عقد الرئيس عبد الفتاح السيسي، مباحثات ثنائية مع نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، بقصر الإليزيه، مساء الثلاثاء؛ لبحث العلاقات الثنائية بين مصر وفرنسا، وعدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك بين البلدين. وعقد الرئيسين المصري والفرنسي، مؤتمرًا صحفيًا عقب انتهاء المباحثات بينهما؛ للإعلان عن تفاصيل ما جاء بهذه المباحثات، معلنًا توقيع اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع الجانب الفرنسي، بقيمة 400 مليون يورو، في مجالات الطاقة، والبنية الأساسية، والحماية الاجتماعية، والنقل بمختلف فروعه. وتوجه «السيسي»، في بداية المؤتمر، بالشكر للرئيس الفرنسي، على ما وصفه بحسن الاستقبال منذ وصوله إلى باريس، مؤكدًا أن «هناك علاقات تاريخية تربط بين مصر وفرنسا، وشراكة قوية في كافة المجالات، وتنسيق وتشاور في مختلف القضايا الدولية والإقليمية». وتابع: «بحثت مع ماكرون سبل تعزيز التعاون السياسي والاقتصادي والعسكري والثقافي بين البلدين، وتشاورنا حول القضايا التي تمثل أولولية لنا، واتفقنا على ضرورة مواصلة التعاون لتحقيق المصالح المتبادلة للشعبين». وأضاف أن «الشق الاقتصادي كان له أولولية في هذه المباحثات، حيث استعرضت معه خطوات برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، وإجراءات الحماية الاجتماعية للطبقات الأكثر احتياجًا، والمشروعات الكبرى التي نقوم بتنفيذها». وجدد الرئيس عبد الفتاح السيسي، مطالبته بضرورة تضافر الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب والقضاء عليه، قائلًا: «مصر تعاني من الإرهاب وكذلك أيضًا فرنسا، فهذه الظاهرة أصبحت تهدد المنطقة وأوروبا والعالم كله». وأضاف «تناولت خلال المباحثات مع ماكرون الأوضاع في ليبيا، وأهمية تحقيق الاستقرار بها؛ لأن ما يحدث هناك من اضطرابات يؤثر على الأمن القومي لمصر وفرنسا، ومنطقة البحر المتوسط بأكملها». وتابع «تناولنا أيضًا الجهود المصرية لتحقيق المصالحة الفلسطينية، وتطورات الأوضاع بسوريا والعراق، وتبادلنا الرؤى حول سبل المعالجة الشاملة لظاهرة الهجرة غير الشرعية». ودعا «السيسي»، الرئيس الفرنسي لزيارة مصر، قائلًا: «أجدد دعوتي لكم لزيارة مصر؛ لمواصلة التنسيق المباشر بيننا، وتحقيق التعاون بين البلدين بما يحقق مصالح الشعبين». وردًا على سؤال أحد الصحفيين عن الانتقادات الموجهة لمصر بسبب حقوق الإنسان، قال «السيسي»، إنه حريص على تعزيز حقوق الإنسان في مصر، لكن يجب وضع ما تمر منطقة الشرق الأوسط من اضطرابات في الاعتبار، مضيفًا: «انزلوا مصر واسألوا المواطن البسيط واتأكدوا». وأوضح أن «منطقة الشرق الأوسط مضطربة جدًا، وما يحدث بها كاد أن يقضي عليها، ويحولها إلى بؤرة لتصدير الإرهاب والفكر المتطرف بالعالم كله، وهذا أمر يمس أمن المنطقة وأوروبا والعالم». وأضاف «أنا حريص على إقامة دولة مدنية ديمقراطية حديثة في مصر، والشعب المصري لن يقبل بأي شكل من أشكال العنف أو الديكتاتورية أو عدم احترام حقوق الإنسان»، متابعًا: «أنا مسؤول عن 100 مليون مواطن مصري في ظل ظروف مضطربة، وفكر متطرف لا يقبل التعايش مع الآخرين». وتابع «لا نقوم بأي ممارسات للتعذيب في مصر، ولدينا أكثر من 40 ألف منظمة تعمل في مجال خدمة المجتمع المصري بسلام، ولذلك لابد من أن نكون حذرين في التعامل مع كافة المعلومات». واستكمل «اللي بيتكلم عن حقوق الإنسان في مصر ييجي يتعامل مع الشعب في الشارع، يشوف إذا كان فيه شكل من أشكال العنف أو القسوة في التعامل معه أم لا»، متسائلًا: «أين حقوق الإنسان من شهداء العمليات الإرهابية، وأكثر من 3 مليون مواطن يعملون في قطاع السياحة، وتضرروا مما يحدث؟». واختتم حديثه، قائلًا: «نحن بمصر لسنا في أوروبا بتقدمها الحضاري والثقافي والفكري، ومازلنا بحاجة لتطوير نظام التعليم والسكن والعمل والرواتب». أما الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، أعرب عن سعادته بزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى فرنسا، مشيرًا إلى أن هذه الزيارة دليل على الصداقة القوية بين البلدين، مضيفًا: «أؤكد تصميم السيسي وتصميمي أنا أيضًا على تعزيز العلاقات بين مصر وفرنسا، وتعميق الحوار، وخاصة فيما يتعلق بالأزمات التي تعصف بالمنطقة». وأضاف أن «أول جبهة سنواجهها معًا هي مكافحة الإرهاب، فمصر على غرار فرنسا تعرضت لهذه الآفة على مدار السنوات الماضية، وأحيي دور مصر والدور الذي لعبه السيسي والقوات الأمنية المصرية في مواجهة هذه الآفة». وأوضح أن «أمن مصر متصل مباشرة بأمن فرنسا، وأعرب عن تعازينا الحارة في ضحايا الهجوم الإرهابي الأخير الذي تعرضت له القوات الأمنية المصرية وهي تحارب الإرهابيين». وتابع حديثه، قائلًا: «سنقود النضال ضد الإرهاب معًا، وسوف نساعد مصر في القضاء على هذه الآفة»، مجددًا حرص فرنسا على محاربة كافة التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها داعش والقاعدة. وأضاف أنه «يجب أن نضمن احترام حقوق الإنسان والمجتمع المدني، ووجود نسيج اجتماعي متنوع وحر، وهذا هو خير ردع ضد الإرهاب والأفكار المتطرفة، وهذا ما قلته للسيسي»، متابعًا: «نحن في أمس الحاجة اليوم لهذا الردع الذي يمثله المجتمع المدني؛ لذلك علينا أن ننهض فكريًا لمواجهة هذا التطرف العنيف». وأوضح «أتمنى أن ينجح السيسي في نضالين، الأول يتعلق بتكريس الديمقراطية وتعزيز حقوق الإنسان، والثاني يتمثل في تحقيق الأمن، ونحن من جانبنا سنساعده في ذلك». وتابع حديثه، قائلًا: «مصممون على دعم برنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، وفرنس اتقف إلى جانب مصر في مواجهة التحديات الاقتصادية، من جلال الدعم الذي تقدمه الوكالة الفرنسية للتنمية، والتي تساهم في المشروعات التي تمثل أولوية بالنسبة للسطات المصرية». وردًا على سؤال صحفي فرنسي له عن رأيه في انتهاكات حقوق الإنسان بمصر، أجاب «أؤمن بسيادة الحكومة المصرية، ولن ألقن حكام العالم دروسا بشأن ما يقومون به في بلدانهم».