• القانون يواجه ظاهرة استغلال الأراضى والمزارع لإخفاء أنشطة الإرهابيين.. والمصادرة وسيلة الردع • تستر الأهل هو شرط توقيع العقوبة.. ولا ضرر على حسنى النية أيًا كانت صفته صاحب جدل واسع إقرار البرلمان، الأسبوع الماضى، مشروع تعديل قانون العقوبات لتغليظ عقوبة إحراز وتصنيع المفرقعات والمواد المتفجرة أو استيرادها للإعدام أو السجن المؤبد إذا وقعت الجريمة تنفيذا لغرض إرهابى، وسجن المتستر على المجرم، نظرا لحذف عبارة كانت مقترحة من الحكومة بإعفاء أسرة المتهم من العقوبة المقررة للتستر، مما يوجب معاقبة الزوج أو الزوجة أو والدى أو أبناء الجانى إذا علموا بارتكاب الجريمة ولم يبلغوا السلطات المختصة قبل اكتشافها. وتسبب فى هذا الجدل انتشار اعتقاد خاطئ بأن القانون سيوقع عقوبة «تبعية» على أسرة المتهم إذا أدين بتلك الجرائم، على الرغم من أن النص الجديد الذى تم إقراره لا يشير لأى من أفراد الأسرة، بل يعاملهم كما لو كانوا غرباء عن المتهم، فلا يعفيهم من واجب الإبلاغ عن الجريمة قبل وقوعها، ويعاقبهم فقط حال التستر عليه بالسجن، لمدة غير محددة تقدرها المحكمة. وهنا يثار السؤال: لماذا اقترحت الحكومة النص الذى يعفى أسرة المتهم؟ ولماذا ارتأى البرلمان حذفها؟ وقبل ذلك.. لماذا اقترحت الحكومة تغليظ عقوبات المفرقعات من الأساس؟ مصدر قانونى حكومى قال ل«الشروق» إن السبب الرئيسى لوضع هذا المشروع فى فبراير الماضى هو ما كشفت عنه الجهود العسكرية والأمنية لمكافحة الإرهاب فى شمال سيناء والصحراء الغربية خلال الشهور السبعة الأخيرة من انتشار ظاهرة استغلال الأراضى والمزارع المملوكة للأشخاص أو العائلات الكبيرة فى بعض المناطق القبلية كمصانع ومخازن للذخيرة والمفرقعات التى تستخدم ضد الجيش والشرطة والمدنيين على حد سواء. المصدر أضاف أنه تم اكتشاف عدد كبير من ورش ومخازن المفرقعات غير الشرعية تحت الأرض فى تلك المناطق، وتبين فى بعض الوقائع تستر مالكى الأراضى على وجود تلك الورش أو المخازن وأصحابها والعاملين بها، فضلا عن وجود حالات تباينت بين إحراز المواد المفرقعة، وإحراز المفرقعات بعد تصنيعها، وإحراز الآلات والأدوات التى تدخل فى صنعها. وكشف هذا التوسع الكبير الذى طرأ على هذه الظاهرة الإجرامية وجود ثغرات تشريعية فى القوانين القائمة؛ فالمادة 102 «أ» القائمة بقانون العقوبات تعاقب بالسجن المؤبد أو المشدد كل من أحرز مفرقعات أو حازها أو صنعها أو استوردها، واعتبرت المواد الداخلة فى التركيب والأجهزة المستخدمة فى التصنيع فى حكم المفرقعات، دون أن تتطرق لتشديد العقوبة فى الغرض الإرهابى، ودون أن تعاقب المتستر على تلك الجريمة. بينما تعاقب المادة 102 «ز» القائمة (والتى يلغيها المشروع الجديد) المتستر على حيازة المفرقعات فقط بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة بين 20 ألفا و100 ألف جنيه. وارتأت الحكومة أن هذا النص لا يحقق ما تسعى إليه من «ردع أصحاب الأراضى من توفير المكان الملائم والحماية لمرتكبى تلك الجرائم وإخفاء أدواتهم، وتخويفهم من عقوبة نقل ملكية تلك الأراضى والمنشآت للدولة» بحسب المصدر نفسه، الذى أكد أن الهدف الأول من التعديلات هو إضافة النص الذى يلزم المحكمة بأن «تقضى مصادرة الأراضى والمبانى والمنشآت المستخدمة فى الجريمة، ووسائل النقل المستخدمة فى نقلها، والأدوات والأشياء المستخدمة فى ارتكابها». وعلى مستوى جريمة التستر؛ اقترحت الحكومة فى البداية النص الخاص بعدم معاقبة الزوج أو الزوجة أو أصول أو فروع الجانى، قياسا على المادة 33 من قانون مكافحة الإرهاب 94 لسنة 2015 التى تنص على عدم معاقبة نفس الأشخاص على جريمة عدم إبلاغ السلطات بالمعلومات عن وقوع الجريمة الإرهابية أو الإعداد والتحضير لها وبيانات مرتكبيها». إلا أن لجنة الشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب اختلفت مع مشروع الحكومة، وارتأت أن أهداف النص الخاص بالمصادرة توجب حذف النص الذى يعفى أفراد الأسرة حال تسترهم على المتهم من العقوبة. وشرح المصدر ذلك بأن «هناك العديد من الحالات التى تبين فيها استغلال المتهمين لأراضى مملوكة لذويهم، وفى بعض الأحيان كان هذا يتم بعلم ذوى المتهم، وهو ما لا يُتصور معه إعفاء المتستر من العقوبة أيا كانت صلة قرابته بالمتهم، حتى لا يتخذ هذا النص ستارا لارتكاب جرائم إرهابية، هى فى حقيقتها من جرائم الخطر، وليست من جرائم الضرر» مع الأخذ فى الاعتبار أن النص النهائى للمادة يقر فى نهايته «عدم الإخلال بحقوق الغير حسن النية» أى عدم معاقبة من لم يعلم بارتكاب الجريمة أيا كان موقعه وأيا كانت صلته بالمتهم. وذكر المصدر أن المشروع حظى بموافقة مجلس القضاء الأعلى وهيئة القضاء العسكرى، فضلا عن قسم التشريع بمجلس الدولة، وأنه سيصدر رسميا خلال أيام بعد توقيع رئيس الجمهورية عليه.