثف واقعا أسود قاتما فى بلد رحب كامتداد صحرائه وطول سواحله «ليبيا»، لكنه محاصر بضيق الأفق ووأد الحريات وإشاعة الرعب، وأحداث كئيبة تعانيها أسرة ليبية يختفى عائلها تحت وطأة القمع والاستبداد، هكذا يصور مطر كيف تعيش ذكريات الحب فى بلد الرجال، ويرصد الحياة الليبية فى نهاية السبعينيات، خاصة القمع السياسى والاجتماعى فى هذا البلد.
القارئ المدقق ل «فى بلد الرجال» لهشام مطر، لن يعدم صلات تربط بين شخصية الأب فى الرواية، وشخصية والد هشام مطر على الحقيقة، الذى كان أحد رجالات المعارضة البارزين للنظام الليبى تحت حكم القذافى، الذى لجأ إلى أسلوب الاختطاف والأسر، ليختفى والد هشام مطر من الحياة عام 1994 وينقطع أثره تماما، انطبع ذلك بوضوح ظاهر على ثلاثيته تلك.
الاثنان؛ كاملة شمسى، وهشام مطر، نشآ فى ظلال ديكتاتوريات قمعية قاسية؛ (هى نشأت فى ديكتاتورية ضياء الحق المهووسة بالرقابة والمنع والحجر، ومطر نشأ فى ديكتاتورية القذافى الموتورة)، والاثنان قاوما هذا الواقع الكئيب بالكتابة وبخلقهما لعوالم وشخوص متخيلة تمارس مهامها التخيلية ببراعة وتماسك. تتلاقى شمسى مع هشام مطر الذى جاءت رواياته، وبالأخص «فى بلد الرجال»، سردية بديعة لمن أمضى طفولته فى ظل ديكتاتورية أخرى لا تختلف فى كثير أو قليل عن ديكتاتورية ضياء الحق.
ما زالت كاملة شمسى قادرة على إمتاعى وإسعادى بسردها الذكى الجميل، وما زال هشام مطر قادرا على إبداع سرد جميل مؤثر وموجع. المجد دائما للكتابة الحلوة والحس الإنسانى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.