89 عامًا اختزلتهم تلك الشاشة الفضية المنصوبة على خشبة المسرح الصغير فى دار الأوبرا، لتعرضهم فى فيلم لم تتجاوز مدته نصف الساعة، أطل من خلالهم الفنان المصرى العالمى الراحل حسين بيكار، مساء أمس الأربعاء، فى ذكرى ميلاده الخامسة بعد المائة. نصف ساعة لا أكثر، استطاعت من خلالها المخرجة والناقدة إيناس الهندى، أن تستعرض تلك الرحلة الحافلة للفنان الراحل متعدد المواهب، مستعينة بتلاميذه وأقاربه ونجلته، وكذلك أبطال بورتريهاته ونقاد ممن عاصروه، لتتحول الذكرى إلى أمسية رائعة، نظمها الصالون الثقافى فى دار الأوبرا، وأدارها الفنان أمين الصيرفى. وعلى مدى مدة العرض، لم يغب «بيكار»، المولود فى عام 1913، والمتوفى فى نوفمبر من عام 2002، لحظة واحدة عن الشاشة، بصور متعددة، فتارة يكون البطل بسيرته التى رواها ضيوف الفيلم، وتارة يكون البطل بأعماله وبورتريهاته المبهرة، وأحيانا أخرى كان البطل بصوته وشدوه، إذ استعانت المخرجة إيناس الهندى بتسجيل صوتى نادر ل«بيكار»، وهو يعزف ويشدو برائعة موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، «ياوابور قولى رايح على فين» لتمتزج آهات المحيطين به فى التسجيل، مع تصفيق الجمهور الكبير الذى حرص على مشاهدة الفيلم من الفنانين التشكيليين والنقاد وحتى الجمهور العادى. وشارك من تلامذة «بيكار» ومحبيه وعائلته فى الفيلم، الكاتبة الكبيرة نعم الباز، والتى كانت إحدى بطلات لوحاته بذلك البورترية الشهير، والفنانين محمد عبلة، وعادل السيوى، وصلاح بيصار، ونجلته وعدد من بطلات لوحاته. واستعرضت المخرجة من خلال الضيوف مشوار حياة «بيكار»، منذ مولده، وملامح من أعماله المختلفة التى نجحت فى الوصول إلى العالمية، متنقلة بين أبرز المحطات فى مشواره الفنى والإنسانى وخاصة تأثير مرحلتى عمله فى محافظة قنا ودولة المغرب. ويتطرق الفيلم التسجيلى إلى مرحلة استقالته من الجامعة واحترافه العمل الصحفى فى مؤسسة أخبار اليوم، ورسومه للأطفال، وحتى مرحلة تعاونه مع أحد أصحاب مصانع السجاد، و«تصميمات الكنافاة» التى حاول من خلالها، بحسب الفنان محمد عبلة، أن يمصر هذا الفن العائلى الذى احترفته ربات البيوت، بعدما لاحظ أن أغلب اللوحات التى يزين بها المصريون جدران منازلهم «رسومات بلا روح أو مستوحاة من الريف الأوروبى» فكانت أغلب تصميماته نابعة من البيئة المصرية، وكان حريصا أن تكون شخصيات رسوماته أقرب للكمال. ويبرز الفيلم كذلك المواهب المتعددة ل«بيكار»، والتى جعلت منه فنانا عالميا، وواحدا من أهم فنانى البورترية فى العالم، علاوة على كونه مؤسسا لمطبوعات رسوم الأطفال ومنها مجلة سندباد، ورائد من رواد فن تصميم الأغلفة والرسوم الصحفية، بالإضافة إلى تميزه كزجال وكاتب وعازف على آلة البزق.