وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي، الدعوة للرئيس الفرنسي لزيارة مصر، وهو ما رحب به الرئيس "ماكرون" ، مشيراً إلى حرصه على تلبية الدعوة في أقرب فرصة ممكنة. جاء ذلك خلال المباحثات التي جرت ظهر اليوم الثلاثاء ، بقصر الاليزيه بين الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون. وكانت قد أقيمت ظهر اليوم مراسم الاستقبال الرسمى للرئيس عبدالفتاح السيسي في مجمع "الأنفاليد" الوطني بالعاصمة الفرنسية باريس، والذي يعد رمزاً للتاريخ العسكري الفرنسي، حيث كان في استقباله لدى الوصول وزير أوروبا والشئون الخارجية الفرنسي. وقد تم عزف السلامين الوطنيين واستعراض حرس الشرف. وتوجه الرئيس السيسي عقب ذلك إلى قصر الإليزيه، وكان في استقباله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حيث عقدت جلسة مباحثات ثنائية، كما أقام الرئيس الفرنسي مأدبة غداء على شرف الرئيس السيسي بمشاركة عدد من الوزراء وكبار المسئولين وأعضاء الوفد الرسمي من الجانبين. وصرح السفيرعلاء يوسف المُتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية ، بأن الرئيس "ماكرون" أكد خلال المباحثات ترحيب فرنسا بزيارة الرئيس السيسي، مثمناً الشراكة الاستراتيجية الهامة التي تجمع البلدين، ومشيداً بالتعاون الوثيق القائم بينهما خلال الفترة الماضية، والعمل على تعزيزه في مختلف المجالات. كما أعرب الرئيس الفرنسي عن حرص بلاده على التشاور والتنسيق المستمر مع مصر حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، خاصة فى ظل ما تمثله مصر كأحد أهم شركاء فرنسا بمنطقة الشرق الأوسط. من جانبه، أشاد الرئيس عبدالفتاح السيسي بما تشهده العلاقات الثنائية من تطور ونمو في المجالات المختلفة، مؤكداً الحرص على دفع التعاون الثنائي بما يحقق المصالح المشتركة للبلدين الصديقين. كما أكد السيد الرئيس أهمية مواصلة التنسيق والتشاور بين الجانبين، من أجل مواجهة التحديات المشتركة القائمة، وفى مقدمتها خطر الإرهاب الذي تمتد تداعياته لتهدد أمن العالم بأسره. وأضاف المتحدث الرسمي، أن المباحثات تطرقت لعدد من الموضوعات الثنائية بين البلدين، حيث استعرض الرئيس السيسي الخطوات المتخذة على صعيد الإصلاح الاقتصادي، وما توفره المشروعات القومية الكبرى الجاري تنفيذها من فرص استثمارية فيى العديد من المجالات. وقد أعرب الرئيس الفرنسي عن حرصه على تعزيز التعاون والشراكة بين مصر وفرنسا على الأصعدة كافة، مؤكداً على دعم فرنسا لمصر للمضي قدماً في تنفيذ برنامج النمو الاقتصادي المستدام، والتطلع للمزيد من الارتقاء بمستوى التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين، ولاسيما في منطقة قناة السويس وكذلك بالنسبة لتنفيذ مشروعات تنموية في مختلف القطاعات. وقد تناولت المباحثات عدداً من مجالات التعاون المشترك، حيث اتفق الرئيسان على إعلان عام 2019 عاما للثقافة والسياحة المصرية الفرنسية ليعكس عمق الروابط الثقافية والحضارية المشتركة بين البلدين. وذكر السفير علاء يوسف ، أنه تم استعراض آخر المستجدات على صعيد عدد من الأزمات الاقليمية في منطقة الشرق الأوسط، ولاسيما في ليبيا وسوريا، حيث اتفق الرئيسان على تكثيف التشاور والتنسيق المشترك إزاء سبل التوصل إلى تسويات سياسية لتلك الأزمات، تُحافظ على وحدة وسيادة الدول وسلامة أراضيها، وتُوفر لشعوبها الأمن والاستقرار المنشودين. كما أكد الرئيسان على ضرورة تكثيف