فى خطوة أثارت جدلا برلمانيا واسع النطاق، رفض كل من وزير الخارجية البريطانى ديفيد ميليباند ووزير الداخلية جاك سميث المثول أمام لجنة لحقوق الإنسان التابعة للبرلمان، للرد على أسئلة تتعلق باتهامات موجهة لبعض الضباط البريطانيين بالتواطؤ فى تعذيب بعض المواطنين والمقيمين البريطانيين الذين اعتقلوا خلال عمليات مكافحة الإرهاب فى باكستان. فقد كتب ميليباند وسميث رسالة مشتركة أثارت استياء أعضاء اللجنة المشتركة لحقوق الإنسان فى مجلس العموم (JCHR)، فالرسالة كانت اعتذارا عن الإدلاء بشهادتهما أمام اللجنة، كما أنها فشلت فى الرد على أى من الأسئلة الثمانية التى طرحتها اللجنة حول الأحكام القانونية التى تمنح ضباط المخابرات البريطانيين ال«MI5» الحصانة ضد محاكمتهم فى بريطانيا على جرائم ارتكبت فى الخارج. هذا الرفض دفع اللجنة الآن إلى المطالبة بمثول جوناثان إيفانز المدير العام للمخابرات أمامها للتحقيق معه حول سياسة الوكالة وسلوك ضباطها. ورغم موقفهم الرافض، إلا أنه من المتوقع أن يجدد النواب فى اللجنة مرة أخرى مطالبة ميليباند وسميث بالمثول أمامها والإجابة عن أسئلتها، خاصة بعد أن حذر أندرو ديسمور رئيس اللجنة من أنه فى حالة تكرار الوزراء رفضهم الاستجابة لمطالب البرلمان فإنه سيطالب بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق فى هذه الاتهامات. وقال ديسمور: «إنه أمر مخيب جدا للآمال عدم موافقة أى من الوزراء على المثول أمام اللجنة». لكنه أضاف: «هذا التحقيق لم ينته بعد». وقال إن النواب قد يرغبون فى أن تنظر لجنة تحقيق مستقلة مشابهة لتلك التى عقدت فى كندا وحققت فى التواطؤ الرسمى مع الولاياتالمتحدةالأمريكية فى برنامج الترحيل السرى، والتوصيات التى انتهت إليها وقادت فى النهاية إلى تغيير مدير أجهزة الاستخبارات الكندية. وقال ديسمور: «نحن لا نريد شنق الناس، والأمر لا يتعلق بمجرد توجيه أصبع الاتهام، ولكننا نريد أن نصل إلى الحقيقة»، مضيفا: «وإذا كان هناك أشخاص قد تعرضوا للتعذيب، لا يمكننا أن نرد لهم حقهم باستخدام نفس الأسلوب ضد معذبيهم، ولكننا نستطيع أن نقدم توصيات حول كيفية تجنب عدم تكرار هذا فى المستقبل». لقد بدأت اللجنة المشتركة لحقوق الإنسان تحقيقاتها فى أعقاب الحصول على أدلة من صحيفة «الجارديان» التى أشارت إلى وجود مزاعم حول تواطؤ بعض ضباط المخابرات البريطانية فى تعذيب المشتبه فيهم فى قضايا الإرهاب، إضافة إلى تأكيد منظمة «هيومان رايتس ووتش» الأمريكية المستقلة المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان هذه الاتهامات وذلك نقلا عن تأكيد عدد من المسئولين فى بريطانيا وباكستان هذا الأمر. وفقا للأدلة التى استمعت إليها المحكمة العليا خلال الدعوى التى تقدم بها الادعاء نيابة عن بنيام محمد، المقيم البريطانى الذى أفرج عنه من معتقل جوانتانامو الأسبوع الماضى، فإن محامين وشخصيات حكومية فى جهاز المخابرات العسكرية البريطانية ال«MI5» كانوا مسئولين عن وضع سياسات الاستجواب التى قادت إلى تعذيب المعتقلين فى باكستان. هناك عدد آخر من البريطانيين المعتقلين فى باكستان، والذين يقولون إنهم تعرضوا للاستجواب من قبل ضباط من المخابرات البريطانية بعد تعذيبهم من قبل المخابرات الباكستانية قبل أن تتم محاكمتهم، أو ترحيلهم إلى المملكة المتحدة حيث يخضعون لمراقبة مستمرة. كان بنيام محمد الذى اعتقل فى باكستان فى عام 2002، وتم استجوابه من قبل ضباط ال«MI5» قبل ترحيله قصرا إلى الولاياتالمتحدة ثم إلى المغرب، حيث أكد محاموه أنه تعرض لعمليات تعذيب مروعة. يأتى رفض الوزراء بعد أسابيع قليلة من تحرك ميليباند لمنع الافراج عن 42 وثيقة تابعة للمخابرات الأمريكية كانت المحكمة العليا قد طالبت بها بسبب احتوائها على «أدلة قوية» حول تعذيب بنيام محمد، كما تشير إلى معرفة الوزراء البريطانيين بهذا الأمر.