انسحبت الولاياتالمتحدة، أمس الثلاثاء، من مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، بسبب ما وصفته ب«التحيز المزمن ضد إسرائيل وغياب الإصلاح»، وهو تحرك حذّر نشطاء من أنه قد يجعل تعزيز حقوق الإنسان على مستوى العالم أكثر صعوبة. وأعلنت السفيرة الأمريكية بالمنظمة الدولية، نيكي هيلي، عن قرار الانسحاب بينما كانت واقفة إلى جانب وزير الخارجية مايك بومبيو بمقر الوزارة في واشنطن. وانتقدت «هيلي» روسيا والصين وكوبا ومصر لعرقلتها الجهود الأمريكية الرامية لإصلاح المجلس «المنافق والأناني». وانتقدت كذلك الدول التي تشارك الولاياتالمتحدة القيم والتي حثت واشنطن على البقاء لكنها «لم تكن راغبة في تحدي الوضع الراهن بجدية»، وفقا لوكالة «رويترز». وانسحاب واشنطن هو أحدث رفض أمريكي للتواصل المتعدد الأطراف بعد انسحابها من اتفاقية باريس للمناخ والاتفاق مع القوى الكبرى بشأن برنامج إيران النووي لعام 2015. ويأتي كذلك في وقت تواجه فيه الولاياتالمتحدة انتقادات شديدة لاحتجازها أطفالا جرى فصلهم عن آبائهم المهاجرين عند الحدود المكسيكية الأمريكية. ووصف الأمير زيد رعد بن الحسين مفوض الأممالمتحدة السامي لحقوق الإنسان هذه السياسة، يوم الإثنين، بأنها «غير رحيمة». وقالت «هيلي»: «انظروا إلى عضوية المجلس؛ فسترون ازدراء مروعا للحقوق الأساسية»، مستشهدة بفنزويلا والصين وكوبا وجمهورية الكونجو الديمقراطية. ومن بين الإصلاحات التي كانت تضغط الولاياتالمتحدة من أجل تبنيها، تسهيل طرد الدول ذات السجل السيء في مجال حقوق الإنسان. ويلزم حاليا تصويت بأغلبية الثلثين في الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تضم 193 دولة لتعليق عضوية إحدى الدول. كما قالت «هيلي»: «التركيز غير المتناسب على إسرائيل والعداء الذي لا ينتهي تجاهها دليل واضح على أن المجلس يحركه التحيز السياسي وليس حقوق الإنسان». وذكرت أن الانسحاب ليس تراجعا عن التزاماتنا بشأن حقوق الإنسان. بدوره، قال وزير الخارجية الأمريكية، مايك بومبيو، إن مجلس حقوق الإنسان يمكن من الانتهاكات بإعفاء المخالفين من المسؤولية من خلال الصمت وبالتنديد دون وجه حق بمن لم يرتكبوا جرما. من جهته، رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالقرار الأمريكي. والولاياتالمتحدة حاليا في منتصف فترة عضوية مدتها 3 سنوات في المجلس، الذي مقره جنيف، ويضم 47 عضوا، والذي لطالما هددت بالانسحاب منه إذا لم يتم إصلاحه. وتنتقد الجماعات الحقوقية إدارة «ترامب» لعدم جعلها حقوق الإنسان أولوية في سياستها الخارجية. ويقول منتقدون إن هذا يبعث برسالة مفادها أن الإدارة تغض الطرف عن انتهاكات حقوق الإنسان في بعض بقاع العالم. وقال الأمير زيد بعد أن أعلنت «هيلي» عن انسحاب الولاياتالمتحدة من المجلس: «في عالم اليوم كان على الولاياتالمتحدة أن تعزز (مشاركتها) لا أن تنسحب». كما قال الاتحاد الأوروبي إن القرار الأمريكي يجازف بتقويض دور الولاياتالمتحدة كمدافعة عن الديمقراطية وداعمة لها على الساحة العالمية. وقال وزير الخارجية البريطاني، بوريس جونسون، إن الانسحاب مؤسف وإن المجلس أفضل أداة لدى المجتمع الدولي للتصدي للإفلات من العقاب. إلى ذلك، حذرت 12 جماعة حقوقية وإغاثية، منها «هيومن رايتس فيرست» وأنقذوا الأطفال وكير، بومبيو من أن انسحاب واشنطن سيجعل من الصعب تعزيز أولويات حقوق الإنسان ومساعدة ضحايا الانتهاكات حول العالم. وقال جميل دكوار مدير برنامج حقوق الإنسان بالاتحاد الأمريكي للحريات المدنية، إن اتباع ترامب سياسة الانعزالية المضللة إنما يضر المصالح الأمريكية فحسب. بدوره، قال كين روث المدير التنفيذي لمنظمة «هيومن رايتس ووتش»: «مجلس الأممالمتحدة لحقوق الإنسان يلعب دورا مهما في دول مثل كوريا الشماليةوسوريا وميانمار وجنوب السودان، لكن كل ما يهتم به ترامب فيما يبدو هو الدفاع عن إسرائيل». ويجتمع مجلس حقوق الإنسان 3 مرات في العام لبحث الانتهاكات الحقوقية في أنحاء العالم. وكلف محققين مستقلين ببحث الأوضاع في دول منها سورياوكوريا الشمالية وميانمار وجنوب السودان. وقرارته ليست ملزمة قانونا لكنها تحمل سلطة أخلاقية. وعندما أنشئ المجلس عام 2006 قاطعته إدارة الرئيس الأمريكي آنذاك جورج دبليو بوش. وفي عهد الرئيس باراك أوباما انتخبت الجمعية العامة للأمم المتحدةالولاياتالمتحدة في المجلس لدورتين متتالتين وهو حد أقصى للدورات المتتالية. وبعد غياب عام، انتخبت واشنطن مجددا في 2016 لفترتها الثالثة الحالية. وقال مسؤولو الأممالمتحدة، إن الولاياتالمتحدة ستكون أول عضو ينسحب من المجلس. وقبل نحو عام، قالت «هيلي» إن واشنطن تراجع عضويتها في المجلس. ويضع المجلس على جدول أعماله بندا ثابتا يتعلق بالانتهاكات التي يشتبه بأنه إسرائيل ترتكبها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو بند تطالب واشنطن بحذفه. وصوت المجلس الشهر الماضي لصالح إجراء تحقيق في سقوط قتلى في قطاع غزة واتهم إسرائيل بالاستخدام المفرط للقوة. وصوتت الولاياتالمتحدة وأستراليا وحدهما ب«لا».