كثيرا ما نسمع من الآباء والأمهات الذين لديهم شاب أو فتاة في سن المراهقة عبارات: "صار يحتد عليَ لأتفه الأسباب، أشعر أنني أعيش مع شخص غريب، صارت أكثر حساسية فهي تميل للبكاء مع أي وكل موقف يحدث معها، لا يريدني أن أوصله للمدرسة بعد اليوم"، وغيرها من العبارات التي تُسمع وغالبا ما تخالطها مشاعر الأسى أو الحيرة من الوالدين عن طفلهم الذي –على حد تعبيرهم- لم يعد طفلاً أو صاروا لا يعرفونه. هكذا بدأت الدكتورة نانسي ماهر خبيرة العلاقات الأسرية والاستشارية النفسية، حديثها عن طبيعة مرحلة المراهقة من تحديات واحتياجات يجب أن يدركها الوالدين لفهم طبيعة ابنهم المراهق ومحاولة مساعدته لعبور هذه المرحلة بسلام. تعرف ماهر: "في البداية المراهق بأنه من رَاهَقَ أي قارب الرشد وهذا حرفياً ما يجب علينا فهمه، فهو لم يصل إلى كامل الرشد، فالشاب في هذه المرحلة يصبح في حالة من التمزق بين مشاعر الطفولة البريئة الغير مسئولة عن أي فعل وبين اكتمال نموه كشخص بالغ يلزم أن يحاسب على كل تصرف". لذلك تقدم خبيرة العلاقات الأسرية ثلاث قواعد "ذهبية" - بحسب وصفها- تساعد الآباء والأمهات على فهم طبيعة أبنائهم في هذه المرحلة ومن ثم كسبهم والتعامل معهم. • القاعدة الأولى - ابنك طبيعي للغاية عام 2007 قام فريق بحثي في جامعة هارفارد بدراسة شاملة أثبتت تشريحياً أن المخ يبدأ في التطور عند المراهق بشكل تدريجي من الطفولة إلى تمام البلوغ، ما يؤثر بشكلٍ عميق على قراراته وقدرته على تفهم الأشياء وتحليلها فيصبح تركيزه أقل وتحصيله أبطأ. المشكلة تحدث عندما لا يصبر الوالدان على الابن أو البنت حتى اكتمال هذا النمو بل يتمادون في العنف والنقد والسيطرة بشكل لا يعطي الفتى الفرصة الكافية لاستيعاب ما يمر به من معاناة، ولأن الوقت لم يفت بعد فلنلقي نظرة سريعة على التغيرات التي تحدث لابنك أو ابنتك في هذه المرحلة الشاقة: 1- التغيرات الفسيولوجية: يدخل الفتى في مرحلة نمو العضلات ما يجعل حركته أصعب ويظهر لنا أنه "ولد كسول" لا يقم بواجباته في حين أنه مرهق –من المراهقة أيضا- من تمدد العضلات اللازمة للنمو. كما يبدأ الشكل في التغير: فبعد أن كان يتمتع بشكل لطيف كطفل يلهو صار شخصاً أقل وسامة مرهق جسدياً لا يستطيع الجري أو اللعب في كثير من الأحيان. أما الفتاة فتدخل في مرحلة "الدورة الشهرية" أو ما يسمى بmenstruation وما يصاحبها من إرهاق شامل الجسد كله، تغيرات مزاجية بالغة، آلام شديدة في كثير من الأحيان ما يصيبها بالذعر و الإنهاك. كما تصدم الفتاة أحيانا بالتغيرات الجسمية التي تلاحظها في نفسها ما يجعلها لا تفهم هل هي نفس الفتاة التي كانت تجري وتلعب منذ شهور أم أصبحت "شابة" عليها قيود وتعليمات من والديها. 2- التغيرات النفسية: يمر المراهق بمشاعر متضادة كثيرة ما بين نقد الذات وصغر النفس خاصة إذا لم يقم الوالدان بدورهما الملائم في التشجيع والتقدير منذ الصغر، وبين العنف والعند خاصة إذا تعرض لأعمال عنف كثيرة منذ نعومة أظفاره وإذا استمرت هذه الأعراض لفترة طويلة قد يصاب بما يسمى "اكتئاب المراهقة". 3- التغيرات العاطفية: والتي تتأرجح بين الميل للجنس الآخر وبين الميل لجنسه المثلي مما يعرف علميا "باضطراب الهوية الجنسية" ولذلك معظم الحالات التي تصاب بالشذوذ الجنسي تنشأ بذرتها من مرحلة المراهقة. وعندما يواجه الميل العاطفي للأبناء بالجفاء والجوع العاطفي في المنزل ومن الوالدين اللذين في أغلب الأحيان تشغلهم الظروف عن الاهتمام يدفع الفتى أو الفتاة إلى الارتماء في حضن أول إنسان يشعرهم بالاهتمام أو الحب مهما كان الشخص أو النتيجة. • القاعدة الثانية - افهم مشاكله بسبب التغيرات السابقة المرتبطة بطبيعة مرحلة المراهقة تحدث المشاكل التالية: - الشعور بالنقص. - الملل وعدم التوازن. - اضطراب الهوية الجنسية. - اكتئاب المراهقة. - عدم وجود رؤية والذي يدفع أبناءنا إلى الانضمام لما يسمى "الشلة" أي يحرص أن ينغرس في وسط يساعده أو يشعر بنفس معاناته حتى لو اضطر إلى تقديم تنازلات أو ممارسة عادات خاطئة أو ضارة ، كأن تدخل فتاة في علاقة عاطفية لمجرد أن الطرف الآخر هو الوحيد الذي كان يعبر لها كم هي جميلة. لذلك فعلى الوالدين مراعاة هذه المشاكل التي تحتاج إلى الحكمة والتحكم في النفس والمشاعر ومحاولة تقديم الحب والاحتواء والاهتمام والتشجيع. • القاعدة الثالثة - تعلم أن تكسب ابنك وإليك عزيزي القارئ روشتة سريعة ل"كيف تكسب ابنك" والتي قد تبدو صعبة التنفيذ ولكنها في الحقيقة تصبح سهلة بالتدريب والتعود. - قدم له الحب أولا. - سر معه بقانون الزرع والحصاد حتى لو لم تظهر ثمرة تعبك في الحال فبالوقت والصبر سترى المعجزات. - الاحترام هو حجر الزاوية. - "التقدير عدوى".. إمدح كل وأي تصرف يفعله مع التقويم في وقته بالطبع. - الحب الغير مشروط هي الكلمة السحرية. - تجنب المقارنات.