ومعاركه المثيرة للجدل تسببت فى حرمانه من كرسى «البطريرك» برحيل مطران دمياط وكفر الشيخ ورئيس دير القديسة دميانة بالبراري في بلقاس الأنبا بيشوي، تكون الكنيسة القبطية الأرثوذكسية قد فقدت رجل يعد هو عقل الكنيسة اللاهوتي على مدار أكثر من نصف قرن، لم يغب فيها الرجل الذي كان سكرتيرًا للمجمع المقدس وقت البابا المتنيح شنودة الثالث "1985 - 2012"، عن كل الجدل الديني والسياسي والحوارات اللاهوتية في الكنيسة. ملأ الرجل المتوفى عن عمر 76 عامًا بشكل مفاجئ إثر أزمة قلبية داهمته في القاهرة، فضاءات الإعلام والصحافة ثم وسائل التواصل الاجتماعي بتصريحاته وكُتبة وحواره، قبل أن يؤثر السلامة منذ سنوات ويبتعد عن الإعلام مكتفيًا بالظهور في قنوات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية فقط إثر الأزمة الشهيرة بينه والمحامي والمفكر الإسلامي محمد سليم العوا، منذ 8 سنوات، خاصة بعد وصف بيشوي المسلمين بأنهم ضيوف على مصر. ورغم رفض بيشوي محاولات عدم إعادة المعمودية بين الكاثوليك والأرثوذكس، وهي الوثيقة التي أثارت جدلًا وقت زيارة البابا فرنسيس بابا الفاتيكان لمصر، إلا أن بيشوي كان مسؤول إدارة الحوار اللاهوتي بين الكنيستين قبل أن يختار البابا تواضروس منذ شهور الأنبا المتنيح إبيفانيوس أسقف ورئيس دير أبو مقار للمهمة والذي قُتل داخل ديره، لتخسر الكنيسة رجلا الحوار اللاهوتي في أقل من شهرين في مفارقة. وفي ذكرى مرور 50 عامًا على تجلي السيدة العذراء فوق كنيستها في الزيتون في مايو الماضي، قال بيشوي، إن العذراء لم تظهر لطوائف أخرى غير الطائفة الأرثوذكسية، إذ يرى أن الطوائف الأخرى لن تدخل الملكوت "الجنة". والدير الذي رأسه بيشوي، دير القديسة دميانة الراهبات ببراري بلقاس، اعترف المجمع في عام 1979 به، إذ أعاد له شنودة الحياة الرهبانية. وقال البابا تواضروس في بعض بيان رسمي: "يعز علينا انتقاله المفاجئ بعد أن خدم الكنيسة 45 سنة مطرانًا جليلًا، وشغل منصب السكرتير العام الأسبق للمجمع المقدس، وكان عالمًا لاهوتيًّا مدققًا، شارك بعلمه في صياغة الكثير من البيانات الكنسية واللاهوتية، كما كان أستاذًا في الكليات الإكليريكية بمصر وبالخارج". والتدقيق هو نفس اللفظ الذي وصفه به المتنيح شنودة الثالث، إذ قال إن بيشوي إنه يدقق كثيرا فى كل لفظ وفى كل تصرف. ودقته أيضا صاحبته فى التفكير اللاهوتى. وخصص بيشوى، كتابًا للرد على الأخطاء العقيدية لمتى المسكين، بعنوان: «بيان بالكتب وفهرس الأخطاء الواردة فيها ومعها ردود مختصرة الخاصة بكتاب مؤلف شهير منسوب لكنيستنا»، كما لو إسهامات بكتب أخرى في علوم اللاهوت. وأثار بيشوي في 2012 غضب المسيحيات حين طالبهن بالاقتداء بالمسلمات في ملابسهن، بالإضافة لقراره في منتصف عام 2014 بمنع الفتيات أكبر من 11 عاما من ارتداء البنطلونات والبلوزات أثناء أداء طقس التناول، وهو ما أثار في العامين المشار لهم احتجاجات واسعة من فتيات جرت أمام الكاتدرائية المرقسية بالعباسية. وكان الأنبا بيشوي أحد المرشحين لمنصب البطريرك في 2012، في أولى مراحلها قبل أن يتم استبعاده. وفي عام 1985 كان الأنبا بيشوي قد تم انتخابه سكرتيرًا للمجمع المقدس، مع معاونة لجنة سكرتياريه له شُكلت من الأنبا موسى أسقف الشباب، والأنبا رويس الأسقف العام، والأنبا تادرس أسقف بورسعيد، حسبما أشارت مجلة الكرازة. وبيشوي، وهو "مكرم إسكندر نقولا" من مواليد 1942، وتلقى دراسته الأولى في بورسعيد ثم ذهب إلى الإسكندرية، و حصل على بكالوريوس الهندسة (قسم كهرباء)، ثم عُيِّنَ معيدًا بكلية الهندسة بالإسكندرية. وتقدم في الدراسة للحصول على درجة الماجستير في الهندسة الميكانيكية. فحصل على درجة الماجستير في 1968، ودخل الرهبنة عام 1969 في دير السريان، ثم رُسم قسًا في 1970، فقمص في 1972، ومَثَّل الكنيسة في عدة مؤتمرات بالخارج، واختير عضوًا بعدد من المجالس العالمية، وهو أستاذ مادتيّ اللاهوت والمسكونيات في الكليات الاكليريكية.