لم تتجاوز اللبنانية ميا السابعة من عمرها ، إلا أنها تعرف تماما ماذا تريد : تقليم أظافر اليدين والقدمين باللون البنفسجي ، ثم قناع من الشوكولا للوجه الصغير ، "لكي يعطيني ملمسا ناعما" ، على حد قولها. وتقول ميا بينما تعمل اختصاصية في التجميل على مد الشوكولا على وجهها في مركز تجميل خاص بالاطفال في بيروت ، أنها تريد أيضا أن تسرح شعرها وتزينه بنجمة ذهبية. والمركز هو أحد اربعة مراكز افتتحت أخيرا في لبنان للعناية بالأطفال فقط ويقع في الأشرفية في شرق بيروت ، وكما كل شيء في لبنان لا سيما في مجال التجميل والموضة ، تنتشر الظاهرة سريعا. ويكلف قناع الشوكولا الذي يوضع لميا 15 دولارا ، حولها تقوم صديقاتها اللواتي انتهين للتو من تسريح شعرهن ، بغمس اصابعهن في المزيج الشهي ثم تتذوقنه. وتقول مايا هلال - 34 عاما - وهي صاحبة مركز التجميل "ليس في الامر مبالغة في الدلال أو إفساد للفتيات ، أنها مسألة الاهتمام بنظافتهن والشعور بالثقة". ومايا هلال متخصصة في تصميم الاعلانات ، وقد أنشأت صالون التجميل بالتعاون مع شقيقتها عندما لاحظت أن ابنتها التي تبلغ السابعة ، بدأت تهتم بمظهرها الخارجي. وقالت هلال : "بدأت اشعر أن دور التجميل الخاصة بالبالغين ليست مناسبة للأطفال ، لا على صعيد الألوان ولا العناية ، فخطرت لي الفكرة : لم لا أبحث لهم عن مكان جميل ملون مناسب لعمرهم يشعرهم بالسعادة ويريحهم". في مركز آخر في المدينة ، أنهت هنا - 6 أعوام - تسريح شعرها والتبرج وتلوين أظافرها ، وتقول وهي تتأمل نفسها في المرآة .. إنها المرة الأولى التي تأتي إلى مثل هذا المركز. وتضيف "أردت أن أكون جميلة اليوم ، رأيت الإعلان عن المكان في مجلة وطلبت من والدتي اصطحابي إلى هنا". وتقول اختصاصية التجميل راغدة شومان - 19 عاما - أن أعمار زبوناتها تتراوح بين الرابعة والسبعة عشر ، والقاسم المشترك بينهن أنهن يردن الظهور بمظهر "الاميرات". وتضيف "يعشقن تدليك القدمين وتقليم الأظافر ، وتعجبهن فكرة ارتداء الفساتين الزهرية اللون خلال العناية بهن ، يشعرن بأنهن مميزات وبالغات". ولا توجد إحصاءات رسمية عن رقم الأعمال الذي تحققه صناعة التجميل في لبنان ، إلا أن ازدهار هذا القطاع على نطاق واسع يؤشر إلى أنها مربحة جدا. في صيف 2009 ، ساهمت وزارة السياحة في الترويج للجراحة التجميلية في لبنان التي باتت تستقطب اشخاصا من دول عدة يسعون الى الحصول على عمليات ناجحة وبكلفة مقبولة نسبيا. ولعل اكثر صورة معبرة عن المرأة اللبنانية هي تلك التي التقطها المصور الأمريكي سبنسر بلات لامرأة بكامل أناقتها وجمالها تقود سيارة فخمة وسط الركام في ضاحية بيروت الجنوبية التي دمرتها الغارات الإسرائيلية في صيف 2006. وفازت الصورة بجائزة عالمية في تلك السنة كونها نجحت في التقاط "التناقضات في الحياة الواقعية وتعقيدها" في لبنان. وفي بلد تتلاحق فيه الأزمات السياسية وغالبا الأمنية ، بات الإنفاق على مسائل التجميل والعناية بالبشرة والاظافر والجسد جزءا من الحياة اليومية للبنانيات ، لا يتأثر بأي أزمة وبأي ظرف عام. وتؤكد مايا هلال وراغدة شومان أن تلقين الاطفال القواعد الاساسية في الامور الجمالية في سن مبكر أمر جيد. وقالت هلال "أتلقى الكثير من ردات الفعل الايجابية بسبب نظرة المجتمع إلى هذا الموضوع ، الجميع يريدون أن يظهروا بمظهر حسن وأن يهتموا بأنفسهم". وأضافت "الفتيات بشكل خاص يردن الظهور بمظهر جميل". غير أن البعض يخشى تأثير ذلك سلبيا على الاطفال. وقالت الاختصاصية في علم الاحياء في جامعة بريتيش كولومبيا في الولاياتالمتحدة هبا مرقس "أعتقد أن هذا يجذر الفكرة لدى الفتيات اللواتي يلجأن إلى هذه العناية بأنها حاجة ماسة، ومن دونها يفقدن الثقة بأنفسهن". وتابعت "قد يكون الهدف من ذلك محاولة التمثل بطبقة اجتماعية أعلى" أو "تحضير الفتيات ليكن عروسات مستقبليات". واضافت "على الفتاة في هذه الحالة أن تعتمد المعايير السائدة: تسريح الشعر، تقليم الأظافر... التحول الى فتاة نموذجية للزواج. تعمل الأمهات على تحضير بناتهن في هذا السباق لنيل اعجاب الرجل والفوز به كزوج".