جهود المجتمع الدولي للتصدي بحزم للإرهاب وتمويله. وفى هذا الإطار شدد الرئيس الفرنسي على دعم بلاده لمصر في حربها ضد الارهاب ووقوفها بجانبها في مواجهتها للمنظمات الارهابية، مشيراً إلى اعتزام فرنسا تعزيز الجهود المشتركة مع مصر في التصدي للارهاب بمنطقة الشرق الأوسط . وعقب انتهاء اللقاء، شهد الرئيس السيسي والرئيس ماكرون مراسم التوقيع على إعلان مشترك لتعزيز التعاون الثقافي والتعليمي والفرانكفوني والجامعي والعلمي والفني. كما وقع الجانبان على عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم وإعلانات النوايا، بقيمة تبلغ حوالي 400 مليون يورو، في مجالات الطاقة التقليدية والمتجددة والبنية الأساسية والحماية الاجتماعية والنقل بمختلف فروعه، البحرية والبرية ومترو الأنفاق، فضلاً عن التدريب وبناء القدرات. ثم شارك الرئيس فى المؤتمر الصحفي المشترك الذي عقد مع الرئيس الفرنسى. ورداً على سؤال تم توجيهه إلى الرئيس "ماكرون" خلال المؤتمر الصحفي المشترك حول أوضاع حقوق الإنسان في مصر، أوضح الرئيس الفرنسي أنه يدرك تماماً الاعتبارات الأمنية والتحديات المختلفة التي تواجه مصر وسعيها إلى تحقيق الاستقرار ومواجهة التطرف والارهاب، كما أنه يحترم سيادة الدول، مشيراً إلى أنه من غير المقبول أن يتم التدخل في شئون الدول الأخرى وخاصة في ظل الظروف السياسية التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط وما تعانيه من أزمات في العديد من دولها. وأكد الرئيس "ماكرون" أنه في هذا الإطار فإن بلاده تدافع عن حقوق الإنسان التي تعد حقوقاً عالمية، مشيراً إلى أنه خلال مباحثاته مع الرئيس السيسي أكد ما توليه فرنسا من اهتمام بحقوق الإنسان. وقد عقب الرئيس السيسي على هذا السؤال، مؤكداً الحرص على حقوق الإنسان في مصر، والالتزام بإقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة، ومشيراً إلى وجود إرادة سياسية لتحقيق ذلك. وأكد السيسي على أهمية مراعاة الظروف التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط والتي تعد من المناطق المضطربة التي ينتشر فيها الإرهاب ليتم تصديره إلى أوروبا والعالم. وذكر الرئيس السيسي أن الشعب المصرى لن يقبل بأي ممارسات عنيفة أو ديكتاتورية، موضحاً أنه مسئول عن 100 مليون مواطن، في حين أن هذا الفكر المتطرف لا يتقبل مبادئ التعايش مع الآخر في سلام. وحول نشاط منظمات المجتمع المدني في مصر، أشار الرئيس السيسي إلى أن أكثر من 40 ألف منظمة تعمل في مصر بسلام وتقدم خدمات جليلة للمجتمع وتساهم في عملية التنمية. وأكد أهمية الحذر من المعلومات الخاطئة التي يتم الترويج لها، خاصة وأن هناك تنظيم مناوئ لمصر ينشر شائعات غير حقيقية عما يحدث فيها، وطالب سيادته من يريد معرفة الحقائق في مصر بأن يقوم بزيارتها للتعرف على حقيقة ما يحدث من خلال التواصل المباشر مع الشعب المصري. كما طالب الرئيس السيسي ألا تقتصر حقوق الإنسان على الحقوق السياسية وأن تمتد إلى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بحيث يتم توفير التعليم الجيد والعلاج وفرص العمل والإسكان المناسب للمواطنين، فضلاً عن حقوق الشهداء والمصابين وأسرهم، وكذك حقوق حوالي 3 ملايين مصري يعملون في مجال السياحة تضرروا من الأعمال الإرهابية. وشدد الرئيس السيسي في ختام تعقيبه على أهمية فهم السياق الحقيقي للأحداث في مصر ومنطقة الشرق الأوسط، وضرورة التفرقة بينها وبين واقع الأمر في أوروبا.