«اتهامات بالفساد المالي، وتسريب أسماء الفائزين بالجائزة، وتحرش جنسي».. أزمات وقفت وراء قرار الأكاديمية السويدية، صباح أمس الجمعة، ب«حجب جائزة نوبل في الأدب لعام 2018». وفي التقرير التالي ترصد «الشروق» الأسباب الحقيقة وراء أزمة «جائزة نوبل في الأدب»، والتي لم تتعرض لمثلها من قبل، والمصير الذي ينتظرها. • بداية الأزمة.. وتدخل الملك: على الرغم من السرية التامة التي يفرضها العمل على أعضاء مجلس الأكاديمية السويدية، حسب نص لائحتها الداخلية، إلا أن ذلك لم يمنع أعضائها من تراشق بعضهم بالاتهامات منها التواطؤ المالي، وتسريب أسماء من فازوا بالجائزة قبل إعلانها رسميًا، لتنشر بعد ذلك صحيفة «داجينس نيهتر» السويدية، في 28 نوفمبر من العام الماضي، شهادات 18 امرأة يتهمن فيها زوج أحد أعضاء الأكايمية بالتحرش الجنسي، وهو الأمر الذي أدى إلى ترك 3 أعضاء لمقاعدهم؛ احتجاجا على عدم نجاحهم في التصويت على إقالة زوجة الشخص المتهم بالتحرش الجنسي، وهو المصور جان كلود أرنو، زوج المؤلفة كاتارينا فروستنسون، أحد أعضاء مجلس الأكاديمية. وفي الاجتماع الطارئ الذي عقده ما تبقى من أعضاء الأكاديمية، تمت إقالة السكرتير الدائم للأكاديمية، سارا دانيوس، وتعيين الكاتب أندش أولسون، سكرتيرا مؤقتًا بدلًا عنها، وهو القرار الذي رفضه المجتمع السويدي، ونُظمت حملة لدعم السكرتيرة، شارك فيها وزيرة الثقافة، آليس كونكه، وشخصيات شعبية ورسمية. وطالب أكثر من 230 باحثًا وأكاديميًا بمجال الأدب والثقافة بحجب الثقة عن الأكاديمية، فتدخل ملك السويد كارل جوستاف الثالث عشر؛ من أجل إنقاذ تلك المؤسسة التاريخية، وأمر بإجراء تعديل على نظامها الداخلي يتيح بموجبه حق العضو بالاستقالة، كما يحق لأعضاء الأكاديمية في اختيار أعضاء جدد. • حقيققة الصراع: في كتاب «الذاكرة والذاكرة فقط»، الصادر عام 2000، لأحد أعضاء الأكاديمية البارزين، لارس جللينستين، كشف ما اسماه ب«حقيقة ما كان يدور من صراعات داخل أروقة الأكاديمية»، فيما يتعلق بعدم تحركها إزاء بعض القضايا منها عدم توقيع مذكرة الاحتجاج التي أطلقها نادي القلم ضد الفتوى التي أطلقها آية الله الخميني، ضد الكاتب سلمان رشدي، بسبب كتابه «آيات شيطانية»، بدافع الخوف من أن تتهم بالانحياز السياسي، الأمر الذي دفع بعضو الأكاديمية الكاتبة شيشتين أيكمان، لمقاطعة الجلسات؛ احتجاجا على ذلك، ولفت جللينستين في كتابه إلى أن «الصراعات بين أعضاء الأكاديمية تركزت على حب النفوذ والمال». • الفساد يصيب «نوبل في الأدب»: أقرت الأكاديمية، في بيان رسمي لها، بالعديد من الاتهامات التي طالتها منها «تسريب أسماء بعض من فازوا بالجائزة في السابق قبل الإعلان رسميًا، وأن التحقيق أثبت أيضا تحرش زوج إحدى الأعضاء بالنساء»، قائلة: «أعضاء الأكاديمية السويدية مدركون تماماً بأن أزمة الثقة الحالية ترغمهم على إجراء إصلاحات طويلة وقوية، ونرى من الضروري أن نأخذ وقتا لاستعادة الثقة قبل تعيين الفائز المقبل؛ وذلك احترامًا للفائزين السابقين واللاحقين»، مؤكدة أن التحقيق أحيل إلى شركات قانونية، ومتعهدة بإعادة صياغة القواعد القديمة التي تحكم عملها. • مؤسسة «نوبل»: أعربت مؤسسة «نوبل» عن قلقها بالأزمة التي ألمت بفرع الجائزة في الأدب، مشيرة -في بيانها الرسمي- إلى أن الأزمة التي عصفت بالأكاديمية، أثرت سلبا على الجائزة، وأنها بانتظار ما ستكشف عنه الأيام المقبلة، وما ستسفر عنه دعوة السكرتير الدائم «المؤقت» للأكاديمية أندش أولسون، الأعضاء المنسحبين، إلى العودة لمقاعدهم، لافتة إلى أن القرار الذي ستتخذه سيساعد في الحفاظ على سمعة الجائزة على المدى البعيد. • مصير الجائزة: بدأت العديد من الأصوات في الأوساط الثقافية تطالب بسحب جائزة «نوبل في الأدب»، من الأكاديمية السويدية، التي تأسست في العام 1786، على يد الملك جوستاف الثالث، وما زالت تحت رعاية ملكية، ومنحها لمؤسسة أخرى، مذكرة بأن وصية مخترع الديناميت، ألفريد نوبل، لم تذكر اسم الأكاديمية تحديدًا بل أن نص الوصية: «أن تقوم أكاديمية في استوكهولم باختيار الفائز بالجائزة في الأدب»، وقد تم تفسير ذلك بأنه يعني الأكاديمية السويدية. وكانت جائزة «نوبل في الأدب» حُجبت مرات معدودة، كان آخرها في ذروة الحرب العالمية الثانية عام 1943.