صاحب ورشة: «الشغل مريح ومبقيناش زى الأول».. والمستثمر الصينى أكل السوق.. وآخر: أصحاب المصانع بدأوا يبحثون عن مجالات أخرى للعمل رئيس شعبة الرخام: تسليم المرحلة الأولى من المرافق نهاية ديسمبر.. ورئيس جهاز المنطقة الصناعية: لم نبدأ العمل حتى الآن محافظ القاهرة: مراكز تدريب للعمالة بالرخام للتهيئة للمنافسة العالمية.. وعمال: نصرف 500 جنيه على المياه يوميًا وستتضاعف بعد دخول المرافق تعانى منطة شق الثعبان من عزوف عدد من العاملين وأصحاب ورش صناعة الرخام والجرانيت، خاصة بعد قرارات تقنين الأوضاع ورفع الأسعار، فى ظل منافسة شديدة مع مصانع كبيرة، خاصة الصينية، فى الوقت الذى تضاربت أقوال المسئولين بشأن أوضاع توصيل المرافق والخدمات. «الشروق» رصدت فى جولة لها أوضاع العمال والورش الصغيرة والمصانع فى شق الثعبان، تزامنًا مع قرارات محافظة القاهرة لبدء دخول المرافق إلى المنطقة بالكامل لتحويلها إلى منطقة صناعية متكاملة، وخلال الرصد وجدنا أنه لم يتم توصيل المرافق والخدمات التى كانت أعلنت عنها المحافظة منذ ما يقرب من عام. وتعد المنطقة واحدة من قلاع تصنيع وتصدير الرخام والجرانيت فى العالم بعد تركياوإيطاليا، تتميز بموقعها الاستراتيجى صناعيًا، حيث تقع جنوب شرق القاهرة، ما يسمح بسهولة ربطها بمواقع المواد الخام بالصحراء الشرقية، وموانئ التصدير بحرا وبرًا، هى على طريق الأوتوستراد، وتبعد بعمق 5 كم وصولًا إلى حدود محمية وادى دجلة شرقا بمنطقة طرة المعادى، وتضم 3 مناطق هى كوتسيكا، وبدر، والليثى. ويقول باسم سمير، إنه لم يتقدم لتقنين أوضاع الورشة التى يمتلكها عن والده منذ 10 سنوات، لافتًا إلى أن التوقيت هو المتحكم الرئيسى فى عدم تقديمه، لأن حركة العمل منخفضة تمامًا، مقارنة بما سبق خلال السنوات الماضية، ذلك نتيجة لارتفاع الأسعار لأرقام مضاعفة عما سبق. «الشغل مريح، ومبقيناش زى الأول، بعدما كانت المصانع تتعاون مع صغار المقاولين الذين يقطعون ألواح الرخام، أصبحوا يعتمدون كليا على مصانعهم والماكينات الموجودة بها، خاصة المصانع القائم عليها مستثمرون صينيون الذين أكلوا السوق»، حسبما يحكى سمير ل«الشروق». وأضاف أنه قد ينفذ عملا بقيمة 5 آلاف جنيه، ويتسلم 3 آلاف جنيه كمقدم، وينتظر للحصول على الألفين المتبقيين، أما المصانع الكبرى قد تنفذ عملا بمليون جنيه، لأنها تتعامل مع كميات كبيرة، وتتسلم 500 ألف جنيه لأنها تفرق مع المصنع فى الإنتاج والوقت والتموين. وقال على شعبان، صاحب أحد الورش فى شق الثعبان، إن الصينيين يستأجرون مصانع جرانيت منذ سنوات، ويكادون يغزون أسواق الجرانيت بالكامل، ما يؤثر على حال المصانع المصرية الكبرى، خاصة أن المصانع الصينية تتوفر بها المعدات اللازمة، ولا تحتاج إلى الورش الصغيرة، بينما قد تحتاج لهم المصانع المصرية. وأكد شعبان أن المصانع الكبرى تعمل على إنتاج الجرانيت فقط، فى حين تعمل الورش الصغيرة على إنتاج الرخام وتقطيع ما تنتجه بعض المصانع، لافتًا إلى أن المصنع المصرية تنتج وتقطع وتبيع، أما الصينى لديه كل ما يحتاجه حتى الاسطوانات والعمالة والماكينات، ما يمكنه من البيع بسعر أقل من نظيره المصرى، وهو ما يزيد الإقبال عليه. كما أشار رضا محمود، صاحب ورشة للرخام، إلى أن العامل الصينى يتعلم من نظيره المصرى ثم يستغنى عنه، مؤكدًا أن المصانع المصرية تسير على التسعيرة التى تضعها المصانع الصينية، لأنها سائدة فى المنطقة بشكل أكبر. وأوضح: «هناك حالة عزوف عن الحرفة بشكل تدريجى، ونحن لا ندرك الأمر، خاصة بعد تقنين الأوضاع ورفع الأسعار التى ستتسبب فى عزوف الكثير من الورش الصغيرة عن العمل، فى ظل وجود مصانع كبيرة منافسة، خاصة الصينية منها، حيث كانت المصانع المصرية تحقق أرباحا بقيمة 200 ألف جنيه، وبدأت تؤجرها للصينيين، ويبحث أصحابها عن مجالات أخرى للعمل بعيدا عن الرخام والجرانيت. وعن نقص الموارد، أكد فؤاد رمضان، صاحب أحد الورش فى منطقة شق الثعبان، أن أصحاب الورش يتحملون تكلفة المياه للصناعة والشرب، حيث تتكلف عربة المياه 500 جنيه يوميًا، مضيفًا أن أول محاولة لتقنين أوضاع الورش والمصانع كانت منذ 1997، حينها حدثت خلافات بين محافظة القاهرة وإدارة المحاجر، حول من تئول إليه أموال التقنين، مستطردا: «كنا ندفع حق استغلال الأراضى سنويًا لإدارة المحاجر، بما لا يقل عن 100 ألف جنيه، وفى كل عام يتغير السعر». وقال رئيس شعبة الرخام والجرانيت سيد أباظة، إنه تم البدء الفعلى فى تنفيذ الطريق فى منطقة شق الثعبان الواصل للأقاليم الوسطى، كما تم البدء فى عمل المرافق، حيث بدأ دخول المياه لبعض المصانع، خاصة مع اعتماد المخططات بالفعل، لافتًا إلى أن قيمة متر المرافق يصل إلى 300 جنيه فقط، والعدد غير المتعاقد على المرافق ضئيل جدًا، خاصة أن التعاقد النهائى كان نهاية العام الماضى، وتسليم المرحلة الأولى فى ديسمبر المقبل. وأضاف أباظة، فى تصريحات ل«الشروق»، أن وجود مصانع مؤجرة لمستثمرين صينيين لا يعنى عزوف المستثمرين المصريين عن الحرفة، لكن الذين يؤجرون مصانعهم لآخرين هم ضعاف بالسوق فى الأساس، مؤكدًا أن الدولة لم تجبر أحدا على التأجير، لكن المستثمر الصينى يُقدر العمل جدًا، وبعدما كان مجرد مستورد للرخام والجرانيت المصرى، أصبح حاليًا منافسا فى السوق المفتوحة، مضيفًا أن أسعار الإيجار غير محددة لكنها تتراوح بين 40 و60 و100 ألف جنيه» حسب إمكانيات ومساحة المصنع. وأشار أباظة، إلى أن المصنع الذى تعتزم القوات المسلحة إنشاءه سيصدر منتجاته إلى الخارج بأسعار عالية، لأنه تم تأسيسه وتزويده بأحدث الإمكانيات والماكينات اللازمة، كما سيتعامل كأى مصنع منافس فى السوق، وليس هناك علاقة بتبعيته للقوات المسلحة. ولفت إلى أن الهدف من وجود المصنع هو استمرار الحرفة فى مصر، والحفاظ على وجودها والتصدير للعالم، خاصة أنه يهدف إلى تصدير منتجاته بنسبة 95%، بهدف تحسين منتجات ذات خامة عالية الجودة، وتنافسية على مستوى العالم، وفتح الأسواق بالعالم. وأكد أباظة أن عدم وجود مراكز لتدريب العمالة من أكبر المشكلات التى تواجه صناعة الرخام والجرانيت، حيث تؤثر على إنتاجية العمالة، لكن محافظة القاهرة بالتعاون مع الجهات المعنية بدأت فى إنشاء مركز فنى على أعلى مستوى فى شق الثعبان، لتدريب العمالة وتوسيع الصناعة العالمية، خاصة أن المنطقة تضم أمهر الصناع للرخام، الذين حققوا إنجازا عظيما فى وضع المنطقة على خارطة التصدير، رغم الظروف الصعبة التى تمر بها، خاصة مع نقص الخدمات حتى الآن. فى سياق آخر، قال رئيس جهاز المنطقة الصناعية بشق الثعبان مصطفى زهران، ل«الشروق»، إنه لم يتم البدء فى أعمال المرافق فى منطقة شق الثعبان حتى الوقت الجارى، مؤكدًا أن آخر أعمال توصيل المرافق كانت منذ 14 عاما. وأكد زهران أن المنطقة تحتاج إلى تنفيذ أعمال مضاعفة لتحقيق المرجو منها، وتقديم منتجاتها كمنطقة عالمية فى صناعة الرخام والجرانيت، حيث تضم أكثر من 1850 ورشة تحتاج إلى توافر المياه الكافية، وكذلك رصف الطرق، وتوفير أوضاع أمنية تليق بالمنطقة. وقال رئيس هيئة التنمية الصناعية أحمد عبدالرازق، إن منطقة شق الثعبان مقامة منذ أكثر من 30 عامًا، وتم البدء فى تطويرها خلال السنوات القليلة الماضية، لافتًا إلى أنه سيتم تخصيص أراض لإنشاء مناطق صناعية جديدة متخصصة فى صناعة الرخام والجرانيت، مضيفا أن تطوير منطقة شق الثعبان تحتاج لمنظومة كاملة، يتم الاستعداد لها الوقت الجارى. وأوضح عبدالرازق، فى تصريحات ل «الشروق»، إنشاء مصنع لتدوير مخلفات الرخام والجرانيت، وتعزيز الفائدة من أجزاء الرخام، بالتعاون مع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية ومحافظة القاهرة، أهم عناصر تطوير المنطقة، لافتا إلى أنه سيتم العمل مع محافظة القاهرة لجعل المنطقة مدينة لإنشاء الرخام عالميًا، تضم جميع عناصر النجاح، وأبرزها منطقة لوجيستية كاملة، مع تطوير مداخلها ومخارجها، وتأسيس بنية تحتية قوية تتحمل هذه الصناعة. وقدمت محافظة القاهرة دراسة للمنطقة بالكامل إلى مجلس الوزراء نهاية أكتوبر الماضى، لرصد المصانع والورش التى ما تزال غير مقننة، وتعانى من غياب البعثات التدريبية للعاملين. وأشارت إلى وجود انخفاض فى كفاءة التسويق بالأسواق الخارجية لهذه المنتجات، وعدم التعامل مع شق الثعبان مثل المناطق الصناعية الاستثمارية بالمدن الجديدة، فضلا عن ارتفاع تكاليف النقل والطاقة، ونقص الخدمات والإجراءات بما يعيق عملية التصدير، وانخفاض الطاقة الإنتاجية للرخام، وعدم الاستفادة بطرق اقتصادية من مخلفات التصنيع والتقطيع. كما رصدت الدراسة ضيق الطرق فى داخل المنطقة، وقلة المداخل واقتصارها على طريق الأوتوستراد، مع وجود تعديات مستمرة للمنشآت القائمة، ووجود كابلات ضغط عال معلقة قرب الحد الغربى، وافتقار المنطقة للخدمات والبنية الأساسية، خاصة الاتصالات، بالإضافة إلى وجود تلوث ناتج عن عمليات التصنيع وقربها من مخرات السيول، ووعورة المنطقة نتيجة وجود الجبال والميول الحادة. ووفقًا للأوضاع، تم تقنين أوضاع 40 مصنعًا كدفعة أولى، حيث أكد محافظ القاهرة خالد عبدالعال، أن 1085 ورشة ومصنع تقدموا منذ إبريل 2016 لتقنين أوضاعها، والانتهاء من تقنين 40 حالة كدفعة أولى، مشيرا إلى تبقى 235 حالة لم يتقدم أحد منهم حتى الآن، ولديهم مهلة للتقدم حتى 9 ديسمبر المقبل لتقنين أوضاعهم. كما تم البدء بالتعاون مع جهاز الخدمة الوطنية للقوات المسلحة خلال الفترة الماضية، بالاستعداد لإنشاء مصنع تدوير مخلفات الرخام فى شق الثعبان، باعتبارها موقعا استراتيجيا صناعيًا، ما يسمح بسهولة ربطها بمواقع المواد الخام فى الصحراء الشرقية، وموانئ التصدير بحرا وبرًا، وهو الموقع الذى جعلها تضم استثمارات تقدر بنحو 18 مليار جنيه، وتضم ما يصل إلى 45 ألف عامل، إلى جانب تصديرها رخاما وجرانيت سنويا بقيمة نصف مليار جنيه، وفقا لتقديرات المحافظة فى يوليو 2017. وأكد المحافظ، أن المنطقة لها سمعة عالمية وتحتل مرتبة متقدمة عالميا بعد إيطالياوتركيا، فى تصدير الرخام خاصة «الكريم»، و«البيج»، مشيرًا إلى أن العاملين فى المنطقة لديهم خبرات ومهارات متراكمة، بالإضافة إلى التنوع القائم بين الورش والمصانع، من حيث التصميمات المميزة والألوان المتداخلة